المظاهر
العاشورائيّة
إحياء شعائر أهل البيت عليهم السّلام
____
المرجع الديني الميرزا
جواد التبريزي* قدّس سرّه ____
قال الإمام الباقر عليه السّلام للفضيل بن يسار: «تَجْلِسونَ
وَتَتَحَدّثونَ؟ قلتُ: بلى، قال: إِنّي أُحِبُّ تِلْكَ المَجالِسَ فَأَحْيوا
فيها أَمْرَنا، مَنْ جَلَسَ مَجْلِساً يُحْيي فيهِ أَمْرَنا لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ
يَوْمَ تَموتُ القُلوبُ».
ثمة الكثير ممّا ينبغي التعرّف عليه في إحياء المراسم
العاشورائية، وخصوصاً لجهة المظاهر التي يعتمدها المشاركون في الإحياءات المباركة.
في ما يلي، مجموعة من الأسئلة بهذا الشأن أجاب عليها
المرجع الراحل الميرزا جواد التبريزي قدّس سرّه، وقد أعدّتها شعائر من كتابه (الأنوار
الإلهية في المسائل العقائدية).
س: ما هو رأيكم المبارك في لبس السواد واللّطم على الصدور أثناء إحياء مراسيم العزاء لسيّد
الشهداء عليه السّلام في شهر محرّم الحرام وباقي الأئمّة الأطهار عليهم السّلام؟
ج: لا إشكال ولا ريب ولا
خلاف بين الشيعة الإمامية في أن اللّطم ولبس السواد من شعائر أهل البيت عليهم
السّلام ومن المصاديق الجليّة للآية: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا
مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ الحجّ:32،
كما أنّها من مظاهر الجزع الذي دلّت النصوص الكثيرة على رَجَحانه في مصائب أهل
البيت عليهم السّلام ومآتمهم، ومَن يحاول تضعيف هذه الشعائر أو التقليل من أهميتها
بين شباب الشيعة فهو من الآثمين في حقّ أهل البيت عليهم السّلام ومن المسؤولين يوم
القيامة عمّا اقترفه في تضليل الناس من جهة مظالم الأئمة عليهم السّلام، ثبّت الله
المؤمنين على الإيمان والولاية والله الهادي إلى سواء السبيل.
س: هل ترون ما ذهب إليه (صاحب الحدائق) [المحقّق الشيخ يوسف البحراني، ت: 1186
للهجرة، وكتابه: الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة] من أن لبس السواد في عزاء سيد الشهداء عليه
السّلام وبقية الأئمة عليهم السّلام راجحٌ شرعاً؟
ج: ما ذهب إليه (صاحب
الحدائق) قدّس سرّه صحيح، فإنّ لبس السواد من مظاهر الحزن على ما أصاب سيد الشهداء
عليه السّلام وأهل بيته وأصحابه عليهم السّلام وكذا سائر الأئمة عليهم السّلام
وإظهار الحزن في مصائبهم مندوبٌ شرعاً للنصوص الكثيرة وفيها الصحيح، والله العالم.
س: ألا يكره للمصلّي لبس السواد؟ كيف نجمع بين هذا الحكم
الشرعي وبين استحباب لبس السواد عزاءً على الحسين عليه السّلام؟
ج: لم يثبت كراهية لبس
السواد لا في الصلاة ولا في غيرها. نعم، ورد في بعض الروايات ما يستفاد منها
كراهية لبس السواد، ولكنها ضعيفة السند، ومع الإغماض عن ضعفها فالكراهة في الصلاة
بمعنى كونها أقلّ ثواباً، ولبس السواد في عزاء الحسين والأئمة عليهم السّلام لأجل
إظهار الحزن وإقامة شعائر المذهب مستحبٌّ نفسيّ، وثوابه أكثر من نقص الثواب في
الصلاة، والله العالم.
س: يقال إنّه لا داعي لإثارة مصيبة كربلاء بين الناس بشكل عنيف
وحماسي بحيث يكون (حالة طوارئ بكائية!)، فإنّ ذلك ليس أسلوباً حضارياً ولا إسلامياً،
ما هو رأيكم في هذه الدعوى؟
ج: البكاء الشديد والإبكاء
المثير من الأُمور المستحبّة التي دلَّت على رجحانها النصوص الكثيرة؛ ففي الوسائل
(باب 66 من أبواب المزار) روايات كثيرة في استحباب ذلك، ومنها صحيحة معاوية بن وهب،
عن الصادق عليه السّلام أنّه قال لشيخ: «أَيْنَ أَنْتَ مِنْ قَبْرِ جَدّي المَظْلومِ
الحُسَيْنِ؟»، قال: إنّي لَقريبٌ منه. قال عليه السّلام: «كَيْفَ إِتْيانُكَ
لَهُ؟»، قال: إنّي لآتيه وأُكثِر. قال عليه السّلام: «ذاكَ دَمٌ يَطْلُبُ اللهُ
تَعالى بِهِ، ثمّ قال: كُلُّ الجَزَعِ وَالبُكاءِ مَكروهٌ ما خَلا الجَزَعَ
وَالبُكاءَ لِقَتْلِ الحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ».