تسميتُ العاطس
من حقوق المؤمن على أخيه
________الشيخ عباس كوراني_______
من السُّنن المهجورة «تسميتُ العاطس». والتَّسميت -بالسّين- مشتقٌّ من «السَّمت» وهو الهيئة الحسنة، أي جعلك الله على سمتٍ حَسَن، لأنّ هيئته تنزعج للعطاس.
أمّا التّشميت -بالشين- فمشتقٌّ من «الشوامت» وهي القوائم، كأنّه دعاءٌ للعاطس بالثبات على طاعة الله، وقيل معناه: أبعدَك الله عن الشماتة. وكلاهما -التسميت والتشميت- دعاءٌ بالخير والبركة. |
قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ..﴾ الحجرات:10، وبنى الباري عزّ وجلّ على هذا المفهوم منظومةَ حقوقٍ للأخ على أخيه المؤمن. ومن الواضح أنّ ردّة الفعل من الأخ تجاه أخيه تُظهر كيف ينظر إليه، ومدى احترامه له وحرصه على سلامته، ومن أبرز ردود الفعل تجاه الآخرين هو «تسميتُ العاطس».
الحثّ على التّسميت
قال داود بن الحسين (أحد الرواة): «كنّا عند أبي عبد الله الصادق عليه السلام فأحصيتُ في البيت أربعة عشر رجلاً، فعطس أبو عبد الله فما تكلّم أحدٌ من القوم، فقال أبو عبد الله عليه السلام: ألا تُسمِّتون، ألا تسمِّتون، من حقّ المؤمن على المؤمن إذا مرض أن يعودَه، وإذا ماتَ أن يشهد جنازته، وإذا عطس أن يسمِّته، أو قال أن يشمِّتَه، وإذا دعاه أن يجيبَه».
كيفيّة التسميت
روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «للمسلم على أخيه من الحقّ أن يسلّم عليه إذا لقِيه، ويعودَه إذا مرض، وينصح له إذا غاب، ويسمّته إذا عطس، يقول [أي العاطس إذا عطس]: الحمد لله ربِّ العالمين لا شريك له، ويقول له [أي المُسمِّت]: يرحمكَ الله، فيُجيبه العاطس ويقول له: يهديكم الله ويُصلح بالَكم»، وفي نصٍّ آخر يجيب العاطس: «يغفر الله لكم ويرحمكم».
الصيغة الكاملة للتسميت
وهناك صيغة كاملة للتسميت، هي ما تقدّم مع إضافة الصلاة على محمّد وآل محمّد صلّى الله عليه وآله.
فقد جاء عن إبن أبي عمير، عن بعض أصحابه، قال: «عطس رجل عند أبي جعفر الباقر عليه السلام، فقال العاطس: الحمدُ لله، فلم يسمّته أبو جعفر عليه السلام، وقال عليه السلام: نَقَصَنا حقّنا، ثمّ قال عليه السلام: إذا عطسَ أحدُكم فَلْيَقل: الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمّدٍ وأهل بيته، قال بعض أصحاب ابن أبي عمير: فقال الرجل الصيغة الكاملة مع الصلاة على النبي صلّى الله عليه وآله وأهل بيته، فحينئذٍ سمّته أبو جعفر».
ويظهر من الأحاديث أنّ هناك أكثر من صيغة للتسميت، فعن الإمام الصادق عليه السلام، قال: «عطس غلامٌ لم يبلغ الحُلُم عند النبيّ صلّى الله عليه وآله، فقال: الحمد لله، فقال له النبي صلّى الله عليه وآله: بارك الله فيك».
ما ذُكِر فيه اللهُ فهو حَسن
يظهر من الروايات أنّ كلّ ما ذُكر فيه الله تعالى يكفي في التسميت. فعن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنّه قال: «إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله سُئل عن آية أو شيء فيه ذكرُ الله، [أي هل في التسميت آية مخصوصة، أو شيء مخصوص فيه ذكر الله؟] فقال صلّى الله عليه وآله: كلّ ما ذُكر الله فيه فهو حسن».
لماذا يحمد العاطسُ اللهَ تعالى؟
جاء في الحديث عن الإمام الكاظم عليه السلام: «إنّ لله نِعَماً على عبده في صحّة بدنه وسلامة جوارحه، وإنّ العبد ينسى ذكر الله على ذلك [أي على تلك النعم]، وإذا نسي العبدُ ذكرَ الله، أَمَر اللهُ الريح فيجاوز في بدنه ثمّ يخرجها من أنفه، فيحمد الله على ذلك، فيكون حمْدُه عند ذلك شكرٌ لِما نسي».
فوائد العطسة
قال أمير المؤمنين عليه السلام: «مَن قال إذا عطس: الحمد لله ربِّ العالمين على كلِّ حال، لم يجد وجع الأذنين والأضراس».
وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام: «نِعم الشيء العطسة، تنفع في الجسد وتُذكِّر بالله عزَّ وجلَّ».
وعن الإمام الصادق عليه السلام: «مَن سمع عطسةً فحمد الله عزَّ وجلَّ، وصلّى على النبي صلّى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام، لم يشتكِ عينه ولا ضرسه».
وعنه عليه السلام: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إذا عطس المرء المسلم ثمّ سكت لعلّةٍ تكون به: قالت الملائكة عنه: الحمد لله ربِّ العالمين، فإنْ قال: الحمد لله ربِّ العالمين، قالت الملائكة: يغفر الله لك».
وعنه عليه السلام: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: العطاس للمريض دليل العافية وراحةُ البدن».