«يبدو» أنّها ماتت صبراً
الموؤدة اليمنية أمل حسين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فاطمة خليفة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم تترك الحرب السعودية الظالمة على اليمن بيتاً إلا وخلّفت فيه ذكرى؛ «شهيد»، «جريح»، «يتيم»، «جائع»، واللائحة تطول. البارحة، توفّيت الطفلة التي فتحت عيون العالم على مأساة اليمن، «أمل حسين»، ماتت جائعة، وخائفة، ومقهورة، لأن «أسياد الحرب» لم تتوقف شهيّتهم عن المزيد من الدماء.
الموت في اليمن بالجملة، تخفيضات آخر أيام الحرب، عشرون طفلاً، ثلاثون، لا يهمّ، لا مكان للأعداد تحت زخَم النيران، لا مكان للمستقبل أساساً. الجوع حتّى العظم.. الأسى حتّى العظم. المعاناة حتّى العظم. لا رحمة، لا يحتاج إليها اليمنيّون، لا وجود لأيّ بصيص أمل، ربما من أجل ذلك، رحلت أمل حسين.
لمن لا يعرفها، وهم كُثر، أمل طفلة، صغيرة على هزّ ضمير العالم، نحيلة كأنها الموت المؤجّل، ماتت، ببساطة، بسهولة، بخفّة، قُتلت من دون أن تعرف جريمتها، وما الذي اقترفته حتى ينسلّ جسدها حتى الرحيل، لماذا لم يقدّر لها أن تعيش وتدخل الجامعة وتتزوج، وتنجب حبّاً، ووروداً؟ لأنها يمنيّة؟ هكذا يبدو.
قبل أسبوع، انتبهت وسائل إعلام أميركية، الحمد لله، أن هناك طفلة يمنية جائعة، وبحسب صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، فإنّ الطفلة أمل حسين التي ماتت جوعاً، تملك نظرة متطرفة، وهي ترقد بصمت على سرير في مستشفى في شمال اليمن، و «يبدو» (الصحيفة ليست متأكدة) أنها تلخّص الظروف الصعبة التي تعيشها في بلدها الذي مزّقته الحرب. ويبدو، أنّ الصحافة، لا تنقذ الأطفال، كما علّمونا في الصِّغر، الإنسان الذي يكتشف أحد الصحافيين قصته وينشرها، محظوظ، لأن الرأي العام سيهتمّ به، لكنّ أمل غير محظوظة، شاهد العالم ما حصل معها، ولم ينتفض، ولم يرفع الصوت حتى حدود السماء، و«يبدو» أن أمل ماتت.
الأطفال استثناء في الحروب، هكذا نسمع دائماً من «الأمم المتحدة»، يقولون هناك إنّ«الكوليرا» تفتك بأجساد اليمنيّين، واتهمت الأمم المتحدة، مشكورة، «التحالف السعودي» بارتكاب انتهاكات «ترقى» إلى جرائم حرب، ترقى! التحالف يرقى بجرائمه، من الحصار إلى القتل، والتجويع والتشريد، ثمّ إنّ الرقيّ الذي تحدّثت عنه، لم يذكر متى يرقى التحالف إلى أعلى درجات رقيّه!
أمل ليست أول من مات، ولا آخر مَن سيرحل. قبل ثلاثة أشهر، قام «التحالف السعودي» المدعوم من الولايات المتحدة التي تدّعي حماية حقوق الإنسان، بـ «مجزرة مهولة»، قتل فيها أطفالاً وهم في طريقهم إلى المدرسة، لقيت كتبهم الصغيرة حتفها بـ «غارة سعودية»، ولم يتحرّك أحد، بقيَ العالم يسير، والوقت يمضي، فتحوا تحقيقاً، وقالوا إن المسؤول عن الجريمة التي حدثت عن طريق «الخطأ» سوف يحاسب، لكن أمل، لسوء طالعها، ماتت عن سبق إصرار وتصميم.
____________________
* «الميادين نت» - مختصر