استهلال
بصيرةٌ لِمُبصِر، وعبرةٌ لناظِر
قال الإمام عليّ عليه السلام: «لَا تَكُنْ مِمَّنْ يَرْجُو الآخِرَةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ، ويُرَجِّي التَّوْبَةَ بِطُولِ الأَمَلِ، يَقُولُ فِي الدُّنْيَا بِقَوْلِ الزَّاهِدِينَ، ويَعْمَلُ فِيهَا بِعَمَلِ الرَّاغِبِينَ، إِنْ أُعْطِيَ مِنْهَا لَمْ يَشْبَعْ، وإِنْ مُنِعَ مِنْهَا لَمْ يَقْنَعْ، يَعْجِزُ عَنْ شُكْرِ مَا أُوتِيَ ويَبْتَغِي الزِّيَادَةَ فِيمَا بَقِيَ، يَنْهَى ولَا يَنْتَهيِ، ويَأْمُرُ بِمَا لَا يَأْتِي، يُحِبُّ الصَّالِحِينَ ولَا يَعْمَلُ عَمَلَهُمْ، ويُبْغِضُ الْمُذْنِبِينَ وهُوَ أَحَدُهُمْ، يَكْرَه الْمَوْتَ لِكَثْرَةِ ذُنُوبِه، ويُقِيمُ عَلَى مَا يَكْرَه الْمَوْتَ مِنْ أَجْلِه.
إِنْ سَقِمَ ظَلَّ نَادِماً وإِنْ صَحَّ أَمِنَ لَاهِياً، يُعْجَبُ بِنَفْسِه إِذَا عُوفِيَ ويَقْنَطُ إِذَا ابْتُلِيَ، إِنْ أَصَابَه بَلَاءٌ دَعَا مُضْطَرّاً، وإِنْ نَالَه رَخَاءٌ أَعْرَضَ مُغْتَرّاً..».
قال الرضيّ جمع نهج البلاغة: «ولو لم يكن في هذا الكتاب إلّا هذا الكلام، لكفى به موعظة ناجعة وحكمة بالغة، وبصيرة لمبصر، وعبرة لناظر».