الملف

الملف

منذ يومين

أدبُ العبادة يومَ العيد


 

اقرأ في الملف

استهلال

قنوتُ صلاة العيد

هذا الملف

عن العبادة في أجواء العيد

وداعُ شهرِ رمضان

الشّيخ المفيد قدّس سرّه

ما يُستحَبّ فِعلُه ليلةَ الفطر، ويومَهُ

الشّيخ الطّوسيّ قدّس سرّه

الحديث مع الله تعالى، ومع وليّه المهديّ عليه السّلام

السّيّد ابن طاوس قدّس سرّه

 

 

استهلال

قنوتُ صَلاةِ العِيد

«أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَه، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُه، أللَّهُمَّ أَهْلَ الكِبْرِيَاءِ وَالعَظَمَةِ، وَأَهْلَ الجُودِ وَالجَبَرُوتِ، وَأَهْلَ العَفْوِ وَالرَّحْمَةِ، وَأَهْلَ التَّقوى وَالمَغْفِرَةِ، أَسْأَلُكَ فِي هَذا اليَوْمِ الَّذِي جَعَلْتَهُ لِلْمُسْلِمِينَ عِيْداً، وَلِمُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ذُخْرَاً وَمَزِيدَاً، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمّدٍ كَأَفْضَلِ مَا صَلَّيْتَ عَلَى عَبْدٍ مِن عِبَادِكَ، وَصَلِّ عَلَى مَلَائِكَتِكَ، ورُسُلِكَ، واغْفِرْ لِلْمُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ، وَالمُسْلِمِينَ وَالمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ والأَمْوَاتِ، أللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِن خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عِبادُكَ المُرْسَلُونَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِن شَرِّ مَا اسْتَعاذَ مِنْهُ عِبادُكَ المُرْسَلُونَ».

(الشّيخ المفيد، المقنعة: ص 194)

 

هذا الملفّ..

يومُ العيد تاجُ مَوْسِمٍ عِبَاديّ. يحفلُ التّاجُ بخصائص جواهر سُلطانِه ودُرَرِ ساحتِه والمَدى. فلماذا أصبحَ العيدُ موسمَ التَّحلُّلِ من القيود، حتّى لمَن لم يَصُم أو يتعبّد؟

يكشفُ الجوابُ عن فهمٍ مغلوطٍ للعبادة؛ بدلَ أن تكون منهاجَ حياة، بل لا حياةَ حقيقيّةً طيّبةً إنسانيّةً بدونها، تُصبح العبادةُ عبئاً نتحيّنُ فُرَصَ التّخفّفِ منه والتّحلّلِ من شَدِّ وثاقِه.

العبادةُ هي روحُ المنهجِ التّربويّ الإسلاميّ. التّربيةُ في الإسلام تزكيةُ الرّوحِ لتبلغَ اليقين: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ الحجر:99.

بكلّ شفافيّةٍ وبمُنتهى المباشرة: تَغييبُ الأعمالِ العباديّةِ، أو تهميشُها يعني تغييبَ المناهجِ التّربويّة الرّبّانيّة في صراطِ حُسن التّأَسِّي والاقتداءِ بسَيّد النّبيّين صلّى الله عليه وآله.

وهذا الملفُّ محاولةٌ لتسليطِ الضّوءِ على أعمالٍ عباديّةٍ أَمْعَنّا في تَغييبها. جاء ذلك نتيجةً حتميّةً لاستشراء قابليّة الغزو الثّقافيّ الذي كان خطُّ الإمام الخمينيّ، وما يزال، تأصيلاً للأُمّة في مُحاصرتِه، شفاءً لما في الصّدور.

ويَجِدُ المتتبّعُ لنَصّ الإمام الخامنئيّ، دام ظلّه، إيلاءه مواجهةَ الغزو الثّقافيّ العنايةَ التامّة.

مقياسُ التزام خطِّ الإمام وولايةِ الفقيه، هو حُسْنُ الاقتداء بالنّبيّ الأعظم وآله الأطهار صلّى اللهُ عليه وعليهم.

ولا يُمكِنُ فهمُ الاقتداء وحُسنِه بمعزلٍ عن كَثرةِ الصّلاة، وكَثرةِ الصّوم، وكَثرةِ تلاوةِ القرآن الكريم، وكَثرة ذكرِ الله تعالى ﴿..قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ..﴾ آل عمران:191.

مَن كان هذا دَأْبه، فَلَه مع العيدِ حديثُ عبادةٍ ذو شجون، كما يتّضحُ من خلال هذا الملفّ.

تبقى الإشارةُ إلى أنّ الـهدفَ هنا، تكوينُ صورةٍ واضحةِ الملامح عن العبادة في أجواء العيد، وعلى كلِّ شخصٍ أن يرجعَ إلى مرجعِ تقليدِه في معرفة الأحكام حسبَ تكليفِه، علماً بأنّ الاختلافَ بين الفُقهاء في هذه المسائل - خصوصاً المُستحبّات - قليلٌ جدّاً.

«شعائر»

 

وداعُ شَهْرِ رَمَضانَ

صَلاةُ العيدِ، وَأَدْعِيَةٌ وَأَذْكار

ـــــ الشّيخ المُفيد قدّس سرّه ـــــ

 

عندما يجري الحديثُ عن أعمالٍ عباديّة مُستحبّة، ينبري شيطانُ الغزو الثّقافيّ في بعض طلّاب العلوم الدّينيّة، وكثيرين غيرهم ليقول: هذا العمل من (مفاتيح الجنان)، ويبدأ التّطاول على المحدّث الجليل الشّيخ عبّاس القمّيّ، ولا ينتهي، وكذلك التّطاول على كتاب (مفاتيح الجنان)، وقد يكون المُتحدّث يزعم أنّه من «خطّ الإمام الخمينيّ رضوان الله تعالى عليه»، ولكنّه يجهلُ أنّ المُحدّث القمّيّ هو من شيوخ الرّواية للإمام الخمينيّ، ويجهل أنّ الإمام نفسَه بالغ في الدّفاع عن (مفاتيح الجنان) إلى حدّ أنّه قال: «مفاتيح الجنان، لم يؤلّفه الشّيخ عبّاس القمّيّ، وإنّما جمَعه. أي إنّ الكتاب آيةٌ ورواية».

لمواجهة هذه الشّبهة: تمّ اختيار نصوص الشّيخ المفيد، والشّيخ الطّوسيّ، قُدّس سرّهما، في الحديث عن مُستحبّات ليلة العيد ويومه.

ما يلي، مختاراتٌ من كتاب (المُقنعة) في الفقه، للشّيخ المفيد عليه الرّحمة والرّضوان.

 

قال الشّيخ المفيد:

«وتدعو في آخر ليلة من الشّهر عند فراغك من صلاة اللّيل [عقيب] الوِتر، فتقول:

 

أللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ فِي كِتابِكَ المُنْزَلِ، عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكَ المُرْسَلِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَقَولُكَ حَقٌّ: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ..﴾، وَهذا شَهْرُ رَمَضانَ قَدْ تَصَرَّمَ، فَأَسْأَلُكَ بِوَجْهِكَ الكَرِيمِ، وَكَلِماتِكَ التَّامَّةِ - إِنْ كانَ بَقِيَ عَلَيَّ ذَنْبٌ لَمْ تَغْفِرْهُ لِي وَتُرِيدُ أَنْ تُعَذِّبَنِي عَلَيْهِ، أَوْ تُقايِسَنِي بِهِ - أَنْ يَطْلُعَ فَجْرُ هذِهِ اللّيْلَةِ، أَوْ يَتَصَرَّمَ هذا الشَّهْرُ إِلّا وَقَدْ غَفَرْتَهُ لِي يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ لِمَحامِدِكَ كُلِّها، أَوَّلِها وَآخِرِها، ما قُلْتَ لِنَفْسِكَ مِنْها، وَما قالَ لكَ الخَلائِقُ، الحامِدُونَ، المُجْتَهِدُونَ، المُعَدِّدُون،َ المُؤْثِرُونَ لِذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ، الَّذِينَ أَعَنْتَهُمْ عَلى أداءِ حَقِّكَ مِنْ أَصْنافِ خَلْقِكَ: مِنَ المَلائِكَةِ المُقَرَّبِينَ، وَالنَّبِيِّينَ، [وَ] المُرْسَلِينَ، وَأَصْنافِ النَّاطِقِينَ المُسَبِّحِينَ لَكَ مِنْ جَمِيعِ العالَمِينَ، عَلى أَنَّكَ بَلَّغْتَنا شَهْرَ رَمَضانَ، وَعَلَيْنا مِنْ نِعَمِكَ، وَعِنْدَنا مِنْ جَزِيلِ قِسَمِكَ وَإِحْسانِكَ، وَتَظاهُرِ امْتِنانِكَ، فَبِذلِكَ لَكَ مُنْتَهى الحَمْدِ، الخالِدِ، الدّائِمِ، الرّاكِدِ، الُمخَلَّدِ، السَّرْمَدِ الَّذِي لا يَنْفَدُ طُولَ الأبَدِ، جَلَّ ثَناؤُكَ، أَعَنْتَنا عَلَيْهِ حَتّى قَضَيْتَ عَنّا صِيامَهُ، وَقِيامَهُ مِنْ صَلاةٍ، وَما كانَ مِنّا فِيهِ مِنْ بِرٍّ، أَوْ شُكْرٍ، أَوْ ذِكْرٍ.

 

اللَّهُمَّ فَتَقَبَّلْهُ مِنّا بِأَحْسَنِ قَبُولِكَ، وَتَجاوُزِكَ، وَعَفْوِكَ، وَصَفْحِكَ، وَغُفْرانِكَ، وَحَقِيقَةِ رِضْوانِكَ حَتّى تُظْفِرَنا فِيهِ بِكُلِّ خَيْرٍ مَطْلُوبٍ، وَجَزِيلِ عَطاءٍ مَوْهُوبٍ، وَتُؤْمِنَنا فِيهِ مِنْ كُلِّ مَرْهُوبٍ، وَبَلاءٍ مَجْلُوبٍ، وَذَنْبٍ مَكْسُوبٍ.

