وصايا

وصايا

منذ 4 أيام

من وصايا الإمام الصّادق عليه السلام

 
من وصايا الإمام الصّادق عليه السلام
* أساسُ الإسلامِ حبُّنا أهلَ البيت
* شِباكُ الشّيطان، النّومُ عن قضاء الصّلوات
* عجزَ مَن لم يعدَّ لكلّ بلاءٍ صبراً، ولكلِّ نعمةٍ شكراً
ـــ إعداد: علي حمود ـــ

عبد الله بن جندب البَجلي الكوفي، صَحِبَ الإمام الصَّادق والإمام الكاظم والإمام الرِّضا عليهم السلام، وتوكَّلَ للكاظم والرِّضا عليهما السلام، وكان عابداً رفيع المنزلة عندهما. رُوي أنّه قال لأبي الحسن الكاظم عليه السلام: أَلسْتَ عنّي راضياً؟ قال: إيْ والله، ورسولُ اللهِ واللهِ راضٍ.
وقد أوصاه الإمام الصّادق عليه السلام بوصيّةٍ جَمَعتْ نفائسَ من العِظات والنّصائح، التقَطْنا منها الشّذَرات الآتية. قال عليه السلام:

O يا ابنَ جُنْدَب، حقٌّ على كلِّ مسلم يعرفنا أن يَعرض عمله في كلِّ يومٍ وليلة على نفسه فيكون مُحاسَب نفسه، فإنْ رأى حَسَنةً استزاد منها. وإنْ رأى سيِّئةً استغفرَ منها لئلَّا يَخزى يوم القيامة. طُوبى لِعبدٍ لم يغْبط الخاطئين على ما أُوتوا من نعيم الدُّنيا وزهرتِها، طُوبى لعبدٍ طَلَب الآخرة وسَعى لها، طُوبى لِمَن لمْ تُلْهِه الأماني الكاذبة.
O يا ابنَ جُنْدَب، لو أنَّ شيعتَنا استقاموا لصافَحَتهم الملائكة ولَأظلَّهم الغَمامُ، ولأشرقوا نهاراً، ولَأكلوا مِن فوقهم ومِن تحتِ أرْجُلِهم، ولَما سَألوا الله شيئاً إلَّا أعطاهم.
O يا ابنَ جُنْدَب، لا تَقُل في المذنبين من أهل دعوتكم إلّا خيراً. واستكينوا إلى الله في توفيقِهم وسَلُوا التَّوبة لهم. فكلُّ مَنْ قَصَدنا ووَالانا ولمْ يُوالِ عدوَّنا، وقال ما يعلم وسَكَتَ عمَّا لا يعلم أو أَشْكلَ عليه، فهو في الجنَّة.
O يا ابنَ جُنْدَب، يَهلَكُ المُتَّكِل على عملِه. ولا ينجو المُجترِئ على الذُّنوب الواثقُ برحمة الله. قلتُ: فمَنْ ينجو؟ قال: الّذين هم بين الرَّجاء والخوف، كأنَّ قلوبهم في مَخْلب طائرٍ شوقاً إلى الثَّواب وخوفاً من العذاب.
O يا ابنَ جُنْدَب، مَنْ سَرَّه أنْ يزوِّجه الله الحُور العِين ويُتَوِّجَه بالنُّور، فليُدخِل على أخيه المؤمن السُّرور.
O يا ابنَ جُنْدَب، أَقِلَّ النَّوم باللّيل، والكلامَ بالنّهار. فما في الجسد شيءٌ أقلَّ شكراً من العين واللّسان، فإنَّ أمّ سليمان قالت لسليمان عليه السلام: يا بنيّ إيَّاك والنَّوم، فإنَّه يُفقِرُك يومَ يحتاج النّاس إلى أعمالِهم.
O يا ابنَ جُنْدَب، إنَّ للشّيطان مصائد يَصطاد بها فتَحاموا شباكَه ومصائدَه. قلت: يا ابنَ رسولِ الله وما هي؟ قال: أمَّا مصائدُه فصدٌّ عن بِرِّ الإخوان. وأمَّا شباكُه فنومٌ عن قضاء الصَّلوات التي فرضَها الله. أما إنَّه ما يُعبَدُ اللهُ بمثل نقلِ الأقدام إلى بِرِّ الإخوان وزيارتهم. وَيْلٌ للسَّاهين عن الصَّلوات، النَّائمين في الخَلَوات، المُستهزئين بالله وآياته في الفترات ﴿..أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم﴾ آل عمران:77.
O يا ابنَ جُنْدَب، مَنْ أصبحَ مَهموماً لِسِوى فَكاكِ رقبتِه فقد هوَّن عليه الجليل، ورَغِب مِن ربَّه في الرِّبح (الوَتِح، وهو القليل الّتافه) الحقير.
O يا ابنَ جُنْدَب، الماشي في حاجة أخيه كالسَّاعي بين الصَّفا والمَروة، وقاضي حاجتِه كالمُتَشحِّط بدمه في سبيل الله يومَ بدرٍ وأُحُد. وما عذَّب اللهُ أُمَّة إلَّا عند استهانتِهم بحقوقِ فقراء إخوانِهم.
O يا ابنَ جُنْدَب، بلِّغ معاشرَ شيعتنا وقُلْ لهم: لا تذهبنَّ بكم المذاهب، فوَاللهِ لا تُنال ولايتُنا إلَّا بالوَرَع والاجتهاد في الدُّنيا ومواساة الإخوان في الله. وليس من شيعتنا مَنْ يَظلمُ النَّاس.
O يا ابنَ جُنْدَب، إنَّما شيعتُنا يُعرَفون بِخصالٍ شتَّى: بالسَّخاء والبذل للإخوان، وبأنْ يُصَلُّوا الخمسينَ ليلاً ونهاراً. شيعتُنا لا يَهِرُّون هريرَ الكلب، ولا يَطمَعون طَمَع الغراب، ولا يُجاورون لنا عدوّاً، ولا يسألون لنا مُبغِضاً ولو ماتوا جوعاً. شيعتُنا لا يأكلون الجِرِّي [نوع من السّمك يُشبه الحيّة، ليس له فلس]، ولا يَمسحون على الخفَّين، ويحافظون على الزَّوال، ولا يشربون مُسكِراً.
قلت: جُعلتُ فداك فأين أطلبُهم؟ قال عليه السلام: على رؤوس الجبال وأطراف المُدُن. وإذا دخلتَ مدينة فَسَلْ عمّن لا يُجاورُهم ولا يُجاوِرونه فذلك مؤمن، كما قال الله: ﴿وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى..﴾ يس:20، واللهِ لقد كان حبيب النّجّار وحده.
O يا ابنَ جُنْدُب، كلُّ الذُّنوب مغفورة سوى عُقوق أهل دعوتك. وكلُّ البِرِّ مقبول إلَّا ما كان رِئاءً.
O يا ابنَ جُنْدَب، إنْ أحبَبْتَ أنْ تُجاوِر الجَليلَ في داره وتَسْكُن الفردوس في جواره فلتَهُنْ عليك الدُّنيا، واجعلِ المَوْتَ نُصْبَ عينك. ولا تدَّخر شيئاً لِغَد. واعلم أنَّ لك ما قدَّمتَ وعليك ما أخَّرتَ.
O يا ابنَ جُنْدَب ".." وقد عجز مَنْ لم يُعِدّ لكلِّ بلاءٍ صبراً، ولكلِّ نعمةٍ شكراً، ولكلِّ عُسرٍ يُسراً. صبِّر نفسَكَ عند كلِّ بليَّةٍ في ولدٍ أو مالٍ أو رزيَّةٍ (ذريّة)، فإنَّما يَقبض عارِيَتَه ويأخُذُ هِبَتَه لِيَبلوَ فيهما صبرَك وشكرَك. وارجُ اللهَ رجاءً لا يُجرّيك على معصيته، وخَفْهُ خوفاً لا يؤيسُك من رحمتِه. ".."
ولا تَكُنْ بَطِراً في الغِنى، ولا جَزِعاً في الفقر. ولا تَكُن فظّاً غليظاً يكره النَّاس قربَك. ولا تَكُنْ واهِناً يُحقِّرُك مَنْ عَرَفك. ولا تشارّ [تخاصم] مَنْ فوقك ولا تَسْخر بمَن هو دُونَك. ولا تُنازِع الأمر أهلَه. ولا تُطِع السُّفهاء. ولا تَكُن مَهيناً تحت كلِّ أحد. ولا تتَّكِلَنَّ على كفاية أحد.
وإنْ كانت لك يدٌ عند إنسان فلا تُفسِدها بكثرة المَنِّ والذِّكر لها، ولكن أتْبِعها بأفضلَ منها، فإنَّ ذلك أجمل بك في أخلاقِك وأوْجَبُ للثَّواب في آخرتك. وعليك بالصَّمت تُعَدُّ حليماً -جاهلاً كنتَ أو عالِماً- فإنَّ الصَّمت زَيْنٌ لك عند العلماء، وستْرٌ لك عند الجهَّال.
O يا ابنَ جُنْدَب، إنَّ عيسى ابن مريم عليه السلام قال لأصحابه: «..لا تَنظروا في عيوب النَّاس كالأرباب، وانظروا في عيوبِكم كهيئةِ العبيد. إنَّما النَّاسُ رجلان: مُبتلى ومُعافى، فارحموا المُبتَلى واحمَدوا اللهَ على العافية».
O يا ابنَ جُنْدَب، صِلْ مَنْ قطعك. وأعْطِ مَنْ حَرَمك. وأحْسِن إلى مَنْ أساء إليك. وسلِّم على مَنْ سَبَّك. وأنْصِف مَنْ خاصَمَك. واعْفُ عمَّن ظَلَمك، كما أنَّك تُحبُّ أن يُعفى عنك، فاعتبِر بعفوِ الله عنك، ألا ترى أنَّ شمسَه أشرقت على الأبرار والفُجَّار. وأنَّ مطرَه ينزلُ على الصَّالحين والخاطئين.
O يا ابنَ جُنْدَب ".." واخفِض الصَّوت، إنَّ ربَّك الذي يَعلم ما تُسِرُّون وما تُعلنون، قد عَلِم ما تريدون قبل أن تسألوه.
O يا ابنَ جُنْدَب، الإسلامُ عريان فلباسُه الحياء، وزينتُه الوَقار، ومروءته العملُ الصّالح، وعمادُه الورع، ولكلِّ شيءٍ أساس، وأساسُ الإسلام حبُّنا أهلَ البيت.


اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

منذ 3 أيام

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات