الكتاب... وإخوانه
الفروق وأوجه الشَّبَه
الفرق بين الكتاب والسِّفر
الفرق بينهما هو أنّ «السِّفر» الكتابُ الكبير، وقال الزجّاج: «الأسفار: الكتب الكبار»، وقال بعضهم: «السّفر: الكتاب يتضمّن علوم الديانات خاصّة»، والذي يوجبه الاشتقاق أن يكون السّفر: الواضح الكاشف للمعاني، من قولك: أسفر الصبح اذا أضاء، وسفَرت المرأة نقابها إذا ألقته فانكشف وجهها، وسفرتُ البيت كنسته، وذلك لإزالتك التراب عنه حتّى تنكشف أرضُه، وسفرتْ الريح الترابَ أو السحاب: إذا قشعتْه فانكشفت السماء.
الكتاب والمُصحف
الفرق بينهما هو أنّ «الكتاب» يكون ورقة واحدة ويكون جملة أوراق، والمصحف لا يكون إلّا جماعة أوراق صُحِفت أي جُمِع بعضها إلى بعض، وأهل الحجاز يقولون: مِصحف بالكسر أخرجوه مخرج ما يُتعاطى باليد، وأهل نجد يقولون: مُصحف، وهو أجود اللغتين، وأكثر ما يقال المُصحف لمصحف القرآن، «والكتاب» أيضاً يكون مصدراً بمعنى الكتابة، تقول كتبته كتاباً وعلّمته الكتاب والحساب، وفي القرآن: ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ..﴾ الأنعام:7، أي كتاب في قرطاس، ولو كان الكتابُ هو المكتوب لم يَحسن ذكر القرطاس.
الكتاب والدفتر
الفرق بينهما هو أنّ «الكتاب» يُفيد أنّه مكتوب ولا يفيد الدفتر ذلك، ألا ترى أنّك تقول: «عندي دفتر بياض ولا تقول عندي كتاب بياض».
الكتاب والمجلة
الفرق بينهما هو أنّ «المجلّة» كتاب يحتوي على أشياء جليلة من الحِكم وغيرها، قال النابغة:
مجلّتهم ذات الإله ودينهم
|
كريمٌ به يرجون حسنَ العواقبِ
|
ولا يقال للكتاب إذا اشتمل على السخف والمجون وما شاكل ذلك مجلّة.
المنشور والكتاب
الفرق بينهما هو أنّ قولنا: «عند فلان منشور» يفيد أنّ عنده مكتوباً يقوّيه ويؤيّده، والمنشور في الأصل صفة الكتاب، وفي القرآن ﴿..كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا﴾ الإسراء:13، لأنّه قد صار اسماً للكتاب المفيد الفائدة التي ذكرنا، والكتاب لا يفيد ذلك.
الفرق بين الزُّبُر والكّتب
الفرق بينهما هو أنّ «الزَّبر» الكتابة في الحجر نقراً، ثمّ كثُر ذلك حتّى سمّي كلّ كتابة زَبراً، وقال بعضهم: «أكثر ما يقال الزّبر وأعرفه الكتابة في الحجر».
قال: «وأهل اليمن يسمّون كلّ كتابة زَبراً، وأصل الكلمة الفخامة والغلظ، ومنه سمّيت القطعة من الحديد زَبرة، والشعر المجتمع على كتف الأسد زبرة، وزبَرتُ البئر إذا طويتها بالحجارة وذلك لغلظ الحجارة، وإنّما قيل للكتابة في الحجر زبر لأنها كتابة غليظة ليس كما يُكتب في الرقوق والكواغد».
وفي الحديث: «الفقير الذي لا زبر له»، قالوا: «لا معتمدَ له»، وهو مثل قولهم: «رقيق الحال»، كأنّ الزبر فخامة الحال، ويجوز أن يقال: «الزبور كتاب يتضمّن الزجر عن خلاف الحقّ من قولك زبره إذا زجره»، وسمّي زبور داود لكثرة مزاجره، وقال الزجّاج: «الزبور كلّ كتاب ذي حكمة».
ما هو الفرق بين الكتب والنسخ؟
الفرق بينهما هو أنّ «النسخ» نقْل معاني الكتاب، وأصله الإزالة، ومنه نسختْ الشمسُ الظلّ، وإذا نقلتَ معاني الكتاب إلى آخر فكأنّك أسقطتَ الأوّل وأبطلتَه. و«الكَتْب» قد يكون نقلاً وغيره، وكلّ نسخ كَتب، وليس كلّ كتب نسخاً.
الفرق بين الكتاب والفصل والباب
الفرق بينها هو أنّ «الكتاب» ما يجمع مسائل متّحدة في الجنس مختلفة في النوع، و«الباب» هو الجامع لمسائل متّحدة في النوع مختلفة في الصنف، و«الفصل» هو الجامع بين مسائل متّحدة في الصنف مختلفة في الشخص، وأمّا «الرسالة» فقد خصّت في الاصطلاح على الكلام المشتمل على قواعد علمية على سبيل الاختصار غالباً.
* (الفروق اللّغوية: ص 265 فما بعد)
«الكتاب» في الكتاب
الكتاب: مصدرٌ كالقتال والضِّراب، والمصدرُ قد يُراد به المفعول، أي المكتوب، وهو يُرادف الفرض، ﴿كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾، أي أوجبها على ذاته في هدايتكم. الأنعام:54
ومن موارده في القرآن الكريم، قوله تعالى:
- ﴿وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾، أراد بالكتاب القرآن. [الزخرف:2]
- ﴿..وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ﴾ ، أي أجلٌ لا يتقدّمه ولا يتأخّر عنه. [الحجر:4]
- ﴿لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ..﴾، أي حكم من الله سبق. [الأنفال:68]
وعن الإمام الصادق عليه السلام، في تعريف «الكتاب» أنه: «الاسمُ الأكبر... وهو الذي يُعلم به علمُ كلّ شيء؛ الذي كان مع الأنبياء».
(الطريحي، مجمع البحرين: 2/152-154)