موجز
في التّفسير
سورة
الجمعة
ــــــــــــــــــــــــــ سليمان بيضون
ــــــــــــــــــــــــــ
*
السّورة الثانية والسّتّون في ترتيب سوَر المُصحف الشّريف، نزلت بعد سورة «الصفّ».
*
سُمّيت بـ «الجمعة» لقوله تعالى: ﴿..إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ..﴾
في الآية التاسعة منها.
*
آياتها إحدى عشرة، وهي مدَنيّة، مَنْ قرأها أُعطيَ عشرَ حسنات بعدد مَن أتى الجمعة،
وبعدد من لم يأتها في أمصار المسلمين، كما في النبويّ الشريف.
في
ما يلي موجز في تفسير السّورة المباركة اخترناه من تفاسير: (الميزان) للعلّامة
السّيّد محمّد حسين الطّباطبائيّ، و(الأمثل) للمرجع الدّينيّ الشّيخ ناصر مكارم
الشّيرازيّ، و(نور الثّقلين) للشّيخ عبد عليّ الحويزيّ.
|
ورد
في الروايات تأكيدُ قراءة سورة (الجمعة) في صلاة الجمعة، وأفتى العلماء باستحباب
قراءتها في الركعة الأولى من العشائَين ليلة الجمعة، والصبح والظهرَين من يومها.
محتوى السورة
«تفسير
الميزان»: غرض السورة هو الحثُّ البالغ على الاهتمام بأمر صلاة الجمعة والقيام بواجب
أمرها، فهي من شعائر الله المعظّمة التي في تعظيمها والاهتمام بأمرها صلاحُ أُخراهم
ودنياهم، وقد سلك تعالى إلى بيان أمره بافتتاح الكلام بتسبيحه والثناء عليه بما منّ
على قوم أمّيّين برسول منهم أمّيّ، يتلو عليهم آياته ويزكّيهم بصالحات الأعمال والزاكيات
من الأخلاق، ويعلّمهم الكتاب والحكمة، فيحمّلهم كتاب الله ومعارف دينه أحسن التحميل،
هم ومَن يلحق بهم أو يخلفهم من بعدهم من المؤمنين، فليحملوا ذلك أحسن الحمل، وليحذروا
أن يكونوا كاليهود حُمّلوا التوراة ثمّ لم يحملوا معارفها وأحكامها فكانوا مثل الحمار
يحمل أسفاراً. ثمّ تخلُص [السورة] إلى الأمر بترك البيع والسعي إلى ذكر الله إذا نودِي
للصّلاة من يوم الجمعة، وقرَّعهم على ترك النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم قائماً
يخطب، والانفضاض والانسلال إلى التجارة واللهو، وذلك آية عدم تحمّلهم ما حُمّلوا من
معارف كتاب الله وأحكامه.
«تفسير
الأمثل»: تدور السورة حول محوَرَين أساسيَّين:
الأوّل:
التوحيد وصفات الله، والهدف من بعثة الرسول، ومسألة المعاد.
الثاني:
الأثر التربويّ لصلاة الجمعة، وبعض الخصوصيّات المتعلّقة بهذه العبادة العظيمة.
ولكن
يمكن أن نُجمل الأبحاث التي وردت في هذه السورة المباركة بالنقاط التالية:
1
- تسبيح كافّة المخلوقات.
2
- الهدف التعليميّ والتربوي من بعثة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم.
3
- تحذير المؤمنين وتنبيههم من مغبّة الوقوع في الانحراف الذي وقع فيه اليهود فابتعدوا
عن جادّة الصّواب والحقّ.
4
- إشارة إلى قانون الموت العامّ والشامل الذي يُمثّل المعبَر إلى عالم البقاء والخلود.
5
- تأكيد أداء فريضة صلاة الجمعة، وحثّ المؤمنين على تعطيل العمل والكسب من أجل المشاركة
فيها.
ثواب تلاوتها
عن
النبيّ صلّى الله عليه وآله أنّه قال: «..وَمَنْ قَرَأَ سُورةَ الجُمُعَةِ أُعْطِيَ
من الأَجْر عَشْرَ حَسَنَات، بِعَدَدِ مَنْ أَتَى الجُمُعَةَ وبعَدَدِ مَنْ لَمْ يَأْتِها
في أَمْصَارِ المسلمينَ».
عن
الإمام الصّادق عليه السّلام أنّه قال: «الواجب على كُلِّ مؤْمن إذا كان لنا
شيعة، أَن يقْرَأَ في ليلةِ الجُمُعَةِ بـ(الجمعة) و(سَبِّح اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى)،
وفي صَلاة الظُّهْر بـ(الجمعة) و(المنافقين)، فإذَا فَعَلَ ذلكَ فكأَنَّما يَعْمَلُ
بِعَمَلِ رسُولِ اللهِ، وكانَ جَزاؤه وثَوابُه عَلَى اللهِ الجَنَّة».
تفسير آيات منها
قوله
تعالى: ﴿..الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ الآية:1.
*
الإمام الصّادق عليه السّلام: «..ومَتَى عَلِمْنَا أَنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ صَدَّقْنَا
بِأَنَّ أَفْعَالَهُ كُلَّها حِكْمَةٌ، وإنْ كانَ وَجْهُها غَيْرَ مُنكَشِفٍ لنا».
قوله
تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ..﴾ الآية:2.
*
الإمام الصّادق عليه السّلام: «كَانوا يَكتبُون، ولَكن لَمْ يَكُنْ مَعَهُم كِتَابٌ
مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَلَا بُعِثَ إِلَيْهم رَسُولٌ، فَنَسَبَهُم اللهُ إلى الأُمِّيِّين».
**
الإمام الجواد عليه السّلام: «..وإنّما سُمِّي [النبيّ
صلّى الله عليه وآله] الأمّيَّ لأنَّهُ كَانَ
مِنْ أَهْلِ مَكَّة، ومَكَّةُ مِن أمَّهاتِ القُرَى، وذلك قولُ الله عزَّ وَجَلَّ:
﴿..لِتُنذِرَ أمَّ القرى ومَن حولَها..﴾ الشورى:7».
قوله
تعالى: ﴿وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ..﴾ الآية:3.
*
قيل للنّبيّ صلّى الله عليه وآله: مَن هؤلاء [الآخرين
الذي لم يلحقوا]؟ فوضع صلّى الله عليه وآله يده على كتف
سلمان، وقال: «لَوْ كَان الإيمَانُ فِي الثُريَّا لَنالَتْهُ رِجَالٌ مِنْ هَؤُلَاء».
قوله
تعالى: ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾
الآية:4.
*
الإمام الصّادق عليه السّلام: «إِنَّ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ فِي سَمَاءِ
الدُّنْيَا لَيَطَّلِعُونَ عَلَى الْوَاحِدِ والِاثْنَيْنِ والثَّلَاثَةِ [من
المؤمنين] وهُمْ يَذْكُرُونَ فَضْلَ آلِ مُحَمَّدٍ،
فَتَقُول [طائفة]:
أمَا تَرَوْنَ هَؤُلَاءِ فِي قِلَّتِهِمْ وكَثْرَةِ عَدُوِّهِمْ يَصِفُونَ فَضْلَ آلِ
مُحَمَّدٍ عليهم السّلام؟ فَتَقُولُ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى مِنَ الْمَلَائِكَةِ: ﴿ذلِكَ
فَضْلُ الله يُؤْتِيه مَنْ يَشاءُ والله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾».
* قوله
تعالى: ﴿وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ..﴾ الآية:7.
*
الإمام الصّادق عليه السّلام: «جَاءَ رَجُلٌ إلَى أَبِي ذرٍّ فقال: يا أَبا ذَرّ،
ما لَنَا نكرهُ الموتَ؟ فقال: لأنّكم عَمَّرتُمُ الدُّنيا وخرّبتُم الآخِرَة، فَتَكْرَهُون
أنْ تُنقَلوا مِن عُمرانٍ إلى خَرابٍ».
قوله
تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ..﴾
الآية:8.
*
أمير المؤمنين عليه السلام: «أَيُّهَا النَّاسُ، كُلُّ امْرِئٍ لَاقٍ فِي فِرَارِه
مَا مِنْه يَفِرُّ، والأَجَلُ مَسَاقُ النَّفْسِ إِلَيْه، والْهَرَبَ مِنْه مُوَافَاتُه».
قوله
تعالى: ﴿.. إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ..﴾ الآية:9.
*
قيل للإمام الباقر عليه السلام: كَيْفَ سُمِّيَتِ الْجُمُعَةُ؟ قال: «قَالَ إِنَّ
الله عَزَّ وجَلَّ جَمَعَ فِيهَا خَلْقَه لِوَلَايَةِ مُحَمَّدٍ ووَصِيِّه فِي الْمِيثَاق،ِ
فَسَمَّاه يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِجَمْعِه فِيه خَلْقَه».
قوله
تعالى: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ
فَضْلِ اللهِ..﴾ الآية:10.
*
النبيّ صلّى الله عليه وآله: «الآيةُ ليست لطلبِ الدُّنيا، ولكنْ عيادةُ مريضٍ،
وحضورُ جَنازةٍ، وزيارةُ أخٍ في الله».
قوله
تعالى: ﴿..وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا..﴾ الآية:10.
*
الإمام الصّادق عليه السلام: «قال رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَليه وآله: إِذَا
صَلَّى أَحَدُكُمُ الْمَكْتُوبَةَ وخَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَلْيَقِفْ بِبَابِ الْمَسْجِدِ،
ثُمَّ لْيَقُلِ: اللَّهُمَّ دَعَوْتَنِي فَأَجَبْتُ دَعْوَتَكَ، وصَلَّيْتُ مَكْتُوبَتَكَ،
وانْتَشَرْتُ فِي أَرْضِكَ كَمَا أَمَرْتَنِي، فَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَمَلَ
بِطَاعَتِكَ، واجْتِنَابَ سَخَطِكَ، والْكَفَافَ مِنَ الرِّزْقِ بِرَحْمَتِكَ».