فضلُ
الإمام المعصوم، وصفاتُه
«مَعْدِنُ الْقُدْسِ... والْعِلْمِ
والْعِبَادَةِ»
ــــــــــــــــــــ
رواية الشّيخ الكلينيّ ــــــــــــــــــــ
أورد الشّيخ محمّد بن
يعقوب الكُلَيني في (الأصول من الكافي) رواية طويلة عن الإمام الرّضا عليه السّلام
في (صفة الإمام المفترَض الطّاعة، وأنّ الإمامة منصبٌ إلهيّ واصطفاءٌ ربّانيّ)،
اخترنا منها الفقرات الآتية.
قال
الكلينيّ رحمَه الله: «...عَنْ
عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ الرِّضَا عَلَيه
السَّلام بِمَرْوَ، فَاجْتَمَعْنَا فِي الْجَامِعِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي بَدْءِ مَقْدَمِنَا،
فَأَدَارُوا أَمْرَ الإِمَامَةِ وذَكَرُوا كَثْرَةَ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهَا، فَدَخَلْتُ
عَلَى سَيِّدِي عَلَيه السَّلام فَأَعْلَمْتُه خَوْضَ النَّاسِ فِيه، فَتَبَسَّمَ عَلَيه
السَّلام ثُمَّ قَالَ:
يَا
عَبْدَ الْعَزِيزِ، جَهِلَ الْقَوْمُ وخُدِعُوا عَنْ آرَائِهِم.
إِنَّ
الله عَزَّ وجَلَّ لَمْ يَقْبِضْ نَبِيَّه صَلّى اللهُ عَلَيه وَآلِه وَسَلَّمَ
حَتَّى أَكْمَلَ لَه الدِّينَ وأَنْزَلَ عَلَيْه الْقُرْآنَ فِيه تِبْيَانُ كُلِّ
شَيْءٍ، بَيَّنَ فِيه الْحَلَالَ والْحَرَامَ والْحُدُودَ والأَحْكَامَ وجَمِيعَ
مَا يَحْتَاجُ إِلَيْه النَّاسُ كَمَلاً [الكَمَل
هو تمامُ الشّيء]، فَقَالَ عَزَّ وجَلَّ: ﴿..مَا فَرَّطْنَا
فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ..﴾ الأنعام:38.
وأَنْزَلَ
فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ وهِيَ آخِرُ عُمُرِه صَلّى اللهُ عَلَيه وَآلِه وَسَلَّمَ:
﴿..الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ
لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا..﴾ المائدة:3، وأَمْرُ الإِمَامَةِ
مِنْ تَمَامِ الدِّينِ.
ولَمْ
يَمْضِ صَلّى اللهُ عَلَيه وَآلِه وَسَلَّمَ حَتَّى بَيَّنَ لأُمَّتِه مَعَالِمَ
دِينِهِمْ وأَوْضَحَ لَهُمْ سَبِيلَهُمْ وتَرَكَهُمْ عَلَى قَصْدِ سَبِيلِ
الْحَقِّ، وأَقَامَ لَهُمْ عَلِيّاً عَلَيه السَّلام عَلَماً وإِمَاماً، ومَا
تَرَكَ لَهُمْ شَيْئاً يَحْتَاجُ إِلَيْه الأُمَّةُ إِلَّا بَيَّنَه، فَمَنْ
زَعَمَ أَنَّ الله عَزَّ وجَلَّ لَمْ يُكْمِلْ دِينَه فَقَدْ رَدَّ كِتَابَ الله،
ومَنْ رَدَّ كِتَابَ الله فَهُوَ كَافِرٌ بِه.
صفةُ
الإمامة، ومنزلةُ الإمام
[يا
عبد العزيز]: هَلْ يَعْرِفُونَ قَدْرَ الإِمَامَةِ ومَحَلَّهَا مِنَ الأُمَّةِ
فَيَجُوزَ فِيهَا اخْتِيَارُهُمْ؟!
إِنَّ
الإِمَامَةَ أَجَلُّ قَدْراً وأَعْظَمُ شَأْناً وأَعْلَى مَكَاناً وأَمْنَعُ
جَانِباً وأَبْعَدُ غَوْراً مِنْ أَنْ يَبْلُغَهَا النَّاسُ بِعُقُولِهِمْ أَوْ
يَنَالُوهَا بِآرَائِهِمْ أَوْ يُقِيمُوا إِمَاماً بِاخْتِيَارِهِمْ.
إِنَّ
الإِمَامَةَ خَصَّ اللهُ عَزَّ وجَلَّ بِهَا إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ عَلَيه
السَّلام بَعْدَ النُّبُوَّةِ والْخُلَّةِ، مَرْتَبَةً ثَالِثَةً وفَضِيلَةً
شَرَّفَه بِهَا وأَشَادَ بِهَا ذِكْرَه، فَقَالَ: ﴿..إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا..﴾
البقرة:124.
فَقَالَ
الْخَلِيلُ عَلَيه السَّلام سُرُوراً بِهَا: ﴿..وَمِنْ ذُرِّيَّتِي..﴾ البقرة:124.
قَالَ
اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى: ﴿.. لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ البقرة:124.
فَأَبْطَلَتْ
هَذِه الآيَةُ إِمَامَةَ كُلِّ ظَالِمٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وصَارَتْ فِي
الصَّفْوَةِ، ثُمَّ أَكْرَمَه اللهُ تَعَالَى بِأَنْ جَعَلَهَا فِي ذُرِّيَّتِه
أَهْلِ الصَّفْوَةِ والطَّهَارَةِ، فَقَالَ: ﴿ وَوَهَبْنَا
لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ *
وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ
الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ﴾
الأنبياء:72-73.
فَلَمْ
تَزَلْ فِي ذُرِّيَّتِه يَرِثُهَا بَعْضٌ عَنْ بَعْضٍ، قَرْناً فَقَرْناً، حَتَّى
وَرَّثَهَا اللهُ تَعَالَى النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيه وَآلِه وَسَلَّمَ،
فَقَالَ جَلَّ وتَعَالَى: ﴿ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ
اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ﴾
آل عمران:68،
فَكَانَتْ لَه خَاصَّةً، فَقَلَّدَهَا صَلّى اللهُ عَلَيه وَآلِه وَسَلَّمَ
عَلِيّاً عَلَيه السَّلام بِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى عَلَى رَسْمِ مَا فَرَضَ اللهُ،
فَصَارَتْ فِي ذُرِّيَّتِه الأَصْفِيَاءِ الَّذِينَ آتَاهُمُ اللهُ الْعِلْمَ
والإِيمَانَ بِقَوْلِه تَعَالَى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ
لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ..﴾ الروم:56.
فَهِيَ
فِي وُلْدِ عَلِيٍّ عَلَيه السَّلام خَاصَّةً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، إِذْ لَا
نَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيه وَآلِه وَسَلَّمَ. فَمِنْ أَيْنَ
يَخْتَارُ هَؤُلَاءِ الْجُهَّالُ؟
[يا
عبد العزيز]: إِنَّ الإِمَامَةَ هِيَ مَنْزِلَةُ
الأَنْبِيَاءِ وإِرْثُ الأَوْصِيَاءِ.
إِنَّ
الإِمَامَةَ خِلَافَةُ اللهِ وخِلَافَةُ الرَّسُولِ صَلّى اللهُ عَلَيه وَآلِه
وَسَلَّمَ، ومَقَامُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيه السَّلام، ومِيرَاثُ الْحَسَنِ
والْحُسَيْنِ عَلَيهما السَّلام.
إِنَّ
الإِمَامَةَ زِمَامُ الدِّينِ ونِظَامُ الْمُسْلِمِينَ وصَلَاحُ الدُّنْيَا وعِزُّ
الْمُؤْمِنِينَ.
إِنَّ
الإِمَامَةَ أُسُّ الإِسْلَامِ النَّامِي وفَرْعُه السَّامِي.
بِالإِمَامِ
تَمَامُ الصَّلَاةِ والزَّكَاةِ والصِّيَامِ والْحَجِّ والْجِهَادِ وتَوْفِيرُ
الْفَيْءِ والصَّدَقَاتِ وإِمْضَاءُ الْحُدُودِ والأَحْكَامِ ومَنْعُ الثُّغُورِ
والأَطْرَافِ.
