تاريخ
﴿..فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين﴾ العنكبوت:3
".." ولم يحضر دفنَ رسولِ الله صلّى الله عليه وآله أكثر الناس، لِما جرى بين المهاجرين والأنصار من التشاجر في أمر الخلافة، وفات أكثرَهم الصلاةُ عليه لذلك، وأصبحت فاطمة عليها السلام تُنادي: «وا سوء صباحاه»، فسمعها أبو بكر فقال لها: «إنّ صباحك لصباح سوء». واغتنم القوم الفرصة لِشغل عليّ بن أبي طالب برسول الله صلّى الله عليه وآله، وانقطاع بني هاشم عنهم بمصابهم برسول الله صلّى الله عليه وآله، فتبادروا إلى ولاية الأمر واتُّفق لأبي بكر ما اتُّفق لاختلاف الأنصار في ما بينهم، وكراهة الطُّلقاء والمؤلّفةِ قلوبُهم من تأخّر الأمر حتى يفرغ بنو هاشم، فيستقرّ الأمر مقرَّه، فبايعوا أبا بكر لحضوره المكان، وكانت أسباب معروفة تيسَّر منها للقوم ما راموه ".."
وقد جاءت الرواية: «أنّه لمّا تمّ لأبي بكر ما تمّ وبايعه مَن بايع، جاء رجلٌ إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو يسوِّي قبر رسول الله صلّى الله عليه وآله بمسحاة في يده، فقال له: إنَّ القوم قد بايعوا أبا بكر، ووقعت الخذلة في الأنصار لاختلافهم، وبدر الطُّلقاء بالعقد للرجل خوفاً من إدراكِكم الأمر. فوضع طرف المسحاة في الأرض ويدُه عليها، ثمّ قال: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين * أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون﴾ العنكبوت:1-4».
(الإرشاد، الشيخ المفيد)
بلدان
الرَّقَّة: بفتح أوّله وثانيه وتشديده، وأصلُه كلُّ أرضٍ إلى جنب وادٍ يَنبسط عليها الماء، وجمعُها رَقاق، وقِيل: الرَّقاق الأرض الليِّنة التراب. وقال الأصمعي: الرَّقاق الأرض الليِّنة من غير رمل. وهي مدينة مشهورة على الفرات، بينها وبين حرَّان ثلاثة أيام، معدودة في بلاد الجزيرة، لأنّها من جانب الفرات الشرقي. [وفيها مدفن الصّحابيّ الجليل عمّار بن ياسر الذي استُشهد مع أمير المؤمنين عليه السلام، وقتلته الفئة الباغية في صِفّين]
قلعة جعبر: على الفرات مقابل صِفِّين التي كانت فيها الوقعة بين معاوية وأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وكانت تُعرَف أوّلاً بدوسر فتملَّكها رجل من بني نمير يُقال له جعبر بن مالك، فغلب عليها فسُمِّيت به.
والدوسر في لغة العرب: الجَمل الضخم، والأنثى دوسرة. ودوسر أيضاً: كتيبة كانت للنعمان بن المنذر، قال المرار بن منقذ العدوي:
ضربت دوسر فيهم ضربةً أثبتت أوتاد ملكٍ فاستقرّ.
وراء: قرية قرب صفِّين على الفرات، وذَكر لي مَن أَعتمد على رأيه أنَّها قلعة جعبر نفسها أو ربضها.
(الحموي، معجم البلدان - بتصرّف)