الإمام الخامنئي دام ظلُّه:
* هذا القَرن هو قرنُ الإسلام
* البشريّة تجاوزت الإيديولوجيّات المادّية
ـــــ إعداد: «شعائر» ـــــ
ملخّص الكلمة التي ألقاها وليّ أمر المسلمين الإمام السيّد عليّ الخامنئي حفظه الله في لقائه مع المشاركين في «مؤتمر الشباب والصّحوة الإسلاميّة الدولي» الذي عُقد في طهران يومَي التاسع والعشرين والثلاثين من كانون الثاني الفائت.
وقد حضر اللّقاء مع سماحته المئات من الشبّان المثقّفين والناشطين في مختلف الميادين السياسيّة والثقافيّة والإعلاميّة، وأعضاء التنظيمات والتيّارات الإسلامية من ثلاث وسبعين دولة. |
بسم الله الرّحمن الرّحيم
ما أقوله لكم أيّها الشباب الأعزّاء ويا أبنائي هو أن تعلموا أنَّ تاريخ العالم ".." يسير اليوم في منعطف تاريخي كبير. عصرٌ جديد بدأت تلوح معالمه في العالم كلّه. والعلامة الكبرى والواضحة لهذا العصر عبارة عن التوجّه إلى الله تعالى، والإستمداد من القدرة الإلهيّة التي لا تزول. ".."
لقد تجاوزت البشريّة المدارس والإيديولوجيّات الماديّة. لا الماركسيّة لها اليوم جاذبيّة تُذكر، ولا الليبراليّة الديمقراطيّة في الغرب لها مثل هذه الجاذبيّة ".." ولا القوميّة العلمانيّة لها جاذبيّة. الجاذبيّة الأشدّ بين الأمّة الإسلاميّة في الوقت الراهن هي للإسلام وللقرآن ولمدرسة الوحي، وقد وعد الله تعالى أنَّ بوسع المدرسة الإلهيّة والوحي الإلهي والإسلام العزيز أن يوفِّر السعادة للبشر. هذه ظاهرة جدّ مباركة، وعلى جانب كبير من الأهميّة، وذات معنى ومغزى عميق.
لقد قامت اليوم ثورات في البلدان الإسلاميّة ضدّ الدكتاتوريّات العميلة، وهذه مقدمة للثورة على الدكتاتوريّة العالميّة والدوليّة، وهي ".." متجسِّدة في دكتاتوريّة أمريكا وأتباع أمريكا، والشبكة الصهيونيّة الشيطانيّة الخطيرة. هؤلاء اليوم يمارسون الدكتاتوريّة بأساليب مختلفة وبأدوات متنوِّعة في كلّ أنحاء العالم.
".." هذا المنعطف التاريخي الذي ذكرتُه عبارة عن التحوُّل من سيطرة هكذا دكتاتوريّة إلى حريّة الشعوب وسيادة القيم المعنويّة والإلهيّة. هذا ما سوف يحدث ولا تستبعدوا ذلك.
الوعد الإلهي: ﴿ولينصرنّ الله من ينصره..﴾ الحج:40 يؤكِّد فيه الله تعالى على أنّكم إذا نصرتموه فسوف ينصركم. قد يبدو الأمر بعيداً في النظرة العاديّة القائمة على الحسابات الماديّة، لكن كثيراً من الأشياء كانت تبدو بعيدة وقد حدثت ".." ﴿وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجّل لكم هذه وكفّ أيدي الناس عنكم ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطاً مستقيماً﴾ الفتح:20. هذه الإنتصارات آية إلهيّة. إنّها علامات قدرة الله الفائقة التي يظهرها الله تعالى لنا. ".."
كفاحُ الهِمَم والإرادات
حَكَم الغربيّون الأمّة الإسلامية مائتي عام ".." وكانوا واثقين من أنَّ مقاصدهم وسياساتهم في هذه المنطقة المهمّة جداً من العالم قد تأمّنت. لكنَّ الهمّة الإيمانيّة والهمّة الإسلاميّة والتواجد والمشاركة الشعبيّة بدّدت كل هذه الأحلام الباطلة، وأوقفت كلّ هذه الأهداف.
يشعر الإستكبار العالمي اليوم بالعجز أمام الصَّحوة الإسلاميّة. أنتم غالبون، منتصرون. المستقبل لكم. ما تمّ إنجازه عمل عظيم جداً. ولكن ذلك ليس ختام العمل ".." هذه البداية والإنطلاق. على الشعوب الإسلاميّة أن تكمل جهادها حتى إزالة العدوّ من مختلف الميادين. الكفاح، كفاح الهِمَم والعزائم والإرادات. ".."
حينما تأسَّست الجمهوريّة الإسلامية قبل ثلاثين عاماً، كان الأعداء يقولون إنَّ الثورة الإسلاميّة قد انتصرت لكنّها لا تستطيع إدارة ميادين الحياة ".." وسوف تتراجع إلى الوراء. واليوم فإنَّ شبابنا استطاعوا ببركة الإسلام إنجاز أعمال كبيرة في المضمار العلمي، إنجازات لم تكن في الماضي لتخطر حتى ببالهم أنفسهم ".." وهذا كلّه بفضل التوكّل على الله تعالى وبشعار «الله أكبر». ".."
من أكبر الآفات التي أدخلتها الثقافة الغربيّة إلى بلداننا الإسلاميّة تصوُّران خاطئان ومنحرفان؛ أحدهما بثّ فكرة عجز الشعوب المسلمة، حيث يقولون إنّكم لا تستطيعون فعل شيء، لا في ميدان السّياسة، ولا في مضمار الإقتصاد، ولا على مستوى العلم.. ".." الفكرة الثانية التي بثُّوها فينا هي لانهائيّة قوّة أعدائنا وعدم قابليّتها للهزيمة. أفهمونا أنَّ أمريكا لا يمكن أن تُهزَم، ولا يمكن فرض التّراجع على الغرب، ولا سبيل لنا سوى أن نتحمّلهم.
وقد بان للشعوب المسلمة اليوم عياناً أنَّ هاتَين الفكرتَين خطأ في خطأ. ".."
هذا القرن هو قرن الإسلام. هذا القرن قرن المعنويّة. الإسلام يقدّم العقلانيّة والمعنويّة والعدالة مجتمعة هديّةً للشعوب. إسلام العقلانيّة، إسلام التَّدبّر والتَّفكُّر، إسلام المعنويّة، إسلام التّوجُّه إلى الله تعالى والتّوكُّل عليه، إسلام الجهاد، إسلام العمل، إسلام الإقدام والمبادرة، هذه هي تعاليم الله تعالى وتعاليم الإسلام لنا. ".."
العدوّ يعمل اليوم على التّخطيط والتّآمر مقابل الضّربة التي تلقّاها بدرجات مختلفة في مصر وتونس وليبيا وبقيّة بلدان المنطقة. يجب التنبّه لمؤامرات الأعداء. يجب الحذر من أن يختطفوا ثورات الشعوب منهم أو أن يحرفوا مساراتها. إستفيدوا من تجارب الآخرين. ".."
لدينا الكثير من التجارب على مدى 32 عاماً. ".." ما من مؤامرة كان بوسع الغرب وأمريكا أن يقوموا بها ضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة ولم يفعلوها. ".." وقد تلقُّوا الضّربات والصّفعات وهُزموا في كلِّ المراحل والأطوار. وكذلك سيكون الحال بعد الآن أيضاً. سوف يهزمون بعد الآن أيضاً في كلّ مؤامراتهم ضد الجمهوريّة الإسلاميّة. هذا هو الوعد الإلهي لنا ولا نرتاب فيه.
الحكومة القرآنية هي الهدف
إننا لا نشكُّ في صدق الوعود الإلهية. إننا لا نُسيئ الظنّ بالله تعالى. الله سبحانه يلوم الذين يُسيئون الظنّ به ﴿ويعذّب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظّانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعدّ لهم جهنم وساءت مصيراً﴾ الفتح:6. وعدُ الله تعالى وعدٌ صادق. ".."
النهضة الإسلامية في العالم الإسلامي اليوم لا تعرف شيعة وسنة ".." ولا تعرف عرباً وفرساً وقوميّات أخرى. فالكلّ في هذه الساحة العظيمة. فلنسعَ كي لا يبثّ العدو التفرقة بيننا. لنشعر كلّنا بالأخوَّة ولنُعيِّن الهدف. ".." الهدف هو الحكومة القرآنيّة والإسلاميّة. ".." وكلّنا نعارض الهيمنة والسيطرة الغربيّة الخبيثة، وكلّنا نعارض وجود الغدّة السرطانيّة الإسرائيليّة. ".."
لاحظوا أنَّ جميع الأجهزة الإعلاميّة في العالم اليوم ".." تحاول عزل الشعب البحريني والحركة في البحرين. ".." لأنّ القضيّة قضيّة شيعة وسُنَّة. يريدون زرع الخلافات ورسم الخطوط والفواصل والفوارق. ".."
يا أعزّائي ويا أبنائي، إحذروا من أن يوقف العدوّ حركتكم. الله تعالى يخاطب رسوله في موضعَين من القرآن الكريم فيقول: ﴿فاستقم كما أمرت..﴾ هود:112، ﴿..واستقم كما أمرت..﴾ الشورى:15. والإستقامة هي الصمود والمواصلة ومتابعة الطّريق وعدم التّوقُّف.. هذا هو سرّ العمل.
يجب أن نسير إلى الأمام. هذه الحركة حركة ناجحة لأنَّ لها آفاقاً مُشرقة. ".." سيأتي اليوم الذي تصل فيه الأمّة الإسلاميّة بحول الله وقوَّته إلى ذروة الإقتدار والإستقلال. وتنضوي الشعوب المسلمة إلى جانب حفظ خصوصيّاتها وتمايزاتها تحت مظلّة ".." الدعوة إلى الله وإلى الإسلام، ويكون الجميع متآزرين. وعندئذٍ سوف تكتسب الأمّة الإسلاميّة عزَّتها. ".."
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.