فكيف أصبرُ على فِراقك؟!
في عالم المعنى، لم يكن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام شخصاً مفرَداً، بل كان العالمَ كلّه.
***
بعض كمالات الإمام عليّ عليه السلام، والتي لعلّها اختفت إلى حدٍّ ما، تُعلَم من الأدعية المرويّة عنه. من تلك الأدعية «دعاء كُميل»، هذا الدعاء العجيب والعجيب جدّاً.
بعض فقرات هذا الدعاء لا يمكن أن تصدر عن بشر؛ «فَهَبْنِي يا إِلهِي وَسَيِّدِي وَمَوْلايَ وَرَبِّي، صَبَرْتُ عَلى عَذابِكَ فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَلى فِراقِكَ؟»، مَن يستطيع أن يقول مثل هذا القول؟ مَن لديه هذا العشق لجمال الله حتّى أنّه لا يخاف جهنّم، ولكنّه يخاف إنْ هو ورد جهنّم، ونزل من مقامه، أن يصل إلى مرتبة يُحرم فيها من حبّه تعالى؟ هو يئنّ من فراق حضرة الحقّ تعالى. هذا عشقٌ قد صُهر في باطن قلبه حتّى صارت جميع أعماله، وبشكلٍ دائم، صادرة عن هذا العشق الإلهيّ.
إنّ قيمة الأعمال توزَن بميزان العشق لله تعالى. أساسها هذا الفناء والتوحيد المتحقِّق في الإنسان، ولهذا السبب صارت «ضربة عليٍّ يوم الخندق أفضل من عبادة الثَقَلين».
لو فرضنا أنّ شخصاً آخر قد ضرب هذه الضربة دفاعاً عن الإسلام، ولكنّها لم تكن انطلاقاً من العشق، وأنّ عمله أيضاً قد صار سبباً لانتشار الإسلام، لكن بما أنّ المنطلَق لم يكن منطلق العشق، فإنّ ضربته تلك لن تصير أفضل من عبادة الثّقلين.
إنّ دافع الأعمال هو دافعها الباطنيّ لا صورتها. إنّ ضرب السيف، إهواءُ يد وقتلُ كافر، هذا الفعل يمكن أن يصدر عن أشخاص كثيرين، لكنّه أحياناً لا يكون فيه أجر ولا فضيلة من الأساس.
(صحيفه نور)