الملف

الملف

منذ يومين

مقاصد كتاب أمير المؤمنين إلى عثمان بن حُنيف

 

مقاصد كتاب أمير المؤمنين إلى عثمان بن حُنيف

§        ابن ميثم البحرانيّ

رسالةُ أمير المؤمنين عليه السلام إلى عامله على البصرة عثمان بن حُنيف الأنصاري، هي إحدى الإشراقات العظيمة الواردة في (نهج البلاغة)، ولا سيّما لجهة ما تختزنه من مواعظ وحِكم التدبير في الأخلاق السياسيّة التي ينبغي على الحاكم أن ينتهجها في شؤون الحكم ورعاية الشأن العامّ.

في ما يلي، ننشر مختصر شرح هذه الرسالة الشريفة لابن ميثم البحراني (ت: 679 للهجرة)، نقلاً عن كتابه المعروف (شرح نهج البلاغة).

 

في شرحه على (نهج البلاغة) أورد الفقيه الشيخ ابن ميثم البحراني نَصّ كتاب أمير المؤمنين عليه السلام إلى عثمان بن حُنيف، ثمّ قال:

«وفي الكتاب مقاصد:

الأوّل: أشار عليه السلام إلى ما يريد عتابه عليه: وهو إجابته إلى المأدبة مسرعاً تُستطاب له الألوان، وتُنقل إليه الجفان، وأعلمَه أنّه بلَغه ذلك مقرّراً له ليحسنَ توبيخه.

الثّاني: أشار على وجه المعاتبة إلى تخطئته في ذلك بقوله: (وما ظَننتُ أنّك..): أي كان ظنّي فيك من الورع أنّك تنزّه نفسَك عن الإجابة إلى طعام قومٍ لا يلتفتون إلى فقرائهم، ويقصِرون الدّعوة والكرامة على أغنيائهم وأُمرائهم، ووجه الخطأ في إجابة داعي هؤلاء أنّ تخصيصهم الأغنياء دون الفقراء بالكرامة والدعوة، دليل واضح على أنّهم إنّما يريدون بذلك الدّنيا والسّمعة والرّئاء دون وجه الله تعالى، ومن كان كذلك فإجابته موافقة له على ذلك ورضى بفعله، وذلك خطأٌ كبيرٌ خصوصاً من أمراء الدِّين المتمكَّنين من إنكار المنكرات.

الثّالث: أمَره أن يحترز فيما يتّفق له أن يقع فيه من ذلك بالنّظر إلى ما يحضَّر من الطّعام، فما وجد فيه شُبهة حرام ولم يحقّق حِلَّه فليتركه، وما تيقّن حلَّه وطِيبَ وجه اكتسابه ببراءة عن الشّبهة فينال منه، وكنّى عنه بالمَقضم تحقيراً له وتقليلاً، ويفهم منه بحسب التّأديب الأوّل أنّ التنزّه عن هذا المباح أفضل له من تناوله.

الرّابع: نبّهه على أنّ له إماماً يجب أن يقتدي به، ويستضيء بنور علمه.

الخامس: أردف ذلك بالبيّنة على ما يجب أن يقتدي به فيه مِن حاله في دنياه، وهو اكتفاؤه من ملبوسها بما يستر بدنه من طمريه، ومن مطعومها بما يسدّ به فورة جوعه من قرصيه.

السّادس: نبّه أصحابه على أنّ رياضته تلك لا تُستطاع لهم، فإنّها قوّة مشروطة باستعدادٍ لم يصلوا إليه. ثمّ أمَرهم إذ كانت الحال كذلك أن يقصروا في معونته على أنفسهم ورياضتها بالوَرع، وأراد به هنا الكفّ عن المحارم ثمّ بالاجتهاد في الطّاعة.

السّابع: نبّه بالقَسم البارّ على ردّ ما عساه يعرض لبعض الأذهان الفاسدة في حقّه عليه السّلام، ثمّ بالغ في وصف حقارة دنياهم عنده، فأخبر أنّها في نظره واعتباره أهون من عَفْصَةٍ مَقِرَة [ثَمرة مُرَّة].

الثّامن: أنّه لمّا قال فيما أقسم عليه من الدّنيا: (ولا حزتُ من أرضِها شِبراً)، استثنى من ذلك فدك، وذكرها في معرض حكاية حاله وحال القوم معه على سبيل التّشكَّي والتّظلَّم ممّن أخذها منهم إلى الله سبحانه.

التّاسع: استفهم عمّا يصنع بفدك وغيرها من القينات الدّنيويّة استفهام إنكار لوجه حاجته إليها تسليةً [للأنفس عن متاع الدّنيا] وجذباً لها عن الدّنيا إلى الأعمال الصّالحة بذكر غاية النّفوس منها، وهي صيرورتها إلى الجَدَث، ولوازم تلك الغاية من انقطاع الآثار وغيبة الأخبار فيها، وسائر ما عدّده من صفات الجدث، وإنّما عدّد هذه الأمور لأنّ الأوهام تنفر عنها وتخشع القلوب لذكرها، فتفزع إلى الله تعالى، ويجذب إلى الأعمال الصّالحة الَّتي بها الخلاص من أهوال الموت وما بعده.

العاشر: لمّا نبّه على أنّ فدك وغيرها من قينات الدّنيا لا حاجة إليها، أشار إلى حصر حاجته وغايته لنفسه وهي رياضتها بالتّقوى. واعلم أنّ رياضة النّفس تعود إلى نَهيها عن هواها وأمرها بطاعة مولاها، وتمرينها على ما يوافق مراده من الحركات. والقوّة الحيوانيّة الَّتي هي مبدأ الإدراكات والأفاعيل الحيوانيّة في الإنسان، إذا لم تكن لها طاعة القوّة العاقلة مَلَكة، كانت بمنزلة بهيمة لم تروَّض، فهي تتّبع الشّهوة تارة والغضب أخرى، وغالب أحوالها أن تخرج في حركاتها عن العدل إلى أحد طرفَي الإفراط والتّفريط بحسب الدّواعي المختلفة المتخيّلة والمتوهّمة، وتستخدم القوّة العاقلة في تحصيل مراداتها فتكون هي أمّارة، والعاقلة مؤتمِرة لها. أمّا إذا راضتها القوّة العاقلة ومنعتها عن التّخيّلات والتّوهّمات والإحساسات والأفاعيل المثيرة للشّهوة والغضب، ومرّنتها على ما يقتضيه العقل العمليّ، وأدّبتها بحيث تأتمر بأمرها وتنتهي لها، كانت العقليّة مطمئنّة لا تفعل أفعالاً مختلفة المبادئ، وكانت باقي القوى مؤتمرة مسالمة لها.

إذا عرفت ذلك فنقول: إنّ للرياضة أغراضاً ثلاثة:

أحدها: حذف كلّ محبوب ومرغوب عدا الحقّ الأوّل سبحانه عن درجة الاعتبار، وهي الموانع الخارجيّة.

الثّاني: تطويع النّفس الأمّارة للنّفس المطمئنّة ليجذب التّخيّل والتّوهّم عن الجانب السُّفليّ إلى العلويّ، ويتبعهما سائر القوى، فتزول الدّواعي الحيوانيّة المذكورة. وهي الموانع الداخليّة.

الثّالث: بعث السّرّ وتوجيهه إلى الجنّة العالية لتلقّي السّوانح الإلهيّة، وتهيئتُه لقبولها. ويعين على الغرض الأوّل الزّهد الحقيقيّ، وهو الإعراض عن متاع الدّنيا وطيّباتها بالقلب، وعلى الثّاني العبادة المشفوعة بالفكر في ملكوت السّماوات والأرض، وما خلق الله من شيء، وعظمة الخالق سبحانه والأعمال الصّالحة المنويّة لوجهه خالصاً. وعبّر عليه السّلام بالتّقوى الَّتي روّض بها نفسه عن هذه الأمور المعيّنة والأسباب المعدّة، ونبّه على غرضه الأقصى من الرّياضة وهو الكمال الحقيقيّ واللذّة به، بذكر بعض لوازمه؛ وهو أن تأتي نفسه آمنةً من الفزع يوم الخوف الأكبر وهو يوم القيامة، وأن يثبت على جوانب المزلق وهو الصّراط المستقيم، فلا تميل به الدّواعي المختلفة عنه إلى أبواب جهنّم ومهاوي الهلاك. واستعار لفظ المزالق: لمظانّ زلل أقدام العقول في الطّريق إلى الله، وجذب الميول الشّهويّة والغضبيّة عنها إلى الرّذائل الموبقة.

الحادي عشر: نبّه على أنّ زهده في الدّنيا ليس عن عجزه عن تحصيل طيّبات مطعوماتها وملبوساتها، وأنّه لو شاء لاهتدى إلى تحصيل تلك الطّيّبات ولُباب القمح ومصفّى العسل، وإنّما تركه مع القدرة عليه رياضةً لنفسه وإعداداً لها لتحصيل الكمالات الباقية.

الثّاني عشر: نبّه على بعض العلل الحاملة له على ترك الطّيّبات والزّهد في الدّنيا؛ وهو كونه لم يخلق ليشغله أكلُ الطيّبات عمّا يراد منه.

الثّالث عشر: أشار إلى بعض ما عساه يعرض للأذهان الضّعيفة من الشّبهة، وهي اعتقاد ضعفه عن قتال الأقران، ثمّ نبّه على الجواب عن ذلك من خمسة أوجه:

الأوّل: التّمثيل بالشّجرة البرّيّة، قياس نفسه عليها في القوّة.

الثّاني: تمثيل خصومه وأقرانه كمعاوية بالرّوائع الخضرة، والحكم اللّازم عن ذلك هو رقّة الجلود ولينها، والضّعف عن المقاومة، وقلَّة الصّبر على المنازلة، والميل إلى الدّعة والرّفاهيّة.

الثّالث: تمثيله بالنّباتات العذيّة وهو كتمثيله بالشّجرة البرّيّة، والحكم هنا هو كونه أقوى على سعير نار الحرب وأصبر على وقدها وأبطأ فتوراً فيها وخموداً كالنّباتات العذيّة في النّار.

الرّابع: تمثيله نفسه من رسول الله صلَّى الله عليه وآله بالضّوء من الضّوء، وعلَّته الجامعة هي كون علومه وكمالاته النّفسانيّة المشرقة مستفادة ومقتبسة من مصباح علم النّبوّة وكمالاتها، كالمعلول من العلَّة، والمصباح من الشّعلة.

الخامس: تمثيله منه صلَّى الله عليه وآله بالذّراع من العضد.

ثمّ لمّا أثبت ذلك الحكم ونفى عنه الضّعف المتوهّم فيه، أكدّ ذلك بالقسم البارّ أنّه لو تعاونت العرب على قتاله لما ولَّى عنها.

الرّابع عشر: تواعد أن يجتهد في تطهير الأرض من هذا الشّخص المعكوس والجسم المركوس، وأراد معاوية، وإنّما قال: شخصاً وجسماً ترجيحاً لجانب البدن على النّفس، باعتبار عنايته بكمال بدنه دون كمال نفسه، فكأنّه جسم وشخص فقط.

وقوله: (حتّى تخرجَ المدرَة من بين حبّ الحصيد)، إشعار لفظ المدرَة لمعاوية وحبّ الحصيد للمؤمنين، ووجه المشابهة أنّه مخلّص المؤمنين من وجود معاوية بينهم، ليزكو إيمانهم ويستقيم دينهم.

الخامس عشر: تمثّل الدّنيا بصورة مَن يعقل، وخاطبها بخطاب العقلاء ليكون ذلك أوقع في النّفوس لغرابته. ثمّ أمرها بالتّنحّي والبعد عنه كالمطلِّق لها. ثمّ جعلها ذات مخالب استعارة بالكناية عن كونها كالأسد في جذبها للإنسان، بما فيها من الشّهوات والقينات إلى الهلاك الأبديّ كما يجرّ الأسد فريسته، وكذلك جعلها ذات حبائل، وكنّى بهذا الوصف المستعار عن كونها تصيد قلوب الرّجال بشهواتها الوهميّة، فهي لها كحبائل الصّايد، واستعار لفظ مداحضها لشهواتها وملذّاتها أيضاً باعتبار كونها مزالق أقدام العقول عن طريق الله ومصارع لها، وعبّر بجميع ذلك عن زهده فيها وإبعادها فيها عن نفسه. ثمّ أخذ في سؤالها عن القوم الَّذين غرّتهم بمداعبها، والأمم الَّذين فتنتهم بزخارفها سؤالاً على سبيل التّوبيخ لها، والذمّ على فعلها ذلك بهم في معرض التّنفير عنها، وهو من قبيل تجاهل العارف، واستعار لها لفظ المداعب - جمع مدعبة - بمعنى دعابة، ووجه المشابهة أنّها عند صفاء لذّاتها للخلق، واغترارهم بها، ثمّ كرّها عليهم بعد ذلك بالأمر الجدّ يشبه مَن يمزح مع غيره وينبسط معه بالأقوال والأفعال اللّيّنة ليغترّ به، ثمّ يأتيه بعد ذلك بالأمر الجدّ فيؤذيه أو يهلكه، وإنّما نسب الغرور إليها لكونها سبباً مادّيّا لذلك.

السّادس عشر: أشار إلى غايتهم الَّتي صاروا إليها، وهي كونهم رهائن القبور ومضامين اللّحود.

السّابع عشر: أقسم أنّها لو كانت شخصاً مرئيّاً وقالباً حسّيّاً لأقام عليها حدود الله في عباد غرّتهم بالأمانيّ وأوردتهم موارد البلاء. ثمّ لمّا كان في هذا الخطاب كالمعلّم لها، أنّه قد اطَّلع على خداعها وغرورها، قال كالمؤيس لها من نفسه: (هيَهات). ثمّ نبّه على بعض العِلل الحاملة على البُعد عنها والنّفرة عن قربها، وهي ما يلزم وطئ دحضها من الزّلق، وركوب لُججها من الغرق، والازورار عن حبائلها من التّوفيق للسّلامة، وما يلزم السّالم منها من عدم مبالاته بضيق مناخه، وكلّ مناخ أناخ به من فقرٍ وسجنٍ ومرضٍ وبلاءٍ بعد السّلامة منها، فهو فسيح رحْب بالقياس إلى ما يستلزم التّفسّح في سعَتها والجري في ميادين شهواتها من العذاب الأليم في الآخرة، وهي عنده في القصر وعدم الالتفات إليها كيومٍ حان انسلاخه. وألفاظ المداحض واللُّجج والحبال مستعارة لشهواتها ولذّاتها.

فالأوّل: باعتبار كون شهواتها مظنّة أن تُحَبّ فينجرّ الإنسان عند استعمالها إلى الاستكثار منها أو تجاوز القدر المعتدل إلى المحرّم، فتزلّ قدم نفسه عن صراط الله، فيقع في مهاوي الهلاك والمآثم.

والثّاني: باعتبار أنّ مطالبها والآمال فيها غير متناهية؛ فمن لوازم المشتغل بها والمنهمك في الدّنيا أن يغرق نفسه في بحرٍ لا ساحل له منها، فينقطع عن قبول رحمة الله إلى الهلاك الأبديّ، كالملقي نفسه في بحرٍ لجّيّ.

الثالث: باعتبار أنّ الانسان إذا اغترّ بها عاقته عن النّهوض والتّخلّص إلى جناب الله، ومنعته أن يطير بجناحَي قوّته العقليّة في حضرة قدس الله ومنازل أوليائه الأبرار، كما تعوق حبائل الصّائد جناح الطّائر.

ثمّ كرّر الأمر لها بالبُعد عنه وأقسم أنّه لا يذلّ لها فيستذلَّه، ولا يُسلِس لها قياده تقوده، وفيه تنبيهٌ على أنّها لا يذلّ فيها إلَّا مَن أذلّ نفسه وعبّدها لها، ولا تملك إلَّا قياد من أسلس لها قياده، وهو ظاهر.

