من كتاب (مكارم الأخلاق) للطبرسي
نُبَذٌ من أحواله وأخلاقه صلّى الله عليه وآله
ـــــــــــ
إعداد: «شعائر» ــــــــــــ
عن الإمام الصادق (عليه السلام)
قال: «إنَّ اللهَ تَبارَكَ وَتَعالَى خَصَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ
وَآَلِهِ بِمَكَارِم الأَخْلَاقِ، فَامْتَحِنُوا أَنْفُسَكُم، فَإِنَّ كَانَتْ فِيكُم،
فَاحْمَدُوا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَارْغَبُوا إِلَيْهِ فَي الزِّيَادَةِ مِنْهَا -
فَذَكَرَهَا عَشرة: اليِقِينُ، والقَنَاعَةُ، والصَّبْرُ، والشُّكْرُ، والحِلْمُ،
وحُسُنُ الخُلُقِ، والسَّخاءُ، والغِيرَةُ، والشَّجاعَةُ، والمُرُوءَة».
ورد في أحوال النبيّ الأكرم صلّى
الله عليه وآله وصفاته ما لا حصرَ له من الروايات. وقد ذكر أهل بيت العصمة عليهم
السلام، الكثير منها ممّا انطوت عليه أسفار ومؤلّفات المحقّقين.
في ما يلي مقتطفات أوردها الشيخ
الجليل المحقّق الحسن بن الفضل الطبَرسيّ في كتابه المعروف (مكارم الأخلاق) وتدور
حول صفات الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله.
في
تواضعه وحيائه صلّى الله عليه وآله
*
عن أنَس بن مالك، قال: «كانَ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ يَعُودُ
المَريضَ، وَيَتْبَعُ الجَنازَة، وَيُجِيبُ دَعْوَةَ المَمْلُوكِ..».
*
وعنه قال: «إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلَّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ، مَرَّ عَلى صِبْيانٍ فَسَلَّم
عَلَيْهِم وهُوَ مُغِذّ».
*
وعنه قال: «إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ أدْرَكَهُ أعْرابِيٌّ فَأَخَذَ
بِرِدائِهِ فَجَبَذَهُ [أيْ جَذَبَهُ]
جَبْذَةً شَديدَةً حتَّى نَظَرْتُ إلى صفْحَةِ عُنُقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ
عليهِ وَآلِهِ قَدْ أثَّرَتْ بِها حاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ
قَالَ لَهُ: يا مُحَمَّدُ، مُرْ لِي مِنْ مالِ الله الَّذي عنْدَكَ! فالْتَفَتَ إلَيْه
رسُولُ الله صَلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ فَضَحِكَ وأمَرَ لَهُ بِعَطاءٍ».
في
جُوده
*
عن ابن عبّاس، عن النبيّ صلّى الله عليه وآله، قال: «أنَا أَدِيبُ اللهِ وَعَلِيٌّ
أَدِيبِي، أَمَرَنِي رَبِّي بِالسَّخَاءِ وَالبِرِّ، وَنَهَانِي عَن البُخْلِ وَالجَفَاءِ،
وَمَا شَيْءٌ أَبْغَضَ إِلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ البُخْلِ وَسُوءِ الخُلُقِ،
وَإِنَّهُ لَيُفْسِدُ العَمَلَ كَمَا يُفْسِدُ الخَلُّ العَسَلَ».
*
عن جابر بن عبد الله، قال: «لَمْ يَكُنْ يُسْأَل رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ
وآلِهِ شيئاً قطُّ فيَقول: لَا».
*
عن عمر، قال: «إنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ فَسَأَلَهُ،
فَقَالَ النبيّ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ، وَلَكِنِ ابْتَعْ عَلَيَّ، فإِذا جَاءَنا
شيءٌ قَضَيْنَاه.
قالَ
عُمر: فقلتُ: يا رسولَ الله، مَا كَلَّفَكَ اللهُ مَا لَا تَقْدِر عَلَيه! قال: فَكَرِهَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ قولَهُ. [أي قول عمر]
فقالَ
الرَّجُل: أَنْفِقْ وَلَا تَخَفْ مِنْ ذِي العَرْشِ إِقْلَالاً. قال: فَتَبَسَّمَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وعُرِفَ السُّرورُ فِي وَجهِه».
شجاعتُه
صلّى الله عليه وآله
*
عن عليٍّ عليه السلام، قال: «لَقَد رَأَيْتنِي يَومَ بَدْرٍ وَنَحْنُ نَلُوذُ بِالنَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ، وَهُوَ أَقْرَبُنَا إلى العَدُوِّ، وكانَ مِنْ
أَشَدِّ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ بَأْسَاً».
*
وعنه عليه السلام، قال: «كُنَّا إِذَا احْمَرَّ البَأْسُ وَلَقِيَ القَوْمُ القَوْمَ،
اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ، فَمَا يَكُونُ أَحَدٌ أَقْرَبَ إِلى العَدُوِّ منه».
في
علامة رضاه
*
عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، قال: «كانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عليهِ وَآلِهِ إِذَا رَأَى مَا يُحِبُّ قَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ
تَتمُّ الصَّالِحَاتُ».
*
عن كعب بن مالك، قال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ إِذَا
سَرَّهُ الأَمْرُ، اسْتَنَارَ وَجْهُهُ كَأَنَّهُ دَارَةُ القَمَرِ».
في
الرّفق بأمّته صلّى الله عليه وآله
*
عن جابر بن عبد الله، قال: «غزا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ إحدى
وعشرين غزوةً بنفسه؛ شاهدتُ منها تسع عشرة غزوة وغبتُ عن اثنتَين. فبينا أنا معه
في بعض غزواته إذ أعيا ناضحي تَحتي باللّيل فبرَكَ، وكان رسولُ الله صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَآَلِهِ في أُخريات الناس يُزجي الضعيف، ويُردفه ويدعو لهم، فانتهى إليَّ
وأنا أقول: يا لهفَ أمّاه! ما زال لنا ناضحَ سوء!
فقال
صلّى الله عليه وآله: مَن هذا؟ فقلت: أنا جابر، بأبي وأمي يا رسول الله.
قال:
وما شأنُك؟ قلت: أعيا ناضحي.
فقال:
أمعَك عَصا؟
فقلت:
نعم. فضربه، ثمّ بعثَه، ثم أناخَه ووطئ على ذراعه، وقال: إركب.
فركبتُ
وسايرتُه فجعلَ جملي يسبقُه. فاستغفرَ لي تلك اللّيلة خمسةً وعشرين مرة...».
*
عن ابن عباس قال: «كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ إذا حدّث الحديثَ
أو سُئلَ عن الأمر كرّره ثلاثاً ليفهم ويُفهم عنه».
في
المُزاح والضَّحك
*
عن أبي الدرداء، قال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ، إِذا
حَدَّثَ بِحَدِيثٍ تَبَسَّمَ فِي حَدِيثِهِ».
*
عن يونس الشيباني، قال: «قال لي أبو عبد الله عليه السّلام: «كَيْفَ مُدَاعَبَةُ
بَعْضكُم بَعضاً؟ قلت: قليلاً، قال: هَلَّا تَفْعَلُوا، فَإِنَّ المُدَاعَبَةَ
مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ، وَإِنَّكَ لَتُدْخِل بِهَا السُّرُورَ عَلَى أَخِيكَ. وَلَقَدْ
كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ يُدَاعِبُ الرَّجُلَ يُريدُ بِهِ أَنْ
يَسُرَّهُ».
بُورِكَ
لبيت فيه (محمّد)
*
عن الإمام الصادق عليه السلام، قال: «نَزَلَ جَبْرَئيلُ علَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ جَلَّ جَلَالُهُ يُقْرِئُكَ السَّلام
وَيَقُولُ لَكَ: هَذِهِ بَطْحَاءُ مَكَّةَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تَكُونَ لَكَ ذَهَبَاً.
قَالَ: فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ إلَى السَّماءِ ثَلَاثاً،
ثُمَّ قَالَ: لَا يَا رَبِّ، وَلَكِنْ أَشْبَعُ يَوْماً فَأَحْمَدُكَ، وَأَجُوعُ
يوماً فَأَسْأَلُك».
*
وعنه عليه السلام، قال: «إنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ، وَاعَدَ
رَجُلاً إِلى الصَّخْرَةِ [الصَّفا]،
فقالَ: أَنَا لَكَ هُنَا حَتَّى تَأْتِيَ، قالَ: فَاشْتَدَّتِ الشَّمْسُ عَلَيْهِ،
فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ أَنَّكَ تَحَوَّلْتَ إِلَى الظِّلِّ،
قَالَ: وَعَدْتُهُ هَهُنا، وَإِنْ لَمْ يَجِئ كَانْ مِنْهُ الجَشْرُ [الخُلف
والإهمال]».
*
عن أبي رافع، قال: «سمعتُ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله، يقول: إِذَا سَمَّيْتُم
مُحَمَّداً فَلَا تُقَبِّحُوهُ، وَلَا تَجْبَهُوه [جَبْهُ
الرّجُل: ردّه عن حاجته]، ولا تَضْرِبُوهُ، بُورِكَ
لِبَيْتٍ فِيهِ مُحَمَّدٌ، وَمَجْلِسٍ فِيهِ مُحَمَّدٌ، وَرِفْقَةٍ فِيهَا مُحَمَّد».
في
آداب الجلوس
*
دخل عليه صلّى الله عليه وآله رجلٌ المسجدَ وهو جالسٌ وحده، فتزحزحَ له صلّى الله
عليه وآله، فقال الرجُل: في المكان سعةٌ يا رسولَ الله، فقال صلّى الله عليه وآله:
«إنَّ حَقَّ المُسْلِمِ عِلِى المُسلِمِ إِذا رَآَهُ يُرِيدُ الجُلوسَ إِلَيهِ
أَنْ يَتَزَحْزَحَ لَهُ».
*
ورُوي أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله، قال: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ
الرِّجَالُ، فَليَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ».
*
وقال صلّى الله عليه وآله: «لا تَقُومُوا كَمَا يَقُومُ الأَعَاجِمُ بَعْضُهُم
لِبَعْضٍ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَخَلَّلَ عَنْ مَكَانِهِ».
*
ورُوي أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله، قال: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُم مِنْ مَجْلِسِهِ
مُنْصَرِفاً فَليُسَلِّمْ، فَلَيْسَتِ الأُولَى بِأَوْلَى مِنَ الأُخْرَى».
*
ورُوي عنه صلّى الله عليه وآله: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُم مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ
رَجعَ فَهُوُ أَوْلَى بِمَكَانِهِ».
*
وعنه صلّى الله عليه وآله: «أعْطُوا المَجَالِسَ حَقَّها. قيل: ومَا حَقُّها؟
قال: غُضُّوا أَبْصَارَكُم، وَرُدُّوا السَّلامَ، وَأَرْشِدُوا الأَعْمَى، وَأمُرُوا
بِالمَعْرُوفِ، وانْهَوا عَنِ المُنْكَرِ».