حول غزو القسطنطينيّة
مِن مخالَفات إبن تيميّة لإجماع المسلمين
ـــــــــــــــ سماحة العلّامة المحقِّق السّيِّد جعفر مرتضىـــــــــــــــ
عَلَمٌ بارز، أمضى عمره مُرابطاً في خنادق التّحقيق الشّائكة، مدافِعاً عن «الصّحيح مِن سيرة الرَّسول الأعظم صلّى الله عليه وآله»، والمُرتضى مِن سيرة المُرتضى عليه السلام، ومجاهداً بالنّفس والمال وكلّ ما يمكن تقديمه والتّضحية به، للدِّفاع عن حُرُمات التَّوحيد وسائر أُصول الدِّين، خصوصاً ما يَرتبط بموقع المعصومين الأربعة عشر من عقيدة المسلمين، ولا سيّما ما يرتبط بالصِّدِّيقة الكبرى الزَّهراء عليها السلام.
وقد تمَّ تكريم سماحته مؤخَّراً في الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران على مَوْسوعَتَيه الخالدتَين «الصّحيح من سيرة الرّسول صلّى الله عليه وآله»، و«الصّحيح من سيرة الإمام عليّ عليه السلام».
وجَّهَت «شعائر» إلى سماحته أسئلة لمقابلة، فآثَر مشكوراً أن يُقدِّم مادّة تَمسُّ الحاجة إليها أكثر من المقابلة.
ما يلي النّص الكامل الذي استلمته «شعائر» من مكتب سماحة العلّامة السيِّد جعفر مرتضى حفظه الله.
هناك خطّان متوازيان من النّاحية الفكريّة لا يلتقيان، وهما:
1 - الخطّ المُمالِئ للأقوياء، الخاضع لإراداتهم، المُهتَمّ بتبرير كلّ ما صَدَر منهم، حتّى الكفر بالله العظيم.
2 - والخطّ الذي يُريد أنْ يَخضع لإرادة الله وحدَه لا شريك له، فإنّه لا يَهمّه أن يَرضى الأقوياء عنه أو أنْ يَغضبوا.
وقد تجلّى هذا الفَرْق بِأَجلى مَظاهره في الموقف مِن أعظم مُجرم عَرفه التّاريخ، وهو يزيد بن معاوية، فقد قالوا: إنَّ أبا أيّوب كان صحابيّاً جليلاً فاضلاً، معروفاً بالإستقامة والتّقوى، ولكنّه بعد استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام رَضِي بمعاوية قائداً وإماماً له، حيث حارب تحت لِوائه، بل حارب تحت لِواء يزيد بن معاوية، ومات في القسطنطينيّة في غزوةٍ كان يزيد قائدُها.
وهذا يدلّ على صلاح يزيد، فضلاً عن أبيه معاوية، ولا سيّما مع الرّواية (الموضوعة) عن رسول الله صلّى الله عليه وآله التي تقول -حسب نصّ ابن تيميّة- عن ابن عمر: «أوّل جيش يغزو القسطنطينيّة مغفورٌ لهم. وأوّل جيش غزاها كان أميرُه يزيد. قال ابن تيميّة: والجيش عدد معيَّن لا مُطلق، وشمول المغفرة لآحاد هذا الجيش أقوى من شمول اللّعنة لِكُلِّ واحد من الظَّالمين، فإنَّ هذا أَخَصُّ والجيش مُعيَّنون.
ويُقال: إنَّ يزيد إنّما غزا القسطنطينيّة لأجل هذا الحديث.
ونحن نعلم أنَّ أكثر المسلمين لا بدَّ لهم مِن ظلم، فإنْ فُتِح هذا الباب ساغ أن يُلعَن أكثر مَوْتى المسلمين، والله تعالى أمر بالصَّلاة على موتى المسلمين، ولم يَأمر بلعنتهم».
