من هموم المسلمين في أفغانستان..
دوحات حُسينيّة ذات روحانيّة عالية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إعداد: د. أليس كوراني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على مرّ
التّاريخ، كانت أفغانستان عرضةً للاضطرابات السّياسيّة والتّدخّل الخارجيّ، وكانت
مسرحاً لأحداث جسام منذ القرن الثّاني قبل الميلاد وحتّى يومنا هذا. وقد تعاقب على
حكم هذه البلاد حكّام كثيرون ودويلات عديدة وأسَر مختلفة، واستمرّ الوضع على ما هو
عليه بعد ظهور الإسلام، فكانت تعصف بالبلاد الرّياح من كلّ حدب وصوب، وكان
الموالون لأهل البيت عليهم السّلام يتعرّضون لشتى أنواع القتل والاضطهاد، إلّا
أنّهم صمدوا في أرضهم ولم تستطع عاديات الزّمان اقتلاعهم.
تقع جمهوريّة أفغانستان الإسلاميّة في القسم الجنوبيّ الغربيّ
من قارّة آسيا، يحدّها من الشّمال تركمانستان وطاجكستان وأوزبكستان، ومن أقصى
الشّمال الشّرقيّ الصّين، ومن الشّرق والجنوب باكستان، ومن الغرب الجمهوريّة الإسلاميّة
الإيرانيّة؛ وهي بذلك لا تمتلك شواطىء بحريّة. مساحتها647500 كليومتر مربّع، وعاصمتها
كابول.
تضمّ أفغانستان سلاسل جبليّة عالية، وصحارى شاسعة وأودية
سحيقة وسهولاً متموّجة، وأعلى نقطة فيها هي «نوشاخ» بارتفاع 7,492 متراً فوق مستوى
سطح البحر. وتمثّل جبال هندكوش وتفرّعاتها العمود الفقريّ الذي يقسم البلاد إلى قسمين.
ويُعَدُّ ممرّ «خيبر» الذي يقع بمحاذاة الحدود الأفغانيّة الباكستانيّة أحد أهمّ خطوط
النّقل في باكستان، ومن أهمّ الممرّات التّجاريّة لقرون مضت.
وقد أثّرت طبيعة البلاد الجغرافيّة على حركة السّكّان، وعلى
النّظام التّعليميّ من عدّة وجوه، أهمّها صعوبة الاتّصال بين المناطق المختلفة داخل
البلاد، وارتفاع كلفة إنشاء المدارس بسبب تشتّت السّكّان وصعوبة بناء المرافق المدرسيّة
فوق الجبال. ولذلك تركّزت النّشاطات التّعليميّة المهمّة بالمناطق المنخفضة السّهليّة،
التي تميّزت بدورها بوجود المدن الرّئيسيّة بالبلاد.
وتحظى أفغانستان بموقع استراتيجيّ من النّاحيّة السّياسيّة
والاقتصاديّة والحضاريّة، فهي تقع بين منطقة آسيا الوسطى، وجنوب غرب آسيا والشّرق الأوسط.
تنقسم أفغانستان، إداريّاً، إلى أربع وثلاثين ولاية، وهذه
الولايات بدورها مقسَّمة إلى مقاطعات ونواحٍ.
من المدن المهمّة في أفغانستان: كابل، وهي عاصمة البلاد،
وقندهار، وهرات، ومزار شريف، وكندز، وطالقان، وجلال آباد.
لمحة
تاريخيّة عن الحكم في أفغانستان
دخل الإسلام أفغانستان في نهاية القرن السّابع الميلاديّ.
وفي منتصف القرن التّاسع عمّ الإسلام الدّيار الأفغانيّة، وكان له تأثير كبير وواضح
على الحضارة هناك.
حكمت أفغانستان الجماعات التّركيّة من شرق فارس وآسيا الوسطى
في الفترة الممتدّة بين عامَي 900م و1200م. وقد هاجم المغول أفغانستان بقيادة جنكيزخان
في القرن الثّالث عشر الميلاديّ، والتّيموريّون بقيادة تيمورلنك في القرن الرّابع عشر
الميلاديّ.
منذ القرن الثّامن عشر الميلاديّ ومع ظهور قبائل البشتون،
بدأ التّاريخ السّياسيّ الحديث لأفغانستان مع تتويج أحمد شاه الدّرانيّ (مؤسّسس السّلاسة
الدرانيّة) ملكاً في قندهار عام 1747م حتّى عام 1773م، واستمرّ الحكم الملكيّ حتّى
العام 1973 عقب الانقلاب الذي قاده الجنرال محمّد داود، ثمّ كان الغزو السّوفياتيّ
لأفغانستان، وتولّى آنذاك رئاسة الجمهوريّة نجيب الله (1986-1992م، أعدمته طالبان)؛ ثمّ صبغة الله مجدّدي (1992أوّل رئيس لحكومة المجاهدين لمدّة شهرين)؛ ثمّ برهان الدّين ربانيّ (1992-1996م)؛ ثمّ استولت حركة طالبان على الحكم حتّى العام 2001م.
في العام 2001م غزت الولايات المتّحدة الأميركيّة
أفغانستان، وأطاحت بحكم طالبان، وتولّى حامد كرزاي رئاسة جمهوريّة أفغانستان الإسلاميّة
منذ 22 كانون الأوّل 2001م إلى أن خلفه أشرف غني في 29 أيلول 2014.
اللّغة
يوجد ما يزيد عن 20 لغة بأفغانستان، وتعدّ لغة الباشتو
واللّغة الفارسيّة (الدّاري) أكثر هذه اللّغات ذيوعاً وانتشاراً، وهما اللّغتان الرّسميّتان
للبلاد بموجب الدّستور الأفغانيّ، إذ يتكلّم بها حوالي 75% من مجموع السّكّان، وهما
لغتا التّعليم بالمدارس والجامعات. كما تنتشر اللّغة التّركيّة والكرديّة والعربيّة.
إلى جانب هذه اللّغات تتميّز أفغانستان بتعدديّة اللّهجات المتداولة التي من أبرزها: الهزاريّة، والبلوخي، والأورمريّة، وبامير (غلجة).
السّكّان
يبلغ عدد السّكان في أفغانستان حوالى 46 مليون نسمة
(إحصاء 2013م). وتعود أصولهم إلى مجموعات بشريّة دخلت البلاد غزاة أو مستوطنين. وتشتمل
تلك المجموعات العرقيّة على الآريّين والفُرس والعرب، وجماعات تتكلّم التّركيّة قدمت
من وسط آسيا وأخرى منغوليّة قدمت من إقليم شينجيانغ غرب الصّين.
وهم ينقسمون إلى مجموعات عرقيّة أهمّها: الباشتون (44%)،
والطّاجيك (25%)، والهزارة (15%)، والأزوبك (8%)؛ وهناك التّركمان (2%) ومجموعات
أخرى (حوالى 5%). ويتبع 99% من السّكّان الدّين الإسلاميّ.
الموالون لآل
البيت عليهم السّلام
أكثر الشّيعة في أفغانستان على المذهب الجعفريّ الإماميّ
(توجد نسبة قليلة من الإسماعيليّين)، وهم ينتمون إلى «الهزارة»، وهي مجموعة عرقيّة
من سلالة المغول تعيش وسط البلاد؛ ولغتهم الفارسيّة.
وينقسم «الهزارة» إلى قبائل عديدة، منها قبائل فيروزكوهي
وجمشيدي التي تقطن المناطق الأفغانيّة المتاخمة للحدود الإيرانيّة الأفغانيّة،
ومنها تلك التي تقطن «هرات»، وجبال طاجيك، كما يتواجدون في كابل العاصمة، وغزنة،
وفي محافظة «باميان» الواقعة وسط البلاد، عاصمتها مدينة باميان، وسكّانها حوالي
356000 نسمة، وفي هذه المحافظة يتواجد معظم عشائر الهزارة، وتعدّ عاصمتهم
الثّقافيّة.
ويقطن منهم مناطق «بهسود ده فركي» و«شهرستان»، و«كندي»، وفي
محافظات «بدخشان»، و«قندوز»، و«سمنغان»، ذات الوديان العميقة، وفي محافظة «هلمند»،
وتحديداً في مركزها «لشكركاه»، وقد تمكّن السّكّان هناك من إيصال نائب إلى مجلس الشّورى
الأفغانيّ في الانتخابات البرلمانيّة التي جرت عام 2005م.
ويتواجدون أيضاً في محافظة «بلخ» المتاخمة للحدود الشّماليّة
مع جمهوريّة أوزبكستان، حيث يشكّلون نصف سكّانها، ومركز هذه المحافظة هي مدينة
«مزار شريف»، وفيها المسجد الأزرق الشّهير، وهناك اعتقاد شعبي خاطئ أنّ أمير
المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام مدفون فيه، وأنّه صلوات الله عليه حُمل - عقب
استشهاده - على ناقة من نوق الجنّة من مدينة الكوفة إلى أن حطّت رحالها في البقعة
التي أطلقوا عليها اسم «مزار شريف». وقد تمّ بناء ضريح كبير فوق المكان المذكور تخليداً
له.
وعلى مرّ العصور توسّع البناء، وأقيمت فوق الضّريح [الذي
يرجّح أنّه لبعض الهاشميّين أو لأحد الأولياء]، مآذن مذهّبة وقباب ذات لون فيروزيّ،
وجدران عالية مكسوّة بالخزف والفسيفساء والنّقوش الجميلة، ما جعل المكان مزاراً
مبهجاً، ووُقفت عليه المصاحف النّادرة المكتوبة على أيدي كبار الخّطاطين في العالم
الإسلاميّ. كلُّ ذلك بدافعٍ من الحبّ والولاء لأمير المؤمنين عليه السلام، ولمجرّد
انتساب المكان بالاسم للإمام عليّ عليه السلام، على الرغم من الاعتقاد الجازم
بأنّه صلوات عليه عليه مدفونٌ في النّجف الأشرف.
معنى الـ
«هزارة»
لا بأس بالإشارة إلى معنى كلمة «هزارة»، قيل إنّ كلمة «هزار»
الفارسيّة تعني الألف، وأطلقت على هذه القوميّة التّي كان لها قبل الإسلام ألف
معبد. وعندما اعتنقوا الإسلام وتشيّعوا لأهل البيت عليهم السّلام، حطّموا هذه المعابد،
وبنوا مكانها ألفَ مسجدٍ ومنبرٍ للإسلام.
وقيل: وجه التّسمية يعود إلى وجود ألف نهر، أو ألف جبل مرتفع
في مناطق الهزارة. وقيل كلمة «هزارة» أصلها «هزالة» وتغيرت بمرور الزّمان، وهي مركبة
من كلمتين هما: (هو+زالة) التي تعني فرح القلب، لأنّ أبناء هذه القوميّة تميّزوا بقلوبهم
الطّيّبة والمرحة، فاشتهروا بهذا الاسم.
معاناة أتباع
أهل البيت عليهم السّلام في أفغانستان
لأجيال طويلة، كانت أقليّة الهزارة الأفغانيّة تحتلّ
الموضع الأدنى في التّكوين العرقيّ المعقّد لأفغانستان؛ حيث كانت قبائل البشتون
الجنوبيّة، الكبيرة العدد، تستحوذ دائماً على السّلطة السّياسيّة، يليها قبائل الطّاجيك
الجنوبيّة.
وخلال فترات مختلفة من التّاريخ، تعرّض «الهزارة» الشّيعة
للاضطهاد والقتل، ولا سيّما في عهد عبد الرّحمن خان (1880- 1901م) الذي نكّل بهم
قتلاً وأسراً وتشريداً، إلّا أنّهم تشبّثوا بعقيدتهم وحبّهم لأهل البيت عليهم
السّلام. وفي العصور الحديثة، فُرض عليهم العمل بالمهن المتواضعة، لا غير.
وعلى مدى قرون من الزّمن، عانى شيعة أهل البيت عليهم السّلام،
في أفغانستان، الحرمان والظّلم، والإبادة، والاستعباد، والتّنكيل، والتّشريد، والتّكفير،
ومحاولة إلغائهم من الخارطة السّياسيّة والاجتماعيّة وحتّى الإنسانيّة.
وقد اضطُهدوا تحت حكم طالبان (1996 - 2001م)، فقُتل منهم
من قتل، وهجّر من هُجّر، وتفرّقوا هنا وهناك في المناطق الجبليّة؛ كما رزحوا تحت
وطأة الاستغلال الاقتصاديّ والقمع الاجتماعيّ، علماً أنّ الشّيعة الأفغان كانوا سبّاقين
في النّضال والجهاد مع بقيّة مواطني بلدهم لمقاومة العدوان الخارجيّ، من ذلك
استبسالهم في مقاتلة الإنكليز في الحرب العالميّة الأولى, ومن أبرز زعمائهم آنذاك
(الملّا عبد الله بن الملّا نجم)، كذلك حاربوا المحتلّين في الحرب العالميّة الثّانية,
فبرز منهم (مير غلام قادوا بياني)، و(برويز شاه خان النّعمانيّ)، ونجل (مير عبّاس
لاله)، و(المّلا محمّد عليّ آخوند زاده) و(شير محمد خان هزارة).
كما أدّوا دوراً مهمّاً في حرب الاستقلال عام 1919م, التي
انتهت بحصول الأفغان على استقلالهم، حتّى أمر الملك «أمان الله» بنقش أسماء عدد من
أبطال الهزارة الذين أبدوا بطولات عظيمة في هذه الحرب على لوح كبير من الحجر في منار
(دهزنك) في كابل.
وقد قاوم الشّيعةُ الأفغان القوات السوفياتية المعتدية إبّان
احتلالها أفغانستان، وسطّروا انتصارات نوعيّة على القوّات الغازية.
أوضاعهم
الحاليّة
أمّا اليوم، فهم متواجدون على السّاحة السّياسيّة الأفغانيّة،
ولهم دور بارز في الحكومة الحاليّة، حيث وصلوا إلى أرقى المناصب في الوزارات المختلفة
والدّوائر السّياسيّة العديدة، وأُسندت إليهم سبع وزارات في عهد حميد قرضاي، كما أنّهم
حصلوا على عشرين مقعداً في البرلمان القوميّ الأفغانيّ، وعلى حقائب وزاريّة. ومنهم
نوّاب للوزراء وحكّام بعض الولايات المهمّة مثل: «هرات»، و«باميان»، و«سمنجان»، و«دايكوندي»؛
كما حصلوا على التّمثيل، ولأوّل مرّة، في المحكمة العليا والمجلس الأعلى للقضاء.
والجدير بالذّكر أنّ المذهب الشّيعيّ الجعفريّ اعترف به في
الدّستور الأفغانيّ بجانب المذهب السّنيّ الحنفيّ لأوّل مرّة في تاريخ البلاد، فالدّستور
الجديد لأفغانستان ألغى كافّة أنواع التّمييز المذهبيّ. وعلى صعيد الأحزاب والتكتّلات
السّياسيّة، فهناك العديد من الأحزاب والمنظمّات الشّيعيّة الفاعلة، مثل حزب الوحدة،
وحزب وحدة الشّعب، وحزب الاقتدار الوطنيّ، وحزب الحركة الإسلاميّة للشّعب الأفغانيّ،
وغيرها من المنظّمات والهيئات والجمعيّات. أمّا في الجانب الثّقافيّ والفكريّ، فإنّ
الشّيعة يواجهون تحدّياً كبيراً وخطيراً.
مؤسّسات شيعيّة
بأفغانستان
ينشط الشّيعة في أفغانستان في نشر ثقافة آل بيت النّبوّة
عليهم السّلام ويرسلون البعثات التّدريسيّة، وتهيئة المدارس والحوزات من أجل تعريف
الأجيال من شيعة الأفغان بما يحويه الإسلام الصّحيح من عقائد وتعاليم على مستوى
الفقه والعقيدة. ولهم إذاعات، وصحف، ومجلّات، ومراكز ثقافيّة، منها:
-
قناة (طلوع) الفضائيّة.
-
صحيفة «جمهوريّت» (أي الجمهوريّة)، مكتبها في كابل، ولها
موقع على شبكة الإنترنت.
-
صحيفة «دانشجو» (أي المتعلّم)، وهي سياسيّة ثقافيّة اجتماعيّة؛
مكتبها في كابل.
-
صحيفة «أفغانستان جوان» (أي أفغانستان الشّباب)، وهي
سياسيّة ثقافيّة اجتماعيّة؛ مكتبها الرّئيس
في منطقة «سركاريز» غرب كابل.
-
جريدة «برجم آزادي» (أي علم الحريّة)، مكتبها الرّئيس في
«مزار شريف».
-
مجمّع الإمام الخمينيّ في كابل، وهو مركز دينيّ وثقافيّ
ورياضيّ، وفيه مكتبة كبيرة.
-
مجمّع (كارته سخيّ)، وهو في أرض مجاورة لـبعض الأضرحة
المعروفة (في منطقة (كارته سخي) بكابل، حيث يُحتفل هناك بعيد النّيروز منذ عهد طويل،
وبمناسبات دينيّة.
-
جامعة (بصير) الحِرَفيّة.
-
(حوزة خاتم النّبيّين صلّى الله عليه وآله وسلّم) العلميّة
في غرب كابول، ويشرف عليها آية الله الشّيخ محمّد آصف محسني القندهاريّ ، وهو من كبار
العلماء والمراجع الشّيعة في أفغانستان.
كما يوجد مؤسّسات خيريّة لإعانة المحتاجين، منها مؤسّسة
«أبو الفضل العبّاس عليه السلام»، وقد أقامت هذه المؤسّسة، على سبيل المثال، حفلَ الزّفاف
الجماعيّ لمئة شابّ وصبيّة في العاصمة كابل، في ذكرى عيد الغدير المبارك.
عاشوراء: من
الإخفاء إلى الظّهور
يجري إحياء ذكرى عاشوراء في كثير من المناطق بأفغانستان،
وفي كابول، وسط إجراءات أمنيّة مشدّدة ولا سيّما بعد استشهاد ما لا يقلّ عن ستّين
شخصاً وجرح آخرين عام 2011م في تفجير انتحاريّ، أثناء إحياء الذّكرى، أمام أحد المساجد
في العاصمة.
وتتحرّك المواكب
في اتّجاه المساجد والأضرحة للتّجمّع وإحياء الذّكرى والمشاركون يحملون لافتات
تعرب عن ولائهم للإمام الحسين عليه السلام ونهجه في محاربة الطّغيان، منها «يعيش نهج
الحسين». ويشارك كثير من الأفغان من غير الشّيعة في ذكرى عاشوراء، ولا سيّما أولئك الذين يحبّون أهل بيت النّبيّ صلّى الله عليه وآله. وتعبّر كلّ جماعة عن حزنها وتضامنها مع القضيّة الحسينيّة،
حسب لغتها وثقافتها وتقاليدها الخاصّة.
وفي السّنوات الأخيرة، شهدت هذه الشّعائر تطوّراً ملحوظاً،
ففي السّنوات الماضية كانت تقام في الحسينيّات وداخل الأبواب المغلقة، ويقوم المعزّون
بإقامة المنبر الحسينيّ، ويجلسون ليســـتمعوا إلى الخطيب، وما يقدّمه من موضوعات حول
القضيّة الحسينيّة وسيرة الإمام الحسين عليه السّلام، وواقعة الطّفّ، ثمّ يلطمون الصّدور
تأسيّاً بالمصاب الأليم على ما جرى على أهل البيت عليهم السّلام... أمّا الآن،
وبعد زوال حكم طالبان، فقد خرجت هذه الشّعائر من الجدران الأربعة إلى العلن: في الشّوارع
والسّاحات العامّة، وفي الحسينيّات الكبرى، حتّى أنّ رئيس الجمهوريّة السّابق حميد
قرضاي شهد افتتاح الموسم غير مرّة.
وقد تحوّل البكاء والنّحيب الخافت، في داخل الحسينيّات والأماكن
الخاصّة، إلى صيحات مدويّة مطالبة بالحقوق المشروعة والعدالة والحريّة، وهي الدّروس
ذاتها التي قدّمها الإمام الحسين عليه السّلام، في مواجهة الباطل والظّلم والانحراف.