تاريخ
ما
تصنعُ بما في هذا الكتاب من إطرائهم؟!
«روى ابنُ أبي الحديد من
تاريخ محمّد بن جرير الطبري:
منع المعتضدُ [العبّاسي]
القُصّاص عن القعود على الطُّرقات واجتماعِ الناس عليهم، وتقدّم إلى الشرّاب الذين
يسقون الماء في الجامعَين أن لا يترحّموا على معاوية ولا يَذكروه، وكانت عادتهم
جاريةً بالترحّم.
وعزم [المعتضد] على لعن
معاوية على المنابر، وأمر بإنشاء كتابٍ يُقرَأُ على الناس بعدَ صلاة الجُمعة على
المنبر، فخوّفه عبيدُ الله بن سليمان اضطرابَ العامّة، وعاونَه يوسف بن يعقوب
القاضي في ذلك. فقال: (إنْ تحرّكتِ العامّةُ أو نطقتْ وضعتُ السيفَ فيها).
فقال: (يا أمير المؤمنين،
فما تصنعُ بالطالبيّين الذين يخرجون في كلّ ناحية، ويَميلُ إليهم خلقٌ كثيرٌ
لقرابتهم من رسول الله صلّى الله عليه [وآله]، وما في هذا الكتاب من إطرائهم؟).
فأمسكَ المعتضد! وكان من
جملة الكتاب بعد أن قدّم حمدَ الله والثناء عليه والصلاة على رسوله: (أمّا بعد،
فقد انتهى إلى أمير المؤمنين ما عليه جماعةُ العامّة من شُبهةٍ قد دخلتْهم في
أديانهم...)، وفيه جملةٌ من مطاعن معاوية وأبيه.
(أقول): وقد أشار إلى
ذلك ابن مسكويه في كتاب (تجارب الأُمم) في سنة 284، ونقل عن (ميزان) الذهبيّ أنّه
قال في ترجمة عبد الرزّاق بن همّام بن نافع الإمام أبي بكر الحِميري أحد الأعلام
الثّقات، قال مَخْلَد الشّعيري: (كنتُ عند عبد الرزاق فذكرَ رجلٌ معاوية، فقال عبد
الرزّاق: لا تُقَذِّر مجلسَنا بذِكر وُلد أبي سفيان».
(الشّيخ عبّاس القمّيّ،
الكُنى والألقاب: ج 1/ ص 90)
بلدان
الْجُحْفَةُ
الجُحْفَةُ
ميقاتُ أَهْلِ مِصْرَ وَالشّامِ إِنْ لَمْ يَمُرّوا عَلى المَدينَةِ، فَإِنْ مَرّوا
بِالمَدينَةِ فَميقاتُهُمْ ذو الحَليفَةِ؛ وَكَانَتْ الْجُحْفَةُ مَدِينَةً عَامِرَةً
وَمَحَطَّةً مِنْ مَحَطَّاتِ الْحَاجِّ بَيْنَ الْحَرَمَيْنِ، ثُمَّ تَقَهْقَرَتْ،
وَتُوجَدُ الْيَوْمَ آثَارُهَا شَرْقَ مَدِينَةِ رَابِغٍ بِحَوَالَي 22 كلم.
وفي
(مُعْجَمِ ما اسْتَعْجَمَ) للبَكْرِيِّ: «الجُحْفَةُ قَرْيَةٌ جامِعَةٌ، بِها مِنْبَرٌ...
وَسُمِّيَتِ الجُحْفَةَ لِأَنَّ السُّيولَ اجْتَحَفَتْها. وَذَكَرَ ابْنُ الكَلْبِيِّ
أَنَّ العَماليقَ أَخْرَجوا بَني عَبيلٍ، وَهُمْ إِخْوَةُ عادٍ، مِنْ يَثْرِبَ، فَنَزَلوا
الجُحْفَةَ، وَكانَ اسْمُها مَهْيَعَةَ، فَجاءَهُمُ السَّيْلُ، فَاجْتَحَفَهُمْ، فَسُمِّيَتِ
الجُحْفَةَ. وَفي أَوَّلِ الجُحْفَةِ مَسْجِدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ [وآله]
وَسَلَّمَ، بِمَوْضِعٍ يُقالُ لَهُ عَزْوَرٌ... وَبَيْنَ الجُحْفَةِ وَالبَحْرِ نَحْوٌ
مِنْ سِتَّةِ أَمْيالٍ [حَوالى 9 كلم ونصف]. وَغَديرُ خُمٍّ عَلى ثَلاثَةِ أَمْيالٍ
مِنَ الجُحْفَةِ، يَسْرَةً عَنِ الطَّريقِ. وَهَذا الغَديرُ تَصُبُّ فيهِ عَيْنٌ،
وَحَوْلَهُ شَجَرٌ كَثيرٌ مُلْتَفٌّ، وَهِيَ الغَيْضَةُ الّتي تُسَمّى خُمّ. وَبَيْنَ
الغَديرِ وَالعَيْنِ مَسْجِدُ النَّبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ،
وَهُناكَ نَخْلُ ابْنِ المُعَلّى وَغَيْرِه. بِغَديرِ خُمٍّ قالَ النَّبيُّ صَلّى اللهُ
عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ: مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ،
اللَّهُمَّ والِ مَنْ والاهُ، وَعادِ مَنْ عاداهُ. وَذَلِكَ مُنْصَرَفَهُ مِنْ
حِجَّةِ الوَداعِ».
وَفي
(لِسانِ العَرَبِ) لابْنِ مَنْظورٍ: «غَديرُ خُمٍّ في الجُحْفَةِ نَفْسِها».
وَفي
(المَسالِكِ وَالمَمالِكِ) لِلبَكْرِيِّ: «وَقَدِ احْتَمَلَ السَّيْلُ الحُجّاجَ بِالجُحْفَةِ
سَنَةَ ثَمانينَ مِنَ الهِجْرَةِ، وَيُقالُ إِنَّها عِنْدَ ذَلِكَ سُمِيَّتِ الجُحْفَةَ.
فَذَهَبَ كَثيرٌ مِنَ النّاسِ وَأَمْتِعَتِهِمْ وَرِجالِهِمْ..».