وقال: «فمِن أين يَعلم الإنسان أنَّ يزيد أو غيره مِنَ الظَّلَمة لم يَتُب؟! أو لم تَكُن له حسنات ماحِيَة تَمحو ظُلْمه؟! ولم يَبْتَلِ بمصائب تُكَفِّر عنه؟!».
ونُجيب:
أوّلاً: إنَّنا لم نَجِد النَّصّ الذي رواه ابن تيميّة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله في ما بين أيدينا من نصوص، ولكننا وجدنا ما رواه عبادة بن الصّامت عن زوجته أم حرام عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله: أوّل جيش من أمَّتي يركبون البحر قد أوجبوا [أو كالملوك على الأسرَّة].
قالت أم حرام: قلت: يا رسول الله، أنا منهم؟!
قال: أنتِ منهم.
ثمّ قال: وأوّلُ جيش من أمَّتي يَغزون مدينة قيصر مغفورٌ لهم.
فقلت: أنا فيهم يا رسول الله؟!
قال: لا.
وحسب نصّ آخر عنها: أنّه صلّى الله عليه وآله قال: رأيت أوّل جيش من أمّتي يَركبون البحر قد أوجبوا. [أي فعلوا فعلاً وجبت لهم به الجنّة أو المغفرة].
فقالت: يا رسول الله، أُدعُ الله لي أن أكون منهم.
قال: أللّهمّ اجعلْها منهم.
ثمّ عاد فضحك، فقلت: ما الذي أَضحكك؟!
فقال: أوّل جيش من أمَّتي يُرابطون مدينة قيصر مغفورٌ لهم.
ولا شيء يدلّ على أنَّ يزيد كان أوّلَ غازٍ لمدينة قيصر، ولا يوجد ما يَدلّ على أنَّ جيشه أوّل جيش ركب البحر.
ونوضح ذلك كما يلي:
1 ـ بالنِّسبة لركوب البحر، نقول:
لقد ركب البحر أُناسٌ قبلَ يزيد. ومنهم الذين قاموا بغزوة الصَّواري، التي كانت سنة إحدى وثلاثين. حيث خرج قسطنطين في خمسمائة، أو ستّمائة مركب، وخرج المسلمون في مراكبهم، وقرَّب الروم سُفُنَهم، وربطوا بعضها ببعض، واقتتلوا بالسُّيوف والخناجر، وانهزم قسطنطين جريحاً، ولم يَنْج من الرُّوم إلَّا الشَّريد.
كما أن بِسْر بن أبي أرطأة قد غزا البحر في سنة 44 هجريّة.
وغزا عقبة بن عامر البحر بأهل مصر.
وغزا مالك بن هبيرة البحر أيضاً.
وهناك غزوات أخرى للبحر، فراجع.
2 ـ بالنسبة للمرابطة في مدينة قيصر، أو غزو مدينة قيصر، نقول:
لقد سبق الآخرون يزيد إلى ذلك أيضاً، فقد ذكروا: أنَّه في سنة 43 هجريّة غزا بِسْر بن أبي أرطأة الرُّوم، وشَتا بأرضهم حتّى بلغ القسطنطينيّة كما زَعَم الواقدي. وأَنكَر ذلك قَوْم من أهل الأخبار، وقالوا: لم يشتِ بِسْر بأرض الرُّوم قط.ّ
وليس ثمّة ما يَمنع من احتمال أن يكون أهل الأخبار أرادوا بهذا النَّفي حِفْظ هذه الفضيلة لِيَزيد، فَضَحُّوا بالواقدي كرْمى لِعينَي قاتل الإمام الحسين عليه السلام، وهادِم الكعبة، ومُستبيح مدينة الرَّسول صلّى الله عليه وآله.
وذكروا في حوادث سنة 42 هجريّة: أنَّ المسلمين في هذه السَّنة غزوا اللّان [قرب أرمينية]، وغزوا الرُّوم أيضاً فهزموهم هزيمة منكرة، وقتلوا جماعة من بطارقتهم.
وهكذا كان في سنة 45 هجريّة. فقد كان مَشتى عبد الرّحمن بن خالد بأرض الرُّوم.
وحصل نظير ذلك في سنة 46 هجريّة أيضاً.
ثمّ في سنة 47 هجريّة، و48 هجريّة، و49 هجريّة.
ثانياً: كانت وفاة أم حرام سنة سبع وعشرين. وهي المرّة الأولى التي رَكب فيها المسلمون البحر، ثمّ كانت المرّة الثّانية التي رَكبوا فيها البحر في سنة ثمان وعشرين.
قال أبو عمر: وذلك في إمارة معاوية، وخلافة عثمان.
ثالثاً: زعم ابن تيميّة: قيام احتمال أن يكون يزيد بن معاوية قد تاب.
ونقول:
ألف: إنَّ جرائم يزيد مشهورة ومُتيقَّنة، وتوبته محتملة احتمالاً تشهد الأحداث ببطلانه، ولا يرفع اليد عن اليقين بالشكّ.
ب: هل لِلمُرتدِّ عن فطرة توبة، فإنَّ يزيد قد أعلن ارتداده بِتَمثُّله بشعر ابن الزّبعرى:
لَعبَت هاشمُ بالمُلك فلا خبرٌ جاءَ ولا وَحْيٌ نَزَلْ.
فكيف يُمكن إثبات عودته إلى الإسلام بعد هذا؟!
ج: لا يحتاج يزيد إلى التَّوبة في منطق ابن تيميّة، فإنَّه زَعم أنَّ يزيد لم يَكُن يُريد إهانة الكعبة، بل كان يريد قتل ابن الزُّبير مع أنَّه لا شيء يُسوِّغ له قتل ابن الزُّبير ولا غيره في الكعبة. بل غاية ما هناك أنْ يُضيِّق عليه حتّى يُضطرّ للخروج.
كما أنَّ ابن تيميّة قد زَعم: أنَّ ابن زياد هو الذي قتل الإمام الحسين عليه السلام (يريد تبرئة يزيد!)، وأنَّ ما جرى على أهل المدينة في وقعة الحرَّة كان بسبب أهل المدينة أنفسهم، فهم الذين تمرَّدوا عليه، وخلعوا طاعته، وقد أنذرهم بالعودة مرّة بعد أُخرى، فلماذا يحتاج يزيد إلى التوبة؟
وهكذا يُقال بالنسبة لاحتمال حدوث مصائب ليزيد تُكفِّر ذنوبه، إذ أيّ ذنب اقترفه يزيد -عند ابن تيميّة- لكي يُمحَى بالمصائب المُكفِّرة؟!
هل ما جرى على أهل المدينة في وقعة الحرَّة كان بسبب أهل المدينة أنفسهم؟
وهل تُكفِّر المصائبُ قتلَ الأنبياء وأوصيائهم، وهدمَ الكعبة، واستباحةَ المدينة بالقتل وهتْكِ الأعراض؟!
وهل تُكفِّر المصائب الإرتدادَ عن الإسلام وإنكارَ الوحي: فلا خَبَرٌ جاءَ ولا وَحْيٌ نَزل؟!
رابعاً: قوله: ويُقال: إنَّ يزيد إنَّما غزا القسطنطينيّة لأجل حديث «أوّل جيش يغزو القسطنطينيّة مغفور لهم». فمِن أين ثبت له ذلك؟! بل لا يُمكن تصديق هذا عنه، فقد ذَكروا: أنَّ معاوية أغزى ولده يزيد إلى الطّوانة [قرب طرطوس في سوريا]. ولكن يزيد رفض الخروج إلى بلاد الرُّوم مع سفيان بن عوف بالرّغم من أمرِ أبيه له بذلك، بل تثاقل واعتَلّ، فأَمسك عنه أبوه.
وفي نصٍّ آخَر: فأصاب النَّاس في غزاتهم جوع (لعلَّ الصحيح: موم، وهو الجدري) ومرض شديد، فأنشأ يزيد يقول:
ما إنْ أبالي بما لاقتْ جموعُهم بالفرقدونة من حمّىً ومن مومِ
إذا اتّكأتُ على الأنماط مرتفقاً بدير مران عندي أمّ كلثومِ.
وأمّ كلثوم امرأته، وهي ابنة عبد الله بن عامر.
فبلغ معاوية شِعرُه، فأَقسم عليه لَيَلْحَقَنَّ بسفيان في أرض الروم، لِيُصيبه ما أصاب النّاس، فسار ومعه جمعٌ كثير أضافهم إليه أبوه، إلخ.
وهذا يدلُّ على أنَّ يزيد لم يكن في أوّل جيش، لأنَّ جيش سفيان بن عوف قد سَبَقه، وتَخلَّف هو عنه.
وقد أُصيب ذلك الجيش بمرض الجدري وهو في تلك الأرض، فوَصلت أخباره إلى يزيد ومعاوية في الشّام، فقال يزيد ذلك الشِّعر، فحمله أبوه على المَسير قَسْراً وجَبْراً. فما معنى قول ابن تيميّة: إنَّ يزيد إنَّما سار في تلك الغزوة من أجل هذا الحديث؟!
وكيف يكون قد نال المغفرة لِكَوْنه كان في أوّل جيش سار إلى القسطنطينيّة، وقد سار قبله إليها جيش سفيان بن عوف، وجيش بِسْر بن أبي أرطأة، وغيرهما؟!
خامساً: إنَّهم يروون عن الرَّسول صلّى الله عليه وآله: أنَّ أهل بدر مغفور لهم، ويقولون: إنَّ عبد الله بن أُبيّ كان رأس المنافقين، مع أنّه شهد بدراً أيضاً. كما أنّه قد بايع بيعة الرُّضوان، ولم يقتصر الأمر عليه، بل شمل جميع المنافقين إلَّا الجد بن قيس، فهل يدخل المنافقون الجنّة أيضاً؟! أو هل رضي الله عن المنافقين؟!
إنَّ الحقيقة هي: أنَّه صلّى الله عليه وآله إنّما يَتحدَّث في أمثال هذه المواضع عن المؤمنين دون سواهم، ولا يَتحدَّث عن قَتَلة الأوصياء، ومُنكِري النّبيّ صلّى الله عليه وآله، وهادِمِي الكعبة، ومُستَبيحِي الأنفُس والأعراض.
فما قاله لا يَشمل ابنَ أُبيّ ولا يزيد، ولا أضرابهما.
سادساً: بالنِّسبة لقول ابن تيميّة: إنَّ أكثر المسلمين لا بدَّ لهم مِن ظُلم، فإنْ فُتِح هذا الباب ساغ أن يُلعَن أكثر مَوْتى المسلمين، نقول:
لقد قال تعالى في قرآنه الكريم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ البقرة:159.
فقد أَمَرَنا الله تعالى بلعنهم ما داموا مُصرِّين على فعلهم، ولم تَظهر منهم التَّوبة، فإذا تابوا في أنفسهم، فالله يَتوب عليهم، والمؤمنون يَجوز لهم لعنهم ما داموا لم تَظهر لهم توبتهم. ويزيد قد ظَهر منه ما يؤكِّد عدم توبته، فإنَّه لم يَرتدع عن مواصلة ارتكابه لأعظم الجرائم، الواحدة تلو الأخرى إلى أنْ مات. فاحتمال أنَّه قد تاب لا يَنفعه بِمُقتضى هذه الآية. لا سيَّما وأنَّ بعض ذنوبه لا تنفع معه التَّوبة كما قلنا أيضاً، كالإرتداد عن فطرة.
سابعاً: إنَّ ابن عساكر وغيره يذكرون نفس هذا الحديث الذي ذكره ابن الأثير، ولكنّهم يقولون: إنَّ معاوية قد أَغزى ولده يزيد، فأقام بِدَير سمعان، وتلك غزوة الطوانة، فأصابهم موم (وهو وباء الجدري)، فقال البيتَين المتقدِّمَين.
فقال معاوية: لا جَرَم والله، لَتَخرجنّ، ولَيُصيبنَّكَ ما أصابهم.
ودَيْر سمعان -قرب دمشق- وليس هو الذي بظاهر إنطاكية، بقرينة رواية (الأغاني) و(أنساب الأشراف) للشِّعر المتقدِّم، وفيه قوله: «بدير مران» بدل «دير سمعان»، ومران بالشّام قرب دمشق، يُنسَب إليها دَيْر.
والطوانة: بلد بثغور المصيصة.
ثامناً: مَن الذي يَستطيع أن يَضمن صحَّة الحديث عن أوّل جيش يركب البحر، أو يغزو قيصر أو القسطنطينيّة، وهو لم يُرْوَ إلَّا مِن طريق المُناوِئين لِعليٍّ وشيعته، والمؤيِّدين لأعدائه، مع العلم بأنَّ قادة تلك الجيوش هم مِن أمثال عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وبِسْر بن أبي أرطأة، وعبد الرّحمن بن خالد بن الوليد، ويزيد بن معاوية، والكلُّ يعلم ما ارتكبه هؤلاء من جرائم ومآثم في حقِّ هذا الدِّين، وأهله، وحُماته، وفي حقِّ الأبرياء، بل لمْ يَسلم حتّى الأطفال مِن بَطشهم، ومِن الذَّبح بِسُيوفهم.
تاسعاً: إنَّ تلك الجيوش التي رَكبت البحر، وغَزَت هذه البلاد أو تلك، لم تكن بإمرة أئمَّة العدل، ولم يؤذن لها منهم في شنِّ الحروب، بل كانت بزعامة القاسِطين، والفئة الباغِية التي تدعو النَّاس إلى النَّار كما صرَّح به صلّى الله عليه وآله في ما قاله عمّار. فالقتال تحت راية هؤلاء الظَّلَمة لا مبرِّر له، وقد رُوِيَ عن الإمام الصادق عليه السلام: أنَّ القتال مع غير الإمام المفروضِ طاعتُه حرام، مثل المِيتة، والدّم، ولحم الخنزير. فكيف تصحّ الرِّواية عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: بأنّ تلك الجيوش مغفور لها؟!
وقد سُئِل الفضل بن شاذان عن أبي أيّوب، وقتاله مع معاوية المشركين، فقال: كان ذلك منه قلّةَ فقهٍ وغفلة، ظنَّ أنَّه إنَّما يعمل عملاً لنفسه، يُقوِّي به الإسلام، ويوهي به الشِّرك، وليس عليه من معاوية شيء، كان معه، أو لم يكن؟!.
أيْ أنَّ أبا أيّوب لم يَذهب معهم ليكون تحت أمرهم، ويعمل بقيادتهم، بل ذَهب على سبيل الإستقلال بنفسه، ورغبةً في الدِّفاع عن دِينه.
على أنّ من الجائز أن يكون رحمه الله قد استأذن من الإمام الحسن أو الحسين عليهما السلام في خروجه لهذا الوجه. وإن كان ذلك لا شاهد له فيما بين أيدينا من النُّصوص.
عاشراً: كيف يمكن أن يَحكم صلّى الله عليه وآله لهؤلاء بالمغفرة، وهم مِن أعوان أُناسٍ حكم النّبيّ صلّى الله عليه وآله لهم بالنّار، وأَخبر عن محاربتهم للدِّين، وأهله، وعن أنَّهم بُغاة مُعتَدون وظالِمون، وأَخبر أيضاً عن قتلهم لِأبناء الأنبياء، والأوصياء، وعن أنَّهم قاسطون، وعن أنَّهم هم الشَّجرة الملعونة في القرآن، وغير ذلك.