أول امرأة هاجرتْ إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله
اختارت مولاتنا فاطمة بنت
أسد عليها السلام أن تهاجر إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله، مشياً على قدَميها،
تحتسب ذلك عند الله تعالى، ففي (الكافي)، عن الإمام الصادق عليه السلام، قال: «إِنَّ
فَاطِمَةَ بِنْتَ أَسَدٍ أُمَّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ كَانَتْ أَوَّلَ امْرَأَةٍ هَاجَرَتْ
إِلَى رَسُولِ الله صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وَسَلّمَ، مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ،
عَلَى قَدَمَيْهَا، وكَانَتْ مِنْ أَبَرِّ النَّاسِ بِرَسُولِ الله صلَّى الله
عليه وآلهِ..».
وفيه أيضاً عن الصادق
عليه السلام أنها لمّا تُوفّيت لم يزل رسول الله صلّى الله عليه وآله تحت جنازتها:
«..حَتَّى أَوْرَدَهَا قَبْرَهَا، ثُمَّ وَضَعَهَا ودَخَلَ الْقَبْرَ فَاضْطَجَعَ فِيه...
فَأَخَذَهَا عَلَى يَدَيْه حَتَّى وَضَعَهَا فِي الْقَبْرِ، ثُمَّ انْكَبَّ عَلَيْهَا
طَوِيلاً يُنَاجِيهَا ويَقُولُ لَهَا: ابْنُكِ، ابْنُكِ، ابْنُكِ. ثُمَّ خَرَجَ وسَوَّى
عَلَيْهَا، ثُمَّ انْكَبَّ عَلَى قَبْرِهَا فَسَمِعُوه يَقُولُ: (لَا إِلَه إِلَّا
اللهُ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُهَا إِيَّاكَ)، ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ لَه
الْمُسْلِمُونَ: (إِنَّا رَأَيْنَاكَ فَعَلْتَ أَشْيَاءَ لَمْ تَفْعَلْهَا قَبْلَ الْيَوْمِ).
فَقَالَ: الْيَوْمَ فَقَدْتُ بِرَّ أَبِي طَالِبٍ، إِنْ كَانَتْ لَيَكُونُ عِنْدَهَا
الشَّيْءُ فَتُؤْثِرُنِي بِه عَلَى نَفْسِهَا ووَلَدِهَا..».
وَعَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ،
قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله عليه السَّلام، ولِي عَلَى رَجُلٍ مَالٌ
قَدْ خِفْتُ تَوَاه [ضياعَه]،
فَشَكَوْتُ إِلَيْه ذَلِكَ، فَقَالَ لِي: إِذَا صِرْتَ بِمَكَّةَ فَطُفْ عَنْ عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ طَوَافاً وصَلِّ رَكْعَتَيْنِ عَنْه، وطُفْ عَنْ أَبِي طَالِبٍ طَوَافاً
وصَلِّ عَنْه رَكْعَتَيْنِ، وطُفْ عَنْ عَبْدِ الله طَوَافاً وصَلِّ عَنْه رَكْعَتَيْنِ،
وطُفْ عَنْ آمِنَةَ طَوَافاً وصَلِّ عَنْهَا رَكْعَتَيْنِ، وطُفْ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ
أَسَدٍ طَوَافاً وصَلِّ عَنْهَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ ادْعُ أَنْ يُرَدَّ عَلَيْكَ مَالُكَ.
قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ
ثُمَّ خَرَجْتُ مِنْ بَابِ الصَّفَا، وإِذَا غَرِيمِي وَاقِفٌ يَقُولُ: يَا دَاوُدُ،
حَبَسْتَنِي! تَعَالَ اقْبِضْ مَالَكَ».
(جواهر
التاريخ، الشيخ علي الكوراني)
المَذَادُ
المَذادُ: بالفتح، وآخره
دالٌ مهملة: موضعٌ في المدينة المنوّرة، حيث حفر فيه رسولُ صلّى الله عليه وآله وسلّم
مع المسلمين، الخندقَ لحماية المدينة من المشركين.
والظاهر أنّه من طرف الخندق؛
وهناك قتل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام عمرو بْنَ عبد ودّ العامري.
وقال الواقدي في (مغازيه):
«أَنّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم رَكِبَ فَرَسًا لَهُ وَمَعَهُ نَفَرٌ
مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، فَارْتَادَ مَوْضِعًا يَنْزِلُهُ،
فَكَانَ أَعْجَبَ الْمَنَازِلِ إلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ سَلْعًا خَلْفَ ظَهْرِهِ وَيُخَنْدِقَ
مِنْ الْمَذَادِ إلَى ذُبَابٍ إلَى رَاتِجٍ...».
وقال في موضع آخر: «فَكَانَ
الْمُشْرِكُونَ يَتَنَاوَبُونَ بَيْنَهُمْ.. فَلاَ يَزَالُونَ يُجِيلُونَ خَيْلَهُمْ
مَا بَيْنَ الْمَذَادِ إلَى رَاتِجٍ».
وقيل: المذادُ وادٍ بين سَلْع
وخندق المدينة؛ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: «ثُمَّ تَيَمَّمُوا مَكَانًا ضَيِّقًا مِنْ
الْخَنْدَقِ، فَضَرَبُوا خَيْلَهُمْ فَاقْتَحَمَتْ مِنْهُ، فَجَالَتْ بِهِمْ فِي
السَّبْخَةِ بَيْنَ الْخَنْدَقِ وَسَلْعٍ، وَخَرَجَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ،
عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي نَفَرٍ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، حَتَّى أَخَذُوا
عَلَيْهِمْ الثَّغْرَةَ الَّتِي أَقْحَمُوا مِنْهَا خَيْلَهُمْ
وَأَقْبَلَتْ الْفُرْسَانُ
تُعْنِقُ نَحْوَهُمْ...».
* ذباب: جبلٌ في المددينة.
وراتج: من حصون اليهود بالمدينة.