آداب وسُنن

آداب وسُنن

منذ 3 أيام

آداب زيارة العتبات المقدّسة

 

الحمدُ للهِ الذي أشهَدَنا مشهدَ أوليائه...

آداب زيارة العتبات المقدّسة

ــــــــــــــــــــــــــــ الشهيد الأول قدّس سرّه ــــــــــــــــــــــــــــ

 

ممّا يستحبّ أن يُزار به أمير المؤمنين الإمام عليّ صلوات الله عليه في ليلة المبعث، وأيضاً كلّ إمامٍ حضرتَ عنده في شهر رجب، ما رواه الشيخ الطوسي في (مصباح المتهجّد)، عن السفير الثالث أبي القاسم الحسين بن روح، قال: «زُرْ أيَّ المشاهدِ كنتَ بحضرتها في رجب، تقولُ إذا دخلتَ: الحمدُ للهِ الّذي أشهَدَنا مشهدَ أوليائه في رجب..». إلى آخر الزيارة التي ذكرها المحدّث الشيخ عباس القمّي ضمن الأعمال العامة من رجب.

ما يلي، جملة من آداب زيارة الحرم النبويّ الشريف، والعتبات المقدّسة للأئمة المعصومين عليهم السلام، نقلاً عن كتاب (الدروس الشرعية في فقه الإمامية: 2/ 22- 26) للشهيد الأول الشيخ شمس الدين محمّد بن مكّي الجزيني العاملي قدّس سرّه.

«شعائر»

 

للزيارة آداب:

* أحدها: الغُسل قبل دخول المشهد، والكَون على طهارة، فلو أحدث أعاد الغسل، قاله المفيد، وإتيانه بخضوع وخشوع في ثياب طاهرة نظيفة جُدد.

* وثانيها: الوقوف على بابه والدعاء والاستئذان بالمأثور، فإنْ وجد خشوعاً ورقّة دخل، وإلّا فالأفضل له تحرّي زمان الرقّة، لأنّ الغرض الأهمّ حضور القلب لتلقّي الرحمة النازلة من الربّ، فإذا دخل قدّم رجله اليمنى، وإذا خرج فباليسرى.

* وثالثها: الوقوف على الضريح ملاصقاً له أو غير ملاصق، وتوهُّم أنّ البعد أدبٌ وهمٌ، فقد نُصَّ على الاتّكاء على الضريح وتقبيله.

* ورابعها: استقبال وجه المزور... حالَ الزيارة، ثمّ يضع عليه خدّه الأيمن عند الفراغ من الزيارة ويدعو متضرّعاً، ثمّ يضع خدّه الأيسر ويدعو سائلاً الله تعالى بحقّه وبحقّ صاحب القبر أن يجعله من أهل شفاعته، ويبالغ في الدعاء والإلحاح، ثمّ ينصرف إلى ما يلي الرأس، ثمّ يستقبل القبلة ويدعو.

* وخامسها: الزيارة بالمأثور، ويكفي السَّلام والحضور.

* وسادسها: صلاة ركعتَي الزيارة عند الفراغ، فإن كان زائراً للنبيّ صلَّى الله عليه وآله ففي الروضة، وإن كان لأحد الأئمّة عليهم السَّلام فعند رأسه، ولو صلّاهما بمسجد المكان جاز...

* وسابعها: الدعاء بعد الركعتين بما نُقل، وإلَّا فبما سنحَ له في أُمور دينه ودنياه، وَلْيُعمّم الدعاء فإنّه أقرب إلى الإجابة.

* وثامنها: تلاوة شيءٍ من القرآن الكريم عند الضرائح وإهداؤه إلى المَزور، والمنتفع بذلك الزائر، وفيه تعظيمٌ للمَزور.

* وتاسعها: إحضار القلب في جميع أحواله مهما استطاع، والتوبة من الذنب، والاستغفار والإقلاع.

* وعاشرها: التصدّق على السَّدَنة والحَفَظة للمشهد وإكرامهم وإعظامهم، فإنّ فيه إكرام صاحب المشهد عليه الصلاة والسَّلام. وينبغي لهؤلاء أن يكونوا من أهل الخير والصلاح والدِّين والمروّة والاحتمال والصبر وكَظْم الغيظ، خالين من الغِلظة على الزائرين، قائمين بحوائج المحتاجين، مرشدي ضالّي الغرباء والواردين. وليتعهّد أحوالهم الناظرُ فيه، فإنْ وجد من أحدٍ منهم تقصيراً نبّهه عليه...

* وحادي عشرها: أنّه إذا انصرف من الزيارة إلى منزله استحبّ له العودُ إليها ما دام مقيماً، فإذا حان الخروج ودّع ودعا بالمأثور، وسأل الله تعالى العَود إليه.

* وثاني عشرها: أن يكون الزائر بعد الزيارة خيراً منه قبلها؛ فإنّها تحطُّ الأوزار إذا صادفت القبول.

* وثالث عشرها: تعجيل الخروج عند قضاء الوطر من الزيارة لتعظيم الحرمة ويشتدّ الشوق، ورُوي أنّ الخارج يمشي القهقرى حتّى يتوارى.

* ورابع عشرها: الصّدقة على المحاويج بتلك البقعة، فإنّ الصدقة مضاعفة هنالك... ويستحبّ الزيارة في المواسم المشهورة قصداً، وقصدُ الإمام الرضا عليه السَّلام في رجب فإنّه من أفضل الأعمال. ولا كراهة في تقبيل الضرائح، بل هو سنّةٌ عندنا... وإذا أدرك الجمعة فلا يخرج قبل الصلاة، ومن دخل المشهد والإمامُ يصلّي بدأ بالصلاة قبل الزيارة، وكذلك لو كان قد حضر وقتها، وإلَّا فالبدأة بالزيارة أَولى لأنّها غاية مقصده، ولو أُقيمت الصلاة استحبّ للزائرين قطع الزيارة والإقبال على الصلاة، ويكره تركه، وعلى الناظر أمرُهم بذلك.

وإذا زارت النساء فليكنّ منفرداتٍ عن الرجال، ولو كان ليلًا فهو أولى، وليكنّ متنكّرات مستخفيات مستترات... وينبغي مع كثرة الزائرين أن يخفّف السابقون إلى الضريح الزيارة وينصرفوا ليحضر مَن بعدهم، فيفوزوا من القُرب إلى الضريح بما فاز أولئك.

***

* تنبيه: يستحبّ إذا زار الحسين عليه السَّلام أن يزور عقيبه ولدَه عليّاً، وهو الأكبرُ على الأصحّ، وأمّه ليلى بنت أبي مسعود بن مرّة بن مسعود الثقفي، وهو أوّل قتيلٍ من ولد عليٍّ عليه السَّلام في الطفّ، وله رواية عن جدّه عليٍّ عليه السَّلام، ثمّ يزور الشهداء، ثمّ يأتي العبّاس بن عليّ عليه السَّلام فيزوره، وأمّه أمّ البنين بنت حزام بن خالد بن ربيعة أخي لبيد الشاعر.

* خاتمة: أجمع الأصحاب على الاستشفاء بالتربة الحسينيّة صلوات الله على مشرّفها، وعلى أفضليّة التسبيح بها، وبذلك أخبار متواترة، ويجوز أخذها من حَرَمه عليه السَّلام وإن بَعُدَ... وكلَّما قرب من الضريح كان أفضل، ولو جيء بتربة ثمّ وُضعت على الضريح كان حسناً، وليَقُلْ عند قبضها واستعمالها ما هو مشهور. ولا يتجاوز المستشفي قدر الحمّصة... وينبغي للزائر أن يستصحب منها ما أمكن لتعمّ البركة أهلَه وبلده، فهي شفاءٌ من كلّ داء وأمانٌ من كلّ خوف... والسجودُ عليها من أفضل الأعمال، إن شاء اللهُ تعالى.

اخبار مرتبطة

  إصدارات عربية

إصدارات عربية

منذ 3 أيام

إصدارات عربية

نفحات