مراقبات

مراقبات

منذ 4 أيام

المراقبات و«علم النّفْس»

المراقبات و«علم النّفْس»
من أخطر المفارقات، بل السَّقطات المدوِّية، فِرْيَةُ أنّ الإسلام لا يقدّم العلاجَ للمشاكل النفسيّة، ولذا ينبغي ملأُ هذا الفراغ في عمليّة التّثقيف الإسلامي، أو في مجال علاج الحالات النّفسيّة، باللّجوء إلى نظريّات علم النّفس والأطباء النفسانيّين. ولا يشمَل ما تقدّم العلاجَ العضوي المنفصِل عن تخمينٍ أو تنجيمٍ نفسيٍّ مادّي.
وتبادِر إلى السؤال: وما علاقةُ ذلك بباب «مراقبات»؟
والجواب: المراقبة إحدى الدّعائم الثلاث: المحاسَبة. المشَارطَة. المراقبة. وجمعُها «مراقبات». وهي عبارة عن البرامج العباديّة المتكثّرة، والمتنوّعة جدّاً، لبناء النّفْس، وتهذيب النّفس، وجهاد النّفس.
وهل التديُّن إلّا تزكية النّفس؟ ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾ الشمس:9. وهل اللاتديُّن إلّا إفسادُ النّفس وتدسيتُها، ﴿وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ الشمس:10؟
كيف يتصوّر إذاً وجودُ فراغٍ في علاجِ المشاكلِ النفسيّة، وكيف يُلجَأ إلى ثقافة «التّدسية» لعلاجِ نفسٍ تواقّةٍ إلى التّزكية؟
هل يعرف النّفسَ المنكرُ لخالقِها نظريّاً وعمليّاً أو عمليّاً فقط؟
أقِفْ بالخصوص عند محورَين:
الأول: يربطُ اللهُ تعالى بين استقرار «الهلَع» وبين عدمِ الصّلاة، حيث إنّه سبحانه يستثني المُصلّين من «الهلَع»: ﴿إن الإنسان خُلق هلوعاً. إذا مسّه الشرّ جزوعاً. وإذا مسه الخير منوعاً. إلا المصلّين. الذين هم على صلاتهم دائمون﴾ المعارج:19-23.
فكيف يمكن علاج المشاكل النّفسيّة من «التوتّر» و«القلق» ومرض العصر «الكآبة» بمعزل عن «الصّلاة» عمودِ الدّين.
يقول الإمام الخميني ما حاصلُه: يعرفُ الطبيبُ العلاقةَ بين وجعِ الرّأس وحبّة الدّواء التي يتناولها المريض فتستقرّ في معدتِه. لكنّ الذي يعرف العلاقة بين السّعادة والصّلاة، هو المعصوم الذي أظهرَه اللهُ تعالى على غيبِه.
الثاني: يربطُ الله تعالى في القرآن الكريم بين طُمأنينة القلب - النّفس، وبين ذِكر الله تعالى: ﴿..ألا بذكر الله تطمئنّ القلوب﴾ الرعد:28، فكيف نبحث عن النّفس المطمئنّة التي هي ثمرَة سلامة الدِّين وحُسْن اليَقين، بمعزلٍ عن مدرسة الذِّكر و«المراقبات»؟
الدّين مدرسةُ معرفةِ النّفس. «مَن عرَفَ نفسَه فقَد عرفَ ربَّه»، وهو يعتبرُها أكبر من العالم الأكبر، وتركِّز كلّ تعاليمِه على تصحيح «العَزم» والنيّة، و«حضور القلب»، واجتناب الشكّ والوَساوس والظنّ، واعتماد اليقين، فكيف يمكن أن يتَّهم بحاجتِه إلى علم النّفس؟!
هل «المراقبات» والأعمال العباديّة إلّا صياغة النّفس على عين الرّحمن ﴿..ولتُصنع على عيني﴾ طه:39.


أعمالُ شهرِ شعبان
مَن يُعِيْنُ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله؟
_____إعداد: «شعائر»_____

أبرز الفوائد العمليّة في التّواصل مع نصوص كبار العلماء حول الأعمال العباديّة، هو تثبيت موقع هذه الأعمال في متن فقه القلب والحياة، والعمر والإهتمام، ليطهُرَ القلبُ من نكراء تهميش هذه الأعمال، والبناء على أنّها في موقع مقابلٍ للوعي، والسّياسة، وحمل الهمّ، وربّما «التّحضّر»! كيف تحدَّث الشّيخ الطُّوسي عليه الرحمة عن أعمال شهر شعبان؟ هذا ما تحاول «شعائر» هنا تظهيره من خلال المصدر الأول والأبرز للأعمال العباديّة (مصباح المتهجّد).

شعبان، هو منزلٌ آخر من منازل العمر لمَن سلك إلى الله تعالى. ولهذا الشهر المبارك شأن عظيمٌ وفضلٌ كبير، وقد كان رسول الله صلّى الله عليه وآله إذا رأى هلال شعبان أمر منادياً ينادي في المدينة: «يا أهلَ يثربَ إنّي رسولُ رسولِ الله إليكم، ألا إنّ شعبان شهري، فرحِم اللهُ من أَعانني على شهري».
قال الشيخ الطّوسي، في مقدّمة كتابه (مصباح المتهجّد وسلاح المتعبّد): «سألتم أيّدكم الله أن أَجمعَ عبادات السّنة، ما يتكرّر منها وما لا يتكرّر، وأضيف إليها الأدعية المختارة عند كلّ عبادة على وجه الإختصار ".." وأَسُوق ذلك سياقة يقتضيه العمل، وأن أذكر ما لا بدّ منه من مسائل الفقه فيه دون بسط الكلام في مسائل الفقه وتفريع المسائل عليها ".." والمقصود من هذا الكتاب مجرّد العمل وذكر الأدعية التي لم نذكرها في كُتب الفقه».

الصّوم

من مهمّات شهر شعبان الصَّوم، -كلٌّ حسب طاقته- يُكثِر منه بحيث يَدخل صائمه في مقدَّس دعوة رسول الله صلّى الله عليه وآله بالإعانة على شهره الكريم، وفي استجابة ترغيبه صلّى الله عليه وآله، فقد رُوي:
1) عن أمير المؤمنين عليه السلام قوله: «ما فاتني صَوم شعبان منذ سمعت منادي رسول الله صلّى الله عليه وآله ينادي في شعبان، فلن يفوتني أيّام حياتي صومُ شعبان إن شاء الله تعالى»، ثمّ كان عليه السلام يقول: «صوم شهرَين متتابعَين توبة من الله».
2) عن أبي جعفر الباقر عليه السلام: «مَن صام شعبان كان طهوراً له من كلّ زلّة ووصمَة وبادرة، قال الرّاوي: وما الوصمة؟ قال عليه السلام: اليمينُ في المعصية والنّذر في المعصية، قال الرّاوي: فما البادرة؟ قال عليه السلام: اليمينُ عند الغضب، والتّوبةُ منها النّدم عليها».
3) وعنه عليه السلام قال: «كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يصوم شعبان ورمضان يَصِلهما، وكان يقول: هما شهرا الله، وهما كفّارة لما قبلهما وما بعدهما من الذُّنوب».
4) عن الإمام الصادق عليه السلام لبعض أصحابه: «حُثَّ مَن في ناحيتك على صوم شعبان، فقلت: جعلت فداك، ترى فيها شيئاً؟ قال: نعم، إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان إذا رأى هلال شعبان أمر منادياً فنادى في المدينة: يا أهل يثرب إنّي رسولُ رسولِ الله إليكم، ألا إنَّ شعبان شهري، فرحِم اللهُ مَن أعانني على شهري».
5) وعنه عليه السلام: «مَن صام أوّل يوم من شعبان وَجَبت له الجنّة البتّة، ومَن صام يومين نظر الله إليه في كلّ يوم وليلة في دار الدّنيا ودام نظرُه إليه في الجنّة، ومَن صام ثلاثة أيّام زار اللهَ في عرشه في (من) جنّته في كلّ يوم».
6) أيضاً عنه عليه السلام: «صَوْم شعبان ورمضان توبةٌ من الله تعالى».

ما يُؤتى به في كلِّ يومٍ من شعبان

1- دعاء شجرة النبوّة: كان عليُّ بن الحسين عليهما السلام يدعو عند كلّ زوال من أيّام شعبان وفي ليلة النّصف منه، ويصلّي على النّبيّ صلى الله عليه وآله بهذه الصلوات، يقول:
أللَّهمَّ صلِّ على محمَّدٍ وآلِ محمَّدٍ شجرة النّبوّة.. [تتمة: باب «يذكرون» من هذا العدد]
2- الصّلاة على محمّد وآل محمّد صلّى الله عليه وآله، والإستغفار، والتهليل: [أنظر: باب «يذكرون» من هذا العدد]
3) المناجاة الشعبانيّة: [أنظر: باب «لولا دعاؤكم» من هذا العدد]
4) ومن الأعمال اليوميّة على ما في (الإقبال) وغيره:
أ) الصّدقة، حيث رُوي عن الإمام الصّادق عليه السلام: «مَن تصدَّق بصدقةٍ في شعبان، ربَّاها الله عزَّ وجلَّ له كما يربِّي أحدكم فصيلَه [الصِّغار من الإبل]، حتّى توافي يوم القيامة وقد صارت له مثل جبل أُحُد».
ب) الصلوات: [أنظر: باب «كتاباً موقوتا» من هذا العدد]

صلاة يوم الخميس من شعبان

في (الإقبال): عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «تتزيَّن السّماوات في كلّ خميس من شعبان فتقول الملائكة: إلَهنا اغفر لصائميه وأجِب دعاءهم، فمن صلَّى فيه ركعتين، يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة و(قل هو الله أحد) مائة مرّة، فإذا سلَّم صلَّى على النّبيّ صلّى الله عليه وآله مائة مرّة، قضى الله له كلّ حاجة من أمر دينِه ودنياه».

ولادة سيّد الشّهداء عليه السلام

خرج إلى بعض وكلاء أبي محمد [العسكري] عليه السلام أنّ مولانا الحسين عليه السلام ولد يوم الخميس، لثلاثٍ خلون من شعبان فَصُمْه، وادعُ فيه بهذا الدّعاء:
أللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ المَوْلُودِ فِي هذا اليَوْمِ بِشَهادَتِهِ قَبْلَ اسْتِهْلالِهِ وَوِلادَتِهِ، بَكَتْهُ السَّماء وَمَنْ فِيها وَالأَرْضُ وَمَنْ عَلَيْها وَلَمَّا يَطَأ لابَيَتْها، قَتِيلِ العَبْرَةِ وَسَيِّدِ الأسْرَةِ المَمْدُودِ بِالنُّصْرَةِ فِي يَوْمِ الكَرَّةِ، المُعَوّضِ مِنْ قَتْلِهِ أَنَّ الأئِمَّةَ مِنْ نَسْلِهِ وَالشِّفاءَ فِي تُرْبَتِهِ وَالفَوْزَ مَعَهُ فِي أَوْبَتِهِ وَالأَوْصِياء مِنْ عِتْرَتِهِ بَعْدَ قائِمِهِمْ وَغَيْبَتِهِ حَتّى يُدْرِكُوا الأوْتارَ وَيَثْأَرُوا الثَّارَ وَيُرْضُوا الجَبَّارَ وَيَكُونُوا خَيْرَ أَنْصارٍ، صَلَّى الله عَلَيْهِمْ مَعَ اخْتِلافِ اللّيْلِ وَالنَّهارِ.
أللّهُمَّ فَبِحَقِّهِمْ إِلَيْكَ أَتَوَسَّلُ وَأَسْأَلُ سُؤالَ مُقْتَرِفٍ مُعتَرِفٍ مُسِيءٍ إِلى نَفْسِهِ مِمَّا فَرَّطَ فِي يَوْمِهِ وَأَمْسِهِ، يَسْأَلُكَ العِصْمَةَ إِلى مَحَلِّ رَمْسِهِ، أللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعِتْرَتِهِ وَاحْشُرْنا فِي زُمْرَتِهِ وَبَوِّئْنا مَعَهُ دارَ الكَرامَةِ وَمَحَلَّ الإقامَةِ، أللّهُمَّ وَكَما كَرَّمْتَنا بِمَعْرِفَتِهِ فَأَكْرِمْنا بِزُلْفَتِهِ وَارْزُقْنا مُرافَقَتَهُ وَسابِقَتَهُ وَاجْعَلْنا مِمَّنْ يُسَلِّمُ لأمْرِهِ وَيُكْثِرُ الصَّلاةَ عَلَيْهِ عِنْدَ ذِكْرِهِ وَعَلى جَمِيعِ أَوْصِيائِهِ وَأَهْلِ أَصْفِيائِهِ، المَمْدُودِينَ مِنْكَ بِالعَدَدِ الإثْنَي عَشَرَ النُّجُومِ الزُّهرِ وَالحُجَجِ عَلى جَميعِ البَشَرِ، أللّهُمَّ وَهَبْ لَنا فِي هذا اليَوْمِ خَيْرَ مَوْهِبَةٍ وَأنْجِحْ لَنا فِيهِ كُلَّ طَلِبَةٍ كَما وَهَبْتَ الحُسَيْنَ لِمُحَمَّدٍ جَدِّهِ وَعاذَ فُطْرُسُ بِمَهْدِهِ فَنَحْنُ عائِذُونَ بِقَبْرِهِ مِنْ بَعْدِهِ نَشْهَدُ تُرْبَتَهُ وَنَنْتَظِرُ أَوْبَتَهُ آمِينَ رَبَّ العالَمِينَ.
ثمّ تدعو بعد ذلك بدعاء الحسين عليه السلام، وهو آخرُ دعاءٍ دعا به عليه السلام يوم كُوثِر:
أللّهُمَّ أَنْتَ مُتَعالِي المَكانِ، عَظِيمُ الجَبَروتِ، شَدِيدُ المِحال، غَنِيٌّ عَنِ الخَلائِقِ، عَرِيضُ الكِبْرِياءِ قادِرٌ عَلى ما تَشاءُ، قَرِيبُ الرَّحْمَةِ، صادِقُ الوَعْدِ، سابِغُ النِّعْمَةِ حَسَنُ البَلاءِ، قَرِيبٌ إِذا دُعِيتَ، مُحيطٌ بِما خَلَقْتَ، قابِلُ التَّوْبَةِ لِمَنْ تابَ إِلَيْكَ، قادِرٌ عَلى ما أَرَدْتَ، وَمُدْرِكٌ ما طَلَبْتَ، وَشَكُورٌ إِذا شُكِرْتَ، وَذَكُورٌ إِذا ذُكِرْتَ؛ أَدْعُوكَ مُحْتاجاً وَأَرْغَبُ إِلَيْكَ فَقِيراً وَأَفْزَعُ إِلَيْكَ خائِفاً وَأَبْكِي إِلَيْكَ مَكْرُوباً وَأَسْتَعِينُ بِكَ ضَعِيفاً وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ كافِياً، أُحْكُمْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا فَإِنَّهُمْ غَرُّونا وَخَدَعُونا وَخَذَلُونا وَغَدَرُوا بِنا وَقَتَلُونا، وَنَحْنُ عِتْرَةُ نَبِيِّكَ وَوُلْدُ حَبِيبِكَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله، الَّذِي اصْطَفَيْتَهُ بِالرِّسالَةِ وَائْتَمَنْتَهُ عَلى وَحْيِكَ، فَاجْعَلْ لَنا مِنْ أَمْرِنا فَرَجاً وَمَخْرَجاً بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
ورُوي أنّ الإمام الصادق عليه السّلام دعا بهذا الدعاء في اليوم الثالث، وقال: «هو من أدعية اليوم الثالث من شعبان، وهو مولدُ الحسين عليه السلام».

