النص التالي، مختصر ما ورد في البيان الصادر عن مكتب شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيّب في السابع عشر من شهر رجب الفائت، تحت عنوان: «بيان الأزهر ونخبة من المثقّفين حول مستقبل مصر»، من أجل «تأسيس مسيرة الوطن على مبادئ كليّة وقواعد شاملة تناقشها قوى المجتمع المصري»، كما جاء في نصّ البيان.

في سياق الجهود المبذولة لتحديد مستقبل مصر في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، وبمبادرة من شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، اجتمع عدد من المثقّفين المصريّين، مع عدد من كبار العلماء في الأزهر الشريف، وتوافقوا على ضرورة تأسيس مسيرة الوطن على مبادئ كليّة وقواعد شاملة تناقشها قوى المجتمع المصري، مؤكّدين على مرجعيّة «الأزهر» في تحديد علاقة الدولة بالدين، وبيان أُسس السياسة الشرعية التي ينبغي انتهاجها، ارتكازاً على خبرته المتراكمة، وتاريخه العلمي والثقافي.
وقد اجتهد المشاركون في وضع القواسم المشتركة بين تراث أعلام الفكر والنهضة في الأزهر الشريف، مثل الإمام محمد عبده والشيخ شلتوت من جهة، وبين إنجازات كبار المثقّفين المصريّين من رجال الفلسفة والقانون، والأدب والفنون، من جهة ثانية. تلك القواسم التي تهدِفُ إلى الغاية السامية التي يرتضيها عقلاء الأمة وحكماؤها، والتي تتمثّل في تحديد المبادئ الحاكمة لفهم علاقة الإسلام بالدولة في المرحلة الدقيقة الراهنة، بما يكفل لمصر دخول عصر إنتاج المعرفة وتوفير الرخاء، مع الحفاظ على المبادئ الإسلامية التي استقرّت في وعي الأمة وضمير العلماء والمفكّرين من التعرّض للإغفال والتشويه أو الغلوّ وسوء التفسير، وصوناً لها من استغلال مختلف التيّارات المنحرفة التي قد ترفع شعارات دينية طائفية أو أيدلوجية تتنافى مع ثوابت أمتنا ومشتركاتها، وتحيد عن نهج الاعتدال والوسطية، وتُناقِض جوهر الإسلام في الحرية والعدل والمساواة.
وأعلن المجتمعون توافقهم على جملة مبادىء لتحديد طبيعة المرجعية الإسلامية النيرة، مُجمِلين إيّاها في المحاور التالية [أهمّها]:
1- دعم تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة، بحيث تكون سلطة التشريع فيها لنواب الشعب، شريطة أن تكون المبادئ الكلية للشريعة الإسلامية هي المصدر الأساس للتشريع.

2- اعتماد النظام الديمقراطي، القائم على الانتخاب الحر المباشر، الذي هو الصيغة العصرية لتحقيق مبادئ الشورى الإسلامية.

3- الإلتزام بمنظومة الحريّات الأساسية في الفكر والرأي، مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان.

4- الاحترام التام لآداب الاختلاف وأخلاقيات الحوار، وضرورة اجتناب التكفير والتخوين واستغلال الدين واستخدامه لبعث الفرقة والتنابذ والعداء بين المواطنين، مع اعتبار الحثّ على الفتنة الطائفية والدعوات العنصرية جريمة في حق الوطن، ووجوب اعتماد الحوار المتكافئ والاحترام المتبادل والتعويل عليهما في التعامل بين فئات الشعب المختلفة، دون أيّة تفرقة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين.

5- التمسّك بالمنجزات الحضارية في العلاقات الإنسانية، المتوافقة مع التقاليد السمحة للثقافة الإسلامية والعربية.

6- ضمان الممارسة الحرّة لجميع الشعائر الدينية دون أية مُعوِّقات، واحترام جميع مظاهر العبادة بمختلف أشكالها.

7- إعمال فقه الأولويات في تحقيق التنمية والعدالة الإجتماعية، ومواجهة الإستبداد ومكافحة الفساد والقضاء على البطالة.

8- مناصرة الحق الفلسطيني، والحفاظ على استقلال الإرادة المصرية.