دَعَوتُ حِمى الأَحْبابِ يا مَوْطِنَ الإلْفِ
|
و يا غُرَّةَ الأمجادِ شامِخَةَ الأنفِ
|
ويا مَشرِقَ الأقمارِ ما انفكَّ زاهِراً
|
بِلَيلَتِكَ الأقدارُ باسِمَةُ الطَّرف
|
قَضَيْنا رَبيعَ العُمرِ فيكَ وإنَّما الحياةُ
|
بِبَعضِ العُمرِ جُزءٌ مِنَ الحَتفِ
|
وكنا كسِمطِ اللَّيلِ نَطوي حَديثَنا
|
قَرائنَ أشواقِ الجَميلِ مِنَ العَطفِ
|
إلى أنْ أدارَ الدَّهرُ كَفَّ صُروفِهِ
|
ولَيْتَ يَدَ الأيامِ مَجذوذةَ الكفِّ
|
فأضحى شَتاتاً جمعُنا و تألَّبت
|
علينا غِلاظُ الدَّهرِ مَشحوذَةَ الصَّرْفِ
|
فصِرْتُ أُسَلي النَّفسَ في ذِكرِ ما مضى
|
وأُطفي لَهيبَ الشَّوقِ في لُجَّةِ النَّزفِ
|
وأرثي تُراثَ العاشِقينَ كما غَدَت
|
مَراثي بَني الزَّهراءِ في واجِبِ العُرفِ
|
بَكيتُ قُبوراً في البَقيعِ لعُصبَةٍ
|
بهم تَمَّ دينُ اللهِ في مُحكَمِ الصُّحفِ
|
وهَدَّ جِلادي دارِسُ الرَّبعِ مِنهُمُ
|
تَمُرُّ به الأحزانُ من بعدِ ما عُفّي
|
قُبورٌ جَبينُ الشَّمسِ دونَ تُرابِها
|
وخَيْطُ جميلِ الصُّبحِ في رَملِها يَسفي
|
لَكَ اللهُ يا حُكمَ الزَّمانِ لحادِثٍ
|
تَعَرّاكَ في شوال عن خِطَّةِ الخَسفِ
|
لِفَتوى يهودِ الدينِ لما تَحالَفوا على
|
فِعلَةِ الشَّيطانِ في ذلِكَ الحِلفِ
|
فَراموا قِباباً في البَقيعِ فهدَّموا
|
وحادوا بذاك الفِعلِ عن دانِي القطفِ
|
وظنوا بأن يُمحى بذلك ذِكرُ مَن
|
غدت عن لِسانِ المدحِ أفعالُهُم تَكفي
|
ألا قُلْ لِمَن أفتى بِهَدمِ قُبورِهم
|
تَوَطَّنت عن فَتواكَ مُنهارَةَ الجُرفِ
|
فقد جِئتَ إدَّ الفِعلِ عن شَرِّ قَبضَةٍ
|
تَجيءُ بيَومِ الفصلِ مَشلولةَ الكَتفِ
|
فدع عنك ضُرَّ القَوْمِ إنَّ قبورَهم
|
لها في ذراري العرشِ عالِيَةُ السَّقفِ
|
لهم في رِياض القُدسِ خيرُ مَنازِلٍ
|
لدى أكؤسِ الوِلدانِ مَعسولةَ الرَّشفِ
|
وحاذِر لهم في الدَّهرِ كَرَّةَ قائمٍ
|
لأخذِ تِراتِ الآلِ إذ جاءَ يَستَشفي
|
غدات يُعيدُ الحقَّ في كفِّ أهلِهِ
|
كما منه كانت قبلُ مُصفَرَّةَ الكفِّ
|
هنالك يومُ الفتحِ ما شِئتَ فادَّرِع
|
ويُعرَفُ بَأسُ الطَّودِ في شِدَّةِ العصفِ
|
ألا إنَّهُم رَغمَ الأُنوفِ على المَدى
|
سلاطين خَلقِ اللهِ في باذِخِ الوصفِ
|
وهُم نِقمَةُ الجبارِ ذو البطشِ والعُلا
|
وهم رَحمةُ الرَّحمنِ ذو البرِّ والعطفِ
|
هم الغَوثُ و الرُكنُ المَنيعُ جِوارُهم
|
وهم رايةُ الآجالِ في أُهبةِ الزَّحفِ
|
أحِبايَ خيرُ الناسِ بل سادةُ الوَرى
|
مَلاذي لدى الإعسارِ بل إنَّهُم كَهفي
|
خُذوها بَني الزهراءِ عن نفسِ رامِقٍ
|
تجود بها الأنفاسُ مرموقَةَ الحرفِ...
|