ليلة النّصف من شعبان

أوّلاً: فضلُ ليلة النّصف:
1) قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لإحدى زوجاته: «أمَا تعلمين أيّ ليلةٍ هذه؟ هذه ليلةُ النّصف من شعبان، فيها تُقسَم الأرزاق، وفيها تُكتَب الآجال، وفيها يُكتب وفدُ الحاجّ، وإنَّ الله تعالى ليغفر في هذه اللّيلة من خلقه أكثر من عدد شعر معزى [بني] كلب، ويُنزل الله تعالى ملائكته من السّماء إلى الأرض بمكّة..».
2) سُئل الإمام الباقر عليه السلام عن فضل ليلة النّصف من شعبان، فقال: «هي أفضل ليلة بعد ليلة القدر، فيها يمنحُ الله العبادَ فضلَه ويغفر لهم بمنِّه، فاجتهدوا في القُربة إلى الله تعالى فيها، فإنّها ليلةٌ آلى اللهُ عزَّ وجلَّ على نفسه أن لا يردّ سائلاً فيها ما لم يسأل الله معصية، وإنّها اللّيلة التي جعلها الله لنا أهل البيت بإزاء ما جعل ليلة القدر لنبيِّنا عليه السلام، فاجتهدوا في الدّعاء والثّناء على الله؛ فإنّه مَن سبَّح الله تعالى فيها مائة مرّة، وحمدَه مائة مرّة، وكبّرَه مائة مرّة، غفر الله له ما سلف من معاصيه وقضى له حوائج الدّنيا والآخرة ما التمسه، وما علم حاجتَه إليه وإنْ لم يلتمسه، منّةً وتفضُّلاً على عباده».
3) وعن الإمام الرضا عليه السلام: «هي ليلة يعتق الله فيها الرقاب من النّار، ويغفر فيها الذُّنوب الكبار».
4) وعنه عليه السلام: «وأكثِر فيها من ذكر الله تعالى ومن الإستغفار والدّعاء، فإنَّ أبي عليه السلام كان يقول: الدّعاء فيها مستجاب. قلت [الراوي]: إنَّ النّاس يقولون: إنّها ليلة الصّكاك [الأوراق التي تنزل من السماء]، فقال: تلك ليلة القدر في شهر رمضان».
5) وعنه عليه السلام قال: «كان أمير المؤمنين عليه السلام لا ينام ثلاث ليالٍ: ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان، وليلة الفطر، وليلة النّصف من شعبان، وفيها تقسَم الأرزاق والآجال وما يكون في السّنة».

ثانياً: أعمال ليلة النّصف

1) الغُسل: عن الإمام الصادق عليه السلام، قال: «صوموا شعبان واغتسلوا ليلة النّصف منه، ذلك تخفيفٌ من ربّكم».
2) إحياء اللّيلة حتى الصباح: روى زيد بن عليّ [زين العابدين] عليهما السلام، قال: «كان عليّ بن الحسين عليهما السلام يجمعنا جميعاً ليلة النّصف من شعبان، ثم يجزِّئ اللّيل أجزاء ثلاثاً؛ فيُصلّي بنا جزءاً، ثمّ يدعو ونؤمِّن على دعائه، ثمّ يستغفر الله ونستغفره ونسأله الجنّة حتى ينفجر الصّبح».
3) زيارة أبي عبد الله الحسين بن عليّ عليهما السلام: وهي من أفضل أعمال هذه اللّيلة، فقد رُوي: 
أ) عن الإمام الباقر عليه السلام: «مَن زار قبر الحسين عليه السلام في النّصف من شعبان غُفرت له ذنوبه، ولم تُكتب عليه سيّئة في سنتِه حتّى يحول عليه الحَول، فإنْ زاره في السّنة الثّانية غُفرت له ذنوبُه».
 ب) عن أبي عبد الله الصّادق عليه السلام: «مَن زار قبر الحسين بن عليّ عليهما السلام ثلاث سنين متواليات لا يفصل بينهنّ في النّصف من شعبان، غُفرت له ذنوبه البتّة».
 ج) وعنه عليه السلام: «مَن أحبَّ أن يصافحه مائة ألف وعشرون ألف نبيّ، فلْيَزُر قبر الحسين عليه السلام في نصف شعبان، فإنَّ أرواح النبيّين يستأذن (يستأذنون) الله تعالى في زيارته فيُؤذن لهم». 
د) وأيضاً عن الإمام الصادق عليه السلام: «إذا كان النّصف من شعبان نادى منادٍ من الأفق الأعلى: زائري الحسين! ارجعوا مغفوراً لكم، ثوابُكم على ربِّكم ومحمّدٍ نبيِّكم». 
هـ) وعنه عليه السلام قال: «مَن بات ليلة النّصف من شعبان بأرض كربلاء، وقرأ ألف مرّة (قل هو الله أحد)، واستغفرَ اللهَ ألف مرّة، ويحمدُه تعالى ألف مرّة، ثمّ يقوم فيصلّي أربع ركعات يقرأ في كلّ ركعة ألف مرّة آية الكرسي، وَكَّل الله به ملكَين يحفظانه من كلِّ سوء ومن شرِّ كلّ شيطان وسلطان، ويكتبان له حسناته، ولا تُكتب عليه سيِّئة، ويستغفران له ما داما معه».
 قال المحدّث الشيخ عبّاس القمّي في (مفاتيح الجنان): وأقلُّ ما يُزار به عليه السلام –في النصف من شعبان- أن يصعد الزّائر سطحاً مرتفعاً فينظر يمنةً ويسرة، ثمّ يرفع رأسه إلى السّماء فيزوره عليه السلام بهذه الكلمات: «السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَبا عَبْدِ الله، السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ».
ثمّ أورد عليه الرحمة زيارتين لسيّد الشهداء عليه السلام؛ الأولى هي عينُ زيارته في الأوّل من رجب، والثانية عن (البلد الأمين) للشيخ الكفعمي، وأوّلها: «الحَمْدُ للهِ العَلِيِّ العَظِيمِ وَالسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها العَبْدُ الصَّالِح..».
4) الذِّكر: أن يذكر الله تعالى بكلٍّ من هذه الأذكار مائة مرة: (سُبْحانَ الله)، و(الحَمْدُ للهِ) و(لا إِلهَ إِلاّ الله) و(اللهُ أَكْبَر)، «ليغفر اللهُ له ما سلف من معاصيه ويقضي له حوائج الدنيا والآخرة»، كما في الرّواية المتقدّمة عن الإمام الباقر عليه السلام.
5) الدّعاء:
وفي هذه اللّيلة وُلد الحجّة الصّالح صاحب الأمر عليه السلام، ويُستحبّ أن يدعى فيها بهذه الأدعية:  
أ) أللّهُمَّ بِحَقِّ لَيْلَتِنا وَمَوْلُودِها وَحُجَّتِكَ وَمَوْعُودِها الَّتِي قَرَنْتَ إِلى فَضْلِها فَضْلاً فَتَمَّتْ كَلِمَتُكَ صِدْقاً وَعَدْلاً، لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِكَ وَلا مُعَقِّبَ لآياتِكَ، نُورُكَ المُتَأَلِّقُ وَضِياؤُكَ المُشْرِقُ وَالعَلَمُ النُّورُ فِي طَخْياء الدَيْجُورِ، الغائِبُ المَسْتُورُ جَلَّ مَوْلِدُهُ وَكَرُمَ مَحْتِدُهُ وَالمَلائِكَةُ شُهَّدُهُ وَالله ناصِرُهُ وَمُؤَيِّدُهُ إذا آنَ مِيعادُهُ وَالمَلائِكَةُ أَمْدادُهُ، سَيْفُ الله الَّذِي لا يَنْبُو وَنُورُهُ الَّذِي لا يَخْبُو وَذُو الحِلْمِ الَّذِي لا يَصْبُو، مَدارُ الدَّهْرِ وَنَوامِيسُ العَصْرِ وَوُلاةُ الأمْرِ وَالمُنَزَّلُ عَلَيْهِمْ ما يَتَنَزَّلُ فِي لَيْلَةَ القَدْرِ وَأَصْحابُ الحَشْرِ وَالنَّشْرِ تَراجِمَةُ وَحْيِهِ وَوُلاةُ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ.
أللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى خاتِمِهِمْ وَقائِمِهِمْ المَسْتُورِ عَنْ عَوالِمِهِمْ، أللّهُمَّ وَأدْرِكْ بِنا أَيَّامَهُ وَظُهُورَهُ وَقِيامَهُ وَاجْعَلْنا مِنْ أنْصارِهِ وَاقْرِنْ ثَأْرَنا بِثَأْرِهِ، وَاكْتُبْنا فِي أَعْوانِهِ وَخُلَصائِهِ وَأحْيِنا فِي دَوْلَتِهِ ناعِمِينَ وَبِصُحْبَتِهِ غانِمِينَ وَبِحَقِّهِ قائِمِينَ وَمِنَ السُّوءِ سالِمِينَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمِينَ، وَصَلَواتُهُ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَالمُرْسَلِينَ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ الصَّادِقِينَ وَعِتْرَتِهِ النَّاطِقِينَ، وَالعَنْ جَمِيعَ الظَّالِمِينَ وَاحْكُمْ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ يا أَحْكَمَ الحاكِمِينَ.
 ب) روى إسماعيل بن الفضل الهاشمي قال: «علَّمني أبو عبد الله عليه السلام دعاءً أدعو به ليلة النّصف من شعبان:
أللّهُمَّ أَنْتَ الحَيُّ القَيُّومُ العَلِيُّ العَظِيمُ الخالِقُ الرَّازِقُ المُحْيِي المُمِيْتُ البَدِيُ البَدِيعُ، لَكَ الجَلالُ وَلَكَ الفَضْلُ وَلَكَ الحَمْدُ وَلَكَ المَنُّ وَلَكَ الجُودُ وَلَكَ الكَرَمُ وَلَكَ الأمْرُ وَلَكَ المَجْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ، يا واِحُد يا أَحَدُ يا صَمَدُ يا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ؛ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاكْفِنِي ما أَهَمَّنِي وَاقْضِ دَيْنِي وَوَسِّعْ عَلَيَّ فِي رِزْقِي، فَإِنَّكَ فِي هذِهِ اللّيْلَةِ كُلَّ أَمْرٍ حَكِيمٍ تَفْرُقُ وَمَنْ تَشاءُ مِنْ خَلْقِكَ تَرْزُقُ فَارْزُقْنِي وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ، فَإِنَّكَ قُلْتَ وَأَنْتَ خَيْرُ القائِلِينَ النَّاِطِقينَ: وَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ، فَمِنْ فَضْلِكَ أَسْأَلُ وَإِيَّاكَ قَصَدْتُ وَابْنَ نَبِيِّكَ اعْتَمَدْتُ وَلَكَ رَجَوْتُ فَارْحَمْنِي يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ».

 ج) دعاء آخر وهو دعاء الخضر عليه السلام: رُوي أنَّ كميل بن زياد النّخعي رأى أمير المؤمنين عليه السلام ساجداً يدعو بهذا الدّعاء في ليلة النّصف من شعبان: أللّهمَّ إنّي أسألك برحمتك التي وسِعت كلَّ شيء، وبقوّتك التي قهرتَ بها كلَّ شيء وخضعَ لها كلُّ شيء، وذلَّ لها كلُّ شيء، وبجبروتِك التي غلبتَ بها كلَّ شيء، وبعزَّتك التي لا يقومُ لها شيء..
 قال السيّد ابن طاوس في (الإقبال): ووجدتُ في رواية أخرى ما هذا لفظها: قال كميل بن زياد: كنت جالساً مع مولاي أمير المؤمنين عليه السلام في مسجد البصرة ومعه جماعة من أصحابه، فقال بعضهم: ما معنى قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿فيها يفرق كلّ أمر حكيم﴾ الدّخان: قال عليه السلام: ليلة النّصف من شعبان، والذي نَفْسُ عليٍّ بيدِه، إنّه ما من عبدٍ إلّا وجميع ما يجري عليه من خير وشرّ مقسوم له في ليلة النّصف من شعبان إلى آخر السّنة في مثل تلك اللّيلة المقبلة، وما من عبدٍ يُحييها ويدعو بدعاء الخضر عليه السلام إلّا أُجيبَ له.
فلمّا انصرفَ طرقتُه ليلاً، فقال عليه السلام: ما جاءَ بك يا كُمَيل؟ قلت: يا أمير المؤمنين، دعاءُ الخضر، فقال: اجلس يا كُميل، إذا حفظتَ هذا الدّعاء فادعُ به كلّ ليلةِ جمعة أو في الشّهر مرّة أو في السّنة مرّة أو في عمرك مرّة تُكفى وتُنصر وتُرزق ولن تُعدَم المغفرة، يا كُميل أَوجبَ لك طولُ الصّحبة لنا أن نجود لك بما سألت، ثمّ قال :أُكتُب:  أللّهمَّ إنّي أسألُك برحمتك التي وسعت كلّ شيء.. الدّعاء.
 د)  قال أبو عبد الله الصّادق عليه السلام: «لمّا كان ليلة النّصف من شعبان، كان رسول الله صلّى الله عليه وآله عند عايشة، فلمّا انتصف اللّيل قام رسول الله صلّى الله عليه وآله عن فراشها، فلمّا انتبهت وجدت رسول الله قد قام عن فراشها فدخلها ما يتداخل النّساء وظنّت أنّه قد قام إلى بعض نسائه، فقامت وتلفّفت بشملتِها ".." فقامت تطلب رسول الله صلّى الله عليه وآله في حُجَر نسائه حجرةً حجرة، فبينا هي كذلك إذ نظرت إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله ساجداً ".." فدَنَت منه قريباً فسمعته في سجوده، وهو يقول:
سَجدَ لَكَ سَوادِي وَخَيالِي وَآمَنَ بِكَ فُؤادِي، هذِهِ يَدايَ وَما جَنَيْتُهُ عَلى نَفْسِي، يا عَظِيمُ تُرْجى لِكُلِّ عَظيمٍ إغْفِرْ لِيَ العَظِيمَ فَإنَّهُ لا يَغْفِرُ الذَّنْبَ العَظِيمَ إِلَّا الرَّبُّ العَظِيمُ.
ثمّ رفع رأسه ثمّ عاد ساجداً، يقول:
أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَضاءتْ لَهُ السَّماواتُ وَالأَرْضُونَ وانْكَشَفَتْ لَهُ الظُّلُماتُ وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الأوّلِينَ وَالآخِرِينَ مِنْ فُجأَةِ نَقِمَتِكَ وَمِنْ تَحْوِيلِ عافِيَتِكَ وَمِنْ زَوالِ نِعْمَتِكَ، أللّهُمَّ ارْزُقْنِي قَلْباً تَقِيّاً نَقِيّاً وَمِنَ الشِّرْكِ بَرِيئاً لا كافِراً وَلا شَقِيّاً.
ثمّ عفّر خدَّيه في التّراب وقال:
عَفَّرْتُ وَجْهِي فِي التُّرابِ وَحُقَّ لِي أَنْ أَسْجُدَ لَكَ...».
[أنظر: سنن النسائي؛ والدارقطني؛ وكنز العمال للمتقي الهندي، وتاريخ مدينة دمشق لابن عساكر، وفي الأخيرين أن دعاء رسول الله كان في ليلة النصف من شعبان]
 هـ)  الدّعاء الآتي ذكرُه تحت عنوان: «7) صلوات وأدعية في عقيبها»، وأوّله: «إِلهِي تَعَرَّضَ لَكَ فِي هذا اللَّيْلِ المُتَعَرِّضُونَ وَقَصَدَكَ فيه القاصِدُونَ..».
6) الصلوات:
أ) عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «مَن تطهّر ليلة النّصف من شعبان فأحسن الطُّهر ولَبِس ثوبين نظيفين، ثمّ خرج إلى مصلّاه فصلّى العشاء الآخرة، ثمّ صلّى بعدها ركعتين يقرأ في أوّل ركعة الحمد وثلاث آيات من أوّل البقرة، وآيةَ الكُرسي، وثلاث آيات من آخرها [سورة البقرة]، ثمّ يقرأ في الركعة الثانية الحمد و(قل أعوذ بربِّ الناس) سبع مرّات، و(قل أعوذ بربِّ الفلق) سبع مرّات، و(قل هو الله أحد) سبع مرّات، ثمّ يسلّم ويصلّي بعدها أربع ركعات، يقرأ في أوّل ركعة يس، وفي الثانية حم الدّخان، وفي الثالثة ألم السّجدة، وفي الرابعة (تبارك الذي بيده المُلك)، ثمّ يصلّي بعدها مائة ركعة، يقرأ في كلّ ركعة (قل هو الله أحد) عشر مرّات والحمد مرّة واحدة، قضى الله تعالى له ثلاث حوائج، إمّا في عاجل الدّنيا أو في آجل الآخرة، ثمّ إنْ سأل أن يراني مِن (في) ليلتِه رآني».
ب) عن الإمام الباقر عليه السلام، قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: مَن صلَّى ليلة النّصف من شعبان مائة ركعة وقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة، و (قل هو الله أحد) عشر مرّات، لم يمت حتّى يرى منزلَه من الجنّة أو يُرى له».
 ج) وعن الإمام الرضا عليه السلام: «..إنْ أحببتَ أن تتطوَّع فيها بشيء فعليك بصلاة جعفر بن أبي طالب عليه السلام..».
7) صلوات وأدعية في عقيبها:
أ) صلاة النّصف من شعبان المرويّة عن الصادقَين عليهما السلام: «إذا كان ليلة النّصف من شعبان، فصلِّ أربع ركعات تقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة، وقل هو الله أحد مائة مرّة، فإذا فرغت فقُل:
أللّهُمَّ إِنِّي إِلَيْكَ فَقِيرٌ وَمِنْ عَذابِكَ خائِفٌ مُسْتَجِيرٌ، أللّهُمَّ لا تُبَدِّلْ إسْمِي وَلا تُغَيِّرْ جِسْمِي وَلا تُجْهِدْ بَلائِي وَلا تُشْمِتْ بِي أَعْدائِي، أَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ عِقابِكَ وَأَعُوذُ بِرَحْمَتِكَ مِنْ عَذابِكَ وَأَعُوذُ بِرِضاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، جَلَّ ثَناؤُكَ، أَنْتَ كَما أَثْنَيْتَ عَلى نَفْسِكَ وَفَوْقَ ما يَقُولُ القائِلُونَ، ثمَّ ادعُ بما أَحببتَ
».
[أيضاً روى الشيخ الطّوسي عن الإمام الكاظم عليه السلام صلاةً أخرى نظير هذه الصّلاة المتقدّمة، مع فارق أنّ سورة التّوحيد تُقرأ مائتين وخمسين مرّة في كلّ ركعة، والدّعاء الذي يلي التسليم من الرّكعة الرّابعة يختلف قليلاً في ألفاظه مع الدّعاء السابق، وهو:
أللّهمَّ إنّي إليكَ فقير ومِن عذابك خائف وبك مستجير، ربِّ لا تبدِّل اسمي، ولا تغيِّر جسمي  ربِّ لا تُجهد بلائي، أللّهمَّ إنّي أعوذُ بعفوِكَ من عقوبتك، وأعوذ برِضاكَ من سَخطِكَ، وأعوذُ برحمتِكَ من عذابِكَ، وأعوذُ بكَ منك لا إله إلَّا أنت جلَّ ثناؤك، ولا أُحصي مدحتَك ولا الثّناء عليك، أنتَ كما أثنيتَ على نفسِكَ وفوق ما يقول القائلون، ربِّ أنت صلِّ على محمَّدٍ وآلِ محمَّد وافعل بي كذا وكذا. وتسأل حاجتك إن شاء الله].
ب) عن الإمام الصادق عليه السلام: «إذا أنتَ صلَّيت العشاء الآخرة فصلِّ ركعتين تقرأ في الأولى الحمد وسورة الجُحد وهي: قل يا أيها الكافرون، واقرأ في الركعة الثانية الحمد وسورة التوحيد وهي: قل هو الله أحد، فإذا أنت سلّمت قلت: سبحان الله ثلاثاً وثلاثين مرّة، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين مرّة، والله أكبر أربعاً وثلاثين مرّة، ثمَّ قل:
يا مَنْ إِلَيْهِ مَلْجأُ العِبادِ فِي المُهِمَّاِت وَإِليْهِ يَفْزَعُ الخَلْقُ فِي المُلِمَّاتِ، يا عالِمَ الجَهْرِ وَالخَفِيَّاتِ، يا مَنْ لا تَخْفى عَلَيْهِ خَواطِرُ الأوْهامِ وَتَصرُّفُ الخَطَراتِ، يا رَبَّ الخَلائِقِ وَالبَرِيَّات، يا مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ الأَرضِينَ وَالسَّماواتِ، أَنْتَ الله لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ، أَمُتُّ إِلَيْكَ بِلا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ، فَيا لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ اجْعَلْنِي فِي هذِهِ الليْلَةِ مِمَّنْ نَظَرْتَ إِلَيْهِ فَرَحِمْتَهُ، وَسَمِعْتَ دُعاءَهُ فَأَجَبْتَهُ، وَعَلِمْتَ اسْتِقالَتَهُ فَأَقَلْتَهُ، وَتَجاوَزْتَ عَنْ سالِفِ خَطِيئَتِهِ وَعَظِيمِ جَرِيرَتِهِ، فَقَدْ اسْتَجَرْتُ بِكَ مِنْ ذُنُوبِي وَلَجَأْتُ إِلَيْكَ فِي سَتْرِ عُيُوبِي، أللّهُمَّ فَجُدْ عَلَيَّ بِكَرَمِكَ وَفَضْلِكَ وَاحْطُطْ خَطايايَ بِحِلْمِكَ وَعَفْوِكَ، وَتَغَمَّدْنِي فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ بِسابِغِ كَرامَتِكَ، وَاجْعَلْنِي فِيها مِنْ أَوْلِيائِكَ الَّذِينَ اجْتَبَيْتَهُمْ لِطاعَتِكَ وَاخْتَرْتَهُمْ لِعِبادَتِكَ وَجَعَلْتَهُمْ خالِصَتَكَ وَصَفْوَتَكَ، أللّهُمَّ اجْعَلْنِي مِمَّنْ سَعِدَ جَدُّهُ وَتَوَفَّرَ مِنَ الخَيْراتِ حَظُّهُ، وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ سَلِمَ فَنَعِمَ وَفازَ فَغَنِمَ، وَاكْفِنِي شَرَّ ما أَسْلَفْتُ وَاعْصِمْنِي مِنَ الإزْدِيادِ فِي مَعْصِيَتِكَ، وَحَبِّبْ إِلَيَّ طاعَتَكَ وَما يُقَرِّبُنِي مِنْكَ وَيُزْلِفُنِي عِنْدَكَ.
سَيِّدِي، إِلَيْكَ يَلْجَأُ الهارِبُ وَمِنْكَ يَلْتَمِسُ الطَّالِبُ وَعَلى كَرَمِكَ يُعِّولُ المُسْتَقِيلُ التائبُ، أَدَّبْتَ عِبادَكَ بِالتَّكَرُّمِ وَأَنْتَ أَكْرَمُ الأكْرَمِينَ، وَأَمَرْتَ بِالعَفْوِ عِبادَكَ وَأَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، أللّهُمَّ فَلا تَحْرِمْنِي ما رَجَوْتُ مِنْ كَرَمِكَ وَلا تُؤْيِسْنِي مِنْ سابِغِ نِعَمِكَ وَلا تُخَيِّبْنِي مِنْ جَزِيلِ قِسَمِكَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ لأهْلِ طاعَتِكَ، وَاجْعَلْنِي فِي جُنَّةٍ مِنْ شِرارِ بَرِيَّتِكَ.
رَبِّ، إِنْ لْم أَكُنْ مِنْ أَهْلِ ذلِكَ فَأَنْتَ أَهْلُ الكَرَمِ وَالعَفْوِ وَالمَغْفِرَةِ، وَجُدْ عَلَيَّ بِما أَنْتَ أَهْلُهُ لا بِما أَسْتَحِقُّهُ، فَقَدْ حَسُنَ ظَنِّي بِكَ وَتَحَقَّقَ رَجائِي لَكَ وَعَلِقَتْ نَفْسِي بِكَرَمِكَ فَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ وَأَكْرَمُ الأكْرَمِينَ، أللّهُمَّ وَاخْصُصْنِي مِنْ كَرَمِكَ بِجَزِيلِ قِسَمِكَ، وَأَعوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَاغْفِرْ لِيَ الذَّنْبَ الَّذِي يَحْبِسُ عَلَيَّ الخُلُقَ (عَنّي الخَلْقَ) وَيُضيِّقُ عَلَيَّ الرِّزْقَ، حَتّى أَقُومَ بصالِحِ رِضاكَ وَأنْعَمَ بِجَزِيلِ عَطائِكَ وَأَسْعَدَ بِسابِغِ نَعْمائِكَ، فَقَدْ لُذْتُ بِحَرَمِكَ وَتَعَرَّضْتُ لِكَرَمِكَ وَاسْتَعَذْتُ بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وبِحِلْمِكَ مِنْ غَضَبِكَ، فَجُدْ بِما سَأَلْتُكَ وَأَنِلْ ما التَمَسْتُ مِنْكَ، أَسْأَلُكَ بِكَ لا بِشَيْءٍ هُوَ أَعْظَمُ مِنْكَ.
ثمّ تسجد وتقول: عشرين مرة (يا رَبّ)، (يا اللهُ) سبع مرّات، (لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِالله) سبع مرّات، (ما شاءَ الله) عشر مرّات، (لا قُوَّةَ إِلَّا بِالله) عشر مرّات، ثمّ تصلّي على النبيّ صلّى الله عليه وآله وتسأل حاجتك، فوالله لو سألت بها بعدد القطْر لبلّغك الله عزَّ وجلَّ إيّاها بكرمِه وفضله
».
وتقول: إِلهِي تَعَرَّضَ لَكَ فِي هذا اللَّيْلِ المُتَعَرِّضُونَ وَقَصَدَكَ فيه القاصِدُونَ وَأَمَّلَ فَضْلَكَ وَمَعْرُوفَكَ الطَّالِبُونَ، وَلَكَ فِي هذا اللَّيْلِ نَفَحاتٌ وَجَوائِزُ وَعَطايا وَمَواهِبُ تَمُنُّ بِها عَلى مَنْ تَشاءُ مِنْ عِبادِكَ وَتَمْنَعُها مَنْ لَمْ تَسْبِقْ لَهُ العِنايَةُ مِنْكَ، وَها أَنا ذا عُبَيْدُكَ (عبدُكَ) الفَقِيرُ إِلَيْكَ، المُؤَمِّلُ فَضْلَكَ وَمَعْرُوفَكَ، فَإِنْ كُنْتَ يا مَوْلاي تَفَضَّلْتَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ عَلى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ وَعُدْتَ عَلَيْهِ بِعائِدَةٍ مِنْ عَطْفِكَ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ الطَيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ الخَيِّرِينَ الفاضِلِينَ (الّذينَ أَذهَبَ اللهُ عنهُم الرِّجس وطهَّرَهم تطهيراً)، وَجُدْ عَلَيَّ بِطَوْلِكَ وَمَعْرُوفِكَ يا رَبَّ العالَمينَ، وَصَلَّى الله عَلى مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً، إِنَّ اللهَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. أللّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ كَما أَمَرْتَ فَاسْتَجِبْ لِي كَما وَعَدْتَ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ المِيعادَ.
8) نافلة اللّيل في ليلة النّصف:
فإذا صلَّيتَ صلاة اللّيل [أي: فإذا أردت أن تصلّي صلاة اللّيل]، فصلِّ ركعتين [الأُوليَين من صلاة اللّيل]، وادعُ بهذا الدُّعاء، فقُل:
أللَّهمَّ صلِّ على محمَّدٍ وآلِ محمَّدٍ شجرةِ النّبوّة ومَوْضع الرّسالة ومختلَف الملائكة ومعدنِ العِلم وأهلِ بيتِ الوَحي، وأعطِني في هذه اللّيلة أُمنيتَي وتقبّل وسيلتي فإنّي بمحمَّدٍ وعليٍّ وأوصيائهما إليك أتوسَّل وعليك أتوكّل ولك أسأل يا مجيبَ المضطرِّين، يا ملجأَ الهاربينَ ومُنتهى رغبةِ الرّاغبين ونيْل الطّالبين، أللَّهمَّ صلِّ على محمَّدٍ وآل محمَّدٍ صلاةً كثيرةً طيِّبةً تكون لك رضىً ولحقِّهم قضاءً، أللَّهمَّ اعمُر قلبي بطاعتك ولا تُخزني بمعصيتِك وارزُقني مواساة مَن قتَّرت عليه من رزقِك بما وسَّعْتَ عليّ من فضلك فإنّك واسعُ الفضلِ وازعُ (وادع) العدلِ لكلِّ خيرٍ أهل. 
ثمّ صلّ ركعتين، وقل: أللَّهمَّ، أنت المَدْعُوُّ وأنت المَرْجُوُّ رازِقُ الخيرِ وكاشِفُ السُّوءِ الغفَّارُ ذو العفوِ الرَّفيعِ والدُّعاءِ السَّميعِ، أسألُكَ في هذه اللّيلة الإجابةَ وحُسنَ الإنابَةِ والتّوبةَ والأَوبةَ وخيرَ ما قَسمْتَ فيها وفَرَقْتَ من كلِّ أمرٍ حكيمٍ، فإنّك (فأنتَ) بِحالي زعيمٌ عليمٌ وبي رَحيمٌ، أُمنُنْ عليَّ بِما مَنَنْتَ به على المُستضعَفينَ من عبادِك، واجْعلني مِن الوارثينَ وفي جوارِكَ من اللَّابثينَ في دارِ القرارِ ومحلِّ الأخيار.
ثمّ صلّ ركعتين وقُل: سبحانَ الواحِدِ الذي لا إلهَ غيرُهُ، القديمِ الذي لا بَدْءَ له، الدّائمِ الذي لا نفادَ لهُ، الدَّائبِ الذي لا فراغَ لهُ، الحيِّ الذي لا يموتُ، خالِقِ ما يُرى وما لا يُرى، عالِمِ كلِّ شيءٍ بغير تعليمٍ، السّابِقِ في علمِهِ ما لا يَهْجُسُ للمرءِ في وَهْمِه، سبحانَهُ وتعالى عمَّا يُشرِكون، أللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ سؤالَ معتَرفٍ ببلائِكَ القديمِ ونعمائِكَ أن تصلِّيَ على محمَّدٍ خَيْرِ أنبيائِكَ وأهلِ بيتِهِ أصفيائِكَ وأحبَّائِكَ، وأن تُباركَ لي في لقائِك. 
ثمّ صلّ ركعتين وقُل: يا كاشِفَ الكَرْبِ ومذلِّلَ كلَّ صعبٍ ومُبتدِئ النِّعَمِ قبل استحقاقِها، ويا مَن مَفْزَعُ الخَلْقِ إليهِ وتوكُّلُهم عليه، أمرْتَ بالدُّعاءِ وضَمِنْتَ الإجابةَ فصلِّ على محمَّدٍ وآلِ محمَّدٍ وابدأ بهم في كلِّ خيرٍ، وفَرِّج (وافْرُجْ) همِّي وغمِّي وأذِقني بَرْدَ عفوِكَ وحلاوةَ ذِكرِكَ وشُكرِك وانتظارِ أمرِكَ، أُنظر إليَّ نظرةً رحيمةً من نظراتِكَ، وأحْيِني ما أحيَيْتَني موفوراً مستوراً، واجعل الموتَ لي جَذَلاً وسروراً، واقْدِرْ ولا تُقَتِّر في حياتي إلى حين وفاتي حتّى ألقاكَ من العيش سَئِماً وإلى الآخرةِ قَرِماً [مشتاقاً] إنّك على كلِّ شيءٍ قديرٌ. 
ثمّ صلّ ركعتين [ركعتي الشّفع]، وقل بعدهما قبل قيامك إلى الوتر:
أللَّهمَّ ربَّ الشَّفْعِ والوَتْرِ واللّيلِ إذا يَسْرِ، بحقِّ هذه اللّيلةِ المَقْسومِ فيها بين عبادِكَ ما تَقْسِمُ، والمَحتومِ فيها ما تَحْتِمُ، أَجْزِلْ فيها قِسْمي، ولا تبدِّلْ إسمي ولا تغيِّر جسمي، ولا تجعلني ممَّن عن الرُّشد عَمِي، واختِمْ لي بالسَّعادةِ والقبولِ يا خيرَ مرغوبٍ إليهِ ومسؤولٍ. 
ثمّ قم وأوتِر فإذا فرغت من دعاء الوتر وأنت قائمٌ فقل قبل الرُّكوع:
أللَّهمَّ يا مَن شأنُهُ الكِفايةُ وسُرادِقُهُ الرِّعايةُ، يا مَن هو الرَّجاءُ والأمَلُ وعليه في الشَّدائدِ المُتَّكلُ، مسَّني الضُّرُّ وأنتَ أرحمُ الرَّاحمينَ، وضاقَتْ عليَّ المذاهِبُ وأنتَ خيرُ الرَّازقينَ، كيفَ أخافُ وأنتَ رجائي وكيف أضيعُ وأنتَ لِشِدَّتي ورَخائي، أللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ بِما وارَتِ الحُجُبُ من جلالِكَ وجمالِكَ، وبما أطافَ العرشَ من بهاءِ كمالِكَ، وبِمَعاقِدِ العِزِّ من عرشك الثَّابتِ الأركانِ، وبما تُحيطُ به قدرتُكَ من ملكوتِ السُّلطانِ، يا من لا رادَّ لِأمرِه ولا معقِّبَ لِحُكمِه إِضْرِبْ بيني وبين أعدائي سِتْراً من سِتْرِكَ وكافيةً من أمرِكَ، يا مَن لا تَخْرُقُ قُدْرَتَهُ عواصفُ الرِّياحِ ولا تَقْطَعُهُ بَواتِرُ الصِّفاحِ، ولا تَنْفُذُ فيه عوامِلُ الرِّماحِ، يا شديدَ البطشِ، يا عاليَ (عليَّ) العرشِ إكشِفْ ضُرِّي يا كاشفَ ضُرِّ أيُّوب، واضرِبْ بيني وبينَ مَن يَرميني بِبَوائِقِهِ ويَسْري إليَّ طوارِقُهُ بكافِيَةٍ مِن كَوافِيكَ وَوَاقِيَةٍ من دَواعيكَ (وَوَاقِيك)، وفرِّجْ همِّي وغمِّي يا فارجَ غَمِّ يعقوبَ واغْلِبْ لي مَن غَلَبَني يا غالباً (غالبُ) غير مغلوبٍ، وَرَدَّ اللهُ الذين كَفرُوا بِغَيْظِهم لم يَنالوا خيراً وكفى اللهُ المؤمنينَ القتالَ وكان اللهُ قويّاً عزيزاً فأيَّدْنا الذين آمنوا على عدوِّهِم فأصبحُوا ظاهِرينَ، يا مَن نَجّى نوحاً من القَوْمِ الظَّالمينَ، يا مَنْ نجّى لوطاً من القَوْمَِ الفاسقينَ، يا مَنْ نجَّى هوداً من القومِ العادِينَ، يا مَنْ نجَّى محمَّداً مِن القَوْمِ المُستهزئينَ، أسألُكَ بِحَقِّ شَهْرِنا هذا وأيّامِهِ الذي كان رسولُ اللهِ (رسُولُكَ) صلّى اللهُ عليه وآله يَدْأَبُ (يدإب) نفسه في صِيامِهِ وقيامِهِ مدى سِنِيِّهِ وأعوامِهِ، أنْ تجعلَنِي فيهِ من المَقبولينَ أعمالُهُم البالغينَ فيه آمالَهُم والقاضِينَ في طاعتِكَ آجالَهُم، وأنْ تُدركَ بي صِيامَ الشَّهرِ المُفترَضِ شَهرِ الصِّيامِ على التَّكمِلةِ والتَّمامِ، واسلخه (واسلخْهُما) عنّي بانسلاخي من الآثامِ، فإنِّي متحصِّنٌ بك، ذو اعتصامٍ بأسمائِكَ العظامِ ومُوالاةِ أوليائِكَ الكرامِ أهلِ النَّقْضِ والإبرامِ، إمامٍ منهُم بعدَ إمامٍ، مَصابيحِ الظَّلامِ وحُجَجِ اللهِ على جميعِ الأنام ِعليهم منكَ أفضلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، أللَّهمَّ وإنِّي أسألُكَ بِحَقِّ البيتِ الحرامِ والرُّكنِ والمَقامِ والمَشاعِرِ العِظامِ أنْ تَهَبَ ليَ اللّيلَةَ الجزيلَ من عطائِكَ والإعاذةَ من بلائِكَ. أللَّهمَّ صلِّ على محمَّدٍ وأهل بيته (وآل محمَّد) الأوصياءِ الهُداةِ الرُّعاةِ الدُّعاةِ، ولا تجعلْ حظِّي من هذا الدّعاءِ تِلاوَتَهُ، واجْعَلْ حظِّي منه إجابَتَهُ إنّك على كلِّ شيءٍ قديرٌ.

