مراقبات شهر ربيع الآخر
..وَلْيُومِ بِالسَّلَامِ إِلَى قُبُورِنَا،
فَإِنَّ ذَلِكَ يَصِلُ
______ إعداد: «شعائر» ______
*
من أعمال شهر ربيع الآخر دعاء أوّل الشّهر الذي رواه السّيّد ابن طاوس قدّس سرّه
في (الإقبال)، ووصفَه الميرزا التّبريزيّ في (المراقبات) بأنّه «دعاءٌ
جليلٌ فاخر».
*
من مُستحبّات هذا الشّهر زيارةُ السّيّدة الزّهراء، عليها السّلام، في اليوم
الثّامن على الرّواية بأنّ شهادتها عليها السّلام كانت بعد وفاة النّبيّ الأكرم
صلّى الله عليه وآله بأربعين يوماً.
*
وفي العاشر من ربيع الآخر ذكرى ولادة الإمام الحسن العسكريّ، عليه السّلام،
فيُستحبّ صومه، وفي مثل هذا اليوم أيضاً، كانت شهادة السّيّدة
المعصومة، فاطمة بنت الإمام الكاظم عليهما السلام في مدينة
قمّ، فيستحبُّ زيارتها.
من أعمال بدايات الشّهور
* تزخر المصنّفات الفقهيّة وكُتب الأدعية بالحثّ على جملةٍ من الأعمال في بدايات الأشهر
الهجريّة، وفي الطليعة من هذه الأعمال الاستهلال مقروناً بأدعيةٍ بعينها. وهو - أي
الدّعاء عند رؤية الهلال – من السُّنّة الثابتة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله
كما في (المقنعة) للشّيخ المفيد. وفي (منتهى المطلب) للعلّامة الحلّي،
قال: «ويستَحبّ الدّعاء عند رؤية الهلال؛ لأنّه انتقالٌ من زمانٍ إلى آخر، فاستحبّ
فيه الدّعاء بطَلب الخير فيه».
جاء في كتاب (الدّعوات) للقطب الرّاونديّ: «كَانَ
أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السّلام إِذَا رَأَى الْهِلَالَ يَقُولُ: اَللَّهُمَّ إِنَّ النَّاسَ إِذَا نَظَرُوا إِلَى
الْهِلَالِ نَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي وُجُوهِ بَعْضٍ، وَرَجَا بَعْضُهُمْ بَرَكَةَ
بَعْضٍ، اَللَّهُمَّ إِنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَجْهِكَ جَلَّ ثَنَاؤُكَ وَوَجْهِ
نَبِيِّكَ وَوَجْهِ أَوْلِيَائِكَ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ، صَلّى اللهُ عَلَيْهِ
وَآلِهِ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَعْطِنِي مَا أُحِبُّ أَنْ
تُعْطِيَنِيهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاصْرِفْ عَنِّي مَا أُحِبُّ أَنْ
تَصْرِفَهُ عَنِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَأَحْيِنَا عَلَى طَاعَتِكَ وَطَاعَةِ
أَوْلِيَائِكَ وَطَاعَةِ وَلِيِّكَ صَلَوَاتُكَ وَرَحْمَتُكَ عَلَيْهِمْ،
وَالتَّسْلِيمِ لِأَمْرِكَ وَتَوَفَّنَا عَلَيْهِ وَلَا تَسْلُبْنَاهُ،
وَتَفَضَّلْ عَلَيْنَا فِيهِ بِرَحْمَتِكَ.
ثُمَّ يقُولُ: مَا شَاءَ
اللهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ (عَشْراً).
اَللَّهُمَّ
صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ (عَشْراً).
ثُمَّ كَانَ يُوليهِ ظَهْرَهُ، وَيَقُولُ: رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ، اَللَّهُمَّ
ثَبِّتْنَا عَلَى السَّلَامِ وَالْإِسْلَامِ وَالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ وَدَفْعِ
الْأَسْقَامِ وَالْمُسَارَعَةِ فِيمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى مِنْ طَاعَتِنَا لَكَ».
* أضاف القطب الراوندي مبيّناً بعضَ ما كان يستقبل به
الإمام الجواد عليه السّلام الشّهر الجديد، فقال: «وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ، مُحَمَّدُ
بْنُ عَلِيٍّ التَّقِيُّ عليه السّلام إِذَا دَخَلَ شَهْرٌ جَدِيدٌ:
- يُصَلِّي أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْهُ رَكْعَتَيْنِ:
- يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى (الْحَمْدَ) مَرَّةً،
و(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) لِكُلِّ يَوْمٍ إِلَى آخِرِهِ مَرَّةً. (أي يقرأها
ثلاثين مرّة)
- وَفِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى (الْحَمْدَ)، وَ(إِنَّا
أَنْزَلْنَاهُ) مِثْلَ ذَلِكَ. (أي سورة الحمد مرّة، وسورة القدر ثلاثين مرّة)
- وَيَتَصَدَّقُ بِمَا يَتَسَهَّلُ [يتيسّر] يَشْتَرِي بِهِ سَلَامَةَ ذَلِكَ الشَّهْرِ كُلِّه».
* وبخصوص شهر ربيع الآخر، فيُستحبّ في بدايته قراءة الدّعاء
الذي رواه السيّد ابن طاوس قدّس سرّه في (إقبال الأعمال)، وأوّله: «اَللَّهُمَّ
أَنْتَ إِلَهُ كُلِّ شَيْءٍ، وَخالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، وَمالِكُ كُلِّ شَيْءٍ
وَرَبُّ كُلِّ شَيْءٍ، أَسْأَلُكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقى، وَالغايَةِ وَالمُنْتَهى،
وَبِما خالَفْتَ بِهِ بَيْنَ الأَنْوارِ وَالظُّلُماتِ..».
[انظر: إقبال
الأعمال، أعمال ربيع الآخر]
اليوم الثّامن: شهادة السّيّدة فاطمة الزّهراء عليها السّلام (على رواية)
* قال العلّامة
السّيّد عبد الرّزّاق المقرّم في كتابه (وفاة الصّدّيقة الزّهراء عليها السّلام): «اختُلِفَ في
وفاة الصّدّيقة على أقوال: الأوّل: أنّها بَقِيَت بعد أبيها المصطفى صلّى الله
عليه وآله خمسةً وسبعين يوماً.. والثّاني:
بقيت أربعين يوماً.. والثّالث: تُوفِّيت لثلاثٍ خلون من جُمادى الآخرة..».
* جاء في كتاب
(اللّمعة البيضاء) للشّيخ التّبريزي الأنصاري:
«وكان نقش خاتم الزّهراء عليها السّلام: (الله وليُّ عِصمَتي)، وقيل: كان
خاتمها من الفضّة ونقشه: (نِعْمَ القَادِرُ الله)، وقيل: (أَمِنَ المُتَوَكِّلون)...
وكان
[من دعائها] عليها السّلام: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحيمِ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغيثُ فَأَغِثْني، وَلا تَكِلْني
إِلى نَفْسي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لي شَأْني كُلَّهُ».
اليوم العاشر: ولادة الإمام الحسن بن عليّ العسكريّ عليهما السّلام
روى
السيد ابن طاوس في (إقبال الأعمال) عن (حدائق الرّياض) للشيخ المفيد ما لفظُه:
«في اليوم العاشر من ربيع الآخر،
سنة اثنين وثلاثين ومائتين من الهجرة، كان مولد سيّدنا أبي محمّد الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ الرّضا صلوات الله
عليه، وهو يومٌ شريف، عظيمُ البركة، يستحبّ صيامه».
* وممّا يزار به الإمام الحسن العسكريّ صلوات الله عليه في
هذا اليوم، ما أورده الشّهيد الأوّل قدّس سرّه، في كتابه (المزار)، قال:
«في زيارة الإمامين الهُمامَين السّيّدين السّندَين أبي
الحسن عليّ بن محمّد الهادي، وأبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ، عليهما السّلام،
بسُرّ من رأى:
فَإِذَا أَرَدْتَ ذَلِكَ، وَوَرَدْتَ مَشْهَدَهُمَا
عَلَيْهِمَا السَّلَامُ اغْتَسِلْ مَنْدُوباً، فَإِذَا وَقَفْتَ عَلَى
قَبْرَيْهِمَا، قُلْ:
السَّلَامُ عَلَيْكُمَا يَا وَلِيَّيِ اللهِ، السَّلَامُ
عَلَيْكُمَا يَا نَجِيَّيِ اللهِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمَا يَا نُورَيِ اللهِ فِي
ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمَا يَا أَمِينَيِ اللهِ، أَتَيْتُكُمَا
زَائِراً لَكُمَا عَارِفاً بِحَقِّكُمَا، مُؤْمِناً بِمَا آمَنْتُمَا بِهِ،
كَافِراً بِمَا كَفَرْتُمَا بِهِ، مُحَقِّقاً لِمَا حَقَّقْتُمَا، مُبْطِلًا لِمَا
أَبْطَلْتُمَا، أَسْأَلُ اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمَا أَنْ يَجْعَلَ حَظِّي مِنْ
زِيَارَتِكُمَا الصَّلَاةَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأَنْ يَرْزُقَنِي
شَفَاعَتَكُمَا، وَلَا يُفَرِّقَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمَا، وَلَا يَسْلُبَنِي
حُبَّكُمَا وَحُبَّ آبَائِكُمَا الصَّالِحِينَ، وَأَنْ لَا يَجْعَلَهُ آخِرَ
الْعَهْدِ مِنْ زِيَارَتِكُمَا، وَأَنْ يَحْشُرَنِي مَعَكُمَا، وَيَجْمَعَ بَيْنِي
وَبَيْنَكُمَا فِي الْجَنَّةِ بِرَحْمَتِهِ.
ثُمَّ تَنْكَبُّ
عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْقَبْرَيْنِ فَتُقَبِّلُهُ، وَتَضَعُ خَدَّيْكَ
عَلَيْهِ، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ وَتَقُولُ:
اَللَّهُمَّ ارْزُقْنِي حُبَّهُمْ، وَتَوَفَّنِي عَلَى ولَايَتِهِمْ،
اَللَّهُمَّ الْعَنْ ظَالِمِي آلِ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ وَانْتَقِمْ مِنْهُمْ، اَللَّهُمَّ
الْعَنِ الْأَوَّلِينَ مِنْهُمْ وَالْآخِرِينَ، وَضَاعِفْ عَلَيْهِمُ الْعَذَابَ
الْأَلِيمَ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اَللَّهُمَّ عَجِّلْ فَرَجَ
وَلِيِّكَ وَابْنِ نَبِيِّكَ، وَاجْعَلْ فَرَجَنَا مَعَ فَرَجِهِمْ يَا أرْحَمَ
الرَّاحِمِينَ.
ثُمَّ تُصَلِّي
عِنْدَ الرَّأْسِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ. وَتُصَلِّي بَعْدَهَا مَا بَدَا لَكَ،
وَتَدْعُو لِنَفْسِكَ وَلِوَالِدَيْكَ وَلِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا تُرِيدُ.
فَإِذَا أَرَدْتَ الانْصِرَافَ فَوَدِّعْهُمَا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ،
فَقُلْ:
السَّلَامُ عَلَيْكُمَا يَا وَلِيَّيِ اللهِ،
أَسْتَوْدِعُكُمَا اللهَ، وَأَقْرَأُ عَلَيْكُمَا السَّلَامَ، آمَنَّا بِاللهِ
وَبِالرَّسُولِ وَبِمَا جِئْتُمَا بِهِ وَدَلَلْتُمَا عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ
اكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ.
ثُمَّ اخْرُجْ، وَوَجْهُكَ إِلَى الْقَبْرَيْنِ، عَلَى
أَعْقَابِكَ».
زيارة المشاهد
المشرّفة من بُعد
روى الشّيخ المفيد قدّس سرّه في (مزاره) عن الإمام أبي عبد الله الصّادق عليه
السّلام أنّه قال:
«إِذَا بَعُدَتْ بِأَحَدِكُمُ الشُّقَّةُ وَنَأَتْ بِهِ الدَّارُ فَلْيَعْلُ
عَلَى مَنْزِلِهِ، وَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَلْيُومِ بِالسَّلَامِ إِلَى
قُبُورِنَا فَإِنَّ ذَلِكَ يَصِلُ، وَتُسَلِّمُ عَلَى الْأَئِمَّةِ، عليهم السّلام،
مِنْ بَعِيدٍ كَمَا تُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ مِنْ قَرِيبٍ، غَيْرَ أَنَّكَ لَا
تَقُولُ: أَتَيْتُكَ [زائراٍ]، بَلْ تَقُولُ
مَوْضِعَهُ: قَصَدْتُكَ بِقَلْبِي زَائِراً، إِذْ
عَجَزْتُ عَنْ حُضُورِ مَشْهَدِكَ، وَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ بِسَلَامِي لِعِلْمِي
بِأَنَّهُ يَبْلُغُكَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْكَ فَاشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ؛
ثُمَّ تَدْعُو بِمَا أَحْبَبْتَ».
اليوم العاشر: شهادة السّيّدة فاطمة المعصومة عليها السّلام
قال المحدّث الشيخ عبّاس
القمّي رضوان الله عليه في (مفاتيح الجنان): «السيّدة الجليلة العظيمة فاطمة بنت موسى بن جعفر عليهم
السّلام، وقبرها الشّريف - في بلدة قمّ الطيّبة - معروفٌ مشهور، وله قُبّة شامخة، وضريح،
وباحات، وخَدَم كثيرون، وأوقاف وافرة، وهو قرّة العين لأهالي قمّ، وملاذٌ لعامّة الخلق،
يشدُّ إليه الرّحال في كلّ سنة خلقٌ كثير من أقاصي البلاد، فيتحمّلون متاعب السّفر
ابتغاءَ فضيلة زيارتها. وفضلُها وجلالُها يعرَف من كثيرٍ من الأخبار».
أضاف المحدّث القمّي: «عن الرّضا صلوات الله عليه، قال: ..مَنْ
زارَها عارِفاً بِحَقِّها فَلَهُ الجَنَّةُ.
فَإِذا أَتَيْتَ القَبْرَ فَقُمْ عِنْدَ رَأْسِها مُسْتَقْبِلاً
القِبْلَة، وَقُلْ:
- أَرْبَعاً وَثلاثينَ مَرَّةً (اللهُ أكبَر).
- وَثَلاثاً وَثَلاثينَ مَرَّةً (سُبْحانَ اللهِ).
- وَثلاثاً وَثلاثينَ مَرَّةً (الحَمْدُ لله).
* وقُلْ: السَّلامُ عَلَى آدَمَ صَفْوَةِ الله، السَّلامُ عَلَى نُوحٍ نَبِيِّ الله، السَّلامُ
عَلَى إِبْراهِيمَ خَلِيلِ الله.. [إلى آخر الزّيارة، وقد ورد فيها]:
السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ وَلِيِّ
الله السَّلامُ، عَلَيْكِ يا أخْتَ وَلِيِّ الله، السَّلامُ عَلَيْكِ يا عَمَّةَ وَلِيِّ
الله، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ مُوسى بْنِ جَعْفَرٍ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ...
يا فاطِمَةُ اشْفَعِي لِي فِي الجَنَّةِ،
فَإِنَّ لَكَ عِنْدَ الله شَأْناً مِنَ الشَّأْنِ..».
[الزيارة
بتمامها في مفاتيح الجنان: زيارة الأبناء العظام للأئمة عليهم السلام]