بسملة

بسملة

منذ يومين

لا تقولوا «التكفيريّين»، بل قولوا: «الوهّابيّين التّكفيريّين»


لا تقولوا «التكفيريّين»، بل قولوا: «الوهّابيّين التّكفيريّين»

بقلم: الشيخ حسين كوراني

الخَليّة الأولى من خلايا «الغدّة السرطانيّة» كانت بوجهَين: الوهّابيّ أولاً، و«الإسرائيليّ» ثانياً. يدرك كلّ مُنصف سذاجةَ أن يكون «بلفور» أقدمَ على «وعْده» بمعزلٍ عن تأمين «الحاضنة» للّقيط الصهيونيّ.

كيف يعقل أن تُقدِم بريطانيا – آنذاك - على تجميع طلائع شذّاذ الآفاق وتحشيدهم في قلب قدس عشرات الملايين، وتطمئن «العجوز الثعلب» إلى سلامتهم وقدرتهم على إخضاع الشعب العربي ومَن والاه وقَرُب منه من المسلمين، لولا ارتكاز «الشمطاء» إلى المشروع الوهّابيّ الذي تغلغلَ في نسيج الثقافة الإسلاميّة، كما يجري الشيطان مَجرى الدم و«النفط»!

في (مذكّراته) يتحدّث «لورانس» المُضاف إلى العرب إضافةَ تجسسٍ واستهزاء، كيف قطع - على ذمّته - في يومٍ واحدٍ على ناقة مسافة 220 كلم لإيصال رسالة إلى الجنرال اللّنبي، وكيف كان يعلم أنّه يكذب على المسمّى «الشريف حسين» لمصلحة بريطانيا.

في تلك الفترة بدأ تكوّن الوجه الوهّابيّ – الأصل - للغدّة السرطانيّة. من أجله وله كان إخضاع الحرمَين والأمّة لنكراء الوهّابيّة وأبي سفيان الحليف التاريخيّ ليهود «قريظة» و«بني النضير» و«القَينُقَاع».

***

متعذّرٌ، أن يُجيد قراءة المشهد السياسيّ الراهن – وتاريخ هذا القرن، والمستقبل - مَن لا يُوقن بأنّ الوهّابيّة قد شكّلت عَضُدَ «الرافعة السياسيّة والأمنيّة والعسكريّة» للعدوّ الصهيوني.

ومحالٌ، أن يفقه من المشهد السياسيّ شيئاً مَن لا يوقن بالقواسم المشتركة في المنطلقات والأهداف بين الوهّابيّين والصهاينة والمخابرات البريطانيّة، أيّام كانت بريطانيا القطب الأوحد، والمخابرات الأميركيّة والاستكبار العالميّ عموماً والغربيّ منه بالخصوص.

أبرز القواسم المشتركة في المنطلقات «العداءُ لرسول الله»، وفي الأهداف «الإساءةُ إلى رسول الله»، إدراكاً منهم لمعادلة أنّ بقاء الأمّة والرسالة رهن بقاء تقديس الأمّة للرسول صلّى الله عليه وآله.

***

عداء غير الوهّابيّين من قائمة الشرّ هذه، لسَيّد النبيّين، لا يحتاج إلى دليل.

أمّا عداء الوهّابيّين المبطّن للرّسول فهو بيتُ القصيد.

يدلّ على شِركهم وتَباينهم العقائديّ مع المسلمين، أنّهم «مجسِّمون»، تبعاً لابن تيميّة شيخ شيخِهم «محمّد عبد الوهّاب».

يَصِفُ الرحّالة «ابن بطوطة» «ابن تيميّة» بأنّه «في عقله شيء» أي كان مختلّاً.

وينقل كيف رأى «ابن تيميّة» وسمعَه في دمشق يصرّح بـ: «التجسيم» قولاً ويطّبقُه بمثالٍ عَمليّ.