الأسبوع الأخير من شعبان

[أنظر: «بصائر» من هذا العدد]

آخر ليلة من شعبان

دعاء في آخر ليلة من شعبان: كانَ الإمام الصّادق عليه السلام يدعو في آخر لَيلَةٍ مِن شَعبان وأوّل لَيلَة مِن شهر رمضان:
أللَّهمَّ إِنَّ هذا الشَّهْرَ المُبارَكَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرآنُ وَجُعِلَ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الهُدى وَالفُرْقانِ قَدْ حَضَرَ، فَسَلِّمْنا فِيهِ وَسَلِّمْهُ لَنا وَتَسَلَّمْهُ مِنَّا فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَعافِيَةٍ. يا مَنْ أَخَذَ القَلِيلَ وَشَكَرَ (وشَكَرَهُ وسَتَرَ الكثيرَ وغَفَرَهُ إغفِر لي الكثير من معصيَتِكَ واقبَلْ منِّي اليسيرَ في طاعتِك) الكَثِيرَ إقْبَلْ مِنِّي اليَسِيرَ.
أللَّهمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ لِي إِلى كُلِّ خَيْرٍ سَبِيلاً، وَمِنْ كُلِّ ما لا تُحِبُّ مانِعاً يا أَرحَمَ الرَّاحِمِينَ، يا مَنْ عَفا عَنِّي وَعَمَّا خَلَوْتُ بِهِ مِنَ السَّيِّئاتِ، يا مَنْ لَمْ يُؤَاخِذْنِي بارْتِكابِ المَعاصِي، عَفْوَكَ عَفْوَكَ عَفْوَكَ يا كَرِيمُ. إِلهِي وَعَظْتَنِي فَلَمْ أَتَّعِظْ، وَزَجَرْتَنِي عَنْ محارِمِكَ (المعاصي) فَلَمْ أَنْزَجِرْ، فَما عُذْرِي فَاعْفُ عَنِّي يا كَرِيمُ، عَفْوَكَ عَفْوَكَ عَفْوَكَ.
أللَّهمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الرَّاحَةَ عِنْدَ المَوْتِ، وَالعَفْوَ عِنْدَ الحِسابِ، عَظُمَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ فَلْيَحْسُنِ التَّجاوُزُ (العفو) مِنْ عِنْدِكَ يا أَهَلَ التَّقْوى وَيا أَهْلَ المَغْفِرَةِ، عَفْوَكَ عَفْوَكَ عَفْوَكَ.
أللَّهمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وابْنُ عبدِكَ وابْنُ أَمَتِكَ ضَعِيفٌ فَقِيرٌ إِلى رَحْمَتِكَ، وَأَنْتَ مُنْزِلُ الغِنى وَالبَرَكَة عَلى العِبادِ، قاهِرٌ (قادرٌ) مُقْتَدِرٌ أَحْصَيْتَ أَعْمالَهُمْ، وَقَسَمْتَ أَرْزاقَهُمْ، وَجَعَلْتَهُمْ مُخْتَلِفَةً أَلْسِنَتُهُمْ وَأَلْوانُهُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ، (أللَّهمَّ لا) وَلا يَعلَمُ العِبادُ عِلْمَكَ، وَلا يَقْدِرُ (يقدّر) العِبادُ قَدْرَكَ، وَكُلُّنا فَقِيرٌ إِلى رَحْمَتِكَ فَلا تَصْرِفْ عَنِّي وَجْهَكَ، وَاجَعَلْنِي مِنْ (صالحِ) صالِحِي خَلْقِكَ فِي العَمَلِ وَالأمَلِ وَالقَضاء وَالقَدَرِ.
أللَّهمَّ أَبْقِنِي خَيْرَ البَقاءِ، وَأَفْنِنِي خَيْرَ الفَناءِ عَلى مُوالاةِ أَولِيائِكَ، وَمُعاداةِ أَعْدائِكَ، وَالرَّغْبَةِ إِلَيْكَ وَالرَهْبَةِ مِنْكَ، وَالخُشُوعِ وَالوَفاءِ (والوَقار) وَالتَّسْلِيمِ لَكَ، وَالتَّصْدِيقِ بِكِتابِكَ، وَاتِّباعِ سُنَّةِ رَسُولِكَ صلواتك عليه وآله.
أللَّهمَّ ما كانَ فِي قَلْبِي مِنْ شَكٍّ أَوْ رِيْبَةٍ أَوْ جُحُودٍ أَوْ قُنُوطٍ أَوْ فَرَحٍ (أو مرَحٍ) أَوْ بَذَخٍ أَوْ بَطَرٍ (أو فخرٍ) أَوْ خُيَلاَء أَوْ رِياء أَوْ سُمْعَةٍ أَوْ شِقاقٍ أَوْ نِفاقٍ أَوْ كُفْرٍ (كِبْرٍ) أَوْ فُسُوقٍ أَوْ عِصْيانٍ أَوْ عَظَمَةٍ أَوْ شَيءٍ لا تُحِبُّ، فأَسْأَلُكَ يا رَبِّ أَنْ تُبَدِّلَنِي مَكانَهُ إِيماناً بِوَعْدِكَ، وَوَفاءً بِعَهْدِكَ، وَرِضىً بِقَضائِكَ، وَزُهْداً فِي الدُّنْيا، وَرَغْبَةً فِي ما عِنْدَكَ، وَأَثَرَةً وَطُمْأَنِينَةً وَتَوْبَةً نَصُوحاً، أَسْأَلُكَ ذلِكَ يا رَبَّ العالَمِينَ، بمنِّكَ ورحمتِكَ يا أرحم الراحمين ويا ربَّ العالمين. 
إِلهِي أَنْتَ مِنْ حِلْمِكَ تُعْصى (فكأنَّك لم تَرَ)، وَمِنْ كَرَمِكَ وَجُودِكَ تُطاعُ فَكَأَنَّكَ لَمْ تُعْصَ، وَأَنا وَمَنْ لَمْ يَعْصِكَ سُكّانُ أَرْضِكَ فَكُنْ عَلَيْنا بِالفَضْلِ جَواداً (جوّاداً)، وَبِالخَيْرِ عَوَّاداً، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صلاةً دائِمةً لا تُحْصى وَلا تُعَدُّ وَلا يَقْدِرُ (يُقدّر) قَدْرَها غَيْرُكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  دوريات

دوريات

منذ يومين

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات