أحسن الحديث

أحسن الحديث

منذ يومين

في تفسير سورة «الذّاريات»


موجز في تفسير سورة «الذّاريات»

معرفةُ الله، ..معرفةُ الإمامِ المُفتَرَضِ الطّاعة

ـــــ إعداد: سليمان بيضون ـــــ

 

* سورة (الذّاريات) هي السُّورة الحادية والخَمسون في ترتيب سُوَر المُصحف الشّريف، نزلتْ بعد سورة (الأحقاف).

* آياتُها ستّون، وهي مكّيّة، مَن قرأها في يومه أو ليلته يُصلِح اللهُ تعالى له معيشتَه، ويأتيه برزقٍ واسع، ويُنوّر له قبرَه.

* سُمِّيتْ بسورة (الذّاريات) لابتدائها بقوله تعالى: ﴿وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا﴾. 

 

جاء في بعض التّفاسير أربعة شروحٍ لكلمة «الذّاريات» الواردة في مفتتَح السّورة:

الأوّل: أنّ الذّاريات هي الرّياح تذرو التّرابَ وغيره، كما قال تعالى: ﴿..تذْروه الرّياحُ..﴾ الكهف:45. الثّاني: هي الكواكب، مِن ذرا يَذرو، إذا أسرع. الثّالث: هي الملائكة. الرّابع: ربّ الذّاريات، أي أُقسم بربّ الذّاريات. والأوّلُ الصّحيح، وهو المرويّ عن أمير المؤمنين عليه السّلام.

محتوى سورة (الذّاريات)

أوّلاً: تبدأ السّورة وتنتهي بالحديث عن المعاد، وإنكار المشركين له. ويمتاز الكلام على المعاد في السّورة – عن نظائره في مواضع أُخَر من الكتاب المجيد – من حيث إنّه يوم الجزاء، وأنّ الذي وعدَهم به هو اللهُ ربّهم، الذي وَعْده صدقٌ، لا ريبَ فيه. 

ولمّا بلغ الكلامُ موضعَ الاستدلال على المعاد، احتجّت السّورةُ بأدلّة التّوحيد من آيات الأرض، والسّماء، والأنفُس، وما عاقبَ اللهُ به الأممَ السّالفة إثر تكذيبهم رُسُلَه، وجاء هذا الاستدلال لأجل إثبات التّوحيد، ومن ثمّ إثبات يوم الجزاء الّذي أخبرت عنه الدّعوة النّبويّة، فيندفع بذلك إنكارُ المُشركين للمعاد، وقد أرادوه مدخلاً إلى إبطال عقيدة التّوحيد، ورسالة الرّسول صلّى الله عليه وآله، من حيث صيرورة الإيمان بها لَغواً لا أثرَ له.

                      (العلّامة الطّباطبائي، تفسير الميزان، بتصرّف)            

ثانياً: تدور مباحث سورة (الذّاريات) – إجمالاً - حول خمسة محاور:

1– المعاد: وقد استوعب القسم الأكبر من السّورة، وكذا مفتتَحها والختام.

2- مسألة توحيد الله، وآياته تعالى في نظام الخَلق والوجود، وهي – بطبيعة الحال - مكمّلةٌ لمبحث المعاد.

3- ضيف النّبيّ إبراهيم، عليه السّلام، من الملائكة، وما أُمروا به من تدمير مُدُن قوم لوط عليه السّلام.

4- إشاراتٌ قصيرة إلى قصّة النّبيّ موسى عليه السّلام، وبعض الأمم السّالفة: مثل عاد، وثَمود، وقوم نوح. وبهذا، فالسّورة تُحذّر مُشركي العرب بذِكر مآلِ مَن تقدّمهم من المُكذّبين برسالة التّوحيد.

5– الإشارة إلى أنّ الغاية من خلْقِ الإنس والجنّ هي عبادةُ الله تعالى، وأنّ تكليف النّبيّ الأعظم هو التّذكير بآيات الله تعالى ومواعيده سبحانه.

(الشّيخ مكارم الشّيرازيّ، تفسير الأمثل، بتصرّف)

ثوابُ تلاوتها

1) عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «مَنْ قَرَأ سُورةَ الذّارياتِ أُعْطِيَ مِنَ الأَجْرِ عَشْرَ حَسَناتٍ، بِعَدَدِ كُلِّ ريحٍ هَبَّتْ وَجَرَتْ في الدُّنْيا».                

(الشّيخ الطّبرسي، مجمع البيان)

2) عن الإمام الصّادق عليه السّلام: «مَنْ قَرَأَ سُورَة (الذَّاريات) في يَومِهِ أو لَيْلَتِهِ، أَصْلَحَ اللهُ لَهُ مَعيشَتَهُ، وَأتَاهُ بِرِزْقٍ واسِعٍ، ونَوَّرَ لَه قَبْرَهُ بِسِراجٍ يُزْهِرُ إِلى يَوْمِ القِيامَةِ».            

(الشّيخ الصّدوق، ثواب الأعمال)

تفسيرُ آياتٍ منها

قوله تعالى: ﴿وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا * فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا * فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا * فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا﴾ الآيات: 1-4.

* عن الإمام الصّادق عليه السّلام أنّ أميرَ المؤمنين عليه السّلام سُئلَ «..عن ﴿..الذَّارِيَاتِ ذَرْوًا﴾ فَقالَ: الرّيح، وعن ﴿..الْحَامِلَاتِ وِقْرًا﴾ فَقالَ: هِيَ السَّحَابُ، وعن ﴿..الْجَارِيَاتِ يُسْرًا﴾ فَقالَ: هِيَ السُّفُنُ، وعن ﴿..الْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا﴾ فَقالَ: المَلائِكَةُ، وَهُوَ قَسَمٌ كُلُّهُ».

قوله تعالى: ﴿إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ * يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ﴾ الآيتان: 8-9.

* عن الإمام الباقر عليه السّلام: «مَنْ أُفِكَ عَنِ الوِلايَةِ، أُفِكَ عَنِ الجَنَّةِ». أي أنّ اختلافَ القول هو في أمر الولاية. ومعنى «أُفِكَ» هو أنّه صُرِفَ عن الشّيء، ومُنعَ منه.

قوله تعالى: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ الآيتان:17-18.

1) عن الإمام الباقر عليه السّلام: «كانَ القَوْمُ يَنامونَ، وَلَكِنْ كُلَّما انْقَلَبَ أَحَدُهُمْ قالَ: الحَمْدُ للهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَاللهُ أكْبَر».

2) عن الإمام الصّادق عليه السّلام: «كَانوا يَسْتَغْفِرونَ في الوِتْرِ سَبْعينَ مَرَّةً، في السَّحَرِ».

قوله تعالى: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ الآية:22.

1) سُئل أمير المؤمنين عليه السّلام: أليس اللهُ عزّ وجلّ في كلّ مكان؟ قال: بَلَى. قال السّائل: فَلِمَ يرفعُ [الدّاعي] يدَيه إلى السّماء؟ قال عليه السّلام: «أوَما تَقْرَأُ: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾؟   فَمِنْ أَيْنَ يُطْلَبُ الرِّزقُ إلّا مِنْ مَوْضِعِ الرِّزْقِ؟ وَمَوْضِعُ الرِّزْقِ وَما وَعَدَ اللهُ السَّماءُ».

2) عن الإمام الحسن المجتبى عليه السّلام: «أَرْزاقُ الخَلائِقِ في السَّماءِ الرّابِعَةِ، تَنْزِلُ بقَدَرٍ وَتُبْسَطُ بِقَدَرٍ».

3) قيل للإمام الصّادق عليه السّلام: ما الفرقُ بين أن ترفعوا أيديكم [حالَ الدّعاء] إلى السّماء وبينَ أن تخفضوها نحو الأرض؟ قال: «ذَلِكَ في عِلْمِهِ وَإحاطَتِهِ وَقُدْرتِهِ سَواءٌ، وَلَكِنَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، أمَرَ أَوْلِياءَهُ وَعِبادَهُ بِرَفْعِ أَيْديهِمْ إِلى السَّماءِ نَحْوَ العَرْشِ، لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مَعْدِنَ الرِّزْقِ».

قوله تعالى: ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ الآية:50.

* عن الإمام الباقر عليه السّلام: «حُجّوا إِلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ».

والحَجُّ هو القَصدُ والقُدوم. قيل: أي فِرُّوا من عقابِه إلى الإيمانِ والتّوحيدِ ومُلازمةِ الطّاعة.

قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ الآية:56.

* عن الإمام الصّادق عليه السّلام: «خَرَجَ الحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلى أَصْحابِهِ، فَقالَ: أَيُّها النّاسُ، إِنَّ اللهَ، عَزَّ وَجَلَّ ذِكْرُهُ، مَا خلَقَ العِبادَ إِلّا لِيَعْرِفوهُ، فَإِذا عَرَفُوهُ عَبَدُوهُ، فِإِذا عَبَدُوهُ اسْتَغْنَوْا بِعبادتِهِ عَنْ عِبادَةِ مَنْ سِواهُ.

فقالَ له رجلٌ: يا ابنَ رسول الله، بأبي أنتَ وأُمّي، فمَا معرفةُ الله؟ قال: مَعْرِفَةُ أَهْلِ كُلِّ زَمانٍ إِمامَهُمُ الّذي تَجِبُ عَلَيْهِمْ طاعَتُهُ».

قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ الآية:58.

 

* عن الإمام الصّادق عليه السّلام: «كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، عَلَيْهِ السَّلامُ، كَثِيراً مَا يَقُولُ: اِعْلَمُوا عِلْماً يَقِيناً أَنَّ اللهَ، عَزَّ وَجَلَّ، لَمْ يَجْعَلْ لِلْعَبْدِ، وإِنِ اشْتَدَّ جَهْدُهُ وَعَظُمَتْ حِيلَتُهُ وكَثُرَتْ مُكَابَدَتُهُ، أَنْ يَسْبِقَ مَا سُمِّيَ لَه فِي الذِّكْرِ الْحَكِيمِ. ولَمْ يَحُلْ مِنَ الْعَبْدِ، فِي ضَعْفِهِ وقِلَّةِ حِيلَتِهِ، أَنْ يَبْلُغَ مَا سُمِّيَ لَه فِي الذِّكْرِ الْحَكِيمِ. أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّه لَنْ يَزْدَادَ امْرُؤٌ نَقِيراً بِحِذْقِه، ولَمْ يَنْتَقِصِ امْرُؤٌ نَقِيراً لِحُمْقِهِ...».

(الشّيخ الحويزيّ، تفسير نور الثّقليْن)

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريّات

دوريّات

27/06/2014

دوريّات

نفحات