الشيخ الجامع الأزهر، الفقيه الشبراوي
جاء في (معجم المطبوعات العربيّة - اليان سركيس):
الشيخ عبد الله بن محمّد بن عامر بن شرف الدين القاهري الشافعي الشهير بالشبراوي شيخ الجامع الأزهر في سنة 1137. انتقلت مشيخة الجامع الأزهر إلى الشافعيّة، فتولاها الشيخ عبد الله الشبراوي في حياة كبار العلماء بعد أن تمكّن وحضر الأشياخ وسمع الأوليّة وأوائل الكتب، ولم يزل يترقّى في الأحوال والأطوار، ويفيد ويُملي ويدرّس حتّى صار أعظم الأعاظم، ذا جاه ومنزلة عند رجال الدولة والأمراء ونفذت كلمته، وصار لأهل العلم في مدّته رفعة مقام ومهابة عند الخاصّ والعامّ وأقبلت عليه العلماء ".."، وكان عارفاً حاذقاً وأديباً متفنّناً، له النثر الرائق والنظم الطليّ. مات بالقاهرة ودُفن بمقبرة المجاورين.
له مؤلّفات في التاريخ والشعر والحكم والمواعظ والفضائل، منها: (الاتحاف بحبّ الأشراف)
وهو يشتمل على فضائل الأئمّة المعصومين وبعض السادات العلويّين، وقد طُبع لأوّل مرّة بالمطبعة الأدبيّة بمصر، ثمّ بالأوفست في قم سنة 1363 هجرية، ومنه نسخة بخطّه في خزانة الرباط من كتب الكتاني تحت رقم 1282 كتاني.
وفيه ترجمة للأئمّة الاثني عشر، تنتهي بترجمة المهديّ المنتظر الإمام الثاني عشر عجّل الله فرجه ص 179 - 180.
ما يلي مقتطف من هذا الكتاب، حول الأئمّة الاثني عشر، وأهل البيت عليهم السلام.
قال الفقيه الشبراوي الشافعي في تقديم كتابه (الإتحاف بحبّ الأشراف):
«ما زلت مذ كنت طفلاً مولعاً بحبّ آل البيت الأطهار، مغرماً بسماع ما لهم من كريم الأخلاق وجميل الأخبار؛ شَغَِفاً بمن ينتمون إليه، وحبّاً فيمن يحوم صادح شرفهم عليه، صلّى الله عليه و(آله) وسلّم وعظّم وكرّم. وقد عزمت على خدمة مقامه الشريف بجمع بعض ما عثرت عليه من مناقبهم، وإبداع ما يشير إلى عالي مراتبهم ...». فجاء كتابه هذا مائس الأعطاف، داني القطاف، مطأطىء الأكناف لجناب السادة الأشراف، مذكِّراً بفضائلهم وخصائصهم، وملهباً القلوب بمحبّتهم والتمسك بآثارهم.
وقال في مكان آخر: «قال بعض أهل العلم: إنّ آل البيت حازوا الفضائل كلّها عِلماً وحلماً وفصاحة وصباحة وذكاء وبديهة وجوداً وشجاعة، فعلومُهم لا تتوقّف على تكرار درس، بل هي مواهب من مولاهم، من أنكرها وأراد سترها كان كمن أراد سترَ وجهِ الشمس، فما سألهم في العلوم مستفيد ووقفوا، ولا جرى معهم في مضمار الفضل قومٌ إلّا عجزوا وتخلّفوا، وكم عاينوا في الجِلاد والجدال أموراً فتلقَّوها بالصبر الجميل وما استكانوا وما ضعفوا، تقرّ الشقاشق إذا هدرت شقاشقهم، وتصغي الأسماع إذا قال قائلهم ونطق ناطقهم، سجايا خصّهم بها خالقهم..
قد أشرق نور هذه السلسلة الهاشميّة، والبيضة الطاهرة النبويّة، والعصابة العلويّة، وهم اثنا عشر إماماً، مناقبهم عليّة، وصفاتهم سنيّة، ونفوسهم شريفة أبيّة، وأرومتهم كريمة محمديّة، وهم: محمّد الحجّة بن الحسن الخالص، بن عليّ الهادي، بن محمّد الجواد، بن عليّ الرضا، بن موسى الكاظم، بن جعفر الصادق، بن محمّد الباقر، بن عليّ زين العابدين، ابن الإمام الحسين أخي الإمام الحسن، ولدَي الليث الغالب عليّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
* وحول الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام، قال الشبراويّ: ويكفيه (يعنى الإمام الحسن العسكريّ) بأنّ الإمام المهديّ المنتظر من أولاده، فللّه درّ هذا البيت الشريف والنسب الخضِم المنيف، وناهيك به من فَخار وحسبُك فيه من علوّ مقدار، فهم جميعاً في كرم الأرومة، كأسنان المشط متعادلون، ولسهام المجد مقتبسون، فيا له من بيت عالي الرتبة سامي المحلّة، فلقد طاول السمْك عُلاً ونبلاً، وسما على الفرقدين منزلة ومحلّاً، واستغرق صفات الكمال، فلا يُستثنى فيه (بغير) ولا (بإلّا)، وانتظم في المجد هؤلاء الأئمّة انتظام اللآلي، وتناسقوا في الشرف فاستوى الأوّل والتالي، وكم اجتهد قومٌ في خفض منارهم والله يرفعُه، وركبوا الصعب والذَّلول في تشتيت شملهم والله يجمعُه، وكم ضيّعوا من حقوقهم ما لا يُهمله الله ولا يضيّعُه. أحيانا الله على حبّهم وأماتنا عليه.