الثّامن عشر: أقسم ليوقّعن ما صمّم عزمه عليه وهو بصدده من رياضة نفسه. ووصف تلك الرّياضة في قوّتها باستلزام أمرَين:

أحدهما: كون نفسه يهشّ معها إلى القرص، وترضى به إذا قدرت عليه مطعوماً، وتقنع بالملح مأدوماً. وتلك رياضة القوّة الشهويّة. ولمّا كانت عدوّاً للنّفس وأكثر الفساد يلحق بسببها خصّها بالذّكر وقوّة العزم، ويحتمل أن يريد رياضة جميع القوى وإنّما وصفها بكون النّفس تهشّ معها إلى القرص، لأنّ ضبط الشّهوة أعظم من ضبط سائر القوى، وأصعب، وكانت الإشارة إلى ضبطها إلى الحدّ المذكور أبلغ في وصف الرّياضة بالشّدّة. واستثنى في يمينه بمشيئة الله أدباً لقوله تعالى ﴿وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً * إِلَّا أَنْ يَشاءَ الله..﴾ الكهف:23-24، وتنبيهاً على استناد جميع الأمور في سلسلة الحاجة إلى الله تعالى.

الثّاني: كونه يدَع مقلتَه في تلك الرّياضة كعينِ ماءٍ نضب ماؤها، ووجه الشّبه أن يفنى دموعها ويستفرغها بالبكاء شوقاً إلى الملأ الأعلى، وما أُعدّ لأولياء الله من السّعادة الأبديّة وخوفاً من حرمانها. ومَن كان في مقام الغربة ومحلّ الوحشة كيف لا يشتاق إلى وطنه الأصليّ، ومقام أنسه الأوّلىّ.

وقوله: (قرّت إذن عينُه). إخبارٌ في معرض الإنكار والاستهزاء باللذّة كقوله تعالى: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ الدّخان:49.

التّاسع عشر: نبّه على أنّ النّفس إذا كانت بالصّفات المذكورة، فلها استحقاق طوبى، وجمع في تلك الصّفات أكثر مكارم الأخلاق:

فالأولى: القيام بواجب طاعة الله وما افترضه عليها.

الثّانية: قوله: (وعركتْ بجَنبِها بؤسَها)، كناية عن الصّبر على نزول المصائب.

الثّالثة: أن تهجر باللّيل غُمضَها، وهو كناية عن إحياء ليلها بعبادة ربّها واشتغالها بذكره، حتّى إذا غلب النّوم عليها افترشت أرضَها وتوسّدت كفّها: أي لم يكن لها كلفة في تهيئة فراش وطِيب وساد، بل كانت بريّةً عن كلّ كلفة عريّةً عن كلّ قينة، منزّهةً عن كلّ ترفة.

وقوله: (في معشَرٍ..)، يصلح تعلَّقه بكلّ من أفعال النّفس المذكورة: أي فعلت هذه الأفعال في جملةِ معشرٍ من شأنهم كذا. وعرّفهم بصفات أربع:

أحدها: كونهم أسهر عيونَهم خوفُ معادهم.

الثّاني: (وتجافتْ جنوبُهم من مضاجعهم). وهو كناية عن اشتغالهم ليلاً بعبادة ربّهم كقوله تعالى: ﴿تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ..﴾ السجدة:16.

الثّالث: (وهَمهَمتْ بذِكر ربّهم شفاهُم)، كقوله تعالى: ﴿..يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وطَمَعاً..﴾ السجدة:16.

الرّابع: (وتقشّعتْ بطول استغفارِهم ذنوبُهم)، وهو لازم عن الثّلاثة الأولى أو ثمرَة لها، واستعار لفظ التقشّع لانمحاء ذنوبهم، كلّ ذلك للتّرغيب في طاعة الله، والجذب إلى الدّخول في زمرة أوليائه، وبالله التوفيق.

اخبار مرتبطة

  فرائد

فرائد

  دوريات

دوريات

منذ يومين

دوريات

نفحات