الإِمَامُ
يُحِلُّ حَلَالَ الله، ويُحَرِّمُ حَرَامَ اللهِ، ويُقِيمُ حُدُودَ الله، ويَذُبُّ
عَنْ دِينِ الله، ويَدْعُو إِلَى سَبِيلِ رَبِّه بِالْحِكْمَةِ والْمَوْعِظَةِ
الْحَسَنَةِ والْحُجَّةِ الْبَالِغَةِ "..".
الإِمَامُ
أَمِينُ الله فِي خَلْقِه وحُجَّتُه عَلَى عِبَادِه وخَلِيفَتُه فِي بِلَادِه،
والدَّاعِي إِلَى الله والذَّابُّ عَنْ حُرَمِ اللهِ.
الإِمَامُ
الْمُطَهَّرُ مِنَ الذُّنُوبِ والْمُبَرَّأُ عَنِ الْعُيُوبِ، الْمَخْصُوصُ
بِالْعِلْمِ الْمَوْسُومُ بِالْحِلْمِ، نِظَامُ الدِّينِ وعِزُّ الْمُسْلِمِينَ،
وغَيْظُ الْمُنَافِقِينَ وبَوَارُ الْكَافِرِينَ.
الإِمَامُ
وَاحِدُ دَهْرِه لَا يُدَانِيه أَحَدٌ ولَا يُعَادِلُه عَالِمٌ، ولَا يُوجَدُ
مِنْه بَدَلٌ ولَا لَه مِثْلٌ ولَا نَظِيرٌ، مَخْصُوصٌ بِالْفَضْلِ كُلِّه مِنْ
غَيْرِ طَلَبٍ مِنْه لَه ولَا اكْتِسَابٍ، بَلِ اخْتِصَاصٌ مِنَ الْمُفْضِلِ
الْوَهَّابِ، فَمَنْ ذَا الَّذِي يَبْلُغُ مَعْرِفَةَ الإِمَامِ أَوْ يُمْكِنُه
اخْتِيَارُه؟ ".."
وكَيْفَ
يُوصَفُ بِكُلِّه أَوْ يُنْعَتُ بِكُنْهِه أَوْ يُفْهَمُ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِه أَوْ
يُوجَدُ مَنْ يَقُومُ مَقَامَه ويُغْنِي غِنَاه؟ لَا، كَيْفَ وأَنَّى،
وهُوَ بِحَيْثُ النَّجْمِ مِنْ يَدِ الْمُتَنَاوِلِينَ ووَصْفِ الْوَاصِفِينَ.
فَأَيْنَ الِاخْتِيَارُ مِنْ هَذَا وأَيْنَ الْعُقُولُ عَنْ هَذَا وأَيْنَ يُوجَدُ
مِثْلُ هَذَا؟ أتَظُنُّونَ أَنَّ ذَلِكَ يُوجَدُ فِي غَيْرِ آلِ الرَّسُولِ
مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيه وَآلِه وَسَلَّمَ؟
كَذَبَتْهُمْ
والله أَنْفُسُهُمْ ومَنَّتْهُمُ الأَبَاطِيلُ فَارْتَقَوْا مُرْتَقاً صَعْباً
دَحْضاً تَزِلُّ عَنْه إِلَى الْحَضِيضِ أَقْدَامُهُمْ، رَامُوا إِقَامَةَ
الإِمَامِ بِعُقُولٍ حَائِرَةٍ بَائِرَةٍ نَاقِصَةٍ وآرَاءٍ مُضِلَّةٍ، فَلَمْ
يَزْدَادُوا مِنْه إِلَّا بُعْداً، قَاتَلَهُمُ الله أَنَّى يُؤْفَكُونَ.
ولَقَدْ
رَامُوا صَعْباً وقَالُوا إِفْكاً وضَلُّوا ضَلَالاً بَعِيداً، ووَقَعُوا فِي
الْحَيْرَةِ إِذْ تَرَكُوا الإِمَامَ عَنْ بَصِيرَةٍ، وزَيَّنَ لَهُمُ
الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ،
رَغِبُوا عَنِ اخْتِيَارِ اللهِ واخْتِيَارِ رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيه
وَآلِه وَسَلَّمَ وأَهْلِ بَيْتِه إِلَى اخْتِيَارِهِمْ والْقُرْآنُ يُنَادِيهِمْ:
﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ
اللهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ القصص:68.
".."
فَكَيْفَ
لَهُمْ بِاخْتِيَارِ الإِمَامِ والإِمَامُ عَالِمٌ لَا يَجْهَلُ ورَاعٍ لَا
يَنْكُلُ، مَعْدِنُ الْقُدْسِ والطَّهَارَةِ والنُّسُكِ والزَّهَادَةِ والْعِلْمِ
والْعِبَادَةِ، مَخْصُوصٌ بِدَعْوَةِ الرَّسُولِ صَلّى اللهُ عَلَيه وَآلِه
وَسَلَّمَ، و(هو) نَسْلُ الْمُطَهَّرَةِ الْبَتُولِ، لَا مَغْمَزَ فِيه فِي نَسَبٍ،
ولَا يُدَانِيه ذُو حَسَبٍ، في البيت [فالنَّسَبُ] مِنْ
قُرَيْشٍ والذِّرْوَةِ (الذّروةُ) مِنْ هَاشِمٍ والْعِتْرَةِ (العترةُ) مِنَ
الرَّسُولِ صَلّى اللهُ عَلَيه وَآلِه وَسَلَّمَ والرِّضَا مِنَ الله عَزَّ وجَلَّ
"..".
إِنَّ
الأَنْبِيَاءَ والأَئِمَّةَ، صَلَواتُ اللهِ عَلَيهِم، يُوَفِّقُهُمُ اللهُ
ويُؤْتِيهِمْ مِنْ مَخْزُونِ عِلْمِه وحِكَمِه مَا لَا يُؤْتِيه غَيْرَهُمْ،
فَيَكُونُ عِلْمُهُمْ فَوْقَ عِلْمِ أَهْلِ الزَّمَانِ فِي قَوْلِه تَعَالَى: ﴿..أَفَمَنْ
يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى
فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ يونس:35.
".."
وقَالَ
لِنَبِيِّه صَلّى اللهُ عَلَيه وَآلِه وَسَلَّمَ: أنزلَ ﴿.. عَلَيْكَ
الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللهِ
عَلَيْكَ عَظِيمًا﴾ النساء:113.
وقَالَ
فِي الأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّه وعِتْرَتِه وذُرِّيَّتِه صَلّى اللهُ
عَلَيه وَآلِه وَسَلَّمَ: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللهُ مِنْ
فَضْلِهِ فَقَدْ آَتَيْنَا آَلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآَتَيْنَاهُمْ
مُلْكًا عَظِيمًا * فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى
بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا﴾ النساء:54-55.
وإِنَّ
الْعَبْدَ إِذَا اخْتَارَه اللهُ عَزَّ وجَلَّ لأُمُورِ عِبَادِه شَرَحَ صَدْرَه
لِذَلِكَ، وأَوْدَعَ قَلْبَه يَنَابِيعَ الْحِكْمَةِ، وأَلْهَمَه الْعِلْمَ
إِلْهَاماً فَلَمْ يَعْيَ بَعْدَه بِجَوَابٍ ولَا يُحَيَّرُ (يَحِيدُ) فِيه عَنِ الصَّوَابِ،
فَهُوَ مَعْصُومٌ مُؤَيَّدٌ مُوَفَّقٌ مُسَدَّدٌ، قَدْ أَمِنَ مِنَ الْخَطَايَا
والزَّلَلِ والْعِثَارِ، يَخُصُّه اللهُ بِذَلِكَ لِيَكُونَ حُجَّتَه عَلَى عِبَادِه
وشَاهِدَه عَلَى خَلْقِه، و﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو
الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ الجمعة:4،
فَهَلْ يَقْدِرُونَ عَلَى مِثْلِ هَذَا فَيَخْتَارُونَه، أَوْ يَكُونُ
مُخْتَارُهُمْ بِهَذِه الصِّفَةِ فَيُقَدِّمُونَه؟
تَعَدَّوْا،
وبَيْتِ اللهِ، الْحَقَّ ونَبَذُوا كِتَابَ اللهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ
لَا يَعْلَمُونَ، وفِي كِتَابِ اللهِ الْهُدَى والشِّفَاءُ، فَنَبَذُوه
واتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ فَذَمَّهُمُ اللهُ ومَقَّتَهُمْ وأَتْعَسَهُمْ، فَقَالَ
جَلَّ وتَعَالَى: ﴿..وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ
اللهِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ القصص:50.
".."
وصَلَّى
الله عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ وآلِه وسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً».