(موسوعةُ سيرةِ أهلِ البيتِ عليهم السلام) للعلاّمة القَرَشيّ

تأصيلٌ استثنائي للتأريخ الإسلاميّ

قراءة: الشيخ أحمد التميمي

إنّ حياة أهل البيت (صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم) حياة علمٍ وجهادٍ وعطاءٍ، فكلٌّ منهم قُدوة واُسوة للأمّة في القِيم التشريعيّة والتربويّة والأخلاقيّة، وفي مختلف ميادين الحياة. وهذا يوضّح ضرورة دراسة سيرتهم عليهم السلام بشكل تفصيلي مُستوعِب، لنكتشف الصورة الشاملة لـ (الإسلام المحمّديّ الأصيل).

ومن هنا يمكن معرفة أهمّية الدور الذي قام به العلاّمة المحقّق الشّيخ باقر شريف القَرَشيّ  النجفي (رضوان الله عليه) في تأليفه (موسوعة سيرة أهل البيت عليهم السلام)، هذه الموسوعة الفريدة في تأريخ المكتبة الإسلاميّة المعاصرة، والتي استغرق تأليفها ما يزيد عن خمسين عاماً، وقد تُرجمت إلى اللغة الإنكليزيّة والفارسيّة، وبعض أجزائها قد تُرجم إلى عدّة لغات.

الشهيد الصدر وتأليف الموسوعة

يقول العلاّمة القَرَشيّ : «كنتُ في شرخ الشباب لا أتجاوز العشرين عاماً، وكان لي ولَعٌ شديدٌ في التأليف، وفي ذات مرّة التقيتُ مع الشهيد السعيد السيّد محمّد باقر الصّدر، فقال لي: شيخنا الباقر، بماذا أنت مشغولٌ الآن؟

فأجبتهُ: إنّ لي رغبة واسعة في الكتابة عن تفسير القرآن الكريم، لأنّ ما كُتِبَ في هذا الموضوع قليل.

فسكت السّيد الشهيد الصّدر ثوانٍ، ثمّ تحدّث قائلاً: إنّي أرى أن تكتُب عن سيرة أهل البيت عليهم السلام، لأنّ المكتبة الإسلاميّة بحاجة إلى هذا التراث المهمّ، وأنا أكتُب في الفلسفة والاقتصاد الإسلامي حتّى نُثري المكتبة الإسلاميّة بهذه العلوم.

وبعد قليل من هذا اللقاء المبارك شرعتُ في كتابة الموسوعة وأوّلها عن حياة الإمام الحسن عليه السلام».

خصائص الموسوعة

تُعدّ (موسوعة سيرة أهل البيت عليهم السلام) إضافة نوعيّة إلى الكتب والموسوعات المؤلّفة حول حياة أهل البيت عليهم السلام، وهذا يعود إلى جُملةِ خصائص يمكن ذكر بعضها على النحو التالي:

أولاً: جودة الأسلوب ووضوح العبارة، فلا يحتاج القارئ مزيداً من الوقت في التوقّف والتساؤل حول المقصود من هذه العبارة أو تلك.

ثانياً: الرّجوع إلى المصادر الأصليّة بشكل مباشر مع الأمانة والدقّة في النقل، وعدم الاكتفاء بالنّقل عن كتاب يَنقُل عن مصدر سابق.

ثالثاً: التحقيق والتحليل العلمي للنصوص التأريخيّة، وعدم الاكتفاء بمجرّد عرض النصوص من دون مناقشة علميّة لها.

رابعاً: الشموليّة الخالية من التضخّم والاسترسال الخارج عن نطاق السيطرة والتركيز، فتجد أنّ المواضيع المهمّة قد طُرحت بشكل محدّد ومدروس.

خامساً: الحُبّ العارم والولاء الكامل لمحمّدٍ وآل محمّد (صلوات الله وسلامه عليهم)، والذي يُشاهَد بشكل جَليّ في أجزاء هذه الموسوعة، وهو ما كان يتّصف به المؤلّف نفسه.

يقول (رحمه الله) في حديثه عن الإمام المهديّ (عجّل الله فرجه الشريف): «إنّ سيرة هذا الإمام وسيرة آبائه، وحياته وحياتهم، إنّما هي صورة كاملة لحياة جدّهم الرسول العظيم صلّى الله عليه وآله وسلّم، وامتداد لذاتيّاته، وهو صلّى الله عليه وآله وسلّم قد ملأ فم الدنيا بفضائله وعلومه، ولا يحيط بكُنهه والكشف عن واقعه أيّ كتاب، فكذلك أوصياؤه وسدَنة علمه وحكمته. ولم يكن ذلك -يعلم الله- عن غلوّ في الحبّ لهم، أو اندفاع لعاطفة الوراثة لآبائي الذين هاموا بالولاء لأهل البيت عليهم السلام، وإنّما كان ذلك ناشئاً عن دراسة جادّة، وتتبّع دقيق لحياتهم».

محتويات الموسوعة

يقول العلاّمة القَرَشيّ في مقدّمة الجزء الأوّل من الموسوعة: «شرعتُ بتأليف حياة الإمام الزكيّ ريحانة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الإمام الحسن بن عليّ عليهما السلام، وقد جهدتُ جهداً شاقّاً وعسيراً، وذلك لعدم توفّر مصادر البحث... ثمّ واصلتُ المسيرة في التأليف عن بقيّة أئمّة الهدى عليهم السلام، وقد وجدتُ في سيرة كلّ إمامٍ منهم هالة من الشرف والنّور ما يُبهر العقول، وهم ليسوا ملكاً لطائفة دون اُخرى، وإنّما هم ملك للناس جميعاً، كالشّمس التي ليست ملكاً لصنف دون صنف، وإنّما هي ملك لجميع النّاس، وبعد الفراغ من سيرتهم، شرعتُ في التأليف عن جدّهم سيّد الكائنات الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم..».

وقد جاءت هذه الموسوعة النوعيّة في أربعين جزءاً، وبالعناوين التّالية:

الجزآن (الأول - الثاني): الرسول الأكرم محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم.

الأجزاء (الثالث - الثامن): الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام، وقد حمل كلّ جزء عنواناً معيناً.

الجزء (التاسع): سيّدة النّساء فاطمة الزّهراء عليها السلام.

الجزآن (العاشر - الحادي عشر): الإمام الحسن بن عليّ عليهما السلام.

الأجزاء (الثاني عشر - الرابع عشر): الإمام الحسين بن عليّ عليهما السلام.

الجزآن (الخامس عشر - السادس عشر): الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام.

الجزآن (السابع عشر - الثامن عشر): الإمام محمّد الباقر عليه السلام.

الأجزاء (التاسع عشر - السابع والعشرون): الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام.

الجزآن (الثامن والعشرون - التاسع والعشرون): الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام.

الجزآن (الثلاثون - الحادي والثلاثون): الإمام عليّ بن موسى الرّضا عليهما السلام.

الجزء (الثاني والثلاثون): الإمام محمّد بن عليّ الجواد عليه السلام.

الجزء (الثالث والثلاثون): الإمام عليّ بن محمّد الهادي عليه السلام.

الجزء (الرابع والثلاثون): الإمام الحسن بن عليّ العسكريّ عليه السلام.

الجزء (الخامس والثلاثون): الإمام المُنتظَر (عجّل الله فرجه الشريف) -المُصلح الأعظم.

الجزء (السادس والثلاثون): السيّدة زينب عليها السلام - رائدة الجهاد في الإسلام.

الجزء (السابع والثلاثون): العبّاس بن عليّ عليهما السلام - رائد الكرامة والفداء في الإسلام.

الجزء (الثامن والثلاثون): الشهيد الخالد مسلم بن عقيل رضوان الله تعالى عليه.

الجزء (التاسع والثلاثون): الشهيد الخالد زيد بن عليّ عليهما السلام.

الجزء (الأربعون): أخلاق النبيّ صلّى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام.

مسك الختام

إنّ (موسوعة سيرة أهل البيت عليهم السلام) قد تَوفّرت على إبراز القِيم العليا والمُثل الفاضلة لأهل البيت عليهم السلام، وقدّمتها للمجتمع الإنساني جميعاً لا الإسلامي فقط، فجزى الله تعالى العلاّمة القَرَشيّ خير جزاء الصّالحين، ورحمَهُ برحمته الواسعة، ونحن نعيش الذكرى السنويّة السابعة لوفاته في 26 رجب 1433 للهجرة، وقد جاء في جانب من وصيّته: «لا اُحبّ أيّ عنوانٍ، فقط اكتبوا على قبري: خادم أهل البيت عليهم السلام باقر شريف القَرَشيّ».

ترانيم رجب

نظراً إلى وفرة أدعية شهر رجب نكتفي بالإشارة إليها على أن تُطلَب بِتمامِها من كُتُب الأعمال، لا سيَّما (مفاتيح الجنان)، المتضمِّن لمعظم الأدعية الواردة في هذا الشَّهر الفضيل.

* يَا مَنْ أَرْجُوهُ لِكُلّ خَيرٍ: هو أبرز الأدعية بعد كلّ فريضة .

* يا مَنْ يمْلِكُ حَوائِجَ السّائِلينَ: حثّ السّيّدُ ابن طاوس في (الإقبال) على قراءته في كلّ يومٍ من رجب ، وفي أوّل يومٍ منه خاصّة.

* خابَ الوافِدُونَ عَلى غَيرِكَ: وهو دعاءُ الإمام الصّادق عليه السلام في كلّ يومٍ من رجب.

* أَسْأَلُكَ صَبْرَ الشّاكرينَ لَك: رَواه الشّيخُ الطّوسيّ عن الإمام الصّادق عليه السلام.

* يا ذَا الْمِنَنِ السّابِغَة: قال الشّيخ الطّوسيّ: « يستحبّ أن يدعو بهذا الدّعاء كلّ يوم».

* أَسألُك بِالْمَوْلُودَينِ في رَجَب: روى الشّيخ الطّوسيّ أنّه خرجَ من النّاحية المقدّسة على يدِ الشّيخ أبي القاسم «الحسين بن روح» أحد النوّاب الأربعة .

* اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَعانِي جَمِيعِ ما يَدْعُوكَ بِهِ وُلاةُ أَمْرِكَ: قال الشيخ الطوسي إنّ هذا التوقيع الشريف خرج من الناحية المقدّسة على يد السفير الثاني أبي جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد قدّس سرّه.