زَمَنُ تحطيمِ الأصنـام

زَمَنُ تحطيمِ الأصنـام

03/03/2011

"إنّني آمل أن تكون هذه التعبئة الإسلاميّة العامة أنموذجاً لكلّ الشعوب الإسلاميّة والمستضعفين في العالم، وأن يكون القرن الخامس عشر الهجريّ قرن تحطيم الأصنام الكبرى، وإحلال الإسلام والتوحيد..

الشيخ حسين كوراني

"إنّني آمل أن تكون هذه التعبئة الإسلاميّة العامة أنموذجاً لكلّ الشعوب الإسلاميّة والمستضعفين في العالم، وأن يكون القرن الخامس عشر الهجريّ قرن تحطيم الأصنام الكبرى، وإحلال الإسلام والتوحيد محلّ الشرك والزندقة، والعدل والإنصاف، محلّ الظلم والعدوان، وقرنّ البشر الملتزمين، لا المتوحّشين الجَهَلة". الإمام الخميني قدس سره

  
نحن الآن عام 1432 للهجرة، في الثُّلُث الأوّل من القرن الهجريّ الخامس عشر، وقد تحطّم بعض الأصنام الكبرى، وتهشّم البعض، أو اهتزّ، وأرسلَ الصنمُ الفرعون ﴿.. في المدائن حاشرين * إنّ هؤلاء لشِرْذِمة قليلون * وإنّهم لنا لغائظون﴾ الشعراء:53-55.
أمّا الكفر بالأصنام جميعها فهو سِمَة العصر، ومدماك نظامه العالميّ الجديد.
وأمّا العدل والإنصاف، فلم يعرف تاريخ البشريّة توقاً إليهما، والتياعاً، كما يشهده هذا القرن.
كلُّ ما سلف من شدِّ أواصر الناس إلى بعضهم، خصوصاً في عالم الاتّصالات والمعلوماتيّة، كان تمهيداً حيويّاً لتوحيد النبض الإنسانيّ العالميّ، لِتَبلُغَ البشريّة «قرن البشر المُلتزمين».
لو علم فرعون بأنّ جمعَ «السحرة» كانا تمهيداً لانتصار النبيّ موسى، وغَرَقِ فرعون، لَعَلِمَت أمريكا ببعض ما أنتجتُه ثورة المعلومات والاتصالات.
لم يتفرعن يوماً فرعون، ولا طغى قارون، إلّا بإصلات سيفِ التحريف والتعتيم والتجهيل، وكمِّ الأفواه، وأخيراً: الترهيب.
تقضي السُّنن الاجتماعيّة بالتلازم بين الجهل وبين الاستعباد، وبين المعرفة وتحطيم الأصنام.

 **


شهد عصر «الظاهرة الخمينيّة الكونيّة» خطاباً كونيّاً ينهل من رؤية توحيديّة، لا تُفرِّق بين رُسُل الله،
وتستلهم المحمّديّة الخاتمة التي هي تجلّي كلِّ رسالات السماء إلى «المستضعفين» في مواجهتهم المُزمنة مع الفراعنة الأصنام.
 
عزّزت دَوِيَّ هذا الخطاب، فرادةُ استجابةٍ له، وتطبيق عمليّ في إيران، فإذا الدّنيا كلّها مدرسةٌ تنتظم في صفوفها جماهير المستضعفين والمُعذَّبين في الأرض.
تنفّسَ الصبح في طهران، فإذا العالم كلّه أمام هدير شلّال انفجارات شعبيّة، شارف الانفجار، فتنادى دهاقنة الصهيو-أمريكيّة لِوَأد هذا الهدير قبل انفجاره، وكان الفرعون الدُّمية صدّام رأسَ حربة الطواغيت في إيقاد نيران العنصريّة والحروب لمحاصرة خطاب الإمام الخمينيّ، وفصلِ الثورة الإسلاميّة في إيران عن مداها الأقرب؛ العالم العربيّ والإسلاميّ.
تمكّن الفراعنة من إطلاق العنان لأخطبوط التحريف والتعتيم، وكمِّ الأفواه، والترهيب. ولكن
﴿.. وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون﴾ النحل:26.

**

ما لم يُمكن محاصرته من خطاب الإمام الخمينيّ، هو عصبُ خطابه السياسيّ؛ «القضيّة الفلسطينيّة»،
الذي كان حاضراً في الخطاب الخمينيّ، أوائل الستّينات، قبل توجيه النداء الأوّل للشعب الإيرانيّ للثورة على «الشاه، عميل إسرائيل».
أطلق الإمام نداءاته السنويّة إلى الشعوب الإسلاميّة وجميع المستضعفين في العالم، حول إحياء «يوم القدس» في آخر جمعة من شهر رمضان.
كانت الاستجابة لهذه النداءات - جرَّاءَ التعتيم وضعف التواصل - تشقُّ طريقها بين الشعوب بصعوبة بالغة وبطءٍ متثاقِل، رغم أنّها بين الطلائع المجاهدة كانت تقطع أشواطاً قياسيّة. شكّلت انطلاقة المقاومة الإسلاميّة في لبنان رافعةً لنداء القدس الخمينيّ، ثمّ جاءت الانتفاضة في فلسطين، دليلاً حيّاً على أنّ مَن التحقوا بقطار التسويات لا يُمثّلون الشعب الفلسطينيّ، وأنّ الهدير الخمينيّ المترجَم إلى العربيّة بعمليّات المقاومة الإسلاميّة، لم يواجَه بما قاله بنو إسرائيل للنبيّ موسى عند «أريحا»: ﴿.. فاذهب أنت وربك فقاتلا إنّا هاهنا قاعدون﴾ المائدة:24.

 
**

تلاطم موج نداءات ثورة المستضعفين الخمينيّة ومحورها القدس وفلسطين واقتلاع «الغدّة السرطانيّة»، وهو في البدايات، مع موج عمليّات المقاومة الإسلاميّة، والاستشهاديّة منها بالخصوص، وموج الانتفاضات في فلسطين، و ﴿..على قدَرٍ يا موسى﴾ انبجست وانبثقت ثمّ تفجّرت ثورة المعلوماتيّة، ليبدأ قرن تحطيم الأصنام بدخول الأرض عصر الفضائيّات والشبكة الكونيّة.
كان هذا التزامن الإلهيّ بين الخطاب الخمينيّ على رافعته الفلسطينيّة بجناحيها المقاومة والانتفاضة، حدثاً كونيّاً هو الذي عزّز تحوُّل الخمينيّة إلى «ظاهرة كونيّة» تَحثُّ الخطى في صراط التمهيد لتحقيق وعدِ الله: ﴿..ليُظهره على الدّين كلِّه..﴾.

 **

ما حصل في تونس، وما يجري في مصر، وما كان قد جرى في العراق وغيره -رغم فرادته الثوريّة- 
ليس إلّا دحرجة فراعنة صغار، هي دُمى الأصنام الكبيرة التي تحدّث عنها «عبد الله المسدَّد»، الخمينيّ الإمام. إنّه من مدرسة «إرمِ ببصرِك أقصى القوم».
علينا أن نُحسن قراءة ملامح الانهيار الصهيونيّ والأميريكيّ، كي لا نُخدع بتبدُّل الوجوه، ويظلّ الهدف « تحطيم الأصنام الكبيرة». وأوجب الواجبات، أن نحصِّن سُوح شعوبنا من خطر أمضى سلاحٍ يُمكِّن الأصنام من احتواء المدّ الثوريّ، إنّه سلاحُ الفتنة الطائفيّة والمذهبيّة.
وحدة كلِّ المستضعفين، هي الطريق الحصريّ إلى «قرن البشر المُلتزمين».    

اخبار مرتبطة

  سرّ الخلق.. محمّد وآل محمّد

سرّ الخلق.. محمّد وآل محمّد

نفحات