آية الله السّيّد
عبد الحسين شرف الدّين العامليّ
علقت
به النّفوس، واجتمع عليه الرّأي
ــــــ إعداد: «شعائر»
ـــــ
* أحد أعلام الإماميّة ومشاهير علماء الإسلام، جمع بين
العلم والجهاد ضدّ الاستعمار الفرنسيّ ومقارعته.
* كان فقيهاً مجتهداً، محدِّثاً، خطيباً مفوّهاً، أديباً
بارعاً، قدّم تراثاً علميّاً جهاديّاً وحدوِيّاً لا يمكن أن يُنسى، وسيظلّ يخدم القضيّة
الإسلاميّة خير خدمة .
* امتاز أسلوبه
بالوضوح والاحترام للرّأي المقابل، والدّقّة، والموضوعيّة التّامّة، الأمر الّذي جذب
إليه قلوب الأصدقاء والأعداء معاً.
* هذه ترجمة موجزة تُضيء على عناوين أساسيّة من سيرة
آية الله السّيّد عبد الحسين شرف الدّين، مقتبسة من مصادر عدّة، في مقدّمتها
ترجمته رضوان الله عليه في مقدّمة كتابه (المجالس الفاخرة في مصائب العترة الطّاهرة).
هو
السّيّد عبد الحسين بن السّيّد يوسف، بن السّيّد جواد، بن السّيّد إسماعيل، بن محمّد
بن محمّد جدّ الأسرتيّن «آل شرف الدّين» و «آل الصّدر»، ابن السّيّد إبراهيم،
الملقّب بـ «شرف الدِّين» المنتهي نسبه إلى الإمام موسى الكاظم عليه السّلام.
وُلد
السّيّد عبد الحسين في الكاظميّة سنة 1290 للهجرة، في دار جدّه لأمّه السّيّد «هادي
الصّدر»، وهو من أبوَين علويَّين كريمَين، فأبوه العلّامة الحجّة يوسف بن الشّريف
جواد بن الشّريف إسماعيل، وأمّه العلوية الجليلة كريمة المرحوم السّيّد «الهادي»
بن السّيّد محمّد عليّ، الّذي ينتهي نسبها إلى شرف الدّين كذلك.
دراسته العلميّة
في
السّنة الثّامنة من عمره، عاد به والده إلى «عاملة» ليؤدّي الأب فيها واجبه الدّيني
بعد أن نال رتبة الاجتهاد، وشبَّ السّيّد في كنف والده ينتهل من نمير المعرفة في
حدود علوم العربيّة، والمنطق، والبلاغة، وسطوح الفقه، والأصول.
وعندما
بلغ السّيّد السّابعة عشر من عمره، أرسله أبوه إلى العراق لإكمال دراسته، وكان له
من ذكائه واجتهاده ما ساعده على المضيّ في الانتهال العلميّ في مدرسة النّجف
العلميّة، وشقَّ طريقه على يد أساتذة فطاحل شُهد لهم بعلوّ المقام؛ فقد درس على يد
فحول الحوزة العلميّة في النّجف وسامرّاء، كالمرحوم الملّا كاظم الخراسانيّ،
والمرحوم السّيّد كاظم الطّباطبائيّ، وشيخ الشّريعة الأصفهانيّ، والشّيخ محمّد طه
نجف، والشّيخ حسن الكربلائيّ، والسّيّد إسماعيل الصّدر، والسّيّد حسن الصّدر،
وغيرهم من أعلام الدِّين وأئمّة العلم..
وكان،
رحمه الله، كثير السّؤال والمذاكرة والاستفسار عن مشاكل المسائل، كلّما اجتمع
بعالمٍ كبيرٍ يبرز منه الدّقّة وحبّ المناظرة والإفادة.
قال
رحمه الله في ترجمته من كتابه (بغية الرّاغبين) ما نصّه: «أمّا في العلوم العربيّة،
فقد كان ممَّن لا يُجارى فيها - ويقصد بذلك جدّه آية الله المرحوم السّيّد الهادي
- ولا سيّما في عِلمَي المعاني والبيان، إذ بان شأنه فيهما، كنتُ أستصبح بضوئه
فيما لم أعتد إليه من معضلات (المطوّل) للمحقّق التّفتازانيّ، فيهديني إليها بنور
بيانه وسطوع حجّته، فإذا هي كالشّمس في ريعان الضُّحى، وكم كنت أرجع إليه في
مشكلات المنطق والعلوم العربيّة، فيُثلِج غلّتي بما ينفيه عنّي من معتلج الرَّيب،
ويُميطه من حجاب الشّبهة، وكان على جلالته وشيخوخته يقبل على مباحثتي بانبساطه،
ويسترسل إلى مناظرتي بأنسه..».
عودته إلى جبل
عامل
عاد
بعد ذلك إلى جبل عامل وهو في الثّانية والثّلاثين من عمره، واستقبلَته مدينته صور استقبالاً
رائعاً، وحطَّ فيها موفور الكرامة، محترم الجانب، رفيع المقام، وأصبح مرجعاً وزعيماً
دينيّاً تمكّن من الإصلاح، والهداية، ونشر المعارف.
ما
أنّ استقرّ به المقام حتّى بدأ يعمل ويخطّط لأمّته كأيِّ مصلحٍ عظيم، ويرعى الجانب
العلميّ، كما دعم الجانب الاجتماعيّ والسّياسيّ، وكانت له مواقف مشهودة سجَّلها
التّاريخ بكلِّ إكبارٍ وتقدير.
ففي
الجانب العلميّ: نظَّم السّيّد، رحمه الله، في
مدينة صور الدّراسة العلميّة وهذّبها من كلّ ما يعرقل سَيرها، ثمّ كان على اتّصالٍ
مستمرّ بالبحث والمطالعة والكتابة والمناظرة، وكانت حصيلة تلك الجهود العلميّة
مجموعة كبيرة من المؤلّفات القيِّمة.
أمّا
في الجانب السّياسيّ والاجتماعيّ: فقد كان السّيّد،
رحمه الله، مثال القائد المصلح الّذي يحاول أن يبني لأمّته كياناً، فكانت له مواقف
خالدة ضدّ الاستعمار الأجنبيّ في العهد التّركيّ والعهد الفرنسيّ، وذلك لإقامة
العدل، ولصموده واستقامته حاولوا اغتياله بيد أحد المرتزقة يعرف ب «ابن الحلّاج»،
ولكنّ الله تعالى كفَّ أيديهم عنه، لكن بقيت مؤامراتهم متّصلة إلى أن أدّت إلى تشريد
السّيّد بأهله وذويه نحو دمشق، وترك مكتبته العامرة تحترق بيد الجيش الفرنسيّ.
أسفاره
ولم
يدم بقاء السّيّد طويلاً في دمشق، فقد ضاق الفرنسيّون به ذرعاً، إذ عرفت فيه الشّام
عالماً وزعيماً ومجاهداً، وكانت معركة «ميسلون» نهاية بقائه في دمشق، فلجأ إلى مصر
سنة ألف وتسع وعشرين وثلاثمائة هجريّة، واجتمع بعلمائها وعلى رأسهم الشّيخ سليم البشريّ
المالكيّ، شيخ الأزهر في عصره، وأنتجت اجتماعاته به ومراسلاته له كتاب (المراجعات).
ولم
يمكث طويلاً في مصر، إذ قصد فلسطين ليكون من هناك على مقربةٍ من بلده يواصل منها
جهاده الدّينيّ، وعندما خرج الفرنسيون من لبنان عاد السّيّد، رحمه الله، إلى بلاده
منتصراً ظافراً، وكان يوم عودته مشهوداً،
وهو يحمل مشعل النّصر.
وللسّيّد،
رحمه الله، سفرات وزيارات أخرى إلى المدينة المنوّرة، وفلسطين، ومصر، والعراق،
وإيران.
مؤلّفاته
وللسّيّد
شرف الدّين مؤلّفات كثيرة تدلّ على علمه وسعة اطّلاعه، وفي ما يلي نذكر جملة منها:
1– (المراجعات): وهي آية من الآيات،
ومعجزة من المعجزات ببيانها، وقوّة برهانها، وشرف هدفها، طُبعت مرّتين في حياة السّيّد،
والعديد من المرّات بعد وفاته، وتُرجمت إلى العديد من اللّغات كالفارسيّة، والإنكليزيّة،
والأورديّة.
2– (الفصول المهمّة في تأليف الأمّة): وهو صرخة مدوّية في سبيل جمع
الكلمة واتّحاد الأمّة.
3- (أجوبة مسائل موسى جار الله): وهي أجوبة عن عشرين سؤالاً تقدّم
بها موسى جار الله إلى أعلام الشّيعة في البلاد الإسلاميّة، وقد دلّت هذه الأجوبة
على غزير علمٍ واطّلاعٍ واسع، يكتفي بها كلّ مَن كان رائده الحقّ.
4- (الكلمة الغرّاء في تفضيل الزّهراء عليها السّلام).
5- (المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطّاهرة).
6- (أبو هريرة): فيه فتحٌ علميّ جديد في فهم الأحاديث النّبويّة الشّريفة
وتخريجها تخريجاً صحيحاً.. وقد اقتفى أثرَه العالم المصريّ محمود أبو ريّة في كتابه
(شيخ المَضيرة).
7- (النّص والاجتهاد): وهو من أعمق الدّراسات الإسلاميّة في العصر الحاضر.
8- (بغية الرّاغبين): ضمّنه تراجم أعلام آل الصّدر وشرف الدّين، مع
عرض لتراجم أساتذتهم وتلامذتهم، وصور عن عصرهم، وهو من الكتب الجليلة الّتي تعدّ في
طليعة أدب التّراجم.
9- (فلسفة الميثاق والولاية).
10- (ثبت الأثبات في سلسلة الرّواة): عرض فيه إلى شيوخه من أعاظم
أهل المذاهب الإسلاميّة بأسلوبٍ فريدٍ مفيد.
11- (مسائل فقهيّة): موضوع فقهيّ مقارن عميق البحث.
12- (إلى المجمع العلميّ بدمشق): حيث ردّ على بعض الشّبهات المثارة
حول الشّيعة، ووجّه نصائحه إلى المجمع العلميّ يحثّه على الوفاق ونبذ الافتراق.
13- (حول الرّؤية): رسالة عقائديّة تبحث مسألة الرّؤية.
14- (زينب الكبرى): وهي خطبة خطبها في الصّحن الزّينبيّ المطهَّر،
تحدّث فيها عن مقام الحوراء زينب عليها السّلام ومواقفها الخالدة.
ومن
جملة كتبه الّتي احترقت ولم تُطبع:
15– (سبيل المؤمنين) في الإمامة. 16–
(النّصوص الجليّة) في الإمامة. 17– (تنزيل الآيات الباهرة) في الإمامة. 18- (شرح
التّبصرة في الفقه). 19– (تعليقة على الاستصحاب). 20- (تحفة المحدّثين فيما أخرج
عن السّتّة المضعفين). 21- (الذّريعة) ردّ على بديعة النّبهانيّ. 22- تعليقة على (صحيح)
البخاريّ. 23- تعليقة على (صحيح) مسلم. 24- (الأساليب البديعة في رجحان مآتم الشّيعة).
25- (المجالس الفاخرة) المجلدات الأربعة. 26- (مؤلّفو الشيعة في صدر الإسلام). 27-
(زكاة الأخلاق).
رسائله
تمتاز
رسائل السّيّد شرف الدّين بالبلاغة، وشرف الهدف، وتنوّع المواضيع، ففيها: العلم والأدب،
والإرشاد والفقه، والتّاريخ والعِبر، والقضايا الاجتماعيّة. وكان يراسل أولاده في معهدهم
العلميّ في النّجف الأشرف، فنقرأ فيها التّوجيه الأبويّ والتّربويّ، وكلَّ ما يحتاج
إليه الطّالب الدّينيّ هناك مِن حِكمٍ وتوجيهاتٍ تنير له السّبيل. وتارة كان يراسل
مُحبّيه وذَويه في المهجر، فيُفرغ إليهم التّوصياتِ الأبويّة الّتي تجمع كلمتَهم، وتارةً
أخرى يراسل الملوك والأمراء والسّاسة والمسؤولين، فيُسمِعهم ما ينبغي للعالِم الرّاعي
أن يُسمِع أمثالَهم من العدل بالرّعيّة، والعبرة بالماضي.
نثره
كان
السّيّد شرف الدّين فصيحَ اللّفظ، مُشرقَ الدّيباجة، متقَن السَّبك، يُمسك بعضه بعضاً،
وكان رحمه الله يعرض الجملة على حسّه المرهف قبل أن يُفرغها على الأوراق. وفصاحته في
نثره تَظهر بوضوحٍ على كلّ ما ألّف وصنّف وحرّر مِن بحوث، وأُسلوبه الأدبيّ يتقمّص
معانيه العلميّة الدّقيقة، فيزيدها رونقاً وبهاءً، وقوّةً ومضاءً.
خطاباته
تمتاز خطابات السّيّد شرف الدّين بقوّة
التّعبير، ودقّة التّصوير، وإشراق الدّيباجة. وكان لا يخطب إلّا مُرتجِلاً، ولا يمنعه
الارتجال من تركيز الفكرة وإبراز المعاني في فصاحةٍ عالية. وخطاباته إلى جوار ذلك بعيدة
عن التّكلّف والتّصنّع، كما هي كتاباته، وتأليفاته، ومحاضراته.
وقد خطب سنة 1350 هجريّة في المسجد
الجامع عصرَ كلِّ يوم من العشرة الأولى لمحرّم الحرام، وعنوان خطابته في كلّ يوم: آلُ
محمّد، ومَن آلُ محمّد صلّى الله عليهم أجمعين.. وكان رضوان الله عليه يندفع في كلِّ
يومٍ ساعةً من الوقت كالسَّيل يُعرّف النّاسَ عظمة أهل البيت عليهم السّلام في القرآن،
والسُّنّة، وعند النّاس، وقد خصّص اليومَ العاشر من المحرّم للإمام الحسين عليه السّلام،
وكان المجلس صباحاً، فتكلّم حول نهضة سيّد الشّهداء صلوات الله عليه وأسبابها وأهدافها،
ونتائجها العظيمة في دعم الإسلام وتركيز الدِّين، ثمّ ختم خطابه البليغ بذِكْر مصرع
سيّد شباب أهل الجنّة عليه السّلام، وكان يمزج حديثه بالبكاء، فيضجّ النّاسُ بالعويل..
وقد استمرّ خطابه ذلك اليوم ثلاث ساعات متوالية، ولو جُمع ذلك الخطاب لكان سِفْراً
ضخماً في فضائل أهل البيت عليهم السّلام وسيرتهم، وما يجب على المسلم أن يعرفه.
مؤازرته لأهل العلم
عُرف السيّد عبد الحسين شرف الدِّين
بشدّة اهتمامه بأهل العلم، وذوي المواهب من الكتّاب والشّعراء، كلٌّ بما يناسبه، وكان
يمدّ يد المساعدة على قدر ما تسمح له ظروفه، وكان يستعدّ لمناسبة رجوع الطّلبة العامليّين
الّذين يُكملون دراستهم العالية في النّجف، وقد حان وقت إرشاد النّاس في بلدهم. فكان
السيّد، رحمه الله، يزور بلدةً بلدة، يخطبهم ويعرّف منزلة العالِم، ويحثّ على خدمته،
وتهيئة ما يليق به من إكرام. وكان يشجّع المؤلّفين والشّعراء الّذين يلمس
فيهم الخدمة للدّين.
مشاريعه وآثاره
استوطن
السّيّد شرف الدّين في مدينة صُور، فبنى فيها حسينيّة مِن دارٍ امتلكها ثمّ أوقَفَها،
فأقام الصّلوات في تلك الحسينيّة وألقى دروس الدّين والإرشاد فيها، واجتمع مع النّاس
فيها لحلّ مشاكلهم. ثمّ أنشأ هناك مسجداً فخماً، أقام فيه كلَّ عامٍ ذكرى مولد النّبيّ
صلّى الله عليه وآله،
في احتفالٍ كبيرٍ يجتمع فيه النّاس مِن أنحاء البلاد العامليّة، ويدعوهم بعد الاحتفال
إلى تناول الطّعام في داره.
وأسّس
السيّد مدرسةً سمّاها «المدرسة الجعفريّة» لتهذيب النّشأ وتثقيفه، ونادياً سمّاه «نادي
الإمام الصّادق عليه السّلام» للاحتفالات الدّينيّة والمحاضرات الثّقافيّة، ومسجداً
أضافه إلى المدرسة والنّادي.
وأرسل
المبلّغين إلى المَهاجِر الإفريقيّة، وفي مقدّمتهم ولداه: السيّد صدر الدّين والسيّد
جعفر، وكانا لهما دورٌ في (الكلّيّة الجعفريّة) في ما بعد، وكان السّيّد شرف الدّين
قد أسّسها لتربية الجيل الصّاعد، ولم يكن يأخذ أُجوراً من الطّلبة الفقراء، وإنّما
كان يأخذ من المتمكّنين لتقوم الكلّيّة بواجبها تجاه المعوزين في كلّ ما يتعلّق بشؤونهم
ولوازمهم.
ولشدّة
عنايته بالمحتاجين، أسّس السّيّد شرف الدّين رحمه الله «جمعيّة البرّ والإحسان» لتقوم
بإكساء الفقراء ورعايتهم، ودفنِ وتجهيز الموتى من المساكين، حتّى أصبح من الناّدر أن
يُرى في «صور» سائلٌ أو محروم.
وفاته
بعد
أن اجتاز من العمر سبعةً وثمانين عاماً، توفّى اللهُ تعالى إلى رحمته سماحةَ السّيّد
عبد الحسين بن السّيّد يوسف الموسويّ شرف الدّين، بعد عمرٍ قضاه في الدّعوة إلى الله
تعالى، والقيام بنشر الشّريعة الغرّاء، وتعريف الأُمّة بالثّقلَين: كتاب الله والعترة
الطّاهرة، وهُدى النّاس إلى ما فيه صلاحهم، والسَّير بهم على الطّريق الأمثل الّذي
أَمَر به اللهُ تعالى ورسوله صلّى الله عليه وآله.
وكانت
وفاته رحمه الله في الثّامن من جمادى الآخرة سنة 1377 هجريّة / الموافق للثّلاثين من
كانون الأوّل سنة 1957م، حينها تجمّعت القرى العامليّة في بيروت لتودّع زعيمها الدّينيّ،
وخرجت بيروت بعلمائها وأدبائها وساستها وجموع الشّعب ورجال الحكم، لتلقيَ نظراتها الأخيرة
على النّعش الّذي تُقلّه طائرة خاصّة إلى بغداد، لِيُشيَّع هناك في الكاظميّة وفي مدينة
كربلاء المقدّسة ثمّ النجف الأشرف، تشييعاً مهيباً، فيُدفن في الحصن العلويّ المطهّر
عند جدّه أمير المؤمنين عليٍّ عليه السّلام، فطاب مَثواه.. رضوان الله تعالى عليه.
من مواقفه الجهاديّة
لمّا انتهت الحرب
العالميّة الأولى عام 1918 إلى هزيمة الدّولة العثمانيّة، احتلّت كلّ من فرنسا
وبريطانيا بلاد الشّام، ومنها جبل عامل، فقام السّيّد عبد الحسين شرف الدّين يعلن
الثّورة المسلّحة في عاملة ضدّ المستعمرين، مجاهراً بذلك،
قائلاً: «وكان استقبالنا للاحتلال الفرنسي استقبالاً صاخباً محتجّاً، يواجهها بالرّفض
والمصارحة والميل عنها ميلاً لا هوادة فيه ولا لِين». وقد أفتى بالجهاد ضدّ
المستعمر، فحكموا عليه بالإعدام وطاردوه ولم يتزحزح عن مواقفه المبدئيّة قيد شعرةٍ،
حيث كان قوله دائماً:
إنْ لمْ أقِف حيثُ جيش الموتِ يزدَحِم فلا مَشت بي في طُرقِ العُلا قدم
ولمّا عُقد «مؤتمر وادي الحجير» في 24 نيسان سنة 1920م
لتقرير مصير جبل عامل في تلك الفترة الحرجة، تزعّم السّيّد شرف الدّين ذلك
المؤتمر.. الّذي وصفه أديب جبل عامل محمّد علي الحوماني بكلماتٍ طويلة، أثنى فيها
على دور السّيّد شرف الدّين، منها: «ولمّا جلسْتَ في خيمة العلماء حفُّوا بك
وتهافت الحفل المحشود عليك، كلُّهم يحدّق بك ويستمع إليك وأنت مندفعٌ كالسَّيل،
تبعث في نفوسهم الحميّة، وتحرّضهم على الجهاد في سبيل الحق».
نقلاً عن موقع: www.moqawama.org