قال «ابنُ أبي الحديد» في (شرح نهج البلاغة، ج 14، ص 83-84):
«.. صنَّفَ بعضُ الطالبيِّين في هذا العصر كتاباً في إسلام أبى طالب، وبعثَه إليّ، وسألني أنْ أكتبَ عليه بخطّي نظماً أو نثراً، أشهد فيه بصحّة ذلك، وبوثاقة الأدلّة عليه، فتحرَّجتُ أن أحكمَ بذلك حكماً قاطعاً، لِما عندي من التوقُّف فيه، ولم أستجِز أن أقعدَ عن تعظيم أبى طالب، فإنّي أعلم أنّه لولاه لَما قامت للإسلام دعامة. وأعلمُ أنّ حقّه واجبٌ على كلِّ مسلمٍ في الدنيا إلى أن تقوم الساعة، فكتبتُ على ظاهر المجلّد:
ولولا أبو طالب وابنِه * لَما مَثل الدّينُ شخصاً فقاما
فذاك بمكّة آوى وحامى * وهذا بيثربَ جَسَّ الحِماما
تكفَّل عبدُ منافٍ بأمرٍ * وأَوْدى، فكانَ عليٌ تماما
فَقُل في ثبيرٍ مضى بعد ما * قضى ما قضاه، وأبقى شماما
فللَّه ذا فاتحاً للهدى * ولله ذا للمعالي ختاما
وما ضَرَّ مجدَ أبى طالبٍ * جهولٌ لَغا، أو بصيرٌ تعامى
كما لا يضُر إياة الصَّباح * من ظنَّ ضّوْءَ النَّهار الظَّلاما.
".. فوفّيتُه حقّه من التعظيم والإجلال، ولم أجزم بأمرٍ عندي فيه وقفة».
**
ومن الواضح أنّ ابن أبي الحديد عبّر عن حقيقة رأيه، دون أن يُعرِّض نفسه للمساءلة، أو يشيط بدمه.