(المعصومة الكاملة) للعلاّمة الأميني
شذرات من المقام المعنوي لبضعة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم
قراءة: الشيخ أحمد التميمي
الكتاب: المعصومة الكاملة
المؤلّف: العلاّمة الشيخ عبد الحسين الأميني (ت: 1390 هجرية)
النّاشر: «مركز باء للدراسات»، بيروت 2009م
نصف قرن من الزمان مضى على رحيل العلاّمة المحقّق الشيخ عبد الحسين الأميني التبريزي النجفي (رضوان الله عليه)، فقد كانت وفاته في يوم الجمعة 28 ربيع الثاني 1390 للهجرة.
والعلاّمة الأميني يكفي للتعريف به أن يُقال: (صاحب كتاب الغدير)، العمل الموسوعي النوعي الذي استقصى فيه كلّ ما يرتبط بـ «يوم الغدير» في القرآن الكريم والسُنّة النبويّة والأدب العربي. وله آثار أخرى مهمة، منها: (المعصومة الكاملة) الكتاب موضوع القراءة.
أصل الكتاب
هذا الكتاب هو مجموعة من المحاضرات التي ألقاها العلاّمة الأميني باللغة الفارسية في طهران أثناء سفره إليها، حيث سُجّلت على الأشرطة، ثم قام بتفريغها الأستاذ حبيب تشايشيان، حيث قام «مركز باء للدراسات» بترجمتها ونشرها تحت عنوان (المعصومة الكاملة).
خصائص الكتاب
يمكن أن يُعدّ كتاب (المعصومة الكاملة) إضافة نوعية إلى الكتب المؤلّفة حول الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء عليها السلام، وهذا يعود إلى جملة خصائص يمكن ذكر بعضها على النحو التالي:
أولاً: إنّ المؤلّف من كبار العلماء المحقّقين في مدرسة أهل البيت عليهم السلام في الأعصار الأخيرة، وما يصدر عن يراعه البارع يعتبر ذو أهميّة بالغة.
ثانياً: عبق الحبّ والولاء الكامل لآل محمّد عليهم السلام ، والذي تجده طافحاً في ثنايا الكتاب، وهذا ما كان مشهوراً عن المؤلّف نفسه، وتتناقله الألسن، حيث إنّه: «عندما يذكر قارئ المصيبة في مجلس العزاء اسم فاطمة الزهراء صلوات الله عليها، عندها كان يحمرّ وجه العلاّمة الأميني ويبكي كما يبكي مَن اعتُديَ على ناموسه».
ثالثاً: يكتسب الكتاب أهميّة في الوقت الراهن، فضلاً عن أهميّة الأصل في وقته (إلقاء المحاضرات قبل ما يزيد عن خمسين سنة). ففي مواجهة الإثارات التشكيكية التي تنطلق بين الحين والآخر (من داخل الطائفة وخارجها)، تبدو محتويات الكتاب استناداً إلى القرآن الكريم والسُنّة النبويّة علامة فارقة في سياق المواجهة.
المحتويات
يقول العلاّمة الأميني في تمهيده للكتاب: «إنّ الاعتقاد والإذعان بأنّ فاطمة عليها السلام هي صاحبة مقام الولاية الكبرى، واجبٌ كوجوب الإيمان بولاية الرسول الأكرم وأمير المؤمنين والحسنين عليهم السلام».
ولأجل إثبات هذا الأمر يقسّم العلاّمة الأميني الموضوع إلى قسمين:
الأول): فاطمة عليها السلام في القرآن، وفيه نقرأ دراسة فريدة للآيات القرآنية التي ذكرت الصدّيقة الزهراء عليها السلام أو أشارت إليها، حيث يذكر آيات سبع بهذا الخصوص، منها: آية التطهير (الأحزاب:33)؛ آية المباهلة (آل عمران:61)؛ آية المودّة (الشورى:23)؛ وآية الإطعام (الإنسان:8-9)
ومما يزيد في فرادة هذه الدراسة القرآنيّة، استناد العلاّمة الأميني إلى السُنّة النبوية، حيث ذكر الأحاديث الواردة عن الفريقين (الشيعة والسُنّة) في ذيل الآيات الكريمة.
الثاني): فاطمة عليها السلام في الروايات، وفيه نقرأ تفصيلاً للروايات الواردة في اشتراك الصدّيقة الزهراء في الفضل والمنقبة مع الرسول الأكرم وأمير المؤمنين والحسنين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
ومن أجل منهجة البحث بصورة علمية، وضع العلاّمة الأميني هذه الروايات في خمسة عشر موضوعاً، مستنداً في بحثه كلّه إلى السُنّة النبوية الموثّقة في مصادر الفريقين (الشيعة والسُنّة).
ومن هذه الروايات ما يرويه «العاصمي» في كتاب (زين الفتى) في باب «شرائط الساعة» أنّ النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم قال:
«يا سلمان، وَالّذي بعثني بالنبوّة لآخُذَنّ يوم القيامة بحُجزة جبرئيل، وعليٌّ آخذٌ بحُجزتي، وفاطمة أخذةٌ بحُجزة عليّ، والحسن آخذٌ بحُجزة فاطمة، والحسين آخذٌ بحُجزة الحسن، وشيعتُهم آخذةٌ بحُجزتهم.
يا سلمان أين ترى الله ذاهباً برسول الله؟ يا سلمان أين ترى رسول الله ذاهباً بأخيه؟ يا سلمان أين ترى أخا رسول الله آخذاً بزوجته؟ أين ترى ولد رسول الله ذاهبين بشيعتهم؟ إلى الجنّة وربّ الكعبة يا سلمان، إلى الجنّة وربّ الكعبة يا سلمان، إلى الجنّة وربّ الكعبة يا سلمان، عهدٌ عهدَ به جبرئيل من عند ربّ العالمين».
ونتيجة المواضيع الخمسة عشر، يستخلص العلاّمة الأميني أربعين منقبة في شؤون ولاية وليّ الله وخصائصه، والزهراء تشارك في هذه الأربعين رسولَ الله وأمير المؤمنين وأبناءها سلام الله عليهم أجمعين، ولها نفس الدرجة التي لهم.
خاتمة الكتاب
يقول العلاّمة الأميني: «إنّ السيدة الزهراء عليها السلام التي جعلها الله تعالى منذ بداية العالم وحتّى طّي سجلّه مظهر رحمته، وقد أعطاها الله السير في المراحل المختلفة والمنزلة العليا في عالم الأظلّة، وفي عالم ميثاقها، وفي عالم خِلقتها، وفي عالمها العلويّ والدنيويّ... وفي ولادتها ويوم قيامتها ومحشرها، وفي ورودها إلى جنّتها، كلّ هذه الاحوال لابدّ وأن تكون من مقام (الولاية الإلهية).
ولا يمكن لهذه السيدة العظيمة التي هي عِلّة الخلْق، ومَن كان الإيمان بها بمنزلة الإيمان بالرسول، إلاّ أنْ تكون صاحبةَ مقام الولاية».