عيد أولياء الله
توجيهات الإمام الخامنئي في شهر رجب
ـــــــــــــــــــــــــــــــ إعداد: الشيخ علي المسترشد ـــــــــــــــــــــــــــــــ
من أبرز معالم «خطّ الإمام الخمينيّ» في البُعد العبادي، العناية العمليّة والعلميّة بالأشهر الثلاثة: رجب، شعبان، وشهر رمضان.
وقد أَوْلى الإمام هذه الأشهر عناية خاصّة في خُطَبه وكُتبه، بل إنَّ بعض مفرداتها والمحطّات، كالمناجاة الشعبانيّة، تُعد من مُرتَكزات خطابه في البُعد الروحي. وفي هذا الخطّ الإسلاميِّ الأصيل، تأتي قوّة حضور ثقافة هذه الأشهر والحثّ عليها في خطاب وليّ أمر المسلمين الإمام الخامنئي، دام ظلّه.
ما يلي، مختارات من كلام الإمام الخامنئي حول فضيلة شهر رجب، نقلاً عن «كتاب شعائر» الأول، وعنوانه: «ثقافة شهر رجب»، من إعداد الشيخ علي المسترشد.
«شعائر »
نحن اليوم على مشارف الدخول في شهر رجب، وهو شهر كريم ومبارَك، ويُعدُّ، هو وشهر شعبان وشهر رمضان عيداً لأولياء اللّه وعباده الصالحين؛ لأنّها موسم المناجاة والتضرّع والتوجّه إلى ربِّ الأرباب.
أما الأدعية الواردة في هذا الشهر فهي دروس تربويّة يجب معرفَتها. ففي الوقت الذي يصلُ فيه الدعاء قلب الإنسان بربّه، ويَشحن نفسه بالصفاء والمعنويّة، يُسهم أيضاً في توجيه فكره وذهنه وهدايتهما.
إصلاحُ النفْس..وإبعادُها عن الغفلة
أوّلُ شيءٍ ينبغي أن نلاحظه جميعاً -أينما كنّا في هذه الأيّام، أيّام شهر رجب المبارك، ثمّ في أيّام شعبان المبارك، ثمّ على درجة ثالثة أرفع في شهر رمضان المبارك- هو إصلاحُ أنفسنا وإبعاد الغفلة و الظُّلمات عن قلوبنا، هذا هو الأصل و الأساس.
السكينة في شهر رجب
إنّ شهر رجب هو شهر جَلاء القلوب وتطهير الرُّوح، شهر التوسُّل والخشوع والذِّكر والتوبة، وصَقْل النفْس وجلائها من المعاصي والذنوب والآثام. فكلُّ ما في شهر رجب -من الأدعية والاعتكاف والصلاة- وسائل وسُبُل تُعيننا على جلاء قلوبنا وأنفسنا، وتساعدنا لكي ننأى بها عن المآثم والمعاصي، وأنْ نعمل على تطهير أرواحنا.
رسول الله صلّى الله عليه وآله في أشهر العبادة
كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يصوم شهرَي رجب وشعبان فضلاً عن شهر رمضان، إضافة إلى الكثير من أيام السَّنة. وكان يقضي القسم الأكبر من اللّيل في العبادة والتضرُّع والبكاء، والاستغفار، والدعاء ومناجاة الله تعالى.
شهر رجب فرصة لتوطيد الارتباط بالله تعالى
حدَّد الإسلام فُرَصاً يتسنّى من خلالها إقامة ارتباط متميّز بالله سبحانه وتعالى. ومن هذه الفُرَص شهر رجب، فاعرِفوا قدرَه، إذ إنّ ما ورد فيه من أدعية تُمثِّل بمُجملها درساً، وهي ليست مجرَّد ألفاظ تُردِّدها الألسن، فلْتَجْرِ على ألسنتكم وقلوبكم مع حضور القلب، والتنبّه لمغزاها العميق.
على الإنسان أن يقوم بعمليّة تطهير خلال شهرَي رجب وشعبان، كي يَسَعه الجلوس على المائدة الإلهيّة في شهر رمضان، والتنعّم بها والاستزادة منها.
قراءة في أبرز أدعية رجب
من الأدعية المُستحبّة والتي تُقرأ بعد كلّ صلاة في شهر رجب دعاء: «يا مَن أرجوه لكلِّ خير»، وقد يُقرأ هذا الدعاء بنحوَيْن، قراءة يُلتفت فيها إلى المعاني والمفاهيم السامية التي يحملها الدعاء في كلماته، وقراءة لفظيّة لا يُلتفَت فيها إلى المعاني، ولا تترك أثراً في القلب. طبعاً القراءة الأولى في كلّ مرتبة تُقدِّم الإنسان درجة نحو الله، فهذا الدعاء يمثِّل حال التضرُّع والعبوديّة تجاه الخالق الباري.
* ورد في هذا الدعاء قول الإمام الصادق عليه السلام: «يا من يُعطي مَن سأله»: إنَّ أساس الخِلقة أصلاً هو أن يُعطي الله تعالى عبادَه ما يشاؤون -وإنْ لم يلتفت الإنسان إلى ذلك- وقد يتقدَّم أو يتأخَّر زمن تحقُّق حاجة الإنسان، لكن لا بدَّ أن تتحقَّق، ولا صعوبة في ذلك.
وحين ينتهي الدعاء، تأخذ بِلِحيتك لتُظهِر مُنتهى التضرُّع والذِلَّة والخشية أمام الله سبحانه وتعالى، فقد كان الإمام الصادق يفعل ذلك باكياً، ويقول:
«يا ذا الجلالِ والإكرام، يا ذا النَّعماءِ والجُود، يا ذا المنِّ والطَوْل، حرِّم شيبتي على النار»، فإنْ أعطانا الله النِّعم ولكن لم يُحرِّم أجسادنا على النار، فهل سيكون لذلك فائدة؟؟ إذا قرأتم هذا الدعاء، يوميّاً خمس مرات، فإنّكم ستتقرَّبون من الله تعالى.
من مناسبات شهر رجب
ونقرأ في أيّام رجب دعاء: «اللّهمّ إنّي أسألك بالمولودَين في رجب؛ محمّد بن عليّ الثاني وابنِه عليّ بن محمّد المُنتجَب».
فهذا شهر تقع فيه ذكرى ولادة الإمام الجواد، وذكرى ولادة الإمام الهادي عليهما السلام، وهما يومان يجب علينا الإفادة منه في تكريمهما.
أُعرب على لساني وعن قلبكم، عن اعتزازنا وحُبِّنا وولائنا الخالص لهذين الإمامين الهُمامين. وندعو الباري عزّ وجلّ أن يُحيينا في الدنيا والآخرة بمعارفهما وشخصيّتهما وذِكرهما، ويحشرنا معهما.
المنن السابغة
ليلة النِّصف من رجب
* فضيلة ليلة النّصف من رجب: عن النبيّ صلّى الله عليه وآله: «إذا كان ليلة النّصف من رجب أمر الله خازن ديوان الخلائق وكَتَبَة أعمالهم، فيقول لهم الله عزّ وجلّ: أُنظروا في ديوان عبادي، وكلَّ سيّئةٍ وجدتْموها فامْحوها وبدِّلوها حسنات».
* من مستحبّات هذه اللّيلة:
1- الغسل.
2- إحياؤها بالعبادة حتّى الصّباح.
3- زيارة الإمام الحسين عليه السلام.
4- صلاة الليلة الخامسة عشرة: عن الإمام الصادق عليه السلام: «تُصلّي ليلة النّصف من رجب اثنتَي عشرة ركعة، تقرأ في كلّ ركعة (الحمد) مرّة وسورة، فإذا فرغت من الصّلاة قرأت بعد ذلك (الحمد)، و(المعوّذتين)، وسورة (الإخلاص)، وآية (الكرسي) أربع مرّات (سيأتي غير ذلك من رواية أخرى، فلاحظ).
وتقول بعد ذلك: سبحانَ الله والحمدُ للهِ ولا إلهَ إلّا الله واللهُ أكبر، أربع مرّات.
ثمّ تقول: اللهُ اللهُ ربِّي لا أُشرِكُ به شيئاً، وما شاءَ اللهُ لا قوّةَ إلّا باللهِ العليِّ العظيم.
وتقول: في ليلة سبع وعشرين مثله».
(مفاتيح الجنان: أعمال شهر رجب الخاصة)