 

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعَظِيمِ ما سَأَلَكَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِكَ: مِنْ كَرِيمِ أَسْمائِكَ، وَجَزِيلِ ثَنائِكَ، وَخاصَّةِ دُعائِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَجْعَلَ شَهْرَنا هذا أَعْظَمَ شَهْرِ رَمَضانَ مَرَّ عَلَيْنا مُنْذُ أَنْزَلْتَنا إِلى الدُّنْيا، بَرَكَةً فِي عِصْمَةِ دِينِي، وَخَلاصِ نَفْسِي، وَقَضاء حَاجتي، وَ[تَشفيعي] فِي مَسائِلِي، وَتَمامِ النِّعْمَةِ عَلَيَّ، وَصَرْفِ السُّوءِ عَنِّي، وَإلباسِ العافِيَةِ لِي، وَأَنْ تَجْعَلَنِي بِحُرْمَتِكَ مِمَّنْ حُزْتَ لَهُ لَيْلَةَ القَدْرِ، وَجَعَلْتَها لَهُ خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ فِي أَعْظَمِ الأجْرِ، وَكَرائِمِ الذُّخْرِ، وَطُولِ العُمْرِ، وَحُسْنِ الشُّكْر، وَدَوامِ اليُسْرِ، اللَّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ، وَطَوْلِكَ [قُدرتك]، وَعَفْوِكَ، وَنَعْمائِكَ، وَجَلالِكَ، وَقَدِيمِ إِحْسانِكَ وَامْتِنانِكَ، أَنْ لا تَجْعَلَهُ آخِرَ العَهْدِ مِنَّا بِشَهْرِ رَمَضانَ حَتّى تُبَلِّغَناهُ مِنْ قابِلٍ عَلى أَحْسَنِ حالٍ، وَتُعَرِّفَنِي هِلالَهُ مَعَ المُناظِرِينَ إِلَيْهِ، وَالمُتَعَرِّفِينَ لَهُ فِي أَعْفى عافِيَتِكَ، وَأَنْعَمِ نِعْمَتِكَ، وَأَوْسَعِ رَحْمَتِكَ، وَأَجْزَلِ قِسَمِكَ.

 

الّلهُمَّ يَا رَبِّ الّذِي لَيْسَ لِي رَبٌّ غَيْرُهُ، لَا يَكُونُ هَذَا الْوَدَاعُ مِنِّي وَدَاعَ فَنَاءٍ، ولَا آخِرَ الْعَهْدِ مِنِّي لِلِقَائهِ حَتَّى تُرِيَنِيهِ مِنْ قَابِلٍ فِي أَسَبَغِ النِّعَمِ، وأَفْضَلِ الرَّجَاءِ، وأَنَا لَكَ عَلَى أَحْسَنِ الْوَفَاءِ، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ.

اللَّهُمَّ اسْمَعْ دُعَائِي، وَارْحَمْ تَضَرُّعِي، وَتَذَلُّلِي لَكَ، وَاسْتِكَانَتِي، وَتَوَكُّلِي عَلَيْكَ، فَأَنَا لَكَ سَلَمٌ، لَا أَرْجُو نَجَاحاً، وَلَا مُعَافَاةً، وَلَا تَشْرِيفاً، ولَا تَبْلِيغاً، إِلَّا بِكَ وَمِنْكَ، فَامْنُنْ عَلَيَّ، جَلَّ ثَنَاؤُكَ وتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُكَ، بِتَبْلِيغِي شَهْرَ رَمَضَانَ، وأَنَا مُعَافًى مِنْ كُلِّ مَحْذُورٍ وَمَكْرُوهٍ، وَمِن جَمِيعِ البَوَائقِ. الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَعَانَنَا عَلَى صِيَامِ هَذَا الشَّهْرِ وقِيَامِهِ حَتَّى بَلَّغَنَا آخِرَ لَيْلَةٍ مِنْهُ».

 

بابُ صَلاةِ العِيدَيْنِ

تحت هذا العنوان أضاف الشّيخ المفيد قُدّس سِرّهُ الشّريف:

«وهذه الصّلاة فرضٌ لازمٌ لجميع مَن لزمَتْه الجمعة على شرط حضور الإمام [أي في غير زمن الغَيبة] وسُنّةٌ [مُستحبّة] على الانفراد عند عدم حضور الإمام، فإذا كان يوم العيد بعد طلوع الفجر اغتسلتَ، ولبستَ أطهر ثيابك، وتطيّبت، ومضيتَ إلى مجمع النّاس من البلد لصلاة العيد، فإذا طلعتِ الشّمس فاصبر هُنَيْئةً، ثمّ قم إلى صلاتك بارزاً تحت السّماء، ولْيَكُنْ سجودُك على الأرض نفسه.

 

فإذا قمتَ فكبّر تكبيرةً تفتتح بها الصّلاة، ثمّ اقرأ (فاتحة الكتاب)، وسورة (والشّمس وضحاها)، ثمّ كبّر تكبيرةً ثانية، ترفع بها يدَيك، واقْنُتْ بعدها، فتقول: (أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَه، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُه، اللَّهُمَّ أَهْلَ الكِبْرِيَاءِ وَالعَظَمَةِ، وَأَهْلَ الجُودِ وَالجَبَرُوتِ، وَأَهْلَ العَفْوِ وَالرَّحْمَةِ، وَأَهْلَ التَّقوى وَالمَغْفِرَةِ، أَسْأَلُكَ فِي هَذا اليَوْمِ الَّذِي جَعَلْتَهُ لِلْمُسْلِمِينَ عِيْداً، وَلِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ذُخْرَاً وَمَزِيدَاً، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَأَفْضَلِ مَا صَلَّيْتَ عَلَى عَبْدٍ مِن عِبَادِكَ، وَصَلِّ عَلَى مَلَائِكَتِكَ، ورُسُلِكَ، واغْفِرْ لِلْمُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ، وَالمُسْلِمِينَ وَالمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ.

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِن خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عِبادُكَ المُرْسَلُونَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِن شَرِّ مَا اسْتَعاذَ مِنْهُ عِبادُكَ المُرْسَلُونَ)، ثم تكبّر تكبيرةً ثالثة، وتقنت بهذا القنوت، ثمّ تكبّر تكبيرةً رابعة، وتقنت به، ثمّ تكبِّر تكبيرةً خامسة، وتقنت به، ثمّ تكبّر تكبيرةً سادسة، وتقنت به، ثمّ تكبّر السّابعة، وتركع بها، فتكون لك قراءةٌ بين تكبيرتَيْن، والقنوت خمس مرّات، فإذا رفعتَ رأسك من السّجود إلى الثّانية كبّرت تكبيرةً واحدة، وقرأتَ (الحمد)، وسورة (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ)، فإذا فرغتَ منها كبّرتَ تكبيرةً ثانية، ترفع بها يدَيك، وتقنت به [القنوت المُتقدّم]، وتُكبِّر تكبيرةً ثالثة، وتقنت به، ثمّ تُكبِّر تكبيرةً رابعة، وتقنت به، ثمّ تُكبّر تكبيرةً خامسة، وتركع بها، فتكون لك قراءة بين تكبيرتيْن، والقنوت ثلاث مرّات، فجميع تكبير هاتَيْن الرّكعتَيْن اثنتا عشرة تكبيرة، منها تكبيرة الاستفتاح، وتكبيرتا الرّكوع، فإذا سلّمتَ مجّدتَ الله تعالى، ودَعوْتَ بما أحببتَ».

 

 

باب الزّيادات في ذلك

 

وتحت هذا العنوان تتبّع الشّيخ المفيد سائر الأدعية المُستحبّة بعد صلاة الصّبح من يوم العيد، والمُستحبّات بعد صلاة العيد نفسهاـ فقال رحمه الله تعالى:

 

«وتدعو [بعد] صلاة الغَداة من يوم العيد بهذا الدّعاء، فتقول:

اللّهمَّ إِنّي تَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ بمُحَمَّدٍ أمَامي، وَعَلِيٍّ مِنْ خَلْفي، وَأَئِمَّتي عَنْ يَميني وَشِمَالي، أَسْتَتِرُ بِهِمْ مِنْ عَذابِكَ، وَأَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ زُلْفَى، لا أَجِدُ أَقْرَبَ إِلَيْكَ مِنْهُمْ، فَهُمْ أَئِمَّتي، فَآمِنْ خَوْفي مِنْ عَذابِكَ وَسَخَطِكَ، وَأَدْخِلْني الجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ في عِبادِكَ الصّالِحينَ.

أَصْبَحْتُ بِاللهِ مُؤْمِناً، مُوقِناً، مُخْلِصاً، عَلى دينِ مُحَمَّدٍ وَسُنَّتِهِ، وَعَلى دينِ عَلِيٍّ وَسُنَّتِهِ، وَعَلى دينِ الأَوْصِياءِ وَسُنَّتِهِمْ، آمَنْتُ بِسِرِّهِمْ وَعَلانِيَتِهِمْ، وَأَرْغَبُ إِلى اللهِ في ما رَغِبوا فيهِ، وَأَعوذُ بِاللهِ مِنْ شَرِّ ما اسْتَعاذوا مِنْهُ، وَلا حَوْلَ، وَلا قُوَّةَ، وَلا مِنْعَةَ إِلّا بِاللهِ العَلِيِّ العَظيمِ، تَوَكَّلْتُ عَلى اللهِ، حَسْبِيَ اللهُ، ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ..﴾.

اللَّهُمَّ إِنّي أُريدُكَ فَأَرِدْني، وَأَطْلُبُ ما عِنْدَكَ فَيَسِّرْهُ لي، أللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ في مُحْكَمِ كِتابِكَ المُنْزَلِ [عَلَى نَبِيِّكَ المُرْسَلِ] وَقَوْلُكُ الحَقُّ، وَوَعْدُك الصِّدْقُ: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ..﴾، فَعَظَّمْتَ شَهْرَ رَمَضانَ بِما أَنْزَلْتَ فيهِ مِنَ القُرْآنِ الكَريمِ، وَخَصَصْتَه بِأَنْ جَعَلْت فيهِ لَيْلَةَ القَدْرِ.

أللَّهُمَّ وَقَدِ انْقَضَتْ أَيّامُهُ وَلياليهِ، وَقَدْ صِرْتُ مِنْهُ يا إِلَهي إِلى ما أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنّي، فَأَسْأَلُكَ يا إِلَهي بِما سَأَلَكَ بِهِ مَلائِكَتُكَ المُقَرَّبونَ، وَأَنْبِياؤُكَ المُرْسَلونَ، وَعِبادُكَ الصّالِحونَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَقْبَلَ مِنّي كُلَّ ما تَقَرَّبْتُ إِلَيْكَ فيهِ، وَتَتَفَضَّلَ عَلَيَّ بِتَضْعيفِ عَمَلِي  [مضاعفته]، وَقبولِ تَقَرُّبي وَقُرُباتي، وَاسْتِجابَةِ دُعائي، وَهَبْ لي مِنْكَ عِتْقَ رقَبَتي مِنَ النّارِ، وَالأَمْنَ يَوْمَ الخَوْفِ مِنْ كُلِّ فَزَعٍ، وَمِنْ كُلِّ هَوْلٍ أَعْدَدْتَهُ لِيَوْمِ القِيامَةِ.

أَعوذُ بِحُرْمَةِ وَجْهِكَ الكَريمِ، وَبِحُرْمَةِ نَبِيِّكَ، وَبِحُرْمَةِ الأَوْصياءِ أنْ يَتَصَرَّمَ يا إِلَهي هَذا اليَوْمُ، وَلَكَ قِبَلي تَبِعَةٌ تُريدُ أَنْ تُؤاخِذَني بِها، أَوْ خَطيئَةٌ تُريدَ أَنْ تَقْتَصَّها مِنّي لَمْ تَغْفِرْها لي، أَسْأَلُكَ بِحُرْمَةِ وَجْهِكَ الكَريمِ، بِلَا إِلَهَ إِلّا أَنْتَ، يا لا إِلَهَ إِلّا أَنْتَ، أَنْ تَرْضى عَنّي، فَإِنْ كُنْتَ قَدْ رَضيتَ عَنّي فَزِدْ في ما بَقِيَ مِنْ عُمْري رِضًى، وَإِنْ كُنْتَ لَمْ تَرْضَ عَنّي فَمِنَ الآنَ فَارْضَ عَنّي يا سَيِّدي وَمَوْلاي، السّاعَةَ السَّاعَةَ، وَاجْعَلْني في هَذِهِ السّاعَةِ، وَفي هَذا اليَوْمِ، وَفي هَذا المَجْلِسِ مِنْ عُتَقائِكَ مِنَ النّارِ عِتْقاً لا رِقَّ بَعْدَهُ.

 

أللَّهُمَّ إِنّي أَسْأَلُكَ بِحُرْمَةِ وَجْهِكَ الكَريمِ أَنْ تَجْعَلَ يَوْمي هَذا خَيْرَ يَوْمٍ عَبَدْتُكَ فيهِ مُنْذُ أَسْكَنْتَني الأَرْضَ، أَعْظَمَهُ أَجْراً، وَأَعَمَّهُ نِعْمَةً وَعافِيَةً، وَأَوْسَعَهُ رِزْقاً، وَأَبْتَلَهُ عِتْقاً مِنَ النّارِ، وَأَوْجَبَهُ مَغْفِرَةً، وَأَكْمَلَهُ رِضْواناً، وَأَقْرَبَهُ إِلى ما تُحِبُّ وَتَرْضى.

أللَّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ شَهْرِ رَمَضانَ صُمْتُهُ لَكَ، وَارْزُقْني العَوْدَ فيهِ ثُمَّ العَوْدَ حَتّى تَرْضى، وَتُرضِيَ كُلَّ مَنْ لَهُ قِبَلي تَبِعَةٌ، وَلا تُخْرِجْني مِنَ الدُّنْيا إِلّا وَأَنْتَ عَنّي راضٍ.

اللَّهُمَّ وَاجْعَلْني مِنْ حُجّاجِ بَيْتِكَ الحَرامِ في هَذا العامِ، وَفي كُلّ عامٍ، المَبْرورِ حَجُّهُم، المَشْكورِ سَعْيُهُم، المَغْفورِ ذَنْبُهُم، المُسْتَجابِ دُعاؤُهُم، المَحْفوظينَ في أَنْفُسِهِمْ، وَأَدْيانِهِمْ، وَذَراريهِمْ، وَأَمْوالِهِمْ، وَجَميعِ ما أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيْهِمْ.

اللَّهُمَّ اقْلِبْني مِنْ مَجْلسي هَذا، وَفي يَوْمي هَذا، وَساعَتي هَذِهِ مُفْلِحاً، مُنْجَحاً، مُسْتَجاباً دُعائي، مَرْحوماً صَوتي، مَغْفوراً ذَنْبي.

أللَّهُمَّ وَاجْعَلْ في ما شِئْتَ، وَأَرَدْتَ، وَقَضَيْتَ، وَحَتَمْتَ، وَأنْفَذْتَ أَنْ تُطيلَ عُمْري، وَأَنْ تُقَوِّيَ ضَعْفي، وَأَنْ تُغْنِيَ فَقْري، وَأَنْ تَجْبُرَ فاقَتي، وَأَنْ تَرْحَمَ مَسْكَنتي، وَأَنْ تُعِزَّ ذُلِّي، وَأَنْ تُؤْنِسَ وَحْشَتي، وَأَنْ تُكَثِّرَ قِلَّتي، وَأَنْ تُدِرَّ رِزْقي في عافِيَةٍ وَيُسْرٍ وَخَفْضِ عَيْشٍ، وَتَكْفِيَني كُلَّ ما أَهَمَّني مِنْ أَمْرِ آخِرَتي وَدُنْياي، وَلا تَكِلْني إِلى نَفْسي فَأَعْجزَ عَنْها، وَلا إِلى النّاسِ فَيَرفُضوني. وَعافِني في بَدَني، وَدِيني، وَأَهْلي، وَوُلْدي، وَأَهْلِ مَوَدَّتي، وَجيراني وَإخْواني، وَأَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ بِالأَمْنِ أَبَداً ما أَبْقَيْتَني، فَإِنَّكَ وَلِيِّي، وَمَوْلايَ وَسَيِّدي، وَرَبّي، وَإِلَهي، وَثِقَتي، وَرَجائي، وَمَعْدِنُ وَسيلَتي، وَمَوْضِعُ شَكْواي، وَمُنْتَهى رَغْبَتي، فَلا يَخيبَنَّ عَلَيْكَ دُعائي يا سَيِّدي وَمَوْلايَ، وَلا تُبْطِلَنَّ طَمَعي وَرَجائي لَدَيْكَ، فَقَدْ تَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَقَدَّمْتُهُمْ إِلَيْكَ أَمامي، وَأَمامَ حاجَتي، وَطَلِبَتي وَتَضَرُّعي، وَمَسْأَلَتي، فَاجْعَلْني بِهِمْ وَجيهاً في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، فَإِنَّكَ مَنَنْتَ عَلَيَّ بِمَعْرِفَتِهِمْ، فَاخْتِمْ لي بِها السَّعادَةَ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ.

 

اللَّهُمَّ لا تُبْطِلْ عَمَلي، وَطَمَعي، وَرَجائي، يا إِلَهي وَمالِكي، وَاختِم لي بِالسَّعادَةِ، وَالسَّلامَةِ، وَالإِسْلامِ، وَالأَمْنِ، وَالإِيمانِ، وَالمَغْفِرَةِ، وَالرِّضْوانِ، وَالشَّهادَةِ، وَالحِفْظِ، يا مَنْزولاً بِهِ كُلّ حاجَةٍ، يا اللهُ يا اللهُ يا اللهُ، أَنْتَ لِكُلِّ حاجَةٍ، فَتَوَلَّ عافِيَتَنا، وَلا تُسَلِّطْ عَلَيْنا أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ بِشَيْءٍ لا طاقَةَ لَنا بِهِ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيا، وَفَرِّغْنا لِأَمْرِ الآخِرَةِ، يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرام، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَارْحَمْ مُحَمَّداً وَآلَ مُحُمَّدٍ، وَسَلِّمْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَتَحَنَّنْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَامْنُنْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، كَأَفْضَلِ ما صَلَّيْتَ، وَبارَكْتَ، وَرَحِمْتَ، وَسَلَّمْتَ، وَتَحَنَّنْتَ، وَمَنَنْتَ عَلى إِبْراهيمَ وَآلِ إِبْراهيمَ، إِنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ».

 

* ومن الطّبيعيّ لمَن ختم موسم الأشهر الثّلاثة، وهو مُتوجّهٌ إلى حفلِ الختام وتوزيعِ الجوائز في يوم العيد أن يكونَ طريقُه إلى صلاة العيد جزءاً من مراسم العيد وعبادته.

 

* حول ذلك أضاف الشّيخ المفيد أعلى الله تعالى مقامَه:

«وتدعو وأنت متوجِّهٌ إلى المصلّى، فتقول:

 

أللَّهُمَّ مَنْ تَهَيَّأَ، وَتَعَبَّأَ، وَأَعَدَّ، وَاسْتَعدَّ لِوِفادَةٍ إِلى مَخْلوقٍ رَجاءَ رِفْدِهِ، وَطَلَبِ جَوائِزِهِ، وَفَواضِلِهِ، وَنَوافِلِهِ، فَإِلَيْكَ يا سَيِّدي وِفادَتي، وَتَهْيِئَتي وَتَعْبِيَتي، وَإِعْدادي، وَاسْتِعْدادي رَجاءَ رِفْدِكَ، وَجَوائزِكَ، وَنَوافِلِكَ، فَلا تُخَيِّبِ اليَوْمَ رَجائي، يا مَنْ لا يَخيبُ عَلَيْهِ سائِلٌ، وَلا يُنْقِصُهُ نائِلٌ، إِنَّني لَمْ آتِكَ اليَوْمَ بِعَمَلٍ صالِحٍ قَدَّمْتُهُ، وَلا شَفاعَةِ مَخْلوقٍ رَجَوْتُهُ، وَلَكِنَّني أَتَيْتُكَ مُقِرّاً بِالظُّلْمِ وَالإِساءَةِ، لا حُجَّةَ لي وَلا عُذْرَ، فَأَسْأَلُكَ يا رَبِّ أَنْ تُعْطِيَني مَسْأَلَتي، وَتَقْلِبَني بِرَغْبَتي، وَلا تَرُدَّني مَجْبوهاً وَلا خائِباً، يا عَظيمُ يا عَظيمُ يا عَظيمُ، أَرْجوكَ للعَظيمِ، أَسْأَلُكَ يا عَظيمُ أَنْ تَغْفِرَ لِيَ العَظيمَ، لا إِلَهَ إِلّا أَنْتَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَارْزُقْني خَيْرَ هَذا اليَوْمِ الذي شَرَّفْتَهُ، وَعَظَّمْتَهُ، وَاغْسِلْني فيهِ مِنْ جَميعِ ذُنوبي، وَخَطاياي، وَزِدْني مِنْ فَضْلِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهّابُ».

 

 

 

متفرّقات في أحكام صلاة العيد

* إذا اجتمعتْ صلاةُ عيدٍ وصلاةُ جمعةٍ في يومٍ واحدٍ، صلّيتَ صلاةَ العيد، وكنتَ بالخيار في حضور الجمعة.

 رُوي عن الصّادق عليه السّلام أنّه قال:

«اجْتَمَعَ صَلاةُ عيدٍ وَجُمُعَةٍ في زَمَنِ أَميرِ المُؤْمِنينَ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَقالَ: مَنْ شاءَ أَنْ يَأْتِيَ الجُمُعَةَ فَلْيَأْتِ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ فَلا يَضرُّهُ».

* ولا بأسَ أن تصلّي صلاةَ العيدَيْن في بيتِك عندَ عدم إمامها، أو لعارضٍ مع وجوده، فمتى صلّيتَها فابرز تحت السّماء فوق سطحك، أو حيث لا ساترَ لك منها، وصَلِّها كما تصلّيها في الجماعة، ركعتَين.

رُوي عن الصّادق عليه السّلام أنّه قال: «مَنْ لَمْ يَشْهَدْ جَماعَةَ النّاسِ في العيدَيْنِ فَلْيَغْتَسِلْ، وَلْيَتَطَيَّبْ بِما وَجَدَ، وَلْيُصَلِّ وَحْدَهُ كَما يُصَلّي في الجَماعَةِ».

* ورُوي عنه عليه السّلام في قوله عزّ وجلّ: ﴿..خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ..﴾، قال: «لِصَلاةِ العيدَين والجُمُعة»، ورُوي: أنّ الزّينة هي العمامة والرّداء.

* ورُوي أنّ الإمام يمشي يوم العيد، ولا يقصد المُصلَّى راكباً، ولا يُصلّي على بساط، ويسجد على الأرض، وإذا مشى رمى ببصرِه إلى السّماء، ويكبّر، بين خطواته، أربع تكبيرات، ثمّ يمشي.

* ورُوي أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وآله كان يلبس في العيدَيْن، بُرْداً، ويعتمّ شاتياً كان أو قائظاً.

* والقراءةُ في يوم العيد، يجهرُ بها كما يجهرُ في صلاة الجمعة.

* والخطبةُ فيه بعد الصّلاة، ويوم الجُمُعة قبلها.

(الشّيخ المفيد، المُقنعة: ص203)

 

 

ما يُستحَبّ فِعْلُهُ لَيْلةَ الفِطْرِ، وَيَوْمَهُ

إحياءُ ليلةِ العيدِ بالعبادة

ـــــ الشّيخ الطّوسيّ قدّس سرّه ـــــ

 

ليس الهدفُ من هذا الملفّ تحقيقَ نقلةٍ نوعيّة في التّعامل مع أجواء العيد، بحيث تتحوّل ليلتُه إلى ليلة إحياءٍ كما تُحيى ليالي القدر، فقد غدا هذا الهدفُ المشروع - للأسف - بعيدَ المنال عن أكثرنا، بل الهدفُ التّأسيس له عبر إلفاتِ قلوبنا جميعاً في خطّ العقلِ إلى أمرَين:

الأوّل: عظيم بُعد ثقافتنا السّائدة - على العموم - عن ثقافة النّصّ الشّرعيّ.

الثّاني: أنّ هذا البُعد عن الثّقافة الأصيلة جعل كثيراً من «المُتديّنين» الصّادقين يَحسبون أنّهم يُحسنون صنعاً بتَغييب البرامج العباديّة التي هي أساسُ المنهج التّربويّ في الإسلام.

ليست العبادة في ليلة العيد إلّا نموذجاً يدلّ على المنهج العباديّ الّذي ربّى رسول الله، صلّى الله عليه وآله، الصّحابةَ الأبرار في هَدْيه، وهو، بَعْدُ، المنهجُ نفسُه الّذي اعتمده أهلُ البيت عليهم السّلام، وربّى عليه الفقهاءُ الأجيالَ.

 

قال الشّيخ الطّوسيّ: «.. عن أبي عبد الله [الصّادق] عليه السّلام، عن أبيه [الباقر]، عن عليٍّ عليه السّلام، قال: كَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ يُفَرِّغَ نَفْسَهُ أَرْبَعَ لَيَالٍ فِي السَّنَةِ وَهِيَ: أَوّلُ لَيْلَةٍ مِن رَجَبٍ، وَلَيْلَةُ النِّصْفِ مِن شَعْبَانَ، وَلَيلَةُ الفِطْرِ، وَلَيْلَةُ النَّحْرِ.

ويُستحَبّ الغُسْلُ في هذه اللّية بعدَ غروبِ الشّمس. ومن السُّنّة أن يقولَ عقيبَ صلاة المغرب ليلةَ الفطر، وهو ساجدٌ:

يَا ذَا الجَلَالِ والإكْرامِ، يَا مُصْطَفِيَاً مُحَمَّدَاً وَنَاصِرَهُ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ وَنَسِيتُهُ أَنَا، وَهُوَ عِنْدَكَ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ.

ثم يقول: أَتُوبُ إلَى اللهِ. مائة مرّة.

ويُستحَبّ أيضاً التّكبير عقيب أربع صلوات: المغرب، والعشاء الآخرة، وصلاة الفجر، وصلاة العيد، يقول:

اللهُ أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ، لا إِلهَ إِلّا اللهُ واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الحَمْدُ، الحَمْدُ للهِ عَلَى مَا هَدَانَا، وَلَهُ الشُّكْرُ عَلَى َما أَوْلَانَا.

ويُستَحبُّ أيضاً أن يصلِّيَ بعد الفراغ من جميع صلواتِه في هذه اللّيلة، ركعتَين: يقرأ في الأولى منهما (الحمد) مرّة، وألفَ مَرَّة (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)، وفي الرّكعة الثانية (الحمد) مرّة، ومرّة (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ).

ويستَحبّ أن يدعو بعدها بهذا الدّعاء:

يا اللهُ يا اللهُ يا اللهُ، يا رَحْمنُ يا اللهُ، يا رَحِيمُ يا اللهُ، يا مَلِكُ يا اللهُ، يا قُدُّوسُ يا اللهُ، يا سَلامُ يا اللهُ، يا مُؤْمِنُ يا الله، يا مُهَيْمِنُ يا اللهُ، يا عَزِيزُ يا اللهُ، يا جَبَّارُ يا اللهُ، يا مُتَكَبِّرُ يا اللهُ، يا خالِقُ يا اللهُ، يا بارِئُ يا اللهُ، يا مُصَوِّرُ يا اللهُ، يا عالِمُ يا اللهُ، يا عَظِيمُ يا اللهُ، يا عَلِيمُ يا اللهُ، يا كَرِيمُ يا اللهُ، يا حَلِيمُ يا اللهُ، يا حَكِيمُ يا اللهُ، يا سَمِيعُ يا اللهُ، يا بَصِيرُ يا اللهُ، يا قَرِيبُ يا اللهُ، يا مُجِيبُ يا اللهُ، يا جَوادُ يا اللهُ، يا ماجِدُ يا اللهُ، يا مَلِيءُ يا اللهُ، يا وَفِيُّ يا اللهُ، يا وَليُّ يا اللهُ، يا قاضِي يا اللهُ، يا سَرِيعُ يا اللهُ، يا شَدِيدُ يا اللهُ، يا رَؤُوفُ يا اللهُ، يا رَقِيبُ يا اللهُ، يا مَجِيدُ يا اللهُ، يا حَفِيظُ يا اللهُ، يا مُحِيطُ يا اللهُ، يا سَيِّدَ السَّادةِ يا اللهُ، يا أَوَّلُ يا اللهُ، يا آخِرُ يا اللهُ، يا ظاهِرُ يا اللهُ، يا باطِنُ يا اللهُ، يا فاخِرُ يا اللهُ، يا قاهِرُ يا اللهُ، يا رَبَّاهُ يا اللهُ، يا رَبَّاهُ يا اللهُ، يا رَبَّاهُ يا اللهُ، يا وَدُودُ يا اللهُ، يا نُورُ يا اللهُ، يا رافِعُ يا اللهُ، يا مانِعُ يا اللهُ، يا دافِعُ يا اللهُ، يا فاتِحُ يا اللهُ، يا نَفّاعُ يا اللهُ، يا جَلِيلُ يا اللهُ، يا جَمِيلُ يا اللهُ، يا شَهِيدُ يا اللهُ، يا شاهِدُ يا اللهُ، يا مُغِيثُ يا اللهُ، يا حَبِيبُ يا اللهُ، يا فاطِرُ يا اللهُ، يا مُطَهِّرُ يا اللهُ، يا مَلِكُ يا اللهُ، يا مُقْتَدِرُ يا اللهُ، يا قابِضُ يا اللهُ، يا باسِطُ يا اللهُ، يا مُحْيي يا اللهُ، يا مُمِيتُ يا اللهُ، يا باعِثُ يا اللهُ، يا وارِثُ يا اللهُ، يا مُعْطِي يا اللهُ، يا مُفْضِلُ يا اللهُ، يا مُنْعِمُ يا اللهُ، يا حَقُّ يا اللهُ، يا مُبِينُ يا اللهُ، يا طَيِّبُ يا اللهُ، يا مُحْسِنُ يا اللهُ، يا مُجْمِلُ يا اللهُ، يا مُبْدِئُ يا اللهُ، يا مُعِيدُ يا اللهُ، يا بارِئُ يا اللهُ، يا بَدِيعُ يا اللهُ، يا هادِي يا اللهُ، يا كافِي يا اللهُ، يا شافِي يا اللهُ، يا عَلِيُّ يا اللهُ، يا عَظِيمُ يا اللهُ، يا حَنَّانُ يا اللهُ، يا مَنَّانُ يا اللهُ، يا ذا الطَوْلِ يا اللهُ، يا مُتَعالِي (مُتَعال) يا اللهُ، يا عَدْلُ يا اللهُ، يا ذا المَعارِجِ يا اللهُ، يا صادِقُ يا اللهُ، يا دَيّانُ يا اللهُ، يا باقِي يا اللهُ، يا واقِي يا اللهُ، يا ذا الجَلالِ يا اللهُ، يا ذا الإكْرامِ يا اللهُ، يا مَحْمُودُ يا اللهُ، يا مَعْبُودُ يا اللهُ، يا صانِعُ يا اللهُ، يا مُعِينُ يا اللهُ، يا مُكَوِّنُ يا اللهُ، يا فَعَّالُ يا اللهُ، يا لَطِيفُ يا اللهُ، يا جليلُ يا اللهُ، يا غَفُورُ يا الله، يا شَكُورُ يا اللهُ، يا نُورُ يا اللهُ، يا قَدِيرُ يا اللهُ، يا رَبَّاهُ يا اللهُ، يا رَبَّاهُ يا اللهُ، يا رَبَّاه يا اللهُ، يا رَبَّاهُ يا اللهُ، يا رَبَّاهُ يا اللهُ، يا رَبَّاهُ يا اللهُ، يا رَبَّاهُ يا اللهُ، يا رَبَّاهُ يا اللهُ، يا رَبَّاهُ يا اللهُ، يا رَبَّاه يا اللهُ، أَسأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَتَمُنَّ عَلَيَّ بِرِضاكَ، وَتَعْفُوَ عَنِّي بِحِلْمِكَ، وَتُوَسِّعَ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الحَلالِ الطَّيِّبِ، مِنْ حَيْثُ أَحْتَسِبُ وَمِنْ حَيْثُ لا أَحْتَسِبُ، فَإِنِّي عَبْدُكَ، لَيْسَ لِي أَحَدٌ سِواكَ، وَلا أَحَدَ أَسْأَلُهُ غَيْرَكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، ما شاءَ اللهُ، لا قُوَّةَ إِلّا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.

 

ثمّ تسجد، وتقول:

 

يا اللهُ، يا اللهُ، يا رَبُّ يا اللهُ، يا رَبُّ يا اللهُ، يا رَبُّ يا اللهُ، يا رَبُّ، يا رَبُّ، يا رَبُّ، يا مُنْزِلَ البَرَكاتِ بِكَ تَنْزِلُ كُلُّ حاجَةٍ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ فِي مَخْزُونِ الغَيْبِ عِنْدَكَ، وَالأَسْماءِ المَشْهُورَاتِ عِنْدَكَ، المَكْتُوبَةِ عَلى سُرادِقِ عَرْشِكَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وأَنْ تَقْبَلَ مِنِّي شَهْرَ رَمَضانَ، وَتَكْتُبَنِي مِنَ الوافِدِينَ إِلى بَيْتِكَ الحَرامِ، وَتَصْفَحَ لِي عَنِ الذُّنُوبِ العِظامِ، وَتَسْتَخْرِجَ يا رَبِّ كُنُوزَكَ يا رَحْمنُ.

 

واغتسِلْ في آخر اللّيل، واجلِس في مصلّاكَ إلى طلوع الفجر، واستفتِح خروجَك بالدّعاء، إلى أن تدخلَ مع الإمام في الصّلاة.

فتقول:

أللَّهُمَّ إِلَيْكَ وَجَّهْتُ وَجْهي وَإِلَيْكَ فَوَّضْتُ أَمْرِي وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، اللهُ أكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانا، اللهُ أكْبَرُ إلَهنا ومَولانا، اللهُ أكْبَرُ عَلَى مَا أَوْلَانا وحُسْنِ مَا أَبْلَانا، اللهُ أكْبَرُ وَلِيُّنا الّذي اجْتَبانا، اللهُ أكْبَرُ ربُّنا الّذي بَرَأَنا، اللهُ أكْبَرُ الّذي خَلَقَنا وَسَوّانا، اللهُ أكْبَرُ رَبُّنا الّذي أَنْشَأَنا، اللهُ أكْبَرُ الّذي بِقُدْرَتِهِ هَدانا، اللهُ أكْبَرُ الّذي بدِينِهِ حَبانا، اللهُ أكْبَرُ الّذي مِنْ فِتْنَتِهِ عَافَانا، اللهُ أكْبَرُ الّذي بِالإسلامِ اصْطَفانا، اللهُ أكْبَرُ الّذي فَضَّلَنا بِالإِسْلامِ عَلَى مَنْ سِوَانَا، اللهُ أكْبَرُ وَأَكْبَرُ سُلْطَانَاً، اللهُ أكْبَرُ وَأَعْلَى بُرْهاناً، اللهُ أكْبَرُ وَأجَلُّ سُبْحَاناً، اللهُ أكْبَرُ وَأَقْدَمُ إِحْسَاناً، اللهُ أكْبَرُ وَأَعَزُّ أَرْكَاناً، اللهُ أكْبَرُ وَأَعْلَى مَكاناً، اللهُ أكْبَرُ وَأسْنَى شَأْناً، اللهُ أكْبَرُ نَاصِرُ مَنِ اسْتَنْصَرَ، اللهُ أكْبَرُ ذُو المَغْفِرَةِ لِمَنِ اسْتَغْفَر، اللهُ أكْبَرُ الّذي خَلَقَ وَصَوَّرَ، اللهُ أكْبَرُ الّذي أَمَاتَ فَأَقْبَرَ، اللهُ أكْبَرُ الّذي إِذا شَاءَ أَنْشَرَ، اللهُ أكْبَرُ أَقْدَسُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَأَظْهَرُ، اللهُ أكْبَرُ رَبُّ الخَلْقِ وَالبَرِّ وَالبَحرِ، اللهُ أكْبَرُ كُلَّمَا سَبَّحَ اللهَ شَيْءٌ وَكَبَّرَ، وَكَمَا يُحِبُّ اللهُ أَنْ يُكبَّرَ.

أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ، وَرَسولِكَ، وَنَبِيِّكَ، وَصَفِيِّكَ، وَحَبيبِكَ، وَنَجِيِّكَ، وَأَمينِكَ، وَنَجيبِكَ، وَصَفْوَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَخَليلِكَ، وَخَاصَّتِكَ، وَخَالِصَتِكَ، وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسولِكَ الّذي هدَيْتَنا بِهِ مِنَ الضَّلالَةِ، وَعَلَّمْتَنَا بِهِ مِنَ الجَهالَةِ، وَبَصَّرْتَنا بِهِ مِنَ العَمَى، وَأقَمْتَنَا بِهِ عَلَى المَحَجَّةِ العُظْمى وَسَبيلِ التَّقْوى، وَأَخْرَجْتَنَا بِهِ مِنَ الغَمَراتِ إِلى جَميعِ الخَيْراتِ، وَأَنْقَذْتَنَا بِهِ مِنْ شَفَا جُرُفِ الهَلَكَاتِ. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ أَفْضَلَ، وَأَكْمَلَ، وَأَشْرَفَ، وَأَكْبَرَ، وَأَطْهَرَ، وَأَطْيَبَ، وَأَتَمَّ، وَأَعَمَّ، وَأَعَزَّ، وَأَزْكى، وَأَنْمى، وَأَحْسَنَ، وَأَجْمَلَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ العالَمينَ. أللَّهُمَّ شَرِّفْ مَقامَهُ فِي القِيَامَةِ، وَعَظِّمْ عَلَى رُؤوسِ الخَلَائِقِ حَالَه، أللَّهُمَّ اجْعَلْ مُحمَّدَاً وَآلَ مُحَمَّدٍ يَوْمَ القِيامَةِ أَقْرَبَ الخَلْقِ مِنْكَ مَنْزِلَةً، وَأَعْلَاهُم مَكَانَاً، وَأَفْسَحَهُمْ لَدَيْكَ مَجْلِسَاً، وَأَعْظَمَهُم عِنْدَكَ شَرَفاً، وَأَرْفَعَهُمْ مَنْزِلاً.

أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وعَلَى أَئِمَّةِ الهُدَى وَالحُجَجِ عَلَى خَلْقِكَ، وَالأَدِلّاءِ عَلَى سُنَّتِكَ، وَالبَابِ الّذي مِنْهُ يُؤْتَى، وَالتَّراجِمَةِ لِوَحْيِكَ، المُسْتَنِّينَ بِسُنَّتِكَ النّاطِقِينَ بِحِكْمَتِكَ الشُّهَداءِ عَلَى خَلقِكَ، أللَّهُمَّ اشْعَبْ بِهِمُ الصَّدْعَ وَارْتُقْ بِهِمُ الفَتْقَ، وَأَمِتْ بِهِمُ الجَوْرَ، وَأَظْهِرْ بِهِمُ العَدْلَ وَزَيِّنْ بِطُولِ بَقائِهِم الأَرْضَ، وَأَيِّدْهُمْ بِنَصْرِكَ وَانْصُرْهُمْ بِالرُّعْبِ، وَقَوِّ ناصِرَهُمْ وَاخْذُلْ خاذِلَهُمْ، وَدَمْدِمْ عَلَى مَنْ نَصَبَ لَهُمْ، وَدَمِّرْ عَلَى مَنْ غَشَمَهُمْ، وَافْضُضْ بِهِمْ رؤوسَ الضَّلالَةِ وَشارِعَةَ البِدَعِ، وَمُمِيتَةَ السُّنَنِ، وَالمُتَعَزِّزينَ بِالباطِلِ. وَأَعِزَّ بِهِمُ المُؤْمِنينَ، وَأَذِلَّ بِهِمُ الكافِرينَ وَالمُنافِقينَ وَجَميعَ المُلْحِدينَ وَالمُخالِفينَ، في مَشارِقِ الأَرْضِ وَمَغاربِها، يا أَرْحَمَ الرّاحِمينَ.

أللَّهُمَّ وَصَلِّ عَلَى جَميعِ المُرْسَلينَ وَالنَّبِيّينَ الّذين بَلّغوا عَنْكَ الهُدى، وَاعْتَقدوا لَكَ المَواثيقَ بِالطّاعَةِ، وَدَعَوْا العِبادَ إِلَيْكَ بِالنَّصيحَةِ، وَصَبَروا عَلَى مَا لَقُوا مِنَ الأذَى وَالتَّكْذيبِ في جَنْبِكَ. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وعَلَيْهِمْ وَعَلَى ذَراريِهِمْ وَأَهْلِ بُيوتَاتِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ، وَجَميعِ أَشْياعِهِمْ وَأَتْباعِهِمْ مِنَ المُؤْمِنينَ وَالمُؤْمِناتِ، وَالمُسْلِمينَ وَالمُسْلِماتِ، الأَحْياءِ مِنْهُمْ وَالأَمْواتِ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِمْ جَميعاً فِي هَذِهِ السّاعَةِ وَفِي هَذا اليَوْمِ وَرَحْمَتُهُ وَبَركاتُهُ.

أللَّهُمَّ اخْصُصْ أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ المُبارِكينَ، السّامِعينَ، المُطيعينَ لَكَ، الّذينَ أَذْهَبْتَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرتَهُمْ تَطْهيراً، بِأَفْضَلِ صَلَواتِكَ وَنَوامي بَرَكاتِكَ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.

فإذا أصبح يومَ الفطر:

 يُستَحبّ له أن يغتسلَ، ووقتُه [أي وقتُ الغُسل] بعد طلوع الفجر إلى وقتِ صلاة العيد، ويلبسَ أطهرَ ثيابه، ويمسّ شيئاً من الطّيب جسده؛ وينبغي أيضاً أن يعتمّ شاتياً كان أو قايظاً، ويتردّى بِبُرْدَةٍ حِبَرَة، ثمّ يخرج إلى المُصلّى بسكينة ووقار لصلاة العيد، فإذا اجتمعتْ شروط الجمعة وجبتْ صلاةُ العيد، وإنْ لم تجتمع أو اختلّ بعضُها كانت الصّلاةُ مُستحبّةً على الانفراد، فإذا توجّه إلى الصّلاة دعا بالدّعاء الّذي ذكرناه في آخر هذا الفصل.

وصِفةُ صلاة العيد أن يقومَ مُستقبِلَ القبلة، فيستفتح الصّلاة، يتوجّه فيها، ويكبّر تكبيرة الاستفتاح ".."

فإذا سلّمَ عقّبَ بتسبيحِ الزّهراء عليها السّلام، ومَا خفَّ عليه من الدّعاء، ثمّ يدعو بهذا الدّعاء.

 

الدّعاء بعد صلاة (العيد الصّبح)؟:

 

أللّهمَّ إِنّي تَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ بمُحَمَّدٍ أمَامي، وَعَلِيٍّ مِنْ خَلْفي، وَأَئِمَّتي عَنْ يَميني وَشِمَالي، أَسْتَتِرُ بِهِمْ مِنْ عَذابِكَ وَسَخَطِكَ، وَأَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ زُلْفَى... [إلى آخر الدّعاء الذي ورد أعلاه برواية الشّيخ المفيد قدّس سرّه]

 

فإذا توجّهتَ إلى المُصَلّى، فَادْعُ بهذا الدّعاء:

 

أللَّهُمَّ مَنْ تَهَيَّأَ، وَتَعَبَّأَ، وَأَعَدَّ، وَاسْتَعدَّ لِوِفادَةٍ إِلى مَخْلوقٍ رَجاءَ رِفْدِهِ...». [إلى آخر الدّعاء، وقد تقدّمت أيضاً روايتُه عن الشّيخ المفيد]

 

خُطبة أمير المؤمنين عليه السّلام يومَ الفطر

 

قال الشّيخ الطّوسيّ رضوان الله تعالى عليه:

«.. روى أبو مِخْنَف، عن جُندب بن عبد الله الأزديّ، عن أبيه، أنّ عليّاً عليه السّلام كان يخطبُ يومَ الفطر، فيقول:

الحَمْدُ للهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرْضَ، وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ، ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ، لا نُشْرِكُ بِاللهِ شيئاً وَلا نَتَّخِذُ (ولا أَتَّخِذُ) مِنْ دُونِهِ وَليّاً، وَالحَمْدُ للهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السّماواتِ وَما فِي الأَرْضِ، وَلَهُ الحَمْدُ فِي الآخرةِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ، يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها، وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماء وَما يَعْرُجُ فِيها، وَهُوَ الرَّحِيمُ الغَفُورُ، كذلِكَ ربُّنَا جَلَّ ثَناؤه، لَا أَمَدَ وَلَا غَايَةَ وَلَا نِهايةَ، ولَا إِلهَ إِلّا هُوَ وإِلَيْهِ المَصِيرُ، وَالحَمْدُ للهِ الَّذِي يُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلى الأَرْضِ إِلّا بِإِذْنِهِ، إِنَّ اللهَ بِالنّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ.

أللَّهُمَّ ارْحَمْنا بِرَحْمَتِكَ، وَاعْمُمْنا بعَافِيَتِكَ، وامدُدْنَا (وأمدِدْنا) بِعِصْمَتِكَ، ولَا تُخْلِنَا مِن رَحْمَتِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرّحِيْمُ، وَالحَمْدُ للهِ لا مَقْنُوطاً مِنْ رَحْمَتِهِ، وَلا مَخْلُوَّاً مِنْ نِعْمَتِهِ، وَلا مُؤْيَساً مِنْ رَوْحِهِ، وَلا مُسْتَنْكَفاً عَنْ عِبادَتِهِ، الذي بِكَلِمَتِهِ قامَتِ السَّماواتُ السَّبْعُ وَقَرَّتِ الأَرْضُون السّبعُ، وَثَبَتَتِ الجِبالُ الرَّواسِي، وَجَرَتِ الرِّياحُ اللَّواقِحُ، وَسارَ فِي (جَوِّ) السَّماء السَّحابُ، وَقامَتْ عَلى حُدُودِها البِحارُ، فتَبَارَكَ اللهُ رَبُّ العالَمِينَ، إِلهٌ قاهِرٌ قَادِرٌ، ذلَّ لَهُ المُتَعَزِّزُونَ، وَتَضاءَلَ لَهُ المُتَكَبِّرُونَ، وَدانَ طَوْعاً وَكَرْهاً لَهُ العالَمُونَ، نَحْمَدُهُ بما حَمِدَ نَفْسَهُ، وَكَما هُوَ أَهْلُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلّا اللهُ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، يَعْلَمُ ما تُخْفِي الصُّدورُ (النُّفُوسُ)، وَما تُجِنُّ البِحارُ، وَما تُوارِي الأَسْرَابُ (الأسرار)، وما تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ، وَكُلّ شَيءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَار، لَا تُوارِي مِنْهُ ظُلُماتٌ، وَلَا تَغِيبُ عَنْهُ غائِبَةٌ، وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلّا يَعْلَمُهَا، وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ، وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ، وَيَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ العَامِلُونَ، وَإِلى أَيِّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ، وَنَسْتَهْدِي اللهَ بِالهُدى، وَنَعُوذُ بِهِ مِنَ الضَّلَالَةِ (الضّلَال) والرَّدَى، وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَنَبِيُّهُ وَرَسُولُهُ إِلى النّاسِ كَافّة، وَأَمِينُهُ عَلى وَحْيِهِ، وَأَنَّهُ بَلَّغَ رِسالةَ رَبِّهِ، وَجَاهَدَ فِي اللهِ المُدْبِرينَ عَنْهُ، وَعَبَدَه حَتّى أَتاهُ اليَقِينُ صلّى اللهُ عليه وآله.

أُوصِيكُمْ، عبادَ الله، بِتَقْوى اللهِ الَّذِي لا تَبْرَحُ مِنْهُ نِعْمَةٌ، وَلا تُفْقَدُ (تَنفد) له رَحْمَةٌ، وَلا يَسْتَغْنِي عَنْهُ العِبادُ، وَلا تَجْزِي أَنْعُمَهُ الأعْمالُ، الَّذِي رَغَّبَ فِي الآخِرَةِ وَزَهَّدَ فِي الدُّنْيا، وَحَذَّرَ المَعاصِي، وَتَعَزَّزَ بِالبَقاءِ، وَتَفرَّدَ بِالعِزِّ وَالبَهَاءِ، وَجَعَلَ المَوْتَ غايَةَ المَخْلُوقِينَ، وَسَبِيلَ المَاضِين، فَهو مَعْقُودٌ بِنَواصِي الخَلْقِ كُلِّهم، حَتْمٌ فِي رِقَابِهم، لا يُعْجِزُهُ لُحُوقُ الهَارِبِ، وَلَا يَفُوتُهُ نَاءٍ، وَلَا آئِب، يَهْدِمُ كُلَّ لَذَّةٍ، وَيُزِيلُ كُلَّ بَهْجَةٍ، وَيَقْشعُ كُلَّ نِعْمَةٍ.

عبادَ الله! إنّ الدُّنْيا دارٌ رَضِيَ اللهُ لأَهْلِهَا الفَناءَ، وقَدَّرَ عَلَيهم بِها [مِنْها] الجَلاءَ، فَكُلُّ مَا فِيها نَافِدٌ، وَكُلُّ مَن يَسْلُكُها (يسكنُها) بَائِدٌ، وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ حُلْوَةٌ غَضِرَةٌ (خَضِرَة)، رَائِقَةٌ نَضِرَة، قَدْ زيّنَتْ [ازَّيَّنَت] لِلْطَّالِبِ، وَلَاطَت بِقَلْبِ الرّاغِبِ يَطِيبُها (بطيبها) الطّامع، وَيَجْتَويها (يَجتبيها) الوَجِلُ الخائِفُ، فَارْتَحِلُوا، رَحِمَكُمُ اللهُ، مِنْها بِأَحْسَنِ ما بِحَضْرَتِكُمْ (يَحضرُكم) مِنَ الزّادِ، وَلا تَطْلُبُوا مِنْها سِوى البُلْغَة، وَكُونُوا فِيهَا كَسَفَرٍ (كَسَفَرَةٍ) نَزِلُوا مَنْزِلاً فَتَمَتَّعُوا مِنْهُ (مِنها)، بِأَدْنَى ظِلّ، ثُمّ ارْتَحَلُوا لِشَأْنِهم، وَلا تَمُدُّوا أَعْيُنَكُمْ فِيهَا إِلى مَا مُتِّعَ بِهِ المُتْرَفُونَ، وَأَضِرُّوا فِيها بِأَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّ ذلِكَ أَخَفُّ لِلحِسَابِ، وَأَقْرَبُ مِنَ النَّجَاةِ.

أَلا إنَّ الدُّنْيا قَدْ تَنَكَّرَتْ وَأَدْبَرَتْ، وَآذَنَتْ بِوَداعٍ، أَلا وَإِنَّ الآخِرةَ قَدْ أَقْبَلَتْ وَأَشْرَفَتْ وَنَادَتْ بِاطِّلاعٍ، أَلا وَإِنَّ المِضْمارَ اليَوْمَ وغَداً السِّباق، أَلا وَإِنَّ السُّبقةَ الجَنَّة وَالغايَةَ النَّارُ، أَفَلا تائِبٌ مِنْ خَطِيئَتِهِ قَبْلَ هُجُومِ مَنِيَّتِهِ؟ أَوَلا عامِلٌ لِنَفْسِهِ قَبْلَ يَوْمِ فَقْرِهِ وبُؤْسِهِ؟ جَعَلَنا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ يَخافُهُ وَيَرْجُو ثَوابَهُ.

أَلا وإِنَّ هذا اليَوْمَ، يَوْمٌ جَعَلَهُ الله عِيداً، وَجَعَلَكُمْ لَهُ أهْلاً، فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَكَبِّرُوهُ، وَعَظِّمُوهُ، وَسَبِّحُوهُ، وَمَجِّدُوهُ، وَادْعُوهُ يَسْتَجِبْ لَكُمْ، وَاسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُم، وَتَضَرَّعُوا وَابْتَهِلُوا، وَتُوبُوا وَأَنِيبُوا، وَأَدُّوا فِطْرَتَكُمْ، فَإِنَّها سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ، وَفَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ، فَلْيُخْرِجْهَا كُلُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ عَنْ نَفْسِهِ، وَعَنْ عِيالِهِ كُلِّهِم، ذَكَرِهِم وَأُنْثَاهُم، صَغِيرِهِم وَكَبِيرِهِم، حُرِّهِم وَمَمْلُوكِهِم، يُخْرِجُ كُلُّ (عَنْ كُلِّ) واحدٍ مِنْهُمْ صاعاً مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صاعاً مِنْ تَمْرٍ، أَوْ [صَاعَاً] مِنْ بُرٍّ، مِن طِيْبِ كَسْبِهِ، طَيِّبَةً بِذَلِكَ نَفْسُهُ.

عِبَادَ الله! وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتّقْوَى، وَتَراحَمُوا وَتَعَاطَفُوا، وَأَدّوا فَرائضَ اللهِ عَلَيكُم، فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ مِنْ إِقامةِ الصَّلواتِ المَكْتُوبَاتِ، وَأداءِ الزَّكَوَاتِ، وَصِيَامِ شَهْرِ رَمَضانَ، وَحَجِّ البَيْتِ، وَالأمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالتّنَاهِي (وَالنَّهْي) عَنِ المُنْكَر،ِ وَالإحسَانِ إِلى نِسائِكُم، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ، وَاتّقُوا اللهَ فِيمَا نَهاكُمْ عَنْهُ، وأَطِيعُوهُ فِي اجتِنابِ قَذْفِ المُحْصَنَاتِ، وَإِتْيَانِ الفَواحِشِ، وَشُرْبِ الخَمْر،ِ وَبَخْسِ المِكْيالِ، وَنَقْصِ المِيزَانِ، وَشَهادَةِ الزُّورِ، وَالفَرارِ مِنَ الزَّحْفِ، عَصَمَنا اللهُ وَإِيَّاكُمْ بِالتَّقْوى، وَجَعَلَ الآخِرةَ خَيْراً لَنا وَلَكُمْ مِن هذه الدُّنيا، إِنَّ أَحْسَنَ الحَدِيثِ وَأَبْلَغَ المَوْعِظَةِ كلامُ اللهِ تَعالى.

أَعُوذُ بِالله مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ، ﴿بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ..﴾، إلى آخرِها.

* ثمّ جَلَسَ وَقَام، فَقَال:

الحَمْدُ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَسْتَهْدِيهِ، وَنُؤْمِنُ بِهِ، وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ، وَنَعُوذُ بِالله مِن شُرورِ أَنْفُسِنَا (نفوسِنا) وَمِن سَيّئاتِ أعمَالِنا، مَن يَهدِ اللهُ فَهُوَ المُهْتَد، وَمَن يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرْشِدَاً، وَأشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ..».

* قال الشّيخ الطّوسيّ، رحمه الله تعالى: «وذكرَ بَاقي الخطبةِ الصّغيرةِ في يومِ الجُمُعة».

وبالرّجوع إلى خُطبة الجمعة الصّغيرة، نَجِد أنّه، رحمه الله تعالى، أوردَ خطبتَين صغيرتَين، أقربُهما إلى ما أشار إليه، هو هذه الخطبة:

«الحَمْدُ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنُؤْمِنُ بِهِ، وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ، وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلّى الله (صَلواتُ الله) عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَسَلامُهُ وَمَغْفِرَتُهُ وَرِضْوانُهُ.

أللّهُمّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، وَنَبِيِّكَ وَصَفِيِّكَ، صَلاةً تامّةً نامِيَةً زاكِيَةً، تَرْفَعُ بِها دَرَجَتَهُ، وَتُبَيِّنُ بِها فَضيلَتَهُ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعلى آلِ مُحَمَّدٍ، كَما صَلَّيْتَ وَبارَكْتَ عَلى إِبْراهِيمَ وَعلَى آلِ إِبْراهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

أللّهُمّ عَذِّبْ كَفَرَةَ أَهْلِ الكِتابِ، والمُشْرِكِيْنَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ، وَيَجْحَدُونَ آياتِكَ، وَيُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ، أللّهُمّ خالِفْ بَيْنَ كَلِمَتِهِمْ، وَألْقِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِهِمْ، وَأَنْزِلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَنَقِمَتَكَ وَبَأسَكَ الَّذِي لا تَرُدُّهُ عَنِ القَوْمِ المُجْرِمِينَ، أللّهُمّ انْصُرْ جُيُوشَ المُسْلِمِينَ وَسَراياهُمْ وَمُرابِطِيهِم، حيثُ كَانوا مِن مَشارِقِ الأَرْضِ وَمَغارِبِها، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، أللّهُمّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ وَالمُسْلِمِينَ وَالمُسْلِماتِ، وَلِمَنْ هُوَ لاحِقٌ بِهِمْ، واجْعَلْ التَّقْوى زادَهُمْ والجَنّة مَآبَهُم، وَالإيمانَ وَالحِكْمَةَ فِي قُلُوبِهِمْ، وَأَوْزِعْهُمْ أَنْ يَشْكُرُوا نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ، وَأَنْ يُوفُوا بِعَهْدِكَ الَّذِي عاهَدْتَهُمْ عَلَيْهِ، إِلهَ الحَقِّ وَخالِقَ الخَلْقِ آمِين، إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإحْسانِ، وَإِيْتاءِ ذِي القُرْبى، وَيَنْهى عَنِ الفَحْشاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، اذْكُرُوا اللهَ فَإِنَّهُ ذاكِرٌ لِمَنْ ذَكَرَهُ، وَاسْأَلُوه رَحْمَتَه وَفَضْلَه، فَإِنَّهُ لا يَخِيبُ عَلَيْهِ داعٍ من المؤمنينَ دَعاهُ. رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الآخرةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّار».

 (الشّيخ الطّوسيّ، مصباح المتهجّد)

 

 

 

 

الحديثُ معَ اللهِ تَعالى، ومع وليِّه المَهديّ عليه السّلام

عاجِزٌ عَنْ عِتابِكَ، كَيْفَ يَقوى عَلى عِقابِكَ؟

ـــــ السّيّد ابن طاوس قدّس سرّه ـــــ

 

«..إذَا طَلَعَ هِلالُ شَوّالٍ، نُودِيَ المُؤْمِنونَ أَنِ اغْدُوا إِلى جَوائزِكُمْ، فَهُوَ يَوْمُ الجَائِزَةِ، ثمّ قالَ أبو جعفر [الباقر] عليه السّلام: أَمَا وَالّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا هِيَ بِجَائِزَةِ الدَّنانِيرِ وَالدَّراهِمْ».

ما هي الحالُ التي يكونُ عليها الصّائم، صبيحةَ العيد؟ الإدلال؟ أم الحياءُ والخَجلُ على قاعدة: ﴿..إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ المائدة:27.

حَوْلَ هذه الحال، تحدّث السّيّد ابنُ طاوس قدّس سرّه، مُبَيِّناً بعضَ أدب الحديثِ مع الله تعالى في غَمَرات الحياء والخَجل، ومع وليِّه المَهديّ المُنتظَر إمامِ الزّمان، عليه السّلام، من قَلب مُشاطَرتِه هُمومَ المسلمين والمستضعفين، وأحزانَ الغَيْبَة وتأخيرَ الفَرَج.

 

قال السّيّد ابن طاوس رحمَه الله تعالى:

«وإنْ أرادَ المتشرّفُ باستقبالِ يومِ العيد، أنْ يُخاطبَ كرمَ المالكِ للتّأييد، و[طَلَبَ] المزيد، فيقول: اللَّهُمُّ إنّ الملوكَ والأمراءَ قد وهبُوا خِلَعَاً لمَماليكهم وعبيدِهم وجنودِهم، ولو كانَ المماليكُ من الأغنياء.

والعبدُ المملوكُ رأسُه مكشوفٌ من عمائمِ المراقبةِ التي تليقُ بكم، ومن مَيازر الإخلاصِ التي تجبُ لكم، ومن سِتْرِ الإقبالِ عليكم، ومن الخِلَعِ التي تَصلحُ للحضورِ بين يدَيكم، وثيابُ العبدِ المملوكِ خَلِقَةٌ بيدِ الغَفَلَات، ودَنِسَةٌ من وَسَخِ الشّهوات، ولباسُ سَتْرِ عيوبِه مُمَزَّقٌ بيَدِ إيثارِه عليكم، ومِغْفَرُ غفرانِ ذنوبِه مكسَّرٌ بيَدِ تهوينِه بالاستغفارِ الذي يقرّبُه إليكم، وعوراتُه مكشوفةٌ، وعَثَراتُه مخوفةٌ، فهو مُتهتِّكٌ في هذا العيدِ السّعيدِ بسُوءِ ملبوسِه، و(خَجِلٌ) خَزْيانُ من ثيابِ نُحوسِه، فما أنتم صانعونَ بمملوكٍ يقولُ بلسانِ حالِه: (إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)، وأنتُم علّمتُمُ المُلوكَ (المَملُوكَ) مكارمَ الأخلاقِ، وعَنكُم وَمِنكُم عُرِفَ ابتداءُ الخلع، وإطلاقُ الأعناقِ والأرزاقِ.

وقد كانَ العبدُ المملوكُ لَمّا ابتَدأْتُم بإنشائه، عرفتُم ما يقعُ منه من سوءِ إبائه (إيابِه)، ووَسِعَه حِلمُكم، حتّى خَلَعتُم عليه خِلَعَ البقاء، وخِلَعَ سلامةِ الأعضاء، وخِلَعَ الشّفاءِ من الأدواء، وكَسَوتُموه لَحماً وجِلداً، وبالَغتُم معَه إنعاماً ورِفْداً.

فيَبقى العبدُ المملوكُ عُرْياناً بحَضرتِكم، فمَن ذا يسترُه ويَكسوه إذا رآه، وقَد ضاقتْ عنه سعةُ رحمتِك، ومَن يأويه إذا نُودِيَ عليه: أيْ طريدَ نقمتِكم! فيا مَن خلعَ عليه، وقد عرفَ مَا يَنتَهِي حالُه إليه، وربَّاهُ وغَذَّاهُ وَآواهُ، فقَد أحاطَ عِلْمَاً بجُرْأَتِه عَلَيه، وَمَا كَانَ قَد تشرَّفَ بمَعرفةِ مَوْلاه، وَلَا ارتَضَاهُ أن يخدمَه في دُنياه... ارحمِ استغاثتَه بكَ، واستكانتَه لكَ، واستجارتَه بظِلِّك، ووسيلتَه بفضِلك إلى عدلِك، وَاكْسُهُ مِن خِلَعِ العفوِ والغُفرانِ، والأمانِ، والرّضوانِ، مَا يكونُ ذِكرُها وشُكرُها ونَشْرُها، مَنسوباً إلى مُجَرَّدِ رَحمتِك وجُودِك، فقَدِ انْكَسَرَ قَلبُه، وَخَجِلَ وَاستَحيا مِن وقوفِه عُريَاناً في يومِ عيدِكَ، مَعَ كَثرةِ مَن خَلَعْتَ عَلَيهِ مِن عَبيدِكَ وَوُفُودِكَ، وَمَا لَهُ بَابٌ غَيْرُ بَابِكَ، وَهُوَ عَاجِزٌ عَن عِتَابِكَ، فَكَيفَ يَقْوَى عَلَى حِرمَانِكَ وَعِقَابِكَ؟».

 

أدبُ الحديث مع الإمام المهديّ عجّلَ اللهُ تعالى فرجه الشّريف يومَ العيد

 

أضاف السّيّد ابن طاوس، رضوان الله تعالى عليه:

«فصلٌ: في ما نذكرُه من أدبِ العبد يومَ العيد مع من يعتقدُ أنّه إمامُه، وصاحب ذلك المقام المجيد، فأقول:

اعلَم أنّه إذا كانَ يومُ عيدِ الفِطر، فإنْ كانَ صاحبُ الحُكمِ والأمرِ مُتَصَرّفاً في مُلكِه وَرَعَاياهُ عَلى الوجهِ الّذي أعطاه مَولاه، فَلْيَكُن مُهنّئاً له، صلواتُ اللهِ عَليه، بشَرف إقبالِ اللهِ، جلَّ جلالُه، عليه، وتَمامِ تمكينِه من إحسانِه إليه، ثمّ كُنْ مُهنّئاً لنفسِك ولمَن يعزُّ عليكَ وللدّنيا وأهلِها، ولكلِّ مسعودٍ بإمامتِه بوجودِه عليه السّلام، وسعودِه وهدايتِه وفوائدِ دولتِه.

وإنْ كان مَن يعتقدُ وجوبَ طاعتِه ممنوعاً من التّصرُّفِ في مقتَضى رياستِه، فَلْيَكُن عليكَ أثرُ المساواة في الغضبِ مع الله، جلَّ جلالُه، مولاكَ ومَولاه، والغضبِ لأجلِه، والتّأسُّفِ على ما فاتَ من فَضلِه.

فقد رَوينا بإسنادِنا إلى أبي جعفر بن بَابَوَيه من كتاب (مَن لا يَحضرُه الفقيه)، وغيره، بإسنادِه إلى حنان بن سَدير، عن عبد الله بن دينار، عن أبي جعفر [الباقر] عليه السّلام، أنّه قال:

(يَا عَبْدَ اللهِ، مَا مِنْ عِيْدٍ لِلْمُسْلِمِيْنَ، أَضْحَى وَلَا فِطْرٍ، إِلّا وَهُوَ يَتَجَدَّدُ لِآلِ مُحَمَّدٍ فِيهِ حُزْنٌ، قالَ: قلتُ: ولِمَ؟ قالَ: لِأَنّهُم يَرَوْنَ حَقَّهُمْ فِي يَدِ غَيْرِهِم).

وأقول: لو أنّكَ استَحْضَرتَ كيفَ كانت تكونُ أعلامُ الإسلامِ بالعدلِ منشورةً، وأحكامُ الأنامِ بالفضلِ مشهورةً، والأموالُ في اللهِ، جلّ جلالُه، إلى سائرِ عبادِه مبذولةً، والآمالُ ضاحكةً مُستَبشِرةً مقبولةً، والأمنُ شاملٌ للقريبِ والبعيد، والنّصرُ كاملٌ للضّعيفِ والذّليلِ والوحيدِ، والدّنيا قد أشرَقتْ بشموسِ سُعودِها، وانبَسَطتْ يدُ الإقبالِ في أغوارِها ونجودِها، وظهرَ من حُكمِ اللهِ، جلَّ جلالُه الباهرُ وسلطانُه القاهِر، ما يُهَيَّجُ العقولَ والقلوبَ سروراً، ويملأُ الآفاقَ ظهورُها نوراً... لَكُنْتَ، واللهِ، يا أخِي قد تنغّصتَ في عيدِكَ الذي أنتَ مسرورٌ بإقبالِه، وعرفتَ ما فاتَك من كَرَمِ اللهِ، جلّ جلالُه، وإفضالِه، وكانَ البكاءُ والتّلهُّفُ والتّأسُّفُ أغلبَ عليكَ وأليقَ بك، وأبلغَ في الوفاء لمَن يعزُّ عليكَ.

وقد رفعتُ لكَ الآن، ولم أَشرَحْ مَا كانَ يُمكِنُ فيه إطلاقُ اللّسان، وهذا الذي ذكَرنَاه عَلى سبيلِ التّنبيهِ والإشارة، لأنّ استيفاءَ شَرحِ ما نريدُه، يضيقُ عنه مبسوطُ العبارة.

واعلَم أنّ الصّفاءَ والوفاءَ لأصحابِ الحقوقِ عندَ التّفريقِ والبِعاد، أحسنُ من الصّفاءِ والوفاءِ معَ الحضورِ واجتماعِ الأجساد، فَلْيَكُن الصّفاءُ والوفاءُ شعارَ قلبِك لمَولاك وربِّك القادرِ عَلى تفريجِ كَرْبِك».

(السّيّد ابن طاوس، إقبال الأعمال: ج 1، ص 472 – 475)

 

 

من مُستَحبّات ليلةِ العيد ويومِه

* والسُّنّةُ أنْ يَطعَمَ [يَأْكُلَ] الرَّجُلُ في الأضحى بعدَ الصّلاة، وفي الفِطر قبل الصّلاة، (وألّا يُضَحِّيَ) حتّى ينصرفَ الإمام.

* ومن السُّنّة التّكبيرُ لَيْلَةَ الفطر، ويومَ الفطر في عشر صلوات.

* والتّكبيرُ في الأضحى، من صلاةِ الظّهر يومَ النّحر في الأمصار، إلى صلاةِ الفجر من بعد الغَد، عشرَ صلوات، لأنّ أهلَ مِنى إذا نَفروا، وجبَ على أهل الأمصار أن يَقطعوا التّكبير.

* والتّكبير: اللهُ أكْبَرُ اللهُ أكْبَرُ، لَا إلِهَ إلّا اللهُ وَاللهُ أكْبَرُ، اللهُ أكْبَرُ، وَللهِ الحَمْدُ، اللهُ أكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا، وَالحَمْدُ للهِ عَلَى مَا أَبْلَانَا، وَاللهُ أكْبَرُ عَلَى مَا رَزَقَنَا مِنْ بَهِيْمَةِ الأَنْعَامِ.

* وإذا كان عيدُ الفِطر فلا تَقُل فِيه: وَارْزُقْنَا مِن بَهِيْمَةِ الأنْعَامِ.

* والأضحى في الأمصار، يومٌ واحدٌ بعدَ يومِ النّحر.

* ومن السُّنّة أن يجتمعَ النّاسُ في الأمصارِ عشيّةَ عَرَفة بغير إمام، يدعُون الله.

 

(الشّيخ الصّدوق، المُقنع: ص149)

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريّات

دوريّات

27/06/2014

دوريّات

نفحات