لو تعلم مَن تُناجي.. ما انفتلت
إنَّ أهلَ الفعلِ قليل
إعداد: أسرة التّحرير
جرياً على عادتها في البحث عمّا يترك وقعاً في الفكر والقلب، مجموعة جديدة من العِبَر والقصص تضعها «شعائر» بين يدَي قرّائها.
ما يلي، فرائد ممّا ورد في كتاب (جامع أحاديث الشيعة) للسيّد البروجردي، و(الكافي) للكليني، و(الكشكول) للشيخ البهائي، وتوجيهات لشيخ الفقهاء العارفين، الشيخ بهجت قدّس سرّه.
سُئل الإمام الصادق عليه السلام، عن السّاعة التي يكون فيها العبد أقربَ شيءٍ إلى الله تعالى، فقال: «إذا قام في آخر اللّيل والعيون هادئة ".." ويصفّ قدمَيه ويرفع صوته ويُكبِّر، وافتتح الصَّلاة فقرأ جزءاً (أجزاء)، وصلّى ركعتين، وقام ليعيد صلاته، ناداه منادٍ من عنان السَّماء عن يمين العرش: ".." إنَّ البرَّ ليُنشَر على رأسك من عنان السَّماء، والملائكة محيطة بك من لدُن قدميك إلى عنان السَّماء، والله ينادي: عبدي لو تعلم مَن تناجي، إذاً ما انفتَلت». والإنفتال هو الإعراض بالوجه عن الشيء.
(جامع أحاديث الشيعة، البروجردي)
أهل الوصف وأهل الفعل
الإمام الباقر عليه السلام: «قال أبي عليه السلام يوماً وعنده أصحابه: مَن منكم تطيب نفسه أن يأخذ جمرة في كفِّه فيُمسكها حتّى تَطفأ؟ فكاع [كاع: هابَ وجَبُنَ] النّاس كلّهم ونَكلوا، فقمتُ فقلتُ: يا أبتِ أتأمرني أن أفعل؟ قال: فليس إيّاك عَنَيْت، إنّما أنت منّي وأنا منك، بل إيّاهم أَردتُ. فكرَّر هذا ثلاثاً، ثمّ قال: ما أكثر الوصف وأقلَّ الفعل! إنَّ أهل الفعل قليل، ألا وَأَنا أعرف أهل الفعل والوصف معاً، [ثمّ قال الإمام الباقر]: فواللهِ لكأنّما مادت بهم الأرض حياءً».
(الكافي، الكليني)
شماتة وجواب
قال أحدُ علماء البلاط العبّاسي لمؤمن الطّاق: «ماتَ إمامُك»، يقصد بذلك الإمام جعفر الصادق عليه السلام، فقال له مؤمن الطّاق: «لكنَّ إمامَك من المُنظرين إلى يوم الوقت المعلوم».
(كشكول البهائي)
جنايات ثلاث
زار أحدُ العلماء أحدَ العبّاد ونقل إليه كلاماً عن بعض معارفه، فقال له العابد: «قد أبطأتَ في الزِّيارة وجئتَني بثلاث جنايات، بغَّضتَ إليَّ أخي، وشَغلْتَ قلبي الفارغ، واتَّهمتَ نفسك».
(كشكول البهائي)
تدعو لأبيها في لحده
وقفت أعرابيّة على قبر أبيها، فقالت: يا أبتِ، إنَّ لي في الله تعالى عوضاً عن فقدك، وفي رسول الله أسوة في مصيبتك، ثمّ قالت: أللّهمّ نزل بك عبدُك خالياً مقفراً من الزَّاد، محشوش المهاد، غنيّاً عمّا في أيدي العباد، فقيراً إلى ما في يدك يا جواد، وأنت أيْ ربِّ خير مَنْ نزل به المُرمّلون، واستغنى بفضله المُقِلُّون، وولج في سِعةِ رحمته المذنبون، أللّهمّ فليكن قِرى عبدك منك رحمتك، ومهاده جنَّتك، ثمّ بكت وانصرفت.
(كشكول البهائي)
حقّ وليّ نعمتنا
أُمرنا أن نعرف مقام أولياء نعمتنا والمحسنين إلينا كالوالدَين والمعلّم، وأن نحترمهم ونوقِّرهم حتّى نصل إلى مبدأ الإنعام، كما أنّ الأئمّة الأطهار عليهم السلام هم أولياء النّعمة وواسطة الفيض في كلّ زمان.
وهل يجوز أن يكون قائدنا ومولانا إمام العصر عجّل الله تعالى فرجه الشّريف حزيناً ونحن فرحون؟! أو يكون باكياً بسبب ابتلاء شيعته ونحن نضحك مسرورين؟! ونعتبر أنفسنا تابعين له عليه السلام؟!
ألا يُفترض أن نقلق لأنّنا متديّنون على هذا النّحو؟! إذا كان الشّيعة الصّادقون هم مَن «يَفرحون لفرحنا ويَحزنون لحزننا»، فهل نحن كذلك؟ وهل نحن شركاء للأئمّة عليهم السلام في أفراحهم وهمومهم؟ وهل من الممكن أن نكون شيعة تمرّ علينا ليلة من غير أن ندعو لهلاك أعداء الإسلام وأعداء أهل البيت عليهم السلام؟
(في مدرسة المقدّس الشيخ بهجت قدس سرّه)