أينَ بقيّةُ الله التي لا تَخلو من العِترة الهادية
دعاء الندبة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ إعداد: «شعائر» ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعدّ «دعاء الندبة» الذي ورد استحباب قراءته صباح يوم الجمعة، -وهو يوم الإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه- من أشرف الأدعية المعروفة والمشهورة، التي تُقرأ في زمن الغَيبة، لا سيّما في الأعياد الأربعة: عيد الفطر، وعيد الأضحى، وعيد الغدير، ويوم الجمعة.
رواه السيّد ابن طاوس في (إقبال الأعمال) و(مصباح الزائر)، ورواه أيضاً محمّد بن المشهديّ في (المزار الكبير). وذكر العلامة المجلسيّ في (زاد المعاد) أنّه رُوي بسند معتبر إلى الإمام الصادق.
أمّا المرجع الديني الراحل السيد شهاب الدين المرعشي النجفي قدّس سرّه، فيقول في مقدّمته على (المجدي في أنساب الطالبيّين)، لعليّ بن محمّد العمري النسّابة: «يروي مولانا العلامة الحلّي في إجازته الكبيرة، رواية دعاء الندبة، بسنده إلى الحاكم الحسكاني صاحب كتاب (شواهد التنزيل)، وهو بسنده عن ابن العمري صاحب المجدي، وهو عن شيخنا الصدوق..».
و«الندبة» من الندب: وهو، البكاء على الغائب وتعداد محاسنه، أو ذكره بأحسن أوصافه وأفعاله.
محتوى الدعاء
أولاً: يبدأ دعاء الندبة بالحمد والثناء على الله تعالى والصلاة على النبيّ وآله عليهم السلام، ثمّ يتناول الحكمة من إرسال الأنبياء والأولياء، وقبولهم لما أُوكل إليهم من مهام، ثم ذكر الأوصياء بعدهم؛ من قوله عليه السلام: «الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمينَ وَصَلَّى اللهُ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْليماً...»، إلى قوله: «..وَأهْبَطْتَ عَلَيْهِمْ مَلائِكَتَكَ وَكَرَّمْتَهُمْ بِوَحيِكَ، وَرَفَدْتَهُمْ بِعِلمِكَ».
ثانياً: ذكر ما انتهى إلى النبيّ الخاتَم: «إلى أنِ انْتَهَيْتَ بِالأمْرِ اِلى حَبيبِكَ وَنَجيبِكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ... وَأوْدَعْتَهُ عِلمَ ما كانَ وَما يَكُونُ إلَى انْقِضاءِ خَلقِكَ».
ثالثاً: يتناول خلافة ووصاية الإمام عليّ عليه السلام وأحقّيته بها، وذكر فضائله ومناقبه وشجاعته وتفانيه في أمر الرسالة، ثم ذكر ما جرى عليه وعلى الأوصياء بعده: «وَلَمّا قَضى نَحْبَهُ وَقَتَلَهُ أشْقَى الآخِرينَ يَتْبَعُ أشْقَى الأوَّلينَ، لَمْ يُمْتَثَل أمْرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي الهادينَ بَعْدَ الهادينَ... وَجَرَى القَضاءُ لَهُمْ بِما يُرْجى لَهُ حُسْنُ المَثُوبَةِ».
رابعاً: بعدها تبدأ الندبة لما جرى على أهل البيت عليهم السلام، والندبة والاستغاثة بصاحب الأمر عجّل الله فرجه الشريف:
«أيْنَ بَقِيَّةُ اللهِ الَّتي لا تَخْلُو مِنَ العِتْرَةِ الهادِيـَةِ، أيْنَ المُعَدُّ لِـقَطْعِ دابِرِ الظَّلَمَةِ، أيْنَ المُنْتَظَرُ لإقامَةِ الأمْتِ وَالعِوَجِ... أيْنَ ابْنُ النَّبِىيّ المُصْطَفى وَابْنُ عَلِيٍّ المُرْتَضى وَابْنُ خَديجَةَ الغَرّاءِ وَابْنُ فاطِمَةَ الكُبْرى».
أخيراً: وقبل الختام دعاء وتضرّع بتعجيل الفرج وتسريع الظهور، لتقريب اللقاء وتعجيل الملتقى بين الموالين و إمامهم: «اللّـهُمَّ أنْتَ كَشّافُ الكُرَبِ وَالبَلوى... وَحَوائِجَنا بِهِ مَقْضِيَّةً». إلى آخر الدعاء.
دعاء وصلاة
تفرّد السيد ابن طاوس في كتاب (إقبال الأعمال)، والعلامة المجلسي في (بحار الأنوار) بذكر دعاء وصلاة بعد دعاء الندبة، وهذه الإضافة هي كما يلي في الكتابين:
-في (إقبال الأعمال: 1/513) ذَكر السيّد ابن طاوس بعد دعاء الندبة هذا الدعاء:
«فإذا فرغتَ من الدعاء، فتأهّب للسجود بين يدي مولاك، وضع خدّك الأيمن على الأرض وقل ما رويناه بإسنادنا إلى أبي عبد الله عليه السّلام: (سيّدي سيّدي، كمْ عتيق لك، فاجعلني ممَّن أعتَقت، سيّدي سيّدي، وكم من ذنب قد غفرت، فاجعل ذنبي فيمَن غَفرت، سيّدي سيّدي، وكمْ من حاجةٍ قد قضيْت، فاجعل حاجتي فيما قضيْت، سيّدي سيّدي، وكم من كُربة قد كَشَفت، فاجعل كُربتي فيما كشَفت... فاغفر لي يا مولاي، أيْ كريم أيْ عزيز أيْ جميل). فإذا فرغت وانصرفت رفعتَ يديْك، ثمّ حمَدت ربَّك، ثمّ تقول ما تقدّم عليه، وسلَّمت على النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، وحمَدت الله تبارك وتعالى والحمدُ لله ربّ العالمين».
ـــ في (بحار الأنوار: 99/87) ذكر العلامة المجلسي:
«...ثمّ ترفع يديك وتقول: (اللّهم أنت كاشف الكرب والبلوى، وإليك نشكو فقدَ نبيّنا، وغيبةَ إمامِنا وابن بنت نبيّنا، اللّهمّ واملأ به الأرض قسطاً وعدلاً، كما مُلئت ظلماً وجوراً، اللّهمّ صلّ على محمّد وأهل بيته، وأرِنا سيِّدنا وصاحبنا وإمامنا ومولانا صاحب الزمان، وملجأَ أهل عصرنا...).
ثمّ صلِّ في مكانك اثنتي عشْرة ركعة واقرأ فيها ما شئت، واهدها له عليه السلام، فإذا سلّمت في كلّ ركعتين فسبّح تسبيح الزهراء عليها السّلام، وقل: (اللّهمّ أنت السّلام، ومنك السّلام، وإليك يعود السّلام، حيّنا ربّنا منك بالسلام، اللّهمّ إنّ هذه الركعات هديّة منّي إلى وليّك وابن وليّك، وابن أوليائك، الإمام ابن الأئمّة الخلَف الصالح الحجّة صاحب الزمان، فصلّ على محمّد وآل محمّد، وبلّغه إيّاها وأعطني أفضلَ أمَلي، ورجائي فيك وفي رسولك، صلواتك عليه وعلى آله أجمعين)».
المنن السابغة
صلاة اللّيالي البيض وصوم وأيامها
* الصلاة: رُوي عن الإمام الصادق عليه السلام: «أُعطِيت هذه الأمّة ثلاثة أشهر لم يُعطَها أحدٌ من الأُمم: رجب، وشعبان، وشهر رمضان، وثلاث ليالٍ لم يُعطَ أحد مثلها: ليلة ثلاث عشرة، وليلة أربع عشرة، وليلة خمس عشرة من كلّ شهر، وأُعطيت هذه الأمّة ثلاث سُوَر لم يُعطَها أحد من الأمم: (يس)، و(تبارك الملك)، و(قل هو الله أحد)، فمَن جمع بين هذه الثّلاث، فقد جَمع بين أفضل ما أُعطيت هذه الأمّة. فقيل: كيف يجمع بين هذه الثلاث؟ فقال: يُصلّي كلّ ليلة من ليالي البيض من هذه الثّلاثة الأشهر، في اللّيلة الثّالثة عشر ركعتين، يقرأ في كلّ ركعة (فاتحة) الكتاب، وهذه الثلاث سُوَر، وفي اللّيلة الرابعة عشر أربع ركعات، يقرأ في كلّ ركعة (فاتحة) الكتاب، وهذه الثلاث سُوَر، وفي اللّيلة الخامسة عشر ستّ ركعات، يقرأ في كلّ ركعة (فاتحة) الكتاب، وهذه الثلاث سُوَر، فيحوز فضل هذه الأشهر الثلاثة، ويُغفَر له كلّ ذنب سوى الشِّرك».
* الصّوم: عن الإمام الصادق عليه السلام: «مَن صام أيّام البيض من رجب، كتب الله تعالى له بكلّ يومٍ صومَ سنة وقيامها، ووقف يومَ القيامةِ موقفَ الآمِنين».
(إقبال الأعمال: 3/230)