عزّوا أنفسكم بما عند الله تعالى من الرحمة المطلقة..
من توجيهات الإمام الخامنئي
_____ إعداد: «شعائر» _____
خير الوصايا بعد كلام المعصومين عليهم السلام، ما يصدر عن عالِمٍ خَبِر الحياة، وملأ أيّامه ولياليه درساً وتدريساً وعبادة، وجهاداً في ميادين النفس والطواغيت. مثال ذلك هو الإمام الخامنئي المفدّى.
بعض وصاياه في العبادة، والزهد، والمسؤولية الاجتماعية، استلهاماً من الروايات الشريفة عن كتاب «نور العرفاء» الصادر عن «دار الولاء» في بيروت.
وقت الخلوة مع الله
النهار ليس وقت فراغ البال. إنّ وقت الفراغ والخلوة مع الله هو الليل، بالأخصّ القسم الأخير منه. وبالرغم من أنّ ظاهر الرواية: «يا عليّ، كلُّ عينٍ باكِيةٌ يومَ القيامةِ غيرَ ثلاثٍ: عَينٍ سَهرتْ في سبيلِ الله، وعَينٍ فاضَتْ من خَشيةِ الله، وعَينٍ غُضَّتْ عَن محارِمِ الله»، هو الاستيقاظ لأجل العبادة، إلّا أنّ الشخص الذي يبقى مستيقظاً في خنادق الجهاد والدفاع، أو المطالعة وتحصيل العلم في سبيل الله (لا لأجل التفاخر وإظهار النفس أو المراء والجدال) فهو مشمول أيضاً في هذه الرواية. ولعلّ المراد بغضّ النظر عن «محارم الله» ليس المعنى الحرفيّ للعبارة، بل المقصود هو صرف النظر عن كلّ حرام.
الدنيا إلى فناء
عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: «الدُّنيا دُوَل، فما كانَ لكَ أتاكَ على ضَعفِك، وما كان منها عليكَ لم تَدفعْهُ بقوّتِك، ومَن انقطَع رجاؤه بما فاتَ استراحَ بَدنُه، ومَن رَضيَ بِما قَسَمَه اللهُ قَرّت عينُه».
إنّ طبيعة المظاهر الدنيوية هي التغيير والتحوّل الدائم. فلا نظنَّنَّ أنّ ما في أيدينا من المال والجاه والإمكانات والصحة والعافية باقٍ إلى آخر العمر. فليس الأمر كذلك. وما أكثر ما نُسلَبه!
والمراد من الدنيا التي إذا قطع المرء أمله عنها أراح نفسه، هو الدنيا المذمومة. يعني ذلك الشيء الذي يطلبه الإنسان لأجل أهوائه، وليس المراد معالي الأمور والخيرات الأخروية، أو تلك الأشياء التي يحتاجها الإنسان لأداء التكليف أو عمران الدنيا، فالمراد ليس هذه الأمور.
خياركم أحسنكم أخلاقاً
إنّ معنى الرواية الواردة عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: «خِيارُكم أحسنُكُم أخلاقاً، الّذينَ يَألَفونَ ويؤلَفونَ»، أنّ أفضلكم هم أولئك الذين يتعاملون مع الناس بالنحو الأحسن، أصحاب الوجوه البشوشة الذين يألفون الناس بهم ويألفونهم. وهذا لا يعني أنّ الشخص البشوش التارك للعمل بالتكليف الشرعيّ، مرجّح على ذلك الذي يؤدّي تكاليفه الدينية، لكنه مقطّب الوجوه دائماً. بل المراد أنّ المؤمن العامل بالتكليف وصاحب الخلق الحسن أفضل من المؤمن الفاقد للأخلاق الحميدة.
التعزّي بعزاء الله
ينبغي للمؤمن أن يتسلّى بتسلية الله، وأن يعزّي نفسه بما عند ربِّه من الرحمة المطلقة والأجر الذي أعدّه للمؤمنين يوم القيامة. وإذا خالف ومدّ عينيه إلى مال الآخرين ومقاماتهم، وإمكاناتهم، فإنّه إمّا أن يعيش بشكلٍ دائم في حسرةٍ وغصّة وعدم رضى بتقدير الله، وإمّا أن يرد الامتحانات الصعبة ويتعدّى حدود الله ويسعى لإيصال نفسه ولو بطريق غير مشروع إلى الآخرين.
ولهذا، وحتى لا تحترقوا بنار الحسرة على دنيا الآخرين، ولا تبتلوا بميادين المواجهة التي لا طائل منها، الجأوا إلى العزاء الإلهيّ وتعزّوا به.
الاهتمام بأمور المسلمين
مَن أصبح وليس لرضى الله دور أو تأثير في دوافعه ونواياه، فإنّه لا يُحسب من جند الله العاملين في سبيله. ومن أصبح غير مبالٍ بمصالح المسلمين والمجتمع الإسلاميّ ومفاسده، فإنه لا يُعدّ في زمرة المسلمين الحقيقيين. وللاهتمام بأمور المسلمين مصاديق مختلفة. المصداق الأعلى هو الاهتمام بأمور الأمّة الإسلامية والحكومة الإسلامية وعزّتها واقتدارها، والمصداق الآخر هو قضاء حوائج الضعفاء والمساكين.
«ومن قَبِل بالذلّ راغباً فليس منّا أهل البيت». ينبغي أن يعلم هنا أنّ التسليم بالذلّة ليس محصوراً فقط أمام أصحاب السلطة السياسيين، بل يشمل أيضاً أصحاب الثروات ورؤوس الأموال. على الإنسان أن لا يذلّ نفسه بدافعٍ من الحرص والطمع وحطام الدنيا. وقد ورد أنّ المؤمن يرضى بكلّ شيء إلّا الذّلّة.
حقيقة الزهد
إنّ حقيقة الزهد، الذي اعتنى به الإسلام وأوصى به المعصومون طبق هذه الرواية: «الزاهدُ في الدّنيا مَن لم يَغلب الحرامُ صبرَه، ولم يَشغَلِ الحلالُ شكرَه»، أمران:
الأوّل: أن لا تغلب على الإنسان تلك الوساوس الشيطانية والرغبات الحيوانية التي تحرّكه نحو ارتكاب المحرّمات، فيستطيع أن يبقى صابراً ومستقيماً أمام هذه المسائل.
والثاني: أن لا ينشغل الإنسان بالنّعم الإلهية بحيث يغفل عن شكر الله، ويكون غير حامد، أو يغفل عن أنّ هذه النعم ممّن؟ وحذار أن تجرّ هذه الغفلة الإنسان إلى الأودية الخطيرة.
عاشوراء واقعة عرفانيَّة وفاجعة أليمة
* عاشوراء شعيرة تخلق لدى الإنسان الحماس والحركة والنموّ الفكري، وليست شعائر فارغة.
* إنّ واقعة عاشوراء واقعة عرفانيّة، مع أنها امتزجت بالقتال والقتل والشهادة والملحمة.
* من أهمّ ميزات المجتمع الشيعي هو امتلاكه لذكرى عاشوراء، وفاجعة كربلاء الأليمة.
* ينبغي إقامة صلاة جامعة ظهر يوم عاشوراء في أثناء المراسم.
* لو كنا جميعاً من مدرسة عاشوراء، لسارت الدنيا نحو الصلاح بشكل سريع جداً، ولمهّدت الأرض لظهور ولي الحق المطلق.
موقع دار الولاية: مع القائد: الأبعاد المعنوية في شخصيَّة الإمام الحسين عليه السلام