نســـــــــــيانُ الله!
عقوبة حبّ الدنيا
في (الكافي) عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام، قال: «رأسُ كلِّ خطيئة، حبُّ الدنيا». والروايات بهذا المضمون كثيرة، مع اختلافٍ في التعبير. والإنسان اليَقِظ، حسبُه هذا الحديث الشريف.
***
يكفي في هذه الخطيئة العظيمة المهلِكة (حبّ الدنيا) أنها منبعُ جميع الخطايا، وأساسُ جميع المفاسد. فبقليلٍ من التأمّل، يتّضح أن جميع المفاسد الخُلقية والعملية، على التقريب، من ثمرات هذه الشجرة الخبيثة. فما من دينٍ كاذب، ولا مذهبٍ باطلٍ تمّ تشييدُه في العالم، ولا ظهرَ في الدنيا فساد، إلا بواسطة هذه الموبِقة العظيمة.
القتلُ والنّهْب، والظلمُ والتعدّي هي نتائج هذه الخطيئة. وكذلك الفجورُ والفحشاء، والسّرقة وسائر الفجائع هي وليدة جرثومة الفساد هذه. والإنسان الذي وقرَ فيه هذا الحب، مجانبٌ لجميع الفضائل المعنوية.
الشجاعةُ والعفّة، والسَّخاءُ والعدالة -التي هي مبدأُ جميع الفضائل النفسانية- لا تجتمعُ مع حبّ الدنيا، كما أن المعارف الإلهية، والتوحيد في الأسماء والصفات والأفعال والذّات، والتَّوْق إلى الحقّ ورؤيته، على الطرف النقيض منه.
إن طُمأنينة النفس، وسكون الخاطر، واستراحة القلب -التي هي روح السعادة في الدنيا- لا تجتمعُ مع حبّ الدنيا. وإن غِنى القلب، والكرامة، وعِزّة النفْس، والحرية، كلّها، من لوازم عدم الاعتناء بالدنيا، كما أن الفقر والذِّلّة، والطمع والحِرص، والرِّقِّـــيَّة والتملُّق، من لوازم حبّ الدنيا.
روى الديلميّ في (إرشاد القلوب) عن أمير المؤمنين عليه السلام، عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، في ليلة المعراج، ممّا خاطبَ اللهُ به نَبيّه:
«يا أحمد، لو صلّى العبدُ صلاةَ أهلِ السماءِ والأرض، وصامَ صِيامَ أهلَ السماءِ والأرض، وطَوى من الطعامِ مثلَ الملائكة، ولبسَ لباسَ العابدين، ثمّ أرى في قلبه من حبّ الدنيا ذرّة، أو سُمْعَتِها، أو رِياسَتِها، أو حِلْيَتِها أو زِينتها، لا يُجاورني في داري. ولَأَنْزَعَنَّ من قلبِه محبّتي، ولَأُظْلِمَنّ قلبَه حتّى يَنساني، ولا أُذِيقُه حلاوةَ محبّتي».
(الآداب المعنوية للصلاة)