الملف

الملف

منذ يوم

التّوسُّل بالزّهراء عليها السّلام


التّوسُّل بالزّهراء عليها السّلام

إجماعُ الأمّة على شَرعيّته وفضيلتِه


 

اقرأ في الملف

(1)

على أعتاب عَظَمة الصّدّيقة الكُبرى عليها السّلام

إنْ قلتَ «فاطمَـة»، فقد قلتَ «رسول الله..»

(2)
«ونحن وسيلتُه في خَلْقِه..»

التّوسُّل بالزّهراء عليها السّلام

 

أعدّ هذا الملف: الشّيخ حسين كَوراني

 

 

 

 

 

 

 

 

استهلال

باب استحباب زيارة فاطمة عليها السّلام

«..عن يزيد ابن عبد الملك، عن أبيه، عن جدّه قال:

دخلتُ على فاطمة عليها السّلام فبدأتني بالسّلام،

ثمّ قالت: ما غدا بك؟ قلتُ: طلبُ البركة،

قالت: أخبرني أبي وهو ذا:

أنّه مَن سلَّم عليه وعليّ ثلاثة أيّام أوجب اللهُ له الجنّة،

قلتُ لها: في حياته وحياتك؟ قالت: نعم.. وبعد موتنا».

***

«عن إبراهيم بن محمّد بن عيسى العريضي، قال:

حدّثنا أبو جعفر عليه السلام ذات يوم قال:

إذا صرتَ إلى قبر جدّتك عليها السّلام، فقل:

يا ممتحنةُ امتَحنَكِ الّذي خَلَقَكِ قبلَ أنْ يَخلُقَكِ

فوَجَدَكِ لِما امْتَحَنَكِ صابرةً، وَزَعَمْنا أنّا لكِ أولياءُ

ومصدِّقون وصابرون لكلِّ ما أتانا به أبوك صلّى الله عليه وآله،

وأتى به وصيُّه، فإنّا نسألُكِ إن كنّا صدَّقناك

إلّا ألحقتِنا بتَصديقنا لهما لنبشِّر أنفسنا بأنّا قد طهُرنا بولايتك.

وسائل الشيعة للحر العاملي: ج 14 ص 367

 

 

 

على أعتاب عَظَمة الصّدّيقة الكُبرى عليها السّلام

إنْ قلتَ «فاطمـة»، فقد قلتَ «رسول الله..»

 

* هل الحديث عمّا جرى على الزّهراء عليها السّلام، يُنافي الوحدة الإسلاميّة؟

* إنْ كانت الوحدة تعني الوحدة بين محبِّي أهل البيت عليهم السّلام وبين أعدائهم الأمويّين الوهّابيّين النّواصب، فالحديث عمّا جرى على الزّهراء عليها السّلام يضربُ هذه الوحدة لأنّها ليست وحدةً إسلاميّة إلّا بالاسم والادّعاء والتّزييف.

* أمّا إنْ كانت الوحدة الإسلاميّة - كما أرادها الله تعالى وأَكّدَها سيّدُ النّبييّن صلّى الله عليه وآله وسلّم - وهي التقاء المسلمين ووحدتُهم على حبّ أهل البيت عليهم السّلام، فإنّ كلّ محمّديٍّ صادق يتلهّفُ إلى الحديث عمّا جرى للزّهراء عليها السّلام، لأنّه لا يكتمل دينُ مسلمٍ إلّا بحبّ الزّهراء ومعرفتِها عليها السّلام.

 

يُجمع المسلمون على عَظَمة الزّهراء عليها السّلام.

وليست عَظَمة الزّهراء الإلهيّة المجمَع عليها، نتيجة مجرّد أنّها بنت رسول الله، وزوجة أمير المؤمنين، وأمّ الأئمّة صلوات الله تعالى عليهم أجمعين.

إنّها، عليها صلوات الله تعالى، من الخمسة أهل الكساء، أي إنّها عليها السّلام في قلب دائرة العظَمة المحمّديّة، رسول الله صلّى الله عليه وآله.

«وقد سُئل الإمام أبو بكر بن داوود: أخديجةُ أفضل أم عائشة؟

فأجاب بأنّ عائشة أقرأَها رسولُ الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم من جبرئيل، وخديجة أقرأَها جبرئيلُ السّلامَ من ربّها على لسان نبيّه!

فقيل: خديجةُ أفضل أم فاطمة؟

فقال: قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: (فاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنّي)، ولا أعدلُ ببضعة رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أحداً. وهو استقراء حَسَن، يشهدُ بذلك أنّ أبا لبابة لمّا ربطَ نفسه وحلفَ أن لا يحلّه إلّا رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، فجاءت فاطمة لتحلَّه فأبى من أجل قسَمه، فقال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: (إِنَّما فاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنّي) ".."

وَمِنْ شَرَفِها أَنَّ المَهْدِيَّ الّذي يَمْلَأُ الأَرْضَ عَدْلاً مِنْ وُلْدِها ".."

وفضائلُها، رضوان الله عليها، أكثرُ من أن تُحصَى. ذكرَ ذلك كلّه الإمام السّهيلي رحمه الله في كتابه (روضُ الأُنُف)، والله أعلم».

 (ابن الدّمشقي، جواهر المطالب في مناقب الإمام علي عليه السّلام: ج 1، ص 149 - 152)

 

مرتبتُها الإلهيّة بين المعصومين

بالرّجوع إلى بحوث العلماء المسلمين العقائديّة، وبشرط التّمييز بين المسلم السّني أو الشّيعي، وبين مدّعي الإسلام من الوهّابيّين والنّواصب، يتّضح غاية الوضوح أنّ مرتبة الصّدّيقة الكبرى عليها السّلام، هي فوق مراتب جميع الأنبياء، ما عدا رسول الله صلّى الله عليه وآله، وهذا ما هو صريحُ ما تقدّمَ عن أبي بكر بن داود وهو قوله: «ولا أَعْدِلُ ببَضعةِ رسولِ الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أحداً».

 

ما هو سِرُّ هذه العظَمة؟

* لدى محاولة البحث عن محاور هذه العظَمة الفاطميّة - المحمّديّة، يُمكن تسجيل المحاور التّالية:

1) اليقين: بمُقتضى قوله تعالى ﴿..إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ..﴾ الحجرات:13، يتعيّن أن يكون مقياسُ مرتبة الموحِّد، هو يقينُه بالله تعالى، لأنّ اليقين فوقَ التّقوى بدرجة – كما في الرّواية - أي أنّ التّقوى تتعاظم فتكون يقيناً، وبمأ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله سيّد المُوقِنين، فمن الطّبيعي أن تكون بضعتُه صلّى الله عليه وآله من اليقين في المقام الأوّل.

2) العبادة: والحديث عن عبادة الصّدّيقة الكبرى، عليها السّلام، محور أبحاثٍ يَعسرُ استقصاؤها، إلّا أنّه يكفي أن نقفَ عند ما ورد من أنّها عليها السّلام، أشبَهتْ في العبادة سيّدَ النّبيّين صلّى الله عليه وآله، وقد عُرف عن الحسن البصريّ قوله: «لم يكن في هذه الأمّة أعبد من فاطمة عليها السّلام».

3) العِلم: أعلمُ الخلق مَن ارتضاهم اللهُ تعالى وأظهرَهم على غَيبه، ومن الواضح أنّ الصّدّيقة الكبرى الزّهراء عليها السّلام، هي واسطةُ العِقد المحمّديّة في سادة المعصومين عليهم السّلام، وفي ما رُوي عنها عليها السّلام، من كنوز العلم ما يعجزُ كبارُ العلماء ادّعاءَ استيعابِه، بل يَقفون على أعتابه يحاولون استلهامَه، ولو لم يكن إلّا خطبتُها عليها السّلام، في المسجد النّبويّ بعد وفاته، صلّى الله عليه وآله، لكفى بها دليلاً على علمٍ لَدُنِّيٍّ، هو تَجلّي علمِ مدينةِ العلم ونَفْسِه صلّى الله عليهم وآلهم أجمعين.

4) تَجلّي الإنسان الكامل: تحدّث عن هذه الحقيقة المحوريّة المركزيّة، الإمام الخمينيّ قدّس سرّه مبيّناً ما خلاصتُه أنّ الأربعة عشر معصوماً، عليهم الصّلاة والسّلام، يُقال لكلٍّ منهم: «الإنسانُ الكامل»، إلّا أنّ الثّلاثة عشر معصوماً ينطبقُ عليهم هذا الوصفُ بالتّبَع لرسول الله صلّى الله عليه وآله، الذي هو وحده الإنسانُ الكامل على الإطلاق، أي بدون اتّباعِ أحدٍ من البشر.

وعليه فإنّ من المحاور المُغيَّبة في معرفة عظَمة الصّديقة الكبرى الزّهراء، أنّها عليها السّلام، الإنسانُ الكامل بالتّبعيّة لأبيها الذي هو الإنسانُ الكامل على الإطلاق.

5) القيادة الإلهيّة المعنويّة لمَسيرة البشريّة عبر القرون: أوضحُ معاني أنّ الزّهراء عليها السّلام من سادة المعصومين عليهم السّلام، أنّها في طليعة القادة الإلهيّين الذين حملوا الهُدى الإلهيّ للأجيال.

وقد تجلّت هذه القيادة في الدّنيا في مظاهرَ عديدة، منها توسُّل الأنبياء بها عليها السّلام، حيث ثبتَ أنّ جميعَ الأنبياء قد تَوسّلوا (بمحمدٍ وآل محمّد) صلّى الله عليه وآله.

كما رُوي عن الإمام الصّادق قولُه عليه السّلام: «.. وَعَلى مَعْرِفَتِها دارَتِ القُرونُ الأُولى».

وهذا يعني أنّ على معرفتِها عليها السّلام تدورُ القرون الأخيرة إلى يوم القيامة.

ثمّ إنّ التّجلّي الأعظم لقيادتها الإلهيّة للأولياء والأجيال، سيكون عبر شفاعتِها عليها السّلام في يوم القيامة، وما أدراكَ ما شفاعةُ فاطمة!

* ومن النّصوص الوثائقيّة التي تُظَهِّر هذا البُعد من ملامح عظَمة الزّهراء المحمّديّة:

أ) الرّوايات المتعدّدة الموثَّقة حول «اللّوح الأخضر»، الذي رآه الصّحابيّ الجليل جابر بن عبد الله الأنصاريّ في يدها، عليها السّلام، حين قدّم لها التّهنئة بولادة الإمام الحسين عليه السّلام، وقد استنسَخ جابرُ اللّوحَ وفيه أسماءُ قادة البلاد، وسَاسةِ العباد من أبنائها عليها وعليهم السّلام.

ب) الرّوايات المتعدّدة والموثَّقة أيضاً حول «الصّحيفة الفاطميّة»، أو ما عُرف باسم «مصحف فاطمة»، ويعتبرُ الإمام الخمينيّ قدّس سرّه كَثرةَ نزول جَبرئيل عليها (سلام الله تعالى عليها وعلى جبرئيل) أعظمَ مناقبِها عليها السّلام.

 

 

الزّهراء عليها السلام هي المقياس

تتوقّف محمّديّةُ كلِّ مسلمٍ على فاطميّته، وقد تقدّم أنّ هذا من المُجمَع عليه بين المسلمين، وهو يعني بكلّ جلاء ومباشرة، أنّ مَن يريد أن يعرف استقامتَه وحُسنَ إسلامه، فإنّ المقياس هو الزّهراء. فهي عليها السّلام «يَرْضَى اللهُ تَعالى لِرِضَاهَا»، لذلك وجب على كلّ مسلمٍ أن يعرفَ ما يُرضيها في العقيدة، والأخلاق الفاضلة، وطاعة الله تعالى، ورسوله وأهل البيت عليهم السّلام، ليكونَ مشمولاً بدعائها وبركاتِها وشفاعتِها صلواتُ الله وسلامه عليها.

 

هل نعرفُ عَظَمة المعصومين الأربعة عشر عليهم السّلام؟

حول عظَمة الصّدّيقة الكبرى عليها السّلام، قال الإمام الخميني قدّس سرّه:

«أرى نَفسي عاجزاً حتّى عن التّلفُّظ باسمِها عليها السّلام».

وفي عظمة أهل البيت عموماً، قال وليّ أمر الأُمّة المرجع الدّينيّ القائد السّيّد الخامنئيّ دام ظلّه:

«يرتجفُ بدني حين أسمعُ البعض يذكرون الاسمَ المبارك لأمير المؤمنين عليه السّلام، أو الاسمَ المبارك لوليّ العصر روحي فداه، ثمّ يذكرون اسمي بعدَه.

بدني يرتجف..

أولئك حقائقُ النّور المطلَق، ونحن غَرقى في الظُّلمة.

نحن نباتُ فضاء هذه الدّنيا المعاصرة الملوّث.

أين نحن من أقلّ وأصغرِ تلامذتهم؟!

أين نحن من قَنبرِهم؟!

أين نحن من ذلك الغلام الحبشيّ الذي استُشهد مع الإمام الحسين عليه السّلام؟!

نحن لا نساوي حتّى التّراب تحت قدم هذا الغلام.

إلا أنّنا أناسٌ عرفنا طريقَنا».

 

 

«ونحنُ وَسِيلَتُه في خَلْقِه..»

التّوسُّل بالزّهراء عليها السّلام

v لا خلافَ بين المسلمين حول أصل التّوسّل، كما لا خلاف بينهم إطلاقاً حول التّوسّل برسول الله صلّى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السّلام، وخصوصاً التّوسّل بالزّهراء عليها السّلام.

v وبناءً عليه فإنّ إنكار التّوسّل، أمرٌ غريبٌ عن الثقافة القرآنيّة، والسّنّة النّبويّة، والمفاهيم الإسلاميّة الأصيلة.

v لدى تتبُّع أسباب تسلّل هذه البدعة النّكراء - «محاربة التّوسّل» - إلى بعض الأوساط الإسلاميّة المعاصرة، يتّضح أنّ السّبب تلاقُح مادّيّة الغزو الثّقافيّ، مع مادّيّة المسار الأمويّ - الوهّابيّ الذي تولّد منه تَغييبُ الغَيب، وتجريدُ المعصوم عن بُعده الغَيبيّ.

v والتّوسّل بالزّهراء عليها السّلام، على قِسمين: 1- ضمن التّوسّل بالنّبيّ وآله، صلّى الله عليه وآله. 2- توسُّلٌ خاصٌّ بها وحدَها عليها السّلام.

v    في هذا السّياق تأتي هذه المقاربة للتّوسّل بالزّهراء عليها السّلام.

 

قالت الزهراء عليها السلام في خطبتها في المسجد النّبويّ:

«..فَاتَّقوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ، وَأَطيعوهُ في ما أَمَرَكُمْ بِهِ، فَإِنَّما يَخْشى اللهَ مِنْ عِبادِهِ العُلماءُ، وَاحْمدوا اللهَ الّذي لِعَظَمَتِهِ وَنورِهِ يَبْتَغي مَنْ في السَّماواتِ وَالأَرْضِ إِلَيْهِ الوَسيلَة، وَنَحْنُ وَسيلَتُهُ في خَلْقِهِ، وَنَحْنُ خاصَّتُهُ، وَمَحَلُّ قُدْسِهِ، وَنَحْنُ حُجَّتُهُ في غَيْبِهِ، وَنَحْنُ وَرَثَةُ أَنْبِيائِهِ، ثُمَّ قالَتْ: أَنا فاطِمْةُ ابْنَةُ مُحَمَّدٍ، أَقولُ عَوْداً عَلى بَدْءٍ، وَما أَقولُ ذَلِكَ سَرَفاً وَلا شَطَطاً، فَاسْمَعُوا بِأَسْماعٍ واعِيَةٍ، وَقُلوبٍ راعِيَةٍ..».

 (ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة: ج 16، ص 211 – 212)

* وقد أورد ابن أبي الحديد هذا النصّ عن الصّدّيقة الزهراء عليها السلام، نقلاً عن كتاب (السقيفة وفدك) لأبي بكر الجوهري، وهو من العلماء المسلمين السنّة، ولم يصلنا كتابه إلا من خلال ما نقله عنه ابن أبي الحديد في «الفصل الأول» الذي أوضح فيه أنه يتعمّد النقل من كُتب السنّة، حيث قال:

«الفصل الأول: في ما ورد من الأخبار والسِّيَر المنقولة من أفواه أهل الحديث وكُتبهم، لا من كُتب الشيعة ورجالهم، لأنّا مشترطون على أنفسنا ألا نحفل بذلك، وجميع ما نورده في هذا الفصل من كتاب أبي بكر، أحمد بن عبد العزيز الجوهري في (السّقيفة وفَدَك) وما وقع من الاختلاف والاضطراب عقب وفاة النبيّ صلّى الله عليه وآله. وأبو بكر الجوهري هذا عالمٌ محدِّثٌ كثيرُ الأدب، ثقةٌ وَرِع، أثنى عليه المحدِّثون ورووا عنه مصنّفاته».

(ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة: ج 16، ص 210)

 

التّوسّل مبدأ قرآنيّ أجمعَ عليه الشّيعة والسّنّة

قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ المائدة:35.

يتّضح ممّا تقدّم أنّ التوسّل مبدأ قرأنيّ، وقد أكّدته الروايات المعتبَرة لدى جميع العلماء، ولا يشكّ مسلمٌ في أصل مشروعيّة التوسّل، بل هو من الضرورات العمليّة في سيرة الملتزمين بالشريعة الإسلامية.

جواب السيد الخوئي رحمه الله حول التّوسّل:

سؤال 1313: المتعارف حال النهوض أو القيام أو حال أي عمل الاستنجاد بالنّبيّ، صلّى الله عليه وآله وسلّم، أو الإمام علي أو أحد الأئمّة، عليهم السلام، فهل يجوز ذلك عن قصد، علماً أنّ الاعتقاد هو أنّهم الباب إلى الله تعالى؟

الخوئي: لا بأس بتوسيطهم والاستشفاع بهم إلى الله تعالى كوسيلة في قضائه هو حوائج المتوسّلين لأنّه تعالى رغَّب في التوسّل بقوله تعالى: ﴿..وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ..﴾.

(صراط النجاة: ج 1، ص 467)

توسُّل الأنبياء بمحمّدٍ وآل محمّدٍ صلّى الله عليه وآله

أورد المرجع الكبير الراحل السيد البروجردي عليه الرّحمة في (جامع أحاديث الشيعة)، عن تفسير الإمام العسكريّ عليه السلام ما يلي:

«وقال (الإمام أبو محمّد العسكري عليه السلام) في قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ البقرة:89.

قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: وَكانَ اللهُ أَمَرَ اليَهودَ في أَيّامِ موسى وَبَعْدَهُ إِذا دَهَمَهُمْ أَمْرٌ وَدَهَمَتْهُمْ داهِيَةٌ أَنْ يَدْعوا اللهَ، عَزَّ وَجَلَّ، بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيّبينَ، وَأَنْ يَسْتَنْصِروا بِهِمْ، وَكانوا يَفْعَلونَ ذَلِكَ حَتّى كانَتِ اليَهودُ مِنْ أَهْلِ المَدينَةِ قَبْلَ ظُهورِ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وآله بِعَشْرِ سِنينَ يُعاديهِمْ [قبيلتا] (أَسَدٌ) وَ(غَطَفانُ) وَقَوْمٌ مِنَ المُشْرِكينَ وَيَقْصدونَ أَذاهُمْ، يَسْتَدْفِعونَ شُرورَهُمْ وَبَلاءَهُمْ بِسُؤالِهِمْ رَبَّهُمْ بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيّبينَ، حَتّى قَصَدَهُمْ في بَعْضِ الأَوْقاتِ (أَسَدٌ) وَ(غَطَفانُ) في ثَلاثَةِ آلافٍ إِلى بَعْضِ اليَهودِ حَوالي المَدينَةِ، فَتَلَّقاهُمُ اليَهودُ وَهُمْ ثَلاثُمائَةِ فارِسٍ وَدَعَوا اللهَ بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ، فَهَزَموهُمْ وَقَطَعوهُمْ، فَقالَ (أَسَدٌ) وَ(غَطَفانُ) بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: تَعالَوْا [لكي] نَسْتَعين عَلَيْهِمْ بِسائِرِ القَبائِلِ، فَاسْتَعانوا عَلَيْهِمْ بِالقَبائِلِ وَأَكْثَروا حَتّى اجْتَمَعوا قَدْرَ ثَلاثينَ أَلْفاً وَقَصدوا هَؤلاءِ [الـ] ثَلاثمائَةٍ في قَرْيَتِهِمْ، فَأَلْجَأوهُمْ إِلى بُيوتِها وَقَطعوا عَنْها المِياهَ الجارِيَةَ الّتي كانَتْ تَدْخُلُ إِلى قَرارِهِمْ، وَمَنَعُوا عَنْهُمُ الطَّعامَ وَاسْتَأْمَنَ اليَهودُ إِلَيْهِمْ فَلَمْ يُؤَمِّنوهُمْ وَقالوا: لا، إِلّا أَنْ نَقْتُلَكُمْ وَنَسْبِيَكُمْ وَنَنْهَبَكُمْ؛ فَقالَتِ اليَهودُ بَعْضُها لِبَعْضٍ: كَيْفَ نَصْنَعُ؟ فَقالَ لَهُمْ أَمْثَلُهُمْ وَذَوو الرَّأْيِ مِنْهُمْ: أَما أَمَرَ موسى، عَلَيْهِ السَّلامُ، أَسْلافَكُمْ وَمَنْ بَعْدَهُمْ بِالاسْتِنْصارِ بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ؟ أَما أَمَرَكُمْ بِالابْتِهالِ إِلى اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، عِنْدَ الشَّدائِدِ بِهِمْ عَلَيْهِمُ السَّلامُ؟ قالوا: بَلى. قالوا: فَافْعَلوا؛ ثُمَّ ذَكَرَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَنَّهُمْ اسْتَسْقَوْا بِهِمْ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، فَسَقاهُمُ اللهُ وَاسْتَطْعَمُوا بِهِمْ عَلَيْهِمُ السَّلامُ فَأَطْعَمَهُمُ اللهُ، وَاسْتَنْصَروا بِهِمْ عَلَيْهِمُ السَّلامُ فَنَصَرَهُمُ اللهُ تَعالى.. والخبر طويل».

(السيد البروجردي، جامع أحاديث الشيعة: ج 15، ص 256 – 257)

 

 

أهمّيّة مبدأ التوسُّل وكَثرة الرّوايات حوله

من كُتب الحديث الموسوعية، كتاب (مستدرك سفينة البحار) للشيخ علي النمازي رحمه الله، وقد أورد فيه حول التوسّل باباً مستقلاً سمّاه «باب الوسيلة»، وأبواباً ترتبط به، والتسمية مأخوذة من قوله تعالى المتقدّم هنا: ﴿..وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ..﴾، وذكر الشيخ النمازي في الفهرس عناوين الروايات الواردة فيه، فقال:

«باب الوسيلة:

1) تفسير عليّ بن إبراهيم: عن ابن سنان، عن أبي عبد الله في حديث: سُئل النبيّ صلّى الله عليه وآله عن الوسيلة فقال: (هِيَ دَرَجَتي في الجَنَّةِ...) ".."

2) وفي تفسير (نور الثّقلَين) عن (العيون) في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الأخبار المجموعة. وبإسناده، قال: (قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: الأَئَمِةُ مِنْ وُلْدِ الحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ، مَنْ أَطاعَهُمْ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ، وَمَنْ عَصاهَمْ فَقَدْ عَصى اللهَ، هُمُ العُرْوَةُ الوُثْقَى، وَهُمُ الوَسيلَةُ إِلى اللهِ تَعالى).

* باب أنّهم الوسائل بين الخلق وبين الله

".."

1) توسّل آدم بالنبيّ وآله. ومن طريق العامّة توسّل إبراهيم بمحمّدٍ وآله. توسّل بني يعقوب بهم.

 2) توسّل يوسف بوجه آبائه.

 3) توسّل بني إسرائيل بهم.

 4) توسّل أهل الحرم بنور رسول الله صلّى الله عليه وآله في زمان جدّه عبد المطّلب لدفع القحط.

 5) توسّلهم به لهلاك أصحاب الفيل ولدفع القحط.

 6) توسّل آدم ونوح وإبراهيم وموسى بقولهم: (اللَّهُمَّ إِنّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ). فاستجاب لهم.

 

* باب أنّ دعاء الأنبياء استُجيب بالتوسّل والاستشفاع بهم

".."

1) ..في الزّيارات المأثورة لأمير المؤمنين عليه السلام: (أَنْتَ وَسيلَتي إِلى اللهِ، وَبِكَ أَتَوَسَّلُ إِلى رَبّي). وأمثال ذلك كثيرة في كُتب الزّيارات.

2) في دعاء عَلْقَمة المرويّ عن الإمام الباقر عليه السلام بعد زيارة عاشوراء: (فَإِنِّي بِهِما أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ في مَقامي هَذا، وَبِهِمْ أَتَوَسَّلُ وَبِهِمْ أَتَشَفَّعُ – إلخ). ".."

3) ".." وفي باب بدو أرواحهم، في حديثٍ عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، قال: (نَحْنُ الوَسيلَةُ إِلى اللهِ، وَالوصْلَةُ إِلى رِضْوانِ اللهِ).

4) في خطبة فاطمة الزهراء عليها السلام المفصّلة المروية في (دلائل الطبري) - إلى أن قالت: (فَاحْمُدوا اللهَ الّذي بِنورِهِ وَعَظَمَتِهِ ابْتَغى مَنْ في السَّماواتِ وَمَنْ في الأَرْضِ إِلَيْهِ الوَسيلَةَ، فَنَحْنُ وَسيلَتُهُ في خَلْقِهِ وَنَحْنُ آلُ رَسولِهِ – إلخ).

5) الرّوايات في التوسُّل بهم وبأحبّائه، تبارك وتعالى، من طُرق العّامة:

(إحقاق الحقّ)، و(كتاب التّاج) الجامع للأصول الستّة العامّة؛ بعد صلاة الاستسقاء، قال: (يجوز التوسّل إلى الله تعالى بأحبّائه)، ثم ذكر الروايات النبويّة في ذلك، وفضائلَ الخمسة. وشرحَ (الوسيلة) و(المقام المحمود) في الإحقاق».

(الشيخ علي النمازي الشاهرودي، مستدرك سفينة البحار: ج 10، ص 301 - 305)

 

 

 

 

فضلُ النبيّ وأهل بيتِه صلوات الله عليهم على الملائكة، وشهادتهم بولايتهم

أورد المجلسي في (البحار)، عن (كمال الدين) و(العِلل) للصدوق، مختصر رواية طويلة، أوردها الإمام الخميني بتمامها في أواخر كتابه (مصباح الهداية).

قال المجلسي:

«(إكمال الدين)، (عيون أخبار الرضا عليه السّلام)، (عِلل الشرائع): .." عن الرّضا، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السّلام، قال: قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: ما خَلَقَ اللهُ، عَزَّ وَجَلَّ، خَلْقاً أَفْضَلَ مِنّي وَلا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنّي. قالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلامُ: فَقُلْتُ: يا رَسولَ اللهِ فَأَنْتَ أَفْضَلُ أَوْ جَبْرَئيلُ؟ فَقالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: يا عَلِيُّ، إِنَّ اللهَ تَبارَكَ وَتَعالى فَضَّلَ أَنْبِياءَهُ المُرْسَلينَ عَلى مَلائِكَتِهِ المُقَرَّبينَ، وَفَضَّلَني عَلَى جَميعِ النَّبِيّينَ وَالمُرْسَلينَ، وَالفَضْلُ بَعْدي لَكَ يا عَلِيُّ وَلِلْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِكَ، وَإِنَّ المَلائِكَةَ لَخُدّامنا وَخُدّام مُحِبّينا، يا عَلِيُّ، الّذينَ يَحْمِلونَ العَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرونَ للّذينَ آمَنوا بِوِلايَتِنا. يا عَلِيُّ، لَوْلا نَحْنُ ما خُلِقَ آدَمُ وَلا حَوّا، وَلا الجَنَّةُ وَلا النّارُ، وَلا السَّماءُ وَلا الأَرْضُ، فَكَيْفَ لا نَكونُ أَفْضَلَ مِنَ المَلائِكَةِ وَقَدْ سَبَقْناهُمْ إِلى مَعْرِفَةِ رَبِّنا وَتَسْبيحِهِ وَتَهْليلِهِ وَتَقْديسِهِ؟ "..". فَقُلْتُ: يا رَبِّ وَمَنْ أَوْصِيائي؟ فَنُوديتُ: يا مُحَمَّدُ، أَوْصِياؤُكَ المَكْتوبونَ عَلى ساقِ عَرْشي، فَنَظَرْتُ وَأنا بَيْنَ يَدَيْ رَبّي، جَلَّ جَلالُهُ، إِلى ساقِ العَرْشِ، فَرَأَيْتُ اثْنَي عَشَرَ نوراً، في كُلِّ نورٍ سَطْرٌ أَخْضَرُ عَلَيْهِ اسْمُ وَصِيٍّ مِنْ أَوْصِيائي، أَوَّلُهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبي طالِبٍ، وَآخِرُهُمْ مَهْدِيُّ أُمَّتي. فَقُلْتُ: يا رَبِّ هَؤُلاءِ أَوْصِيائي مِنْ بَعْدي؟ فَنُوديتُ: يا مُحَمَّدُ، هَؤُلاءِ أَوْلِيائي وَأَوْصِيائي وَأَصْفِيائي وَحُجَجي بَعْدَكَ عَلى بَرِيَّتي، وَهُمْ أَوْصياؤُكَ وَخُلَفاؤُكَ وَخَيْرُ خَلْقي بَعْدَكَ. وَعِزَّتِي وَجَلالِي لَأُظْهِرَنَّ بِهِمْ ديني، وَلَأُعْلِيَنَّ بِهِمْ كَلِمَتي، وَلَأُطَهِّرَنَّ الأَرْضَ بِآخِرِهِمْ مِنْ أَعْدائي، وَلَأُمَكِّنَنَّهُ (في) مَشارِقِ الأَرْضِ وَمَغارِبِها، وَلَأُسَخِّرَنَّ لَهُ الرِّياحَ، وَلَأُذَلِّلَنَّ لَهُ السَّحابَ الصِّعابَ، وَلَأرْقِيَنَّهُ في الأَسْبابِ، وَلَأنْصُرَنَّهُ بِجُنْدي وَلَأَمُدَّنَّهُ بِمَلائِكتي حَتّى تَعْلُوَ دَعْوَتي وَتُجْمِعُ الخَلْقُ عَلى تَوْحيدي، ثُمَّ لَأُديمَنَّ مُلْكَهُ، وَلَأُداوِلَنَّ الأيَّامَ بَيْنَ أَوْليائي إِلى يَوْمِ القِيامَةِ».

 (العلامة المجلسي، بحار الأنوار: ج 26، ص 335 – 338)

 

 

 

نماذج من أعمال التوسّل بمحمّد وآله صلّى الله عليه وعليهم في الأدعية

 

* دعاء رفع القرآن الكريم على الرأس ليلة القدر:

«اللَّهُمَّ بِحَقِّ هذا القُرْآنِ، وَبِحَقِّ مَنْ أَرْسَلْتَهُ بِهِ، وَبِحَقِّ كُلِّ مُؤْمِنٍ مَدَحْتَهُ فِيْهِ، وَبِحَقِّكَ عَلَيْهِمْ فَلا أَحَدَ أَعْرَفُ بِحَقِّكَ مِنْكَ، بِكَ يا اللهُ (عَشر مرّات).

ثمَّ تقول: بِمُحَمَّدٍ (عَشر مرّات)، بِعَليٍّ (عَشر مرّات)، بِفاطِمَةَ (عَشر مرّات)، بِالحَسَنِ (عَشر مرّات)، بِالحُسَيْنِ (عَشر مرّات)، بِعَليّ بْنِ الحُسَيْنِ (عَشر مرّات)، بِمُحَمَّدِ بْنِ عَليٍّ (عَشر مرّات)، بِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَشر مرّات)، بِمُوسَى بْنِ جَعْفرٍ (عَشر مرّات)، بِعَليّ بْنِ مُوسى (عَشر مرّات)، بِمُحَمَّدِ بْنِ عَليٍّ (عَشر مرّات)، بِعَليّ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَشر مرّات)، بالحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ - (عَشر مرّات)، بِالحُجَّةِ (عَشر مرّات)». (السيد ابن طاوس، إقبال الأعمال: ج 1، ص 346 – 347)

والدّعاء مشهور جدّاً ولا يَخلو منه مصدر.

 

* في صلاة نوافل شهر رمضان:

قال الشيخ الطوسيّ في (مصباح المتهجّد) وفي (التهذيب):

«ثمّ تصلّي ركعتَين، فإذا فرغتَ فقل:

سُبْحانَ مَنْ أَكْرَمَ مُحَمَّداً، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، سُبْحانَ مَنِ انْتَجَبَ مُحَمَّداً، سُبْحانَ مَنِ انْتَجَبَ عَلِيّاً، سُبْحانَ مَنْ خَصَّ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ، سُبْحانَ مَنْ فَطَمَ بِفاطِمَةَ مَنْ أَحَبَّها مِنَ النّارِ، سُبْحانَ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرْضَ بِإِذْنِهِ، سُبْحانَ مَنِ اسْتَعْبَدَ أَهْلَ السَّماواتِ وَالأَرْضينَ بِوِلايَةِ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، سُبْحانَ مَنْ خَلَقَ الجَنَّةَ لِمُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، سُبْحانَ مَنْ يُورِثُها مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ وشيعَتَهُمْ، سُبْحانَ مَنْ خَلَقَ النّارَ مِنْ أَجْلِ أَعْداءِ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، سُبْحانَ مَنْ يُمَلِّكُها مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ، سُبْحانَ مَنْ خَلَقَ الدُّنْيا وَالآخِرَةَ وَما سَكَنَ في اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، الحَمْدُ للهِ كَما يَنْبَغي للهِ، اللهُ أَكْبَرُ كَما يَنْبَغي للهِ، لا إِلهَ إِلّا اللهُ كَما يَنْبَغي للهِ، سُبْحانَ اللهِ كَما يَنْبَغي للهِ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلّا بِاللهِ كَما يَنْبَغي للهِ، وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَعَلى جَميعِ المُرْسَلينَ حَتّى يَرْضى اللهُ، اللَّهُمَّ من أَياديكَ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصى، ومن نِعَمِكَ وَهِيَ أَجَلُّ مِنْ أَنْ تُغادِرَ، أَنْ يَكونَ عَدُوّي عَدُوَّكَ، وَلا صَبْرَ لي عَلى أَناتِكَ، فَعَجِّلْ هَلاكَهُمْ وَبَوارَهُمْ وَدَمارَهُمْ، ثمّ تصلّي ركعتَين».

 

(الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد: ص 575؛ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام: ج 3، ص 98)

* من أعمال ليلة السبت

قال السيد ابن طاوس، في (جمال الأسبوع):

«ومن عمل ليلة السّبت لمَن يَدْهَمْهُ خوفٌ من سلطانٍ أو من غيره، كما يأتي ذكره بإسنادي إلى جدّي السّعيد أبي جعفر الطوسيّ رضوان الله عليه، قال:

رُوي عن الصّادق (عليه السلام) أنّه قال:

مَنْ دَهَمَهُ أَمْرٌ مِنْ سُلْطانٍ أَوْ مِنْ عَدُوٍّ حاسِدٍ، فَلْيَصُمْ يَوْمَ الأَرْبعاءِ وَالخَميسِ وَالجُمُعَةِ، وَلْيَدْعُ عَشِيَّةَ الجُمُعَةِ لَيْلَةَ السَّبْتِ. وَليَقُلْ في دُعائِهِ: أَيْ رَبَّاهُ، أَيْ سَيِّدَاهُ، أَيْ سَنَدَاهُ، أي أَمَلاَهُ، أَيْ رَجَايَاهُ، أَيْ عِمَادَاهُ، أَيْ كَهْفَاهُ، أَيْ حِصْنَاهُ، أَيْ حِرْزَاهُ، أَيْ فَخْرَاهُ، بِكَ آمَنْتُ وَأَسْلَمْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَلبَابِكَ قَرَعْتُ، وَبِفِنَائِكَ نَزَلْتُ، وَبِحَبْلِكَ اعْتَصَمْتُ، وَبِكَ اسْتَغَثْتُ، وَبِكَ أَعُوذُ وبِكَ أَلُوذُ وَعَلَيْكَ أَتَوَكَّلُ، وإِلَيْكَ أَلْجَأُ وأَعْتَصِمُ وَبِكَ أَسْتَجِيرُ في جَمِيعِ أُمُورِي، وأَنْتَ غِيَاثِي وعِمَادِي وَأَنْتَ عِصْمَتِي وَرَجَائِي، وأَنْتَ اللهُ رَبِّي لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ، سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءاً وَظَلَمْتُ نَفْسِي، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِه واغْفِرْ لِي وارْحَمْنِي، وَخُذْ بِيَدِي وأَنْقِذْنِي، ووفِّقنِي واكْفِنِي، واكْلأْنِي وارْعَنِي في لَيْلِي وَنَهَارِي، وإِمْسَائي وإِصْبَاحِي، وَمَقَامِي وَسَفَرِي، يَا أَجْوَدَ الأَجْوَدِينَ، وَيَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ، وَيَا أَعْدَلَ الفَاضِلِينَ (الفاصلين)، وَيَا إِلهَ الأَوَّلِينَ والآخِرِينَ، وَيَا مَالِكَ يَوْمِ الدِّينِ ويَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، يَا حَيّاً لاَ يَمُوتُ، يَا حَيُّ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ بِمُحَمَّدٍ يَا اللهُ، بِعَلِيٍّ يَا اللهُ، بِفَاطِمَةَ يَا اللهُ، بِالحَسَنِ يَا اللهُ، بِالحُسَينِ يَا اللهُ، بِعَلِيٍّ يَا اللهُ، بِمُحَمَّدٍ يَا اللهُ.

قال الحسن بن محبوب: فعرضتُه على أبي الحسن الرّضا عليه السّلام فزادني فيه: بِجَعْفَرٍ يَا الله، بِمُوسَى يَا الله، بِعَلِيٍّ يَا اللهُ، بِمُحَمَّدٍ يَا الله، بِعَلِيٍّ يَا الله، بالحَسَنِ يَا الله، بِحُجَّتِكَ وخَلِيفَتِكَ في بِلاَدِكَ يَا الله، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وَخُذْ بِنَاصِيَةِ مَنْ أَخَافُهُ (ويسمِّيه باسمه) وَذَلِّلْ لِي صَعْبَهُ وَسَهِّلْ لِي قِيَادَهُ وَرُدَّ عَنِّي نَافِرَةَ قَلْبِهِ، وارْزُقْنِي خَيْرَهُ واصْرِفْ عَنِّي شَرَّهُ، فَإِنِّي بِكَ اللَّهُمَّ أَعُوذُ وَأَلُوذُ، وَبِكَ أَثِقُ وَعَلَيْكَ أَعْتَمِدُ وَأَتَوَكَّلُ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ واصْرِفْهُ عَنِّي، فَإِنَّكَ غِيَاثُ المُسْتَغِيثِينَ وَجَارُ المُسْتَجِيرِينَ وَلَجَأُ اللاَّجِئِينَ وأَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ».

* أضاف السيّد ابن طاوس:

«ومن عملِ ليلة السّبت للفرج عن المسجون، بإسنادي إلى جدّي السعيد أبي جعفر الطوسي رضي الله عنه قال:

وممّا رُوي عن أبي الحسن الكاظم عليه السلام، قال أبو الحسن موسى عليه السلام:

رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ لَيْلَةَ الأَرْبِعاءِ في النَّوْمِ، فَقالَ لي: يا مُوسى أَنْتَ مَحْبوسٌ مَظْلومٌ، وَكَرَّرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ذلك عَلَيَّ ثَلاثاً، ثمّ قال: ﴿..لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾ الأنبياء:111، أَصبِحْ غداً صائِماً، وَأَتْبِعْهُ بِصِيامِ يَوْمِ الخَميسِ وَالجُمُعَةِ، فَإِذا كانَ وَقْتُ العشائَيْنِ عَشِيَّةَ الجُمَعَةِ، فَصَلِّ بَيْنَ العشائَيْنِ اثْنَتي عَشرَةَ رَكْعَةً، تَقْرَأُ في كُلِّ رَكْعَةٍ (الحَمْد) مَرَّة، و(قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ) اثْنَتَي عَشرَةَ مَرَّةً، فَإِذا صَلَّيْتَ أَرْبَعَ رَكَعاتٍ، فَاسْجُدْ وَقُلْ في سُجودِكَ:

أللَّهُمَّ يَا سَابِقَ الفَوْتِ وَيَا سَامِعَ الصَّوْتِ وَيَا مُحْيِيَ العِظَامِ بَعْدَ المَوْتِ وَهِيَ رَمِيمٌ، أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ العَظِيمِ الأَعْظَمِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَتُعَجِّلَ لِيَ الفَرَجَ مِمَّا أنَا فِيهِ. ففعلتُ ذلك فكانَ ما رأيت».

(السّيّد ابن طاوس، جمال الأسبوع: ص 111 – 113)

 

 

يا وجيهاً عند الله، اشفعْ لنا عند الله

هل هناك فرقٌ بين أن نقول: يا الله، اغفِر لنا بشفاعة النّبيّ وأهل بيتِه، أو بحقّهم، وبين أن نقول: يا وجيهاً عندَ الله اشفعْ لنا عندَ الله؟

يصرّح بعض محاربي التوسّل بشدّة - ويتابعهم بعض المتأثّرين بهم، من مقلّديهم - بأنّهم يقبلون أن تقول: «اللّهمّ بحقّ نبيّك - أو أحد من أهل البيت - اغفر لنا»، إلّا أنّهم يحاربون بشدّة أن تقول: «يا وجيهاً عند الله، اشفع لنا عند الله»!!

فهل هناك فرقٌ موضوعيّ بين الطّريقتَين في طلب المغفرة والشفاعة؟ أم أنّها تعابيرُ شتّى والمعنى واحد، وهذا المعنى هو الجامع المشترك بين كلّ هذه التعابير، وهو بالتّحديد الطلب من المعصوم، سواء كان هذا الطلب طلبَ شفاعة، أو استغفار، أو أيّ حاجة من الحوائج كالرزق، أو الولد، وما شابه ذلك؟

النتيجة التي ينتهي إليها التدقيق والتحليل، هي أنّه لا فرقَ بين هذه الموارد جميعاً، فإنْ جاز العنوان والمفهوم المنطبق عليها؛ وهو الطَّلب من المخلوق، كانت كلّ مفرداته ومصاديقه جائزة شرعاً وعقلاً، وليس في أيٍّ منها أي شُبهة شرك، والعياذ بالله تعالى.

تتّضح هذه النتيجة بالإجابة على الأسئلة التالية:

v   ما هو رأيُ القرآن الكريم في ذلك، وهل فيه ما يقطعُ النزاع؟

v   وما هو رأي الروايات عن المعصومين عليهم السّلام؟

v   وماذا يقول الفقهاء؟

وللحصول على جوابٍ حاسم، ستكون الوقفة هنا في هذه المحطّات الثلاث المتقدّمة:

1) القرآن الكريم:

حكايةً عن أبناء النبي يعقوب على نبيّنا وآله وعليه السلام، وجوابه لهم، قال تعالى: ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ * قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ يوسف:97-98.

والآيتان واضحتان جداً في الدلالة على جواز الطلب من المعصوم، بدليل أنّ النبيّ يعقوب عليه السلام لم يُنكر عليهم، بل وعدَهم بالاستغفار لهم.

والسؤال الجواب هنا: ما هو الفرق بين ﴿ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا..﴾، وبين «يَا رسولَ الله اشفَعْ لنا»؟ ولماذا كلّ هذا النّكير على مَن يقرأ دعاء التوسّل لأنّ فيه في ختام كلّ فقرة: «يا وَجيهاً عِنْدَ اللهِ اشْفَعْ لَنا عِنْدَ اللهِ؟!!».

وإذا لاحظنا أنّ الطلب الذي نقدّمه بلفظ «يا وَجِيهاً عِنْدَ اللهِ اشْفَعْ لَنا عِنْدَ اللهِ» إنّما هو بلحاظ أنّ المعصوم لا حولَ له ولا قوّة إلّا بالله تعالى، ولشدّة عبوديّته لله تعالى صار وجيهاً عنده، فسنجد أنّنا أمام ثلاث نتائج مركزيّة:

الأولى: أنّ هذا الطلب في حقيقته طلبٌ من الله تعالى، الذي بيده الحَول والطَّول، وهو المُعطي والمانع، وله القدرة والآلاء والعظَمة والكبرياء.

الثانية: أنّ هذا الطّلب هو تماماً كأن تقول: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي بِحَقِّ المَعْصومِ»، وأيُّ تفريق بينهما لا يستند إلى أيّ دليل علميّ، بل هو تفريق بلا فارق.

الثالثة: أنّ كلّ عبارات الطلب من المعصوم، وعبارات الطلب من الله تعالى بحقّ المعصوم، هي بمعنى ما يقوله المؤمن للمؤمن: «أسألُك الدّعاء». ولا يشكّ متشرّع أبداً في مشروعيّة طلب الدّعاء من المؤمن.

 قال تعالى: ﴿..قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ..﴾ الأعراف:134. وقد جاء في ثلاث آيات متتاليات من سورة البقرة قوله تعالى: ﴿..قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا..﴾ البقرة: 68 و69 و70.

وعوداً على بدء، ما الفرق بين ﴿..يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ..﴾، وبين «يَا وَجِيهاً عندَ اللهِ اشفَع لنا عند الله».

 

2) الروايات:

والمراد هنا من «الرّوايات» ما يشمل «الدّعاء» باعتبار أنّ نصوصه مرويّة عن المعصومين عليهم السّلام.

وتنقسم نصوص التّوسّل بالنّبيّ وآله صلّى الله عليه وآله، إلى ثلاثة:

الأوّل: الطّلب من الله تعالى مباشرة بحقّ المعصوم، وهو الأكثر بنسبة كبيرة جداً.

الثاني: الطّلب من المعصوم، وهو كثير، لكنّه لا يبلغ - فيما رأيت - كثرةَ القسم الأول.

الثالث: ما يجمع بين الطَّلب من الله تعالى مباشرة، والطلب من المعصوم، بما آتاه الله تعالى.

***

* من القسم الأول، ما أورده السيد البروجردي رحمه الله تعالى، في (جامع أحاديث الشيعة: ج 15،  ص 246)، نقلاً عن (عدّة الدّاعي): «عَنْ سَمَاعَةَ: قَالَ لِي أَبُو الْحَسَن عَلَيْهِ السَّلامُ: إِذَا كَانَت لَكَ يَا سَمَاعَةُ حَاجَةٌ فَقُل: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وعَلِيٍّ فَإِنَّ لَهُمَا عِنْدَكَ شَأْناً مِنَ الشَّأْنِ، وقَدْراً مِنَ الْقَدْرِ، فَبِحَقِّ ذَلِكَ الشَّأْنِ وبِحَقِّ ذَلِكَ الْقَدْرِ أَنْ تَفْعَلَ بِي كَذَا وكَذَا - فَإِنَّه إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ لَمْ يَبْقَ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ولَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ ولَا عبدٌ مُؤْمِنٌ امْتَحَنَ اللهُ قَلبَهُ للإيمانِ إِلَّا وهُوَ محْتَاجٌ إِلَيْهِمَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ» .

ومصاديق هذا القسم كثيرة جدّاً بل هي الغالب في نصوص التّوسّل، كما تقدّم قبل قليل.

***

* ومن القسم الثاني: وهو الطلب من الله تعالى بواسطة الطلب من المعصوم، الدعاء الذي ورد فيه: «يا مُحَمَّدُ، يا عَلِيُّ، يا عَلِيُّ يا مُحَمَّدُ».

ورد هذا التعبير في الدعاء المعروف بـ «دعاء الفرج»، وهو دعاء متكرّر في المصادر، في نصوص مختلفة:

1) فتارةً نجده في دعاء، بعد صلاة تعرَف باسم صلاة المهديّ عليه السلام، كما ورد في (وسائل الشيعة: ج 8، 185)، نقلاً عن السّيد ابن طاوس في (جمال الأسبوع: انظر: ص 181)، ومنه نقل المحدّث القمّيّ ما أوردَه في (مفاتيح الجنان).

2) وتارةً نجده مرويّاً بعد زيارة الإمام المهديّ عليه السلام في سامرّاء، وصلاة ركعتَين بعدها، ثمّ قراءة هذا الدّعاء، وممّن روى ذلك الشّيخ بهاء الدّين العامليّ، في (جامع عبّاسيّ، فارسيّ، ص 168)، وسيأتي نصّ الزيارة والدعاء بتمامه.

3) وتارة نجده مرويّاً بعد صلاة ركعتَين، ويختم به دعاء طويل، ولا تُذكر قبله فقرات «..عَظُمَ البلاءُ وبَرحَ الخَفاءُ..» كما نجد في النّصّ التالي الذي رواه «الطّبري- الإمامي» في كتابه (دلائل الإمامة، ص 552)، وهو طويل يتحدّث في بدايته «أبو الحسين ابن أبي البغل» الآتي بعضُ كلامه، ومنه أنّه كان اختفى من بعض السلاطين، فرأى مَن يظنّه صاحبَ الزمان عجّل الله تعالى فرجه، وأنّه عليه السّلام قال له: «يا أَبا الحُسَيْنِ بْنَ أَبي البَغْلِ، أَيْنَ أَنْتَ عَنْ دُعاءِ الفَرَجِ؟

فقلت: وما هو يا سيّدي؟

فقال: تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَتَقولُ: (يا مَنْ أَظْهَرَ الجَميلَ، وَسَتَرَ القَبيحَ، يا مَنْ لَمْ يُؤاخِذْ بِالجَريرَةِ، وَلَم يَهْتِكِ السِّتْرَ، يا عَظيمَ المَنِّ، يا كَريمَ الصَّفْحِ، يا حَسَنَ التَّجاوُزِ، يا واسِعَ المَغْفِرَةِ، يا باسِطَ اليَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ، يا مُنْتَهى كُلِّ نَجْوى، يا غايَةَ كُلِّ شَكْوى، يا عَوْنَ كُلِّ مُسْتَعينٍ، يا مُبْتَدِئاً بِالنَّعَمِ قَبْلَ اسْتِحْقاقِها، يا رَبّاهُ (عشر مرّات) - يا سَيِّداهُ (عشر مرّات) - يا مَوْلاياهُ (عشر مرّات) - يا غايَتاه (عشر مرّات) - يا مُنْتَهى رَغْبَتاهُ (عشر مرّات) - أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هَذِهِ الأَسْماءِ، وَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ إِلّا ما كَشَفْتَ كَرْبي، وَنَفَّسْتَ هَمّي، وَفَرَّجْتَ عَنّي، وَأَصْلَحْتَ حالي) وَتَدْعو بَعْدَ ذَلِكَ بِما شِئْتَ وَتَسْأَلُ حاجَتَكَ.

ثُمَّ تَضَعُ خَدَّكَ الأَيْمَنَ عَلى الأَرْضِ وَتَقولُ مائَةَ مَرَّةٍ في سُجودِكَ: (يا مُحَمَّدُ يا عَلِيُّ، يا عَلِيُّ يا مُحَمَّدُ، اكْفِيانِي فَإِنَّكُما كافِياي، وَانْصُراني فَإِنَّكُما نَاصِراي).

وَتَضَعُ خَدَّكَ الأَيْسَرَ عَلى الأَرْضِ، وَتَقولُ مائَةَ مَرَّةٍ (أَدْرِكْني) وَتُكَرِّرُها كَثيراً، وَتَقولُ: (الغَوْثَ الغَوْثَ) حَتَّى يَنْقَطِعَ نَفَسُكَ؛ وَتَرْفَعُ رَأْسَكَ، فَإِنَّ اللهَ بِكَرَمِهِ يَقْضي حاجَتَكَ إِنْ شاءَ اللهُ (تَعالى)».

***

* وقد رُويت الفقرات الأخيرة باختلافٍ عمّا ورد هنا برواية (دلائل الإمامة)، وممّن روى هذا الاختلاف السيّد ابن طاوس في (جمال الأسبوع) فقد أورد الفقرات الأخيرة كما يلي: «..يَا مُحَمَّدُ يَا عَلِيُّ يَا عَلِيُّ يَا مُحَمَّدُ، اكْفِيَانِي فَإِنَّكُمَا كَافِيَايَ، يَا مُحَمَّدُ يَا عَلِيُّ يَا عَلِيُّ يَا مُحَمَّدُ، انْصُرَانِي فَإِنَّكُمَا نَاصِرَايَ، يَا مُحَمَّدُ يَا عَلِيُّ يَا عَلِيُّ يَا مُحَمَّدُ احْفَظَانِي فَإِنَّكُمَا حَافِظَايَ، يَا مَوْلايَ يَا صَاحِبَ الزَّمَانِ (ثلاث مرّات) الْغَوْثَ الْغَوْثَ الْغَوْثَ، أَدْرِكْنِي أَدْرِكْنِي أَدْرِكْنِي، الأَمَانَ الأَمَانَ الأَمَانَ».

* اكفياني فإنّكما كافيان..

جاء في (صراط النجاة: ج 6، ص 395) جواب المرجع الديني الراحل، الشيخ جواد التبريزي رحمه الله، على سؤالٍ وُجِّه إليه حولَ ما ورد في هذا الدعاء: «اكْفِيَانِي فَإِنَّكُمَا كَافِيَان..» وفي ما يلي نصّ السؤال والجواب:

«السؤال (1386): هناك بعض الطَّلبة مَن يشكّك في (دعاء الفرج) وخصوصاً عبارة (يا محمّد يا عليّ، يا عليّ يا محمّد اِكفياني فإنّكما كافيان، وانصراني فإنّكما ناصران..)، ما هو الرّد على هؤلاء وهل هذا الدّعاء صحيح أم لا؟

[الجواب]: باسمه تعالى: هذا الدّعاء كبَعض الأدعية المعروفة، والمراد بالعبارة المزبورة (اكفياني فإنّكما كافيان) إشارة إلى قوله تعالى ﴿..وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ..﴾، حيث إنّ الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلَّم وعليّاً عليه السّلام وسيلةٌ لنا في طلب حاجاتنا من الله تعالى، وأن يغفر لنا ذنوبنا كما كان النّبيّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يستغفر للمُذنبين، والله العالم».

* اتّحاد النّبيّ والوصيّ: ﴿ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ﴾:

يغفل مَن يحارب هذا الدّعاء عن حقيقة أنّ من أبرز تجلّيات الإعجاز في المفاهيم الإسلامية هذا التناسق البديع في بناء منظومتها الثقافية – الاعتقاديّة بين الأُسس والمفردات.

وفي ما نحن فيه: تتجلّى روعة هذا الإعجاز في أنّ كلّ ما يؤكّد اتّحاد النبيّ والوصيّ يقف في سياق تعزيز الأصل الذي ثبّته القرآن الكريم في باب اتّحادهما، كما في آية المباهلة ﴿.. وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ..﴾ آل عمران:61.

وقد مضت سيرة العلماء عبر القرون على ربط هذه المفردات الفرعيّة بهذا الأصل، لأنّها تعزيزٌ له وتدريبٌ للأجيال عليه.

من المفردات التي تلتقي مع «دعاء الفرج» ما ورد حول زيارة الأمير عليه السّلام في يوم المبعث الشّريف، وهو أمرٌ متسالم عليه بين العلماء.

قال السيد ابن طاوس في (إقبال الأعمال: ج 3، ص 274):

«وينبغي أن تزور سيّدنا رسولَ الله ومولانا عليّ بن أبي طالب عليهما السلام في يوم المبعث بالزّيارتين اللّتين ذكرناهما لهما عليهما السّلام في عمل اليوم السابع عشر من ربيع الأوّل من هذا الجزء».

وفي كلمات العلماء الأعلام، وكبار الفقهاء الكثير ممّا يؤكّد هذه الحقيقة.

وبناءً عليه، فإن عبارات «يا محمّد يا عليّ، يا عليّ يا محمّد، اكفياني فإنّكما كافيان، وانصراني فإنّكما ناصران» هي بمعنى ﴿وأنفسَنا وأنفسَكم﴾ والمعترضون على هذه الفقرات، يعترضون على كلام الله تعالى، وهم لا يشعرون.

رأي السيّد الخوئي، والشيخ السبحاني

ما يلي، رأي مرجعَين دينيّين، أحدهما السّيّد الخوئي رحمه الله تعالى والثّاني الشّيخ السّبحاني.

سُئل السّيّد الخوئي عن طلب الحاجة من المعصوم مباشرة، فأجاب بجواز ذلك إنْ كان المقصود هو الطّلب من الله تعالى بظاهر الطَّلب من المعصوم.

وهذا نصّ السؤال والجواب:

«سؤال 1306: هل يجوز طلب الولد أو الرزق أو الحفظ والأمان إلخ... من المعصومين عليهم السلام مباشرة - لا لأنّهم يخلقون أو يرزقون، وإنّما لأنهم الوسيلة إلى الله تعالى والشفعاء إليه بقضاء الحاجات، ولأنهم لا يفعلون شيئاً إلا بإذنه جلّ شأنه، فهم يسألونه فيخلق ويسألونه فيرزق، ولا تردّ لهم مسألة أو دعاء لمنزلتهم منه، جلّ شأنه، ولولايتهم علينا، وقد قال تعالى: ﴿..وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ..﴾ و﴿..يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ..﴾ الإسراء:57؟

الخوئي: لا بأس، بذلك القصد».

(صراط النجاة: ج 1، ص 466)

* وسُئل المرجع الديني المعاصر الشيخ السبحاني:

«هل يصحّ أن يقول الإنسان: يا رسول الله يا وجيهاً عند الله شفع لي عند الله؟

الجواب هو: إنّ هذا الموضوع كان محلّ اتّفاق وإجماع بين جميع المسلمين إلى القرن الثامن، ولم يُنكره إلّا أشخاص معدودون من منتصف القرن الثامن، حيث خالفوا طلب الشّفاعة من الشّفعاء المأذون لهم، ولم يجوِّزوه، في حين أنّ الآيات القرآنية والأحاديث النّبويّة المعتبرة، وسيرة المسلمين المستمرّة تشهد جميعها بجوازه، وذلك لأنّ الشفاعة هو دعاؤهم للأشخاص، ومن الواضح أنّ طلب الدّعاء من المؤمن العادي (فضلاً عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم) أمر جائزٌ ومستحسنٌ، بلا ريب.

ولقد روى ابن عباس عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ما يستفاد منه بوضوح بأنّ شفاعة المؤمن هو دعاؤه في حقّ الآخرين، فقد قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: (ما مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَموتُ فَيَقومُ عَلى جَنازَتِهِ أَرْبعونَ رَجُلاً لا يُشْرِكونَ بِاللهِ شَيْئاً إِلّا شَفَّعَهُمُ اللهُ فيهِ).

ومن البديهيّ والواضح أنّ شفاعة أربعين مؤمناً عند الصّلاة على الميّت ليس سوى دعائهم لذلك الميت.

ولو تصفّحنا التّاريخ الإسلامي لَوجدنا أنّ الصحابة كانوا يطلبون الشّفاعة من النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم.

فها هو التّرمذي يروي عن أنس بن مالك أنّه قال: سألتُ النّبيّ أن يشفع لي يوم القيامة فقال: أَنا فاعِلٌ.

قلت: فَأَيْنَ أَطْلُبُكَ؟

فقال: على الصِّراطِ.

ومع الأخذ بنظر الاعتبار أنّ حقيقة الاستشفاع ليست سوى طلب الدّعاء من الشّفيع، يمكن الإشارة إلى نماذج من هذا الأمر في القرآن الكريم نفسه:

1) طلب أبناء يعقوب من أبيهم أن يستغفر لهم، وقد وعدهم بذلك ووفى بوعده، يقول تعالى: ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ * قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي..﴾ يوسف:97-98.

2) يقول القرآن الكريم: ﴿..وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ النّساء:64.

3) يقول في شأن المنافقين: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ﴾ المنافقون:5». ".."

(السبحاني، العقيدة الإسلامية عى ضوء مدرسة أهل البيت عليهم السلام)

***

* ومن القسم الثالث: وهو ما يجمع بين الطلب من الله تعالى مباشرة، وبين الطلب منه تعالى بواسطة الطلب من المعصوم، هذا العمل المرويّ عن الإمام الصّادق عليه السّلام:

* أورد الحرّ العاملي، في (وسائل الشيعة: ج 8، ص 125)، عن الشيخ الطوسي في (الأمالي)، مسنداً، ما يلي:

«.. جاء رجل إلى سيِّدنا الصّادق عليه السّلام فقال له: يا سيِّدي أَشْكُو إليك دَيْناً رَكِبَني، وسُلطاناً غَشمني، فقال: إِذا جَنَّكَ اللَّيْلُ فَصَلِّ رَكْعَتَيْن، اقْرَأْ في الأُولى مِنْهُما (الحمد) وآية (الكرسيّ)، وَفي الرَّكْعَةِ الثّانِيَةِ (الحمد) وَآخِرِ (الحَشْرِ): ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ..﴾ الحشر:21 إلى آخر السّورة، ثُمَّ خُذِ المُصْحَفَ فَدَعْهُ عَلى رَأْسِكَ وَقُلْ: (بِحَقِّ هَذا القُرْآنِ وَبِحَقِّ مَنْ أَرْسَلْتَهُ، وَبِحَقِّ كُلِّ مُؤْمِنٍ فيهِ، وَبِحَقِّكَ عَلَيْهِمْ فَلا أَحَدَ أَعْرَفُ بِحَقِّكَ مِنْكَ، بِكَ يا اللهُ (عشر مرّات)، ثُمَّ تَقولُ: يا مُحَمَّدُ (عشر مرّات)، يا عَلِيُّ (عشر مرّات)، يا فاطِمَةُ (عشر مرّات)، يا حَسَنُ (عشر مرّات)، يا حُسَيْنُ (عشر مرّات)، يا عَلِيَّ بْنَ الحُسَيْنِ (عشر مرّات)، يا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ (عشر مرّات)، يا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عشر مرّات)، يا موسى بْنَ جَعْفَرٍ (عشر مرّات)، يا عَلِيَّ بْنَ موسى (عشر مرّات)، يا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ (عشر مرّات)، يا عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ (عشر مرّات)، يا حَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ (عشراً)، يا الحُجَّة (عشراً)، ثُمَّ تَسْأَلُ اللهَ حاجَتَكَ، قال: فمَضى الرّجل وعاد إليه بعد مدّة وقد قُضي دينُه وصلُح له سلطانُه وعظُم يسارُه».

 

الاستغاثة توسّل المضطرّ

من أبرز نصوص التوسّل، جملة من الأعمال التي سُمِّيت بـ «الاستغاثة»، ومن الواضح أنّ مَن يستغيث هو متوسّل ألحّت عليه الحاجة إلى حدّ الاضطرار، ومن اللافت في نصوص الاسغاثة تعدّدها في مجال الاستغاثة بالصدّيقة الكبرى عليها السّلام، كما نجد في ما يلي:

* الاستغاثة بالزّهراء عليها السّلام

أورد «الشّيخ جواد القيوميّ» في (صحيفة الزّهراء عليها السّلام) أربع استغاثات بهذا الاسم: «الاستغاثة بالزّهراء عليها السّلام»

* الاستغاثة الأولى:

«عن الإمام الصّادق عليه السّلام: إِذا كانَتْ لِأَحَدِكُمُ اسْتِغاثَةٌ إِلى اللهِ تَعالى، فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَسْجُدُ وَيَقولُ: يا مُحَمَّدُ يا رَسولَ اللهِ، يا عَلِيُّ يا سَيِّدَ المُؤْمِنينَ وَالمُؤْمِناتِ، بِكُما أَسْتَغيثُ إِلى اللهِ تَعالى، يا مُحَمَّدُ يا عَلِيُّ، أَسْتَغيثُ بِكُما، يَا غَوْثاهُ بِاللهِ وَبِمُحَمَّدٍ وَعَلَيٍّ وَفاطِمَةَ، وَتَعُدُّ الأَئِمَّةَ عليهم السلام [والحسنِ والحسينِ، وَعَلِيٍّ وَمُحَمَّدٍ وَجَعْفَرٍ وَموسى، وعليٍّ وَمُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَالحَسَنِ وَالحُجَّةِ المُنْتَظَرِ] بِكُمْ أَتَوَسَّلُ إِلى اللهِ تَعالى.

فإنّك تُغاثُ من ساعتِك إن شاءَ اللهُ تعالى».

* الاستغاثة الثانية:

«عن الصّادق عليه السّلام: «إِذا كانَتْ لَكَ حاجَةٌ إِلى الله تَعالى وَتَضيقُ بِها ذَرْعاً:

1-   فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ.

2-    فَإِذا سَلَّمْتَ كَبِّرِ اللهَ ثَلاثاً، وَسَبِّحْ تَسْبيحَ فاطِمَةَ عَلَيْها السَّلامُ.

3-    ثُمَّ اسْجُدْ وَقُلْ مائَةَ مَرَّةٍ: يا مَوْلاتي فاطِمَة، أَغيثيني.

4-    ثُمَّ ضعْ خَدَّكَ الأَيْمَنَ عَلى الأَرْضِ وَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ.

5-    ثُمَّ عُدْ إِلى السُّجودِ وَقُلْ ذَلِكَ مائَةَ مَرَّةٍ وَعَشْرَ مَرَّاتٍ.

واذكر حاجتَك، فإنّ الله يقضيها».

* الاستغاثة الثالثة:

«1- تُصلّي ركعتَين.

2- ثمّ تسجد وتقول: يا فاطمِةُ. مائة مرّة.

3- ثمّ تضع خدّك الأيمن على الأرض وتقول مثلَ ذلك.

4- ثمّ تضع خدّك الأيسَر على الأرض وتقول مثلَه.

5- ثمّ اسجد وقل ذلك مائة وعشر مرّات.

ثمّ تقول: يا آمِناً مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْكَ خائِفٌ حَذِرٌ، أَسْأَلُكَ بِأَمْنِكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَخَوْفِ كُلِّ شَيْءٍ مِنْكَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُعْطيَني أَماناً لِنَفْسي، وَأَهْلي وَمالي وَوُلْدي، حَتّى لا أَخافَ أَحداً وَلا أَحْذَرَ مِنْ شَيْءٍ أَبَداً، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ».

* الاستغاثة الرابعة:

«تقول خمسمائة وثلاثين مرّة: اللّهمّ صلِّ على فاطمِةَ وَأَبيها، وَبَعْلِها وَبَنيها، بِعَدَدِ ما أَحاطَ بِهِ عِلْمُكَ».

* الاستغاثة بالإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجَه الشّريف

من الروايات التي وردت فيها الاستغاثة بالمهديّ، زيارتُه عليه السلام في سامرّاء، وصلاة ركعتَين ثمّ الدّعاء بعدها بدعاء الفرج، وقد تقدّمت الإشارة إليه، ما رواه الشّيخ بهاء الدّين العامليّ في (جامع عبّاسي، فارسيّ) ، ما ترجمته:

«زيارة حضرة صاحب الزّمان عليه السّلام:

اِعلم أنّك إن أردت زيارة حضرته عليه السلام في سامرّاء، فاغتسل، والبس ثوباً نظيفاً، وتوجّه إليه في السّرداب، وقل:

السَّلامُ عَلى الحَقِّ الجَدِيدِ وَالعالِمِ الَّذِي عِلْمُهُ لا يَبِيدُ، السَّلامُ عَلى مُحْيي المُؤْمِنِينَ وَمُميتِ الكافِرِينَ، السَّلامُ عَلى مَهْدِيِّ الأُمَمِ وَجامِعِ الكَلِمِ، السَّلامُ عَلى خَلَفِ السَّلَفِ وَصاحِبِ الشَّرَفِ، السَّلامُ عَلى حُجَّةِ المَعْبُودِ وَكَلِمَةِ المَحْمُودِ، السَّلامُ عَلى مُعِزِّ الأوْلِياءِ وَمُذِلِّ الأعْداءِ، السَّلامُ عَلى وَارِثِ الأنْبِياءِ وَخاتَمِ الأوْصِياءِ، السَّلامُ عَلى الإمام المُنْتَظَرِ والغائِبِ المُستَتِرِ، السَّلامُ عَلى السَّيْفِ الشَّاهِرِ وَالقَمَرِ الزَّاهِرِ وَالنُّورِ الباهِرِ، السَّلامُ عَلى شَمْسِ الظَّلامِ وَبَدْرِ التَّمامِ.

السَّلامُ عَلى رَبِيعِ الأيّامِ وَفِطْرَةِ الأنَامِ، السَّلامُ عَلى صاحِبِ الصَّمْصامِ وَفَلّاقِ الهَام.

السَّلامُ عَلى صاحبِ الدِّينِ المَأْثُورِ وَالكِتابِ المَسْطُورِ، السَّلامُ عَلى بَقِيَّةِ الله فِي أرضه وَحُجَّتِهِ عَلى عِبادِهِ، والمُنْتَهي إِلَيْهِ مَوارِيثُ الأَنْبِياءِ وَلَدَيْهِ مَوْجُودٌ آثارُ الأصْفِياء.

السَّلامُ على المُؤْتَمَنِ عَلى السِّرِّ والعلَنِ وَلِيِّ الأُمَم، السَّلامُ عَلى المَهْدِيِّ الَّذِي وَعَدَ اللهُ عَزّ وَجَّل بِهِ الأمَمَ، يَجْمَعُ بِهِ الكَلِمَ وَيَلُمُّ بِهِ الشَّعَثَ وَيَمْلأُ بِهِ الأرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً وَيُمَكِّنُ لَهُ وَيُنْجِزُ بِهِ وَعْدَ المُؤْمِنِينَ. أَشْهَدُ أَنَّكَ وَالأَئِمَّةَ مِنْ آبائِكَ أَئِمَّتِي وَمَوالِيَّ فِي الحَياةِ الدُّنْيا، وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهادُ، أَسْأَلُكَ يا مَوْلايَ أَنْ تَسْأَلَ اللهَ، تَبارَكَ وَتَعالى، فِي صَلاحِ شَأْنِي وَقَضاءِ حَوائِجِي وَغُفرانِ ذُنُوبِي وَالأخْذِ بِيَدِي فِي دِينِي وَدُنْيايَ وَآخِرَتِي، وَلكافّةِ إِخْوانِي المُؤْمِنِينَ وَالمُوْمِناتِ إِنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.

وَصَلَّى اللهُ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ رَسولِ اللهِ وَآلِ مُحَمَّدٍ الطَّاهِرينَ.

* ثم صلّ ركعتَين واقرأ هذا الدّعاء:

اللَّهُمَّ عَظُمَ البَلاءُ وَبَرِحَ الخَفاءُ وَانْكَشَفَ الغِطاءُ وَضاقَتِ الأرْضُ وَمَنَعَتِ السَّماء، وَإِلَيْكَ يا رَبِّ المُشْتَكى وَعَلَيْكَ المُعَوَّلُ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخاءِ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الَّذِينَ فَرَضْتَ عَلَيْنا طاعَتَهُمْ فَعَرَّفْتَنا بِذلِكَ مَنْزِلَتَهُمْ، فَرِّجْ عَنَّا بِحَقِّهِمْ فَرَجاً عاجِلاً كَلَمْحِ البَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْ ذلِكَ، يا مُحَمَّدُ يا عَلِيُّ انْصُرانِي فَإِنَّكُما ناصِراي وَاكْفِيانِي فَإِنَّكُما كافِياي [كافيان]، يا مَوْلايَ يا صاحِبَ الزَّمانِ الغَوْثَ الغَوْثَ، أَدْرِكْنِي أَدْرِكْنِي أَدْرِكْنِي».

 

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

منذ يوم

دوريات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات