مقام السيّدة خَوْلَة بنت الإمام الحسين عليهما السلام
الشاهدُ الحيّ على
فظاعات السَّبي الأموي؟
ــــــــــــــــــــــ أحمد الموسوي
ـــــــــــــــــــــ
شاع بين الناس أنّ «خَوْلَة» هي بنت الإمام الحسين عليه
السلام - كانت في عِداد قافلة سبيِ مَن تبقّى من آل البيت إثر استشهاد الإمام
الحسين عليه السلام.
تقول الذاكرة الشعبية المعزّزة بقرائن مهمّة جدّاً - كما
تجد في هذا التحقيق - ولكنّها لا ترقى إلى مستوى الدّليل:
«في هذه المنطقة، وقبل مواصلة القافلة سَيرها باتجاه
دمشق، توفّيت السيّدة خولة وهي في قرابة السنة الثالثة من عمرها، فجرى دفنها في
إحدى النواحي، وتمّ إخفاء معالم الضريح الشريف لاحقاً خوفاً من الاضطهاد الأموي
فالعبّاسي الذي لاحق آل البيت عليهم السلام».
ونحن لا نجزم بهذا المضمون، وإنما نقف بعناية عند الشواهد
التاريخية التي ذُكرت في هذا المجال، ونعتقد أن الاحتمال في ما يتعلّق بالإمام
الحسين عليه السلام، وإنْ كان ضعيفاً، فإنّ مُحتملَه قويٌّ جدّاً، والعقل يحكم
بترتيب الأثر.
بعبارة أوضح: هناك احتمال أن يكون هذا المقام لبنت لسيد الشهداء
عليه السلام، ولا يُوجد في المصادر ما يُثبت أنّ من بناته بنتاً بهذا الاسم، ولكن
حيث إنّ موكب السبايا مرّ - على الراجح جدّاً - في بعلبك، ويُوجَد فيها مقام الرأس
الشريف، ومرقد السيدة خولة، فإنّ الاحتمال المذكور يكتسب قيمة أخرى إضافيّة.
وأما مضمون هذا الاحتمال الذي هو «المحتمَل» فهو نسبة هذا المقام
إلى بنت ابن رسول الله صلّى الله عليه وآله، وهو محتمَل يحكم العقل بعدم الجزم بصحّته،
كما يحكم بعدم جواز إهماله.
وعليه فينبغي تشجيع المؤمنين، جدّاً، على التعامل مع هذا المكان
باهتمام بالغ، كما هو الآن وأكثر، رعايةً لحقٍّ محتمَلٍ لرسول الله صلّى الله عليه
وآله ولأهل البيت عليهم السلام.
كما ينبغي تشجيع المؤمنين أيضاً، وبدرجة أكبر، على رفع مستوى
العناية بزيارة مقام الرأس الشريف في بعلبك.
وكذلك ينبغي الحثّ على زيارة جميع المراقد المنسوبة إلى أولياء
وصالحين دون الجزم بما لم يقم عليه الدليل، ودون الوقوع في محذور قطع طريق الناس بحجّة
عدم ثبوت ذلك، فإنّ عدم الثبوت لا يترتّب عليه أكثر من عدم الجزم بما لم يقم عليه
دليل.
هذا التحقيق – المختصَر عن مجلّة (رسالة النجف) - هو
محاولة للوقوف على مجموعة من المراجع والمصادر التاريخية، فضلاً عن الوثائق التي
تبحث في إثبات نسبة المقام في بعلبك إلى «السيّدة خولة بنت الإمام الحسين عليه
السلام».
في
الروايات المتناقلة على الألسن، أنّ ملكيّة الأرض التي ضمّت قبرها الشريف انتقلت
إلى رجل من محبّي آل البيت عليهم السلام، فرأى هذا في منامه أنّ طفلة تخاطبه وتطلب
منه أن يحوّل ساقية ماء عن مكانٍ محدّد في البستان لأنّها مدفونة هناك، وقد تكرّر
هذا الحلم في منام الرجل مرةً ثانية، إذ خاطبته الطفلة وعرّفته بشكل صريح عن نفسها
بأنّها خولة بنت الحسين عليه السلام، وطلبت منه الطلب نفسه، ثم تكرّر الحلم أكثر
من مرّة، فما كان من هذا الرجل الذي احتار بالأمر إلّا أن قصّ رؤاه على أحد
الوجهاء من آل مرتضى، فقام هذا من ساعته مع بعض خواصّه بالحفر في المكان المشار
إليه، إلى أن اهتدوا إلى مكان القبر وعثروا على جسدها الشريف ولم يلحق به أيّ أذى
رغم تعاقب السنين منذ تاريخ الوفاة، فأخرجوه من مكانه وأزاحوه عن مجرى الماء وشيّدوا
فوقه قبّة صغيرة، ومنذ ذلك الحين أخذ الضريح يتحوّل إلى مقصدٍ مبارك يكثر زوّراه
عاماً بعد عام من كلّ بلاد المسلمين.
وقد
شهد المزار، على مراحل متقطّعة، أعمال تحسين وتوسعة قام بها الخيّرون من محبّي آل
البيت عليهم السلام.
فالمقام،
ببنائه القديم، شيّده رجل من أولئك الأفاضل واسمه السيّد حسن ابن السيّد علوان،
وكان قبل بدء التوسعة الجديدة عبارة عن غرفة مُربّعة سميكة الجدران، وفي داخلها
الضريح المبارك يعلوه صندوق خشبي مزخرف بآيات من القرآن الكريم.
وقرب
الضريح شجرة سرو ضخمة، تقول المرويّات أنّ الإمام زين العابدين عليه السلام قد غرس
شتلتها للاستدلال بها على المكان.
وفي
عام 1970م قام نفر من المؤمنين بحملة تبرّعات من أهالي مدينة بعلبك سمحت ببناء
حسينية ومصلّى بمساحة 300 متر مربّع في حرم المقام، وفي العام 1997م وبمبادرة من «حزب
الله» بدأ مشروع ضخم لتوسعة جديدة كبيرة للمقام، وليكون من أهم المعالم الإسلامية
البارزة في المنطقة، إلى أن لقي دعماً مباشراً من الجمهورية الإسلامية في إيران
عام 2000م، إذ بدأت تتسارع وتيرة البناء فيه، لتنتهي المرحلة الأولى منه، وقد أصبح
جاهزاً لاستقبال عشرات الآلاف من الزوّار، وهذه التوسعة في مرحلتها الأولى شملت
الطابق الأوّل حيث الضريح والذي بات بإمكانه استقبال عدد كبير من الزوّار.
إذن للدخول
«بِسْمِ اللهِ،
بِإِذْنِ اللهِ، وَإِذْنِ رَسُولِهِ، وَأَنْبِيَائِهِ المُرْسَلِينَ، وَالأَئِمّةِ
المَعْصُومِينَ، وَبِإِذْنِ صَاحِبَةِ هَذَا المَقَامِ الشّرِيفِ، أَدْخُلُ هَذِهِ
الرّوْضَةَ المُبَارَكَةَ، وَأَدْعُو اللهَ بِفُنُونِ الدَّعَوَاتِ، وَأَعْتَرِفُ
للهِ بِالعُبُودِيّة، وَلِلنَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَالأَئِمّةِ المَعْصُومِينَ
عَلَيهِمُ السّلامُ بِالطّاعَةِ».
هذا
الإذن المثبت على لوحة رخامية قرب الباب الرئيسي هو أوّل ما يطالعك قبل الدخول إلى
القاعة الكبرى، التي تضمّ الضريح في الطابق الأرضي، والذي تبلغ مساحته 1350 متراً
مربّعاً، يضاف إليها ديوان استقبال، ومكتبة بمساحة 150 متراً مربّعاً.
السلام والطمأنينة في رحاب المقام
روعة
البناء بجدرانه المُمتدّة والملبّسة بالكاشي ذي الزخرفة الإيرانية الجميلة، والأعمدة
المرتفعة والمتماثلة بألوانها، والمرايا المعلّقة في السقف المظلِّلة للقاعة كلها،
واستغراق المصلّين في صلاتهم، وانسياب القانتين في أدعيتهم، وغياب المتوسّلين في
دموعهم، كل هذه الرهبة وكل هذا الجمال الروحي والمادي عند الدخول إلى الروضة،
يمهّدان الدرب أمام القلب ليأخذك مباشرة لإلقاء السلام على صاحبة الضريح وإعلان
الولاء للنبيّ وآل بيته عليهم السلام، ليرتدّ السلام سلاماً وطمأنينة يُتيحان لك
من بعدُ أن ترى وتسمع وتلحظ حولك.
شبّاك
الضريح من الذهب والفضّة، طوله أربعة أمتار وعرضه ثلاثة، بابه من خشب السنديان المُعتّق،
وإلى أمتار عدّة منه تخترق شجرة السرو العملاقة سقف المبنى الأوّل من المقام
لترتفع عالية في السماء.
أمّا
الطابق العلوي فيضمّ مصلّى وحسينيّة بمساحة تناهز أربعة آلاف متر مربّع، لاستقبال الزوّار
في المناسبات الدينية الكبرى كأيّام عاشوراء وليالي شهر رمضان المبارك؛ ففي يوم
العاشر من المحرّم يستقبل المقام قرابة مائة ألف من المؤمنين الذين يتجمّعون
للانطلاق منه في مسيرة عاشوراء، كما يستقبل الآلاف يوميّاً لإحياء شعائر هذه المناسبة
التي تستمرّ أربعين يوماً، وكذلك الأمر عند إحياء ليالي القدر من شهر رمضان
المبارك وإحياء المناسبات الجليلة الأخرى كيوم استشهاد السيّدة الزهراء عليها
السلام، إضافة إلى ما يقام فيه من محاضرات وندوات ومعارض إسلامية وفنيّة.
أما
بالنسبة إلى الزوّار من خارج لبنان، فإن زوّار المقام يتوافدون من مختلف الأقطار
الإسلامية وبشكل خاص من إيران وباكستان والهند وبنغلادش ودول الخليج العربي،
والزيارات لا تنقطع على مدار السنة، لكنها تكون كثيفة أيام الصيف، إذ يقدّر عدد مَن
يزور المقام من خارج لبنان حوالى مائة ألف زائر يأتون للزيارة والتبرّك، والتوسّل
إلى الله والدعاء لقضاء الحوائج.
كرامة إلهية
أهالي
منطقة بعلبك يعتبرون وجود مقام السيّدة خولة على مدخل المدينة من الكرامات الإلهية
التي منّ الله بها عليهم. يتبرّكون ويتوسّلون به إلى الله تعالى، ويعدّونه امتداداً
للمشاهد المقدّسة في مكّة المُكرّمة والمدينة المنوّرة والنجف الأشرف وكربلاء وقم
ومشهد ودمشق... حيث مدافن النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله والأئمة المعصومين
عليهم السلام ومَن كان معهم أو سار على ولايتهم من الأولياء والصالحين.
إن
مسيرة السَّبي بعد واقعة كربلاء لم تترك هذا المَعلَم فقط على طريق عذابات وآلام
السبايا قبل وصولهم إلى الشام، فعلى طول الطريق الممتدّة تركت الرحلة آثاراً
مقدّسة لآل بيت النبوّة، سواء في أرض العراق، أو سوريا، أو لبنان، حيث يوجد أيضاً
في منطقة بعلبك أثر آخر مبارك وهو المكان الذي وُضع فيه رأس الإمام الحسين الشريف
عند وصول السبايا إلى المنطقة، وهذا المكان بُني عليه لاحقاً مسجد يُعرف حتّى
اليوم باسم «مسجد ومشهد رأس الإمام الحسين عليه السلام»، وقصّة بناء هذا المسجد
تروي أنّ قافلة السبايا حين وصلت إلى هذا المكان، ثار بعض المؤمنين المحبّين لآل
البيت على الجنود الأمويّين الذين يحرسون القافلة في محاولة منهم لفكّ أَسْر
السبايا واستنقاذ الرأس الشريف من أيديهم، وهذا المسجد لم يبقَ منه اليوم سوى آثار.
ضريح مقدّس، وسَروة أمينة
كان
الرحّالة الإنكليزي الشهير «روبرت وود» قد ترك وثيقة مميّزة تعتمد الصورة، فقد رسم
الضريح الشريف عام 1757م أثناء زيارة قام بها إلى المنطقة، وقد ظهر الضريح فيها
واضحاً وخلفه أعمدة بعلبك وهياكلها الرومانية، واللافت في هذا الرسم شجرة السرو
التي انتصبت إلى جانب الضريح، وهي الشجرة التي تقول المرويات الشعبية المأثورة أنّ
الإمام زين العابدين عليه السلام قد زرعها، وهذه الشجرة لا تزال قائمة حتى اليوم
كحارس أمين للدلالة على مكان الضريح. وقد أورد الرحالة «وود» هذا الرسم في أحد
أشهر كتبه وهو بعنوان: The Ruins
Of Baalbek. أي (أطلال بعلبك)
بناء القبور
مسألة
بناء قبور الأولياء والصالحين وتشييدها وتعظيمها - كما يقول السيّد محمد باقر
الأبطحي الأصفهاني في مقدّمته على كتاب (المزار) للشهيد الأوّل: «كانت مألوفة عند
الأمم السابقة، فكُتب التراجم والتاريخ تخبرنا بأنّ العديد من القبور قد اتُّخذت
أماكن يتبرّك بها، بل إنّ القرآن المجيد يحدّثنا عن قصّة أصحاب الكهف وأنّ الذين
غلبوا على أمرهم قالوا: ﴿..لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾ الكهف:21،
فإذا كان إجلال أصحاب الكهف وغيرهم لأنّهم آياتُ الله، فإجلال آل النبيّ صلّى الله
عليه وآله وتعظيمهم أوْلى وأوجب لأنّهم أعلامُ آيات الله، وهم الذين اختُصّوا
بالعصمة وبانتمائهم وانتسابهم إليه صلّى الله عليه وآله».
ويضيف:
«إنّ التوسّل والخضوع والتواضع أمام العتبات المقدسة التي يضمّ ثراها نبيّاً أو
معصوماً أو وليّاً من الصالحين، هو في حقيقته توسّل وخضوع وتواضع للخالق تبارك
وتعالى، وليسوا هم إلّا وسيلة كالصلاة والصوم وبقيّة العبادات والطاعات التي يُتوسّل
بها إليه تعالى امتثالاً لقوله عزّ وجلّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا
اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾
المائدة:35».
مقام
السيّدة خَوْلَة بنت الإمام الحسين عليه السلام في بعلبك
«جمعيّة قبس لحفظ الآثار الدينية في لبنان»
تُعنى بالمحافظة على الآثار العمرانية والتراث التاريخي للأنبياء والأوصياء وأعلام
الشيعة الاثني عشرية في لبنان. ورد على الموقع الإلكتروني لهذه الجمعيّة في
التعريف بمقام السيّدة خولة عليها السلام ما يلي:
«بحثنا في كتب الرحّالة
فلم نجد له ذِكر، ولم يكتب عنه المؤرّخون، لكن ثمّة وثائق توفّرت لدينا تؤرّخ
للمقام، وتثبت قِدمه، كما أنّ مرور موكب السبايا في لبنان - بدءاً من منطقة جوسي
مروراً بمدينة بعلبك - يعزّز نظرية وجود ضريح لطفلة سقطت شهيدة نتيجة المعاناة
والتعب والاضطهاد، فدُفنت في تلك المحلّة قرب أكبر مَعْلَم أثري في المنطقة (قلعة
بعلبك).
الوثائق الحديثة
والقديمة التي تعزّز احتمال وجود المقام هي:
1) صور فوتوغرافية تؤرّخ لزيارة السيّد عبد
الحسين شرف الدين للمقام في العام 1924م.
2) صورة فوتوغرافية
للمقام التقطها الألماني هرملت برشاروت في العام 1897م. وهي أقدم صورة فوتوغرافية
لمقام السيّدة خولة عليها السلام.
3) أبيات شعر للشيخ صادق
زغيب تؤرّخ لإعادة إعمار مقام السيّدة خولة عليها السلام في 1891م.
4) مخطوطة مؤرّخة في
العام 1785م تدعو إلى إعادة إعمار المقام.
5) لوحة الرحّالة الإنكليزي
روبرت وود الذي زار بعلبك ورسم مشهد بانورامي للقلعة ظهر فيها مقام السيّدة خولة
عليها السلام وكان ذلك في العام 1757م.
6) مخطوطة تتضمّن وقفيّة
أرض تعود ملكيّتها للحاج محمّد علي الغربية، وفيها يقف بستانه لمقام خولة عليها
السلام، والمخطوطة مؤرّخة في العام 1688م.
7) الأب رزنفال اليسوعي
المتخصّص في الكتابات الشرقية القديمة، نشر في العام 1900م في مجلة (المشرق)
التابعة للرهبنة اليسوعية، صورة لنقش أثري قديم، اكُتشف في بعلبك، في المكان الذي
يقع فيه مقام السيّدة خولة عليها السلام، والنقش المكتشَف عبارة عن شاهد قبر غير
مكتمل مهشّم عند أطرافه، ما صعّب قراءة أسطره الأربعة المكتوبة بالخط الكوفي،
وتعود للحقبة التي سيطر فيها الحنابلة على المدينة، والأسطر الأربعة هي (..حسين بن
عليّ.. رضي الله عنه في ذي الحجّة سنة سبع وسبعين وأر... ربّ اغفر له وارحم)
ولو استكملنا
تأريخ النقش سوف نصل إلى نتيجة منطقيّة واحدة وهي أنّ التأريخ هو سنة سبع وسبعين
وأربعماية على التقويم الهجري.
هذه الوثائق، لا شكّ،
تعزّز - وبقوّة - وجود المقام.
الذاكرة الشعبية التي أرّخت
للمقام تفيدنا بأن الذي اكتشف ضريح الطفلة الشهيدة هو أحد أبناء الطائفة الإسلامية
السنيّة، من آل جاري، حيث رأى طفلة في منامه ولأربع مرات متتالية: (أخبرته أنّ
مياه ساقية تتسرّب إلى لحدها وتؤذيها وطلبت منه رفع الأذى عنها)، الأمر الذي دفعه
للاستعانة بآل مرتضى من السادة الهاشميّين، الذين سارعوا إلى حفر المكان ليجدوا
فعلاً ضريحاً في داخله جثمان طفلة ما زال غضّاً طريّاً - ( نقلوه إلى المكان
الحالي)، والقصّة معروفة عند كلّ أبناء بعلبك يتناقلونها أباً عن جدّ.
المعلومات المتوافرة
لدينا تبيّن لنا:
* أنّ المقام قد بناه
لأوّل مرّة الهمدانيون الموالون للإمام عليّ عليه السلام، والذين كانوا ينتشرون في
المنطقة، ليكتشفه المتصوّفة ويحافظوا عليه زمن وجود الحنابلة في بعلبك وهذا ما تؤكّده
اللوحة المهشّمة المكتشفة...
* ثمّ يأتي المماليك
ويدمّروه خلال حملتهم على بلاد الشام...
* وفي زمن الحرافشة
الشيعة يُعاد بناء المقام، ويؤكّد ذلك وقفيّة آل الغربية سنة 1688م.
* لوحة روبرت وود سنة
1757م، تؤكّد وجود المقام.
* زلزال ضرب بعلبك سنة 1759م، قد يكون
تسبّب في طمس معالم المقام.
* أو أنّ العثمانيين دمّروه
سنة 1775م، وهذا ما دفع أبناء بعلبك، وبحسب المخطوطة المؤرّخة سنة 1785م، بأن
يتنادوا لإعادة إعمار المقام، من دون أن يوفّقوا لذلك، ليبقى دون بناء حتى حضور
الطفلة الشهيدة في منام أحد أبناء آل الجاري فيتمّ إظهار الجثمان، ويُبنى له مقام
متواضع، ثم يبنى له لاحقاً غرفة عليها قبّة ويؤرّخ لذلك الشيخ صادق زغيب بأبيات من
الشعر سنة 1891م.
* وتظهر صورة فوتوغرافية
للمقام سنة 1897م.
* ويزوره السيّد عبد
الحسين شرف الدين سنة 1924م، ويبقى المقام محجّة ومنارة للزوّار المؤمنين، وما
زال..».