قال ابن بطوطة في (رحلته: ص 90/91): «وكان بدمشق من كبار الفقهاء الحنابلة تقي الدين بن تيميّة كبير الشام يتكلّم في الفنون. إلّا أنّ في عقله شيئاً. ".." حضرْتُه يوم الجمعة وهو يَعِظُ الناس على منبر الجامع ويذكّرهم. فكان من جملة كلامه أنْ قال: إنّ الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا، ونزل درجةً من درج المنبر، فعارضه فقيهٌ مالكيّ يعرَف بابن الزهراء، وأنكر ما تكلّم به. فقامت العامّة إلى هذا الفقيه وضربوه بالأيدي والنعال ضرباً كثيراً حتّى سقطت عمامتُه ".." واحتملوه إلى دار عزّ الدين بن مسلم قاضي الحنابلة فأمر بسجنه وعزّره بعد ذلك. فأنكر فقهاء المالكيّة والشافعيّة ما كان من تعزيره ورفعوا الأمر إلى ملك الأمراء سيف الدين تنكيز ".." فكتب إلى الملك الناصر بذلك وكتب عقداً شرعيّاً على ابن تيميّة بأمور منكَرة منها أنّ ".." المسافر الذي ينوي بسفره زيارة القبر الشريف - زاده الله طِيباً - لا يقصّر الصلاة [يقصد أنه لا يجوز السفر بنيّة زيارة قبر الرسول، ويكون السفر بهذه النيّة معصيَة، لا يصحّ فيه تقصير الصلاة] وسوى ذلك ما يُشبهه، وبعث العقد إلى الملك الناصر، فأمر بسجن ابن تيميّة بالقلعة، فسُجن بها حتّى مات في السجن».

***

* حول زيارة النبيّ صلّى الله عليه وآله يقول ابن تيميّة (في الفتاوى الكبرى: ج 5/147):

«وَأَمَّا زِيَارَتُهُ فَلَيْسَتْ وَاجِبَةً بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، بَلْ لَيْسَ فِيهَا أَمْرٌ فِي الْكِتَابِ وَلَا فِي السُّنَّةِ، وَإِنَّمَا الْأَمْرُ الْمَوْجُودُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَالتَّسْلِيمُ فَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً».

* وحول زيارة القبر الشريف، يقول في المصدر ذاته:

«.. وَأَمَّا إذَا كَانَ قَصْدُهُ بِالسَّفَرِ زِيَارَةَ قَبْرِ النَّبِيِّ دُونَ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِهِ، فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا خِلَافٌ، فَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَلَا مَأْمُورٍ بِهِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ : (لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى)».

* وفي الحثّ على عدم الاقتراب من القبر والاكتفاء بالسلام عليه صلّى الله عليه وآله عند الدخول إلى المسجد، يقول ابن تيميّة في (مجموعة الفتاوى: ج 27/414):

«.. فَقَد اسْتُحِبَّ لِكُلِّ مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ ".." فَهَذَا السَّلَامُ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ كُلَّمَا يَدْخُلُ يُغْنِي عَنْ السَّلَامِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَبْرِ».

* وحول أنّ السّلام على رسول الله صلّى الله عليه وآله، كالسّلام على أيّ مسلم، يقول ابن تيميّة في المصدر المتقدّم 415):

«الَّذِي يُسْتَحَبُّ عِنْدَ قَبْرِهِ الْمُكَرَّمِ مِن السَّلَامِ عَلَيْهِ هُوَ سَلَامُ التَّحِيَّةِ عِنْدَ اللِّقَاءِ، كَمَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ عِنْدَ قَبْرِ كُلِّ مُسْلِمٍ وَعِنْدَ لِقَائِهِ فَيُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ».

****

يجمع (الفتاوى) المتقدّمة محورٌ واحدٌ هو «إضعافُ علاقة الأمّة برسول الله صلّى الله عليه وآله»، بحجّة حفظ «سلامة التوحيد»، والغريب أنّ هذا الحرص المدّعى على التوحيد يجتمع عند ابن تيميّة مع القول بالتجسيم - كما تقدّم توثيقُه عن ابن بطوطة - وهو نقيضُ التوحيد ويتبرّأ منه جميع علماء المسلمين شيعةً وسنّة. يثبت هذا «التجسيم» أنّ ضرب علاقة الأمّة بالرسول يرجع إلى عدم الاعتقاد بالمرسِل.

وفي فتاوى الشيخ «ابن باز» وسائر مفتي الوهّابيّة ما يكشف عن اتّباعهم ابن تيميّة «حذْوَ القُذَّة بالقُذَة».

هنا تلتقي الوهّابيّة مع الصهيونيّة وكلّ الإدارات الغربيّة وأجهزتها «الأمنيّة».

ليس الوهّابيّون مسلمين، وليست علاقتهم بالإسلام إلّا كعلاقة اليهود المحتلّين بفلسطين.

لا سبيلَ إلى إنقاذ المنطقة وأهلها، وتحقيق «الوحدة الإسلاميّة» إلّا بالخلاص من الغدّة السرطانيّة بوجهَيها «الإسرائيليّ»، والوهّابيّ.

لا تقولوا «التّكفيريّين» فقط، ولا «الدّواعش» فقط، بل قولوا: «الوهّابيّين التّكفيريّين» و«الوهّابيّين الدّواعش».

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

منذ يوم

دوريات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات