أحسن الحديث

أحسن الحديث

منذ يومين

موجز في تفسير سورة الصفّ


موجز في تفسير سورة الصفّ

عِدَةُ المؤمن أخاه نَذْر..

ــــــــــــــــــــــــــ سليمان بيضون ــــــــــــــــــــــــــ

* السّورة الحادية والسّتّون في ترتيب سوَر المُصحف الشّريف، نزلت بعد سورة «التّغابن». 

* سُمّيت بـ «الصفّ» لقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا..﴾ في الآية الرّابعة منها.

* آياتها أربع عشرة، وهي مدَنيّة، مَنْ قرأها كان رفيقاً لعيسى عليه السلام يوم القيامة، كما في النبويّ الشريف.

* في ما يلي موجز في تفسير السّورة المباركة اخترناه من تفاسير: (الميزان) للعلّامة السّيّد محمّد حسين الطّباطبائيّ، و(الأمثل) للمرجع الدّينيّ الشّيخ ناصر مكارم الشّيرازيّ، و(نور الثّقلين) للشّيخ عبد عليّ الحويزيّ.

 

إحدى السور التي تبدأ بتسبيح الله، عزّ وجلّ، التي ورد أنّ النبي صلّى الله عليه وآله كان يقرأهنّ  قبل أن يرقد، ويقول: «إِنَّ فيهِنَّ آيَةً أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ آيَةٍ». وتُسمّى في بعض الروايات بسورة «عيسى» عليه السلام، وسورة «الحواريّين».

هدف السّورة

(تفسير الميزان): «تُرغّب السورة المؤمنين وتحرّضهم على أن يجاهدوا في سبيل الله ويقاتلوا أعداء دينه، وتُنبئهم أنّ هذا الدين نورٌ ساطعٌ لله سبحانه، يريد الكفّارُ من أهل الكتاب أن يطفئوه بأفواههم والله متمُّه ولو كره الكافرون، ومُظهره على الدّين كلّه ولو كره المشركون، وأنّ هذا النبيّ الذي آمنوا به رسولٌ من الله أرسلَه بالهدى ودين الحقّ، وبشّر به عيسى بنُ مريم، عليهما السلام، بني إسرائيل. فعلى المؤمنين أن يشدّوا العزم على طاعته وامتثال ما يأمرهم به؛ من الجهاد، ونُصرة الله في دينه، حتّى يُسعِدَهم الله في آخرتهم، وينصرَهم، ويفتحَ لهم في دنياهم، ويؤيّدَهم على أعدائهم. وعليهم أن لا يقولوا ما لا يفعلون، ولا ينكصوا فيما يعِدون، فإنّ ذلك يستوجب مَقتاً من الله تعالى، وإيذاءَ الرسول، وفيه خطرُ أن يُزيغ الله قلوبهم كما فعل بقوم موسى، عليه السلام، لمّا آذوه وهم يعلمون أنّه رسول الله إليهم، والله لا يهدي القوم الظالمين».

محتوى السورة

(تفسير الأمثل): «تدور أبحاث هذه السورة، إجمالاً، حول محورين أساسيّين:

الأوّل: فضيلة الإسلام على جميع الأديان السماوية، وضمان خلوده وبقائه.

الثاني: وجوب الجهاد في طريق حفظ المبدأ وترسيخ أركانه، وتطوير العمل لتقدّمه والالتزام به.

إلّا أنّنا حينما نتأمّل في الآيات الكريمة نلاحظ إمكانية تقسيمها إلى سبعة أقسام من خلال نظرة تفصيلية، وتشمل ما يلي:

1 - تتحدّث بداية السورة عن تنزيه البارئ العزيز الحكيم وتسبيحه، وتمهّد الأرضية لتلقّي وقبول الحقائق والموضوعات التي تليها.

2 - الدعوة إلى الانسجام بين القول والعمل، والابتعاد عن الدعاوى الفارغة البعيدة عن المسار العملي.

3 - الدعوة إلى الجهاد بيقينٍ ثابت وعزمٍ راسخ.

4 - الإشارة إلى موقف اليهود من العهود ونقْضهم لها، بالإضافة إلى بشارة السيد المسيح عليه السلام بظهور الإسلام العظيم.

5 - الضمان الإلهي لانتصار الإسلام على كافّة الأديان.

6 –الحثّ على الجهاد وتأكيده، واستعراض المثوبات الدنيوية والأخروية للمجاهدين في سبيل الحقّ.

7 - استعراضٌ مختصر لحياة حواريّي السيد المسيح، عليه السلام، والدعوة لاستلهام الدروس من سيرتهم».

ثواب تلاوتها

* عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله: «مَنْ قَرَأَ سورَةَ عيسى [أي الصّفّ]، كانَ عيسى مُصَلِّياً عَلَيْهِ، مُسْتَغْفِراً لَهُ ما دامَ في الدُّنْيا، وَهُوَ يَوْمَ القِيامَةِ رَفيقُهُ».

* وعن الإمام الباقر عليه السّلام: « مَنْ قَرَأَ سورَةَ الصَّفِّ، وَأَدْمَنَ قِراءَتَها في فَرائِضِهِ وَنَوافِلِهِ، صَفَّهُ اللهُ مَعَ مَلائِكَتِهِ وَأَنْبِيائِهِ المُرْسَلينَ».

تفسير آياتٍ منها

تفسير (نور الثقلين):

 

قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ الآيتان:2-3.

الإمام الصّادق عليه السّلام: «عِدَةُ المُؤْمِنِ أَخاهُ نَذْرٌ لا كَفّارَةَ لَهُ، فَمَنْ أَخْلَفَ فَبِخُلْفِ اللهِ بَدَأَ، وَلِمَقْتِهِ تَعَرَّضَ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾».

 

قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾ الآية:4.

حرّض أميرُ المؤمنين عليه السّلام الناسَ بصِفّين، فقال: «.. فَسَوُّوا صُفُوفَكُمْ كَالْبُنْيَانِ الْمَرْصُوصِ، فَقَدِّمُوا الدَّارِعَ، وأَخِّرُوا الْحَاسِرَ، وعَضُّوا عَلَى النَّوَاجِدِ فَإِنَّه أَنْبَأُ لِلسُّيوفِ عَلَى الْهَامِ، والْتَوُوا عَلَى أَطْرَافِ الرِّماحِ فَإِنَّه أَمْوَرُ لِلأَسِنَّةِ، وغُضّوا الأَبْصارَ فَإِنَّهُ أَرْبَطُ لِلْجَأْشِ وأَسْكَنُ لِلْقُلوبِ، وأَمِيتُوا الأَصْوَاتَ فَإِنَّه أَطْرَدُ لِلْفَشَلِ وأَوْلَى بِالْوَقارِ، ولَا تَمِيلُوا بِرَاياتِكُمْ ولَا تُزِيلوهَا ولَا تَجْعَلوهَا إِلَّا مَعَ شُجْعَانِكُمْ، فَإِنَّ الْمانِعَ لِلذِّمارِ والصّابِرَ عِنْدَ نُزولِ الْحَقائِقِ هُمْ أَهْلُ الْحِفاظِ..».

 

قوله تعالى: ﴿.. وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ..﴾ الآية:6.

* النبيّ صلّى الله عليه وآله: «إِنَّ لي أَسْماء: أَنا أَحْمَدُ، وَأَنا مُحَمَّدٌ، وَأَنا الماحي الّذي يَمْحو اللهُ بي الكُفْرَ، وَأَنا الحاشِرُ الذي يَحْشُرُ النّاسَ عَلى قَدَمي، وَأَنا العاقِبُ الّذي لَيْسَ بَعْدي نَبِيٌّ».

* الإمام الباقر عليه السلام: «لَمْ تَزَلِ الأَنْبِياءُ تُبَشِّرُ بِمُحَمَّدٍ، صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، حَتّى بَعَثَ اللهُ، تَبارَكَ وَتَعالى، المَسيحَ عيسى بْنَ مَرْيَمَ، فَبَشَّرَ بِمُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ..».

* عن يعقوب بن شعيب، عن الإمام الصادق عليه السلام، قال: «كان بَيْنَ عيسى وَمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِما خَمْسُمائةِ عامٍ، مِنْها مِأتانِ وَخَمْسونَ عاماً لَيْسَ فيها نَبِيٌّ وَلا عالِمٌ ظاهِرٌ.

قلت: فما كانوا؟ قال: كانوا مُتَمَسِّكينَ بِدينِ عيسى عَلَيْهِ السَّلامُ.

قلت: فما كانوا؟ قال: كانوا مُؤْمِنينَ. ثم قال عليه السلام: وَلا تَكونُ إِلّا وَفيها عالِمٌ».

 

قوله تعالى: ﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ الآية:8.

عمار بن موسى الساباطي، عن الإمام الصادق عليه السلام، قال: سمعته وهو يقول: «لَمْ تَخْلُ الأَرْضُ مِنْ حُجَّةٍ عالِمٍ يُحْيي فيها ما يُميتونَ مِنَ الحَقِّ». ثمّ تلا هذه الآية: ﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾.

 

قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ الآية:9.

سُئل أمير المؤمنين عليه السلام: أَظَهر ذلك بعدُ؟ فقال: «كَلّا، وَالّذي نَفْسي بِيَدِهِ حَتّى لا تَبْقى قَرْيَةٌ إِلّا وَيُنادى فيها بِشَهادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسولُ اللهِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا».

 

قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللهِ..﴾ الآية:14.

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إِنَّ حَوَارِيِّي عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلامُ، كَانُوا شِيعَتَهُ، وَإِنَّ شِيعَتَنَا حَوَارِيُّونَا، وَمَا كَانَ حَوَارِيّو عِيسَى بِأَطْوَعَ لَهُ مِنْ حَوَارِيّيِنَا لَنَا، وَإِنَّمَا قالَ عيسى، عَلَيْهِ السَّلامُ، لِلْحَوَارِيِّينَ ﴿مَنْ أَنْصارِي إِلَى الله قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ الله﴾، فَلَا وَاللهِ، مَا نَصَرُوهُ مِنَ الْيَهُودِ، وَلَا قَاتَلُوهُمْ دُونَهُ، وَشِيعَتُنَا واللهِ، لَمْ يَزَالُوا مُنْذُ قَبَضَ اللهُ، عَزَّ ذِكْرُهُ، رَسولَهُ، صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يَنْصُرُونَنا، وَيُقَاتِلُونَ دُونَنَا، وَيُحْرَقُونَ ويُعَذَّبُونَ ويُشَرَّدُونَ فِي الْبُلْدَانِ، جَزَاهُمُ الله عَنَّا خَيْراً، وقَدْ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلامُ: واللهِ، لَوْ ضَرَبْتُ خَيْشُومَ مُحِبِّينَا بِالسَّيْفِ مَا أَبْغَضُونَا، وَوَاللهِ لَوْ أَدْنَيْتُ إِلى مُبْغِضينا وحَثَوْتُ لَهُمْ مِنَ الْمالِ مَا أَحَبّونَا».

اخبار مرتبطة

  فرائد

فرائد

  دوريات

دوريات

منذ يومين

دوريات

نفحات