أَدْرَكَتْ نفسي بها ما أَمَّلَتْ |
حَبّذا آناءُ أُنْسٍ أَقْبَلَتْ |
طاب أصلاً وتعالى مَحْتِدا |
وَضَعَتْ أُمُّ العُلَى ما حَمَلَتْ |
مالكاً ثِقْلَ وِلاءِ الأُمَمِ |
مثلَ ما آنسَ موسى نارَ طُورْ |
آنسَتْ نَفْسِي من الكعبةِ نُورْ |
قَرَعَ السَّمعَ نداءٌ كنِدا |
يوم غَشِي الملأَ الأعْلى سُرورْ |
شاطئِ الوادي طِوَى من حرَمِ |
فانْجَلَتْ عنا دَياجِيرُ الظَّلام |
وَلَدَتْ شمسُ الضُّحى بدرَ التَّمامْ |
وجهُه فَلْقَةُ بَدْرٍ يُهتدَى |
نادِ: يا بُشراكُمُ هذا غلامْ |
بِسَنا أنوارِه في الظُّلَمِ |
أَقْبَلَتْ تَحْمِلُ لاهوتَ الأبدْ |
هذه فاطمةٌ بنتُ أَسد |
فله الأملاكُ خَرَّتْ سُجَّدا |
فاسجدوا ذلّاً له في مَن سَجَدْ |
إذْ تَجَلَّى نورُه في آدمِ |
وتجلّى وجهُ ربِّ العالمينْ |
كُشِفَ السِّتْرُ عن الحقِّ المبينْ |
وبَدَتْ مُشرِقةً شمسُ الهدى |
وبدا مصباحُ مِشكاةِ اليقينْ |
فانْجلى ليلُ الضَّلالِ المُظْلِم |
فأرانا وَجْهَهُ ربُّ الوَرى |
نُسِخَ التأبيد من نَفْيِ «ترى» |
ما تمنّاه بطُورٍ مُجْهَدا |
ليتَ موسى كان فينا فَيرى |
فانثنى عنهُ بكفَّيْ مُعْدِمِ |
أمْ دَرَتْ ثَدْيُ الهُدى ما أَرْضَعَتْ؟ |
هل دَرَتْ أمُّ العُلى ما وضَعَتْ؟ |
أمْ دَرى ربُّ الحِجى ما وَلَدا؟ |
أمْ دَرَتْ كَفُّ النُّهى ما رَفَعَتْ؟ |
جَلَّ معناهُ فلمَّا يَعْلَم |
كان إذ لا كائنٌ وهْو إمامْ |
سيِّدٌ فاق عُلاً كلَّ الأنامْ |
حين أضحى لِعُلاهُ مَوْلِدا |
شَرَّفَ اللهُ به البيتَ الحَرامْ |
فَوَطَا تُرْبَتَهُ بالْقَدَمِ |
وتعالى اللهُ عمَّا يَصِفُونْ |
إنْ يَكُ يُجْعَلُ لله البَنُونْ |
لِوَلِيِّ البيتِ حقّاً وَلَدا |
فَوَلِيدُ الْبَيْتِ أحرى أَنْ يَكونْ |
لا عُزيرٌ لا ولا ابنُ مَرْيَمِ |
مِن ذُرى العَرْشِ إلى تحتِ الثَّرى |
هو بعدَ المصطفى خيرُ الوَرى |
غُرَّةً تَحْمي حِماها أبدا |
قد كَسَتْ عَلْياؤه أمَّ القُرى |
حيث لا يدنوه مَن لَمْ يُحْرِم |
وطَوى عالَمَ غَيْبٍ وشُهُود |
سَبَقَ الكونَ جميعاً في الوُجودْ |
إذْ هو الكائنُ لله يدا |
كل ُّما في الكونِ من يُمْناهُ جودْ |
ويَدُ الله مَدَرُّ الأنْعُمِ |
بِفَخارٍ، فَسَما كلَّ البشرْ |
سيِّدٌ حازتْ به الفضلَ مُضَرْ |
فَبِهِ لا بالنُّجومِ يُهتدى |
وجهُه في فَلَكِ العَليا قَمَرْ |
نحو مَغْناهُ لِنَيْلِ المَغْنَمِ |
عَقُمَتْ عن مِثلهمْ أُمُّ الدُّهورْ |
هو بدْرٌ وذَراريهِ بُدُور |
فازَ منْ نَحْوَ فِناها وَفَدا |
كعبةُ الوُفّادِ في كلِّ الشُّهورْ |
بِمَطافٍ منهُ أوْ مُسْتَلَمِ |
وَنَزارٍ ثمّ فِهْرٍ ولُؤيّ |
ورِثوا العَلْياءَ قِدْماً من قُصَيّ |
وهُمُ أَزْكَى البرايا مَحْتِدا |
لا يُبارَى حيُّهم قَطٌّ بِحَيّ |
وإليهمْ كلُّ فَخْرٍ يَنْتَمي |
كلُّ مَوْتٍ فيهِ لُقْياكَ حَياةْ |
أيُّها المُرْجَى لِقاهُ في المماتْ |
عَلَّني أَلْقَى حَياتي في الرَّدى |
ليتَما، عُجِّل بي ما هُوَ آتْ |
فايزاً منه بأَوْفَى النِّعَمِ |