اِحفظْ وأعرِب
صلاة أمير المؤمنين يومَ النّصف من رجب
من أجَلّ مناسبات شهر رجب الحرام، يوم النصف منه. وقد ورد لهذا اليوم عدّة أعمال في مقدّمها زيارة سيّد الشهداء عليه السلام، كما في الرواية عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، وكذلك عمل الاستفتاح المعروف بـ«عمل أم داود» المرويّ عن الإمام الصادق عليه السلام. ومن مستحبّات يوم النصف أيضاً، صلاة أمير المؤمنين عليه السلام فيه، على الصفة المذكورة في الجزء الثالث من (إقبال الأعمال) لسيد العلماء المراقبين، السيد ابن طاوس.
«عن أبي عبد الله الإمام الصادق عليه السلام، قال:
دخل عديّ بن ثابت الأنصاريّ على أمير المؤمنين عليه السلام في يوم النِّصف من رجب وهو يصلّي، فلمّا سمع حسَّه أومى بيده إلى خلفِه أن قِفْ.
قال عديّ: فوقفتُ، فصلّى أربع ركعات لم أرَ أحداً صلّاها قبله ولا بعده، فلمّا سلّمَ بسط يده، وقال:
أللّهُمَّ يا مُذِلَّ كُلِّ جَبَّارٍ وَيا مُعِزَّ المُؤْمِنِينَ، أَنْتَ كَهْفِي حِينَ تُعْيِينِي المَذاهِبُ، وَأَنْتَ بارِئُ خَلْقِي رَحْمَةً بِي، وَقَدْ كُنْتَ عَنْ خَلْقِي غَنِيّاً، وَلَوْلا رَحْمَتُكَ لَكُنْتُ مِنَ الهالِكِينَ، وَأَنْتَ مُؤَيِّدِي بِالنَّصْرِ عَلى أَعْدائِي، وَلَوْلا نَصْرُكَ إِيَّايَ لَكُنْتُ مِنَ المَفْضُوحِينَ، يا مُرْسِلَ الرَّحْمَةِ مِنْ مَعادِنِها، وَمُنْشئَ البَرَكَةِ مِنْ مَوَاضِعِها، يا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِالشّمُوخِ وَالرِّفْعَةِ، فَأَوْلِياؤُهُ بِعِزِّهِ يَتَعَزَّزُونَ، وَيا مَنْ وَضَعَتْ لَهُ المُلُوكُ نِيرَ المَذَلَّةِ عَلى أَعْناقِهِمْ، فَهُمْ مِنْ سَطَواتِهِ خائِفُونَ؛ أَسْأَلُكَ بِكَيْنُونِيَّتِكَ الّتي اشْتَقَقْتَها مِنْ كِبْرِيائِكَ، وَأَسْأَلُكَ بِكِبْرِيائِكَ الّتِي اشْتَقَقْتَها مِنْ عِزَّتِكَ، وَأَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ الّتِي اسْتَوَيْتَ بِها عَلى عَرْشِكَ، فَخَلَقْتَ بِها جَمِيعَ خَلْقِكَ فَهُمْ لَكَ مُذْعِنُونَ، أَنْ تُصَلّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ.
قال: ثمّ تكلّم بشيءٍ خَفِيَ عنّي، ثمّ التفت إليّ، فقال: يا عديّ أَسمِعت؟
قلت: نعم، قال: أَحَفظت؟ قلت: نعم، قال: ويحَك، اِحفظْه وأعرِبه، فوَالّذي فلقَ الحبّة، ونصبَ الكعبة، وبرأ النّسَمَة، ما هو عند أحدٍ من أهل الأرض، ولا دعا به مكروبٌ إلّا نفَّسَ اللهُ كُرْبَتَه».
المنن السابغة
ركعتان في كلّ ليلة
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «مَن صلّى في رجب ستّين ركعة في كل ليلة منه ركعتين، في كلّ ركعةٍ تقرأ (فاتحةَ) الكتاب مرّة، و(قل يا أيّها الكافرون) ثلاث مرّات، و(قل هو الله أحد) مرّة، فإذا سلّم منهما رفعَ يدَيه، وقال: (لا إلَهَ إلّا الله وَحدَهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، يُحيِي ويُمِيتُ، وهُوَ حَيٌّ لا يَموتُ، بِيَدِهِ الخَيْرُ وهُوَ على كُلِّ شَيءٍ قدير، وإليهِ المَصيرُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلّا بِاللهِ العَليِّ العَظيمِ، أللّهُمَّ صَلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ النَّبيِّ الأُمّيِّ وَآلِهِ)، ويمسح بيديه وجهه، فإنّ الله سبحانه يَستجيبُ الدّعاء، ويعطي ثوابَ ستّين حجّة، وستين عمرة».
(إقبال الأعمال: 3/178)