ضريحُ مِيثَم التّمّار
الشّاهد على شهيدٍ
ذاب في الحقّ
ـــــــــــــــــــــ إعداد:
د. أليس كوراني ــــــــــــــــــــــ
على مرّ التّاريخ، كان طواغيت
العالم يقضون على أعدائهم وعلى المطالبين بالحرّيّة والعدالة والحقيقة، فنكّلوا
بهم وقتلوهم شرَّ قتلة، ومثّلوا بجُثَثهم، ظنّاً منهم أنّ موتهم سيُسكت
صوت الحقّ، ويُرعب الدّاني والقاصي فلا يجرؤ أحدٌ على الثّورة... لكنّ سُنّةَ
التّاريخ تُظهر عكس ذلك، فبموت الخُلّص واسشتهادهم اهتزّت الأرض وأنبتَت مقاماتٍ
شامخة...
في هذا التّحقيق نتوقّف عند
أعتاب ضريح الشّهيد مِيثَم التّمار، الّذي كان من صفوة أصحاب أمير المؤمنين عليه
السّلام.
قبل الوقوف على أحوال المقام الشّريف وما جرى فيه من
تجديد، لا بدّ من التّعريف بصاحبه لتبيان مكانته وقُربه من أمير المؤمنين، عليه
السّلام، وتفانيه في سبيل نصرة أهل البيت عليهم السّلام.
هو مِيثَم بن يحيى النّهروانيّ، فارسيّ الأصل، كان عبداً
مملوكاً عند امرأة من بني أسد قبل أن يعتقه أمير المؤمنين، عليه السّلام، ثمّ يصبح
من أصحابه المقرّبين وصفوتهم.
ومن الواضح أنّ اسمه عربيّ، علماً أنّ جذوره أعجميّة؛ فـ «الوَثْمُ»:
الكسرُ والدَّقُّ، ووَثَمَ الفَرَسُ الأَرْضَ: رَجَمَهَا بِحَوَافِره وَدَقَّهَا.
واسم أبيه عربيّ أيضاً، ويظهر أنّ الأعاجم استعلموا الأسماء
العربيّة، بعد الفتح الإسلاميّ، ودخولهم أفواجاً في دين الله، أو استعملها الّذين
لم يُسلموا بحكم الجوار العربيّ بعد نزول العرب الفاتحين في المناطق المتاخمة
للفرس.
أمّا نسبته وهي - النّهروانيّ - فنسبةٌ إلى نهروان، الكورة
الواسعة بين بغداد وواسط من الجانب الشّرقيّ.
وعُرف بـ «مِيثَم
التّمّار»، بعد عتقه وحرّيّته، وبيعه التّمر في دكّانه في سوق الكوفة.
من العبوديّة
إلى الحريّة
لا تذكر المصادر تاريخ مولده. صحيحٌ أنّه نُسب إلى
النّهروان، لكنّ دون تحديد البلدة التّي نشأ فيها في تلك الكورة الواسعة، ولا نعلم
كيفيّة انتقال مِيثَم إلى مُلك امرأة من قبيلة أسد، جلّ ما يُذكر أنّ مِيثَماً التّمّار
كان عبداً لامرأة من بني أسد، وعُرِفَ عندها باسم سالم، إذ كان من سُنن العرب أن
يغيّروا أسماء العبيد والجواري الأصليّة، تفاؤلاً وطلباً للبركة. وفي هذا أورد
الثّعالبيّ في كتابه (فقه اللّغة): «وقال بعضُ الشُّعوبيَّة لابن الكلبيّ: لِمَ سَمَّت
العرب أبناءَها بكلب وأوس وأسد وما شاكلها، وسمَّت عبيدها بيُسر وسَعد ويُمن؟ فقال
وأحسن: لأنّها سَمّت أبناءها لأعدائها وسمّت عبيدها لأنفسها».
وذكر ابن حجر العسقلانيّ في كتابه (الإصابة في تمييز
الصّحابة) نقلاً عن المؤيّد بن النّعمان في مناقب الإمام عليّ عليه السّلام: «كان مِيثَم
التّمّار عبداً لامرأة من بني أسد، فاشتراه عليٌّ منها وأعتقه، وقال له: ما اسْمُكَ؟
قال: سالم. قال: أَخْبَرَني رَسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّم
أَنَّ اسْمَكَ الّذي سَمّاكَ بِهِ أَبَواكَ في العَجَمِ مِيثَمٌ. قال: صدق الله
ورسوله وأمير المؤمنين، والله، إنّه لاسْمي. قال: فارْجِعْ إِلى اسْمِكَ الّذي سَمَّاكَ
بِهِ رَسولُ اللهِ، صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّم، وَدَعْ سالِماً. فرجع
مِيثَم واكتنى بأبي سالم».
إذاً، اشتراه أمير المؤمنين، عليه السّلام، وأعتقه، ومن
خلال ما دار من حديث بينه وبين مثيم عند سؤاله عن اسمه، يظهر طيب أصله ومعدنه
لثنائه على رسول اللهِ، صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّم، وعلى الإمام عليه
السّلام.
مِيثَم من
أصحاب الأمير المخلصين
قرّب أمير المؤمنين عليه السّلام مِيثَماً وأدناه، حتّى صار
من أقرب النّاس إليه، وكان يتفقّده في السّوق أثناء بيعه التّمر، ويجالسه ويحدّثه.
وكان يصحبه أحياناً عند المناجاة في الخلوات، وعند خروجه في اللّيل إلى الصّحراء،
فيستمع مِيثَم إلى الأدعية والمناجاة، وهو من القلاقل الّذين صحبهم أمير المؤمنين
في خلوات الدّعاء والتّضرّع لله تعالى.
عاش مِيثَم بالكوفة يناصر الإمام في الشّدّة والرّخاء،
وفي الحرب والسّلم، وبقي ملازماً له، والإمام عليه السّلام، يتعهّده بالرّعاية
والعناية، وأضحى من خُلّص أصحابه، يزقّه الإمام العلم زقّاً، فوعى واستوعب ما
تعلّم حتّى قال مِيثَم لابن عبّاس: «سَلْنِي ما شئتَ من تفسير القرآن، فإنّي قرأتُ
تنزيله على أمير المؤمنين، عليه السّلام، وعلّمني تأويلَه».
أمّا اهتمام الأمير بأمره، فانتشر بين الخاصّة والعامّة،
فقد ورد في (شرح نهج البلاغة) لابن أبي الحديد أنّ مِيثَماً قدم «الكوفة فأُخذ وأُدخل
على عبيد الله بن زياد، وقيل له هذا كان من آثَر النّاس عند أبي تراب. قال: ويحكم!
هذا الأعجميّ؟! قالوا: نعم».
كما كان مِيثَم التّمّار من خطباء الكوفة والمنافحين عن
خطّ الإمامة، لا يخاف في الله لومة لائم، مُفضّلاً الموت على التّخلّي عن الإمام
وأهل بيته عليهم السّلام، وفي هذا قال مِيثَم: «دعاني أمير المؤمنين، عليه السّلام،
وقال: كَيْفَ أَنْتَ يا مِيثَمُ إِذا دَعاكَ دَعِيُّ بَني أُمَيَّةَ عُبَيْدُ اللهِ
بْنُ زِيادٍ إِلى البَراءَةِ مِنّي؟ فَقُلْتُ: يا أميرَ المؤمنين، أنا والله لا
أبرأُ منك، قال: إِذاً، وَاللهِ، يَقْتُلُكَ وَيَصْلُبُكَ، قلت: أصبر، فذاكَ
في الله قليل، فقال عليه السّلام: يا مِيثَمُ، إِذاً، تَكونُ مَعي في دَرَجَتي».
وبعد استشهاد أمير المؤمنين عليه السّلام بقي مِيثَم على
ولائه لأهل البيت عليهم السّلام، فكان الحسنان عليهما السّلام يُثنيان عليه، في
حياته، وبعد مماته. وقد عدّه الأئمّة الأطهار من خُلَّص أصحاب الأمير وأصفيائه،
وممّا قاله الإمام موسى الكاظم عليه السّلام في حقّه: «إِذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ
نادَى مُنادٍ: أَيْنَ حَوارِيّو مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، رَسولِ اللهِ، صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، الّذينَ لَمْ يَنْقُضوا العَهْدَ وَمَضَوْا عَلَيْهِ؟ فَيَقومُ
سَلْمانُ وَالمِقْدادُ وَأَبو ذَرٍّ، ثُمَّ يُنادي مُنادٍ: أَيْن حَواريّو عَلِيِّ
بْنِ أَبي طالِبٍ، عَلَيْهِ السَّلامُ، وَصِيِّ رَسولِ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَآلِهِ؟ فَيَقومُ عَمْرو بْنُ الحَمِقِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبي بَكْرٍ، وَمِيثَمُ
بْنُ يَحْيى التَّمّارُ- مَوْلى بَني أَسَدٍ - وَأُوَيْسُ القَرَنيُّ ".."
ثُمَّ يُنادي المُنادي: فَهُؤلاءِ المُتَحَوّرَةُ أَوَّلُ السّابِقينَ، وَأَوَّلُ المُقَرَّبينَ،
وَأَوَّلُ المُتَحَوّرينَ مِنَ التّابِعينَ».
لقاؤه بأُمّ
المؤمنين أمّ سلمة
حجّ
مِيثَم في السّنة التي قُتل فيها، فدخل على أمّ المؤمنين أُمّ سلمة رضيَ الله عنها،
فقالت له: مَن أنت؟ فقال: عراقيّ، فسألته عن نسَبه، فذكر لها أنّه كان مولى الإمام
عليّ عليه السّلام. فقالت: أنت هيثَم؟ قال: بل أنا ميثَم.
فقالت:
سبحانَ الله، واللهِ لربّما سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله يُوصي بك عليّاً في
جوف اللّيل. فسألَها عن الحسين بن عليّ عليهما السّلام، فقالت: هو في
حائطٍ [بستان] له.
قال: أَخبِريهِ أنّي قد أحببتُ السّلامَ عليه، ونحنُ ملتَقون عند ربّ العالَمين
إنْ شاءَ الله.. ثمّ دعتْ بطِيبٍ فطيّبت لحيتَه، فقال لها: أما أنّها ستُخضّب بدَم،
فقالت: مَن أنبأَك هذا؟ فقال: أنبأني سيّدي، فبكت أُمّ سلَمة وقالت له: إنّه ليس بسيّدك
وحدَك، وهو سيّدي وسيّد المسلمين، ثمّ ودّعته.
إخبار الإمام عليّ
عليه السّلام بمقتل مِيثَم
قال الإمام عليّ عليه السّلام لمِيثَم: «وَاللهِ لَتُقْطَعنَّ
يَداكَ وَرِجْلاكَ وَلِسانُكَ، ولَتُقْطَعنَّ النَّخْلَةُ الّتي في الكُناسَةِ، فَتُشَقُّ
أَرْبَعَ قِطَعٍ، فَتُصْلَبُ أَنْتَ عَلى رُبْعِها، وَحِجْرُ بْنُ عَدِيٍّ عَلى رُبْعِها،
وَمُحَمَّدُ بْنُ أَكْثَمُ عَلى رُبْعِها، وَخالِدُ بْنُ مَسْعودٍ عَلى رُبْعِها».
وفي خبر آخر: «إِنَّكَ تُؤخَذُ بَعْدي، فَتُصْلَبُ وَتُطْعَنُ
بِحَرْبَةٍ، فَإِذا كانَ اليَوْمُ الثّالِثُ، ابْتَدَرَ مَنْخِراكَ وَفَمُكَ دَماً،
فَيُخَضِّبُ لَحْيَتَكَ، فَانْتَظِرْ ذَلِكَ الخِضابَ، وَتُصْلَبُ عَلى بابِ دارِ عَمْرو
بْنِ حُرَيْثٍ ".." وَامْضِ حَتّى أُريكَ النَّخْلَةَ الّتي تُصْلَبُ عَلى
جِذْعِها».
فأراه إيّاها، ثمّ قال عليه السّلام: «يا مِيثَمُ، لَكَ
وَلَها شَأْنٌ مِنَ الشَّأْنِ»، فكان مِيثَم يأتيها ويُصلّي عندها، ويقول: بُوركتِ
من نخلة، لك خُلقتِ، ولي غذّيتِ، ولم يزلْ يتعاهدها حتّى قُطعت، وحتّى عرف الموضعَ
الذي يُصلب فيه.
وكان مِيثَم يلقى عمرو بن حُرَيْثٍ ويقول له: إنّي مجاورك،
فأحسِنْ جواري، فيقول له عمرو: أتريدُ أن تشتري دارَ ابنِ مسعود أو دار ابن حكيم؟ وهو
لا يعلم ما يقصد بكلامه.
تحقّق ما أُخبر
به من قتله رضي الله عنه
لمّا ولي عبيد الله بن زياد الكوفة، علم بالنّخلة الّتي بالكناسة
فأمر بقطعها، فاشتراها رجلٌ من النجّارين فشقّها أربع قطع.
قال ميثَم: «فقلتُ لصالح ابني: فخُذْ مسماراً من حديدٍ فانقش
عليه اسمي واسمَ أبي، ودُقَّه في بعض تلك الأجذاع..». ثمّ جرى على مِيثَم مثل ما
أخبره أمير المؤمنين عليه السلام؛ وقال صالح بن ميثَم: «فأتيتُ أبي متشحّطاً بدمه،
ثمّ استوى جالساً فنادى بأعلى صوته: مَن أراد الحديثَ المكتوم عن عليّ بن أبي طالب
أمير المؤمنين، عليه السّلام، فليَستمع، فاجتمع النّاس، فأقبلَ يحدّثُهم بفضائل بني
هاشم، ومخازي بني أُميّة، وهو مصلوبٌ على الخشَبة»، حتّى استُشهد في الثّاني
والعشرين من ذي الحجّة عام 60 للهجرة، أي قبل وصول الإمام الحسين عليه السّلام إلى كربلاء بعشرة أيّام.
مقام مِيثَم التّمّار
مقام مِيثَم التّمّار قريبٌ من مسجد الكوفة الأعظم، على
بعد خمسماية مترٍ منه، من جهة الجنوب الغربيّ، على يسار الذّاهب من الكوفة إلى النّجف
الأشرف.
تاريخ الضّريح
لا
نعلم التّاريخ الدّقيق لاكتشاف الضّريح، أمّا شكله قبل التّجديد الحالي، فيقول
العلّامة محمّد حسين المظفّر في كتابه (مِيثَم التّمّار شهيد العقيدة والولاء): «كان
حول القبر سورٌ قديم يبعد عن غرفة القبر ما يقرب من خمسة أمتار، وإذا كشفوا التّراب
قليلاً يظهر أساسه، وقد أرشدني إليه خازن قبر مسلم، عليه السّلام، الشّيخ طعمة ابن
الشّيخ ياسين، وكان بعض الأساس مكشوفاً من جهة الشّرق، ويكاد أن يكون عرض هذا الأساس
ما يقارب المتر الواحد؛ وذكر لي أنّهم وجدوا ما بين السّورَيْن القديم والحديث من الشّرق،
قبوراً قديمة».
وكان
على القبر قبّة واطئة لا يعرف المجاورون لمسجد الكوفة متى كان عهد بنائها، وقد
غُشيت هذه القبّة بالقاشانيّ على يد الحاجّ عبّاس ناجي النّجفيّ. أما السّور الذي
يحيط بالسّاحة التي حول القبر، فقد بناه السّيّد عطاء الله الأروميّ مِن أهل
آذربيجان، وكان من طلبة العلوم الدّينيّة في النّجف الأشرف، وهو الّذي بنى الإيوان
الذي أمامَ غرفة القبر، ورمّم الغرفة والقبّة، وله آثار ما زالت باقية في المسجد
وما حوله.
ورمّم
سور قبر مِيثَم أحدُ تجّار مسقط عندما أحدث ترميمات في مسجد الكوفة. وكانت على
القبر دكّة وعليها صخرة كُتب عليها اسم مِيثَم، وأنّه صاحبُ أمير المؤمنين، عليه
السّلام، والدّكّة والصّخرة اليوم تحت الصّندوق الخشبيّ الذي صنعه الحاجّ خضر
سيّاب النّجفيّ، وكتب على الصّندوق: مرقد صاحب أمير المؤمنين عليه السّلام مِيثَم
بن يحيى التّمّار. سنة 1360 للهجرة.
وعلى
قبّة الضّريح كُتب بيتان من الشّعر للمرحوم السّيّد مهديّ البغداديّ:
أَيُّها المُدَّعي الوَلا لِعَلِيٍّ
|
زُرْ وَلِيّاً لَدَيْهِ كانَ يُقيمُ
|
إِنَّ قَبْراً قَدْ ضَمَّ مِيثَماً
|
قَبْرٌ فيهِ سِرٌّ مِنَ الوَلاءِ عَظيمُ
|
تجديد المقام
رأت الأمانة الخاصّة لمزار الصّحابيّ الجليل ميثَم
التّمار في الكوفة ضروةَ تجديد المقام وتوسيعه، ثمّ بدأت إدارته بالمشاريع الحيويّة.
وانقسمت مراحل تطويره إلى ثلاث مراحل، الأولى هي مرحلة الهيكل بالكامل، والثّانية التّغليف،
والثّالثة توسيع الصّحن الشّريف. وإنّ المبلغ المخصّص للمشروع هو بحدود 625 مليار دينار عراقيّ ومدة إنجازه ثلاثمائة يوم.
بدأت المرحلة الأولى
في 3/4/2011م، وشملت إعادة إعمار المرقد الشّريف بالكامل بعد هدمه، حيث بلغت مساحته
الحالية، بعد التّوسعة، 1100م2 والّتي كانت سابقاً 413م2.
وشملت هذه المرحلة بناء هيكل المرقد الشّريف، تعلوه قبّة قطرها تسعة أمتار، ومنارتان بارتفاع ثمانية
وعشرين متراً، وبقطر مترين ونصف. وجرى تغليف القبّة بالكاشي الكربلائيّ ذي اللّون الفيروزيّ،
وتغليف المنارتين بمادّتي الكاشي الكربلائيّ والجفقيم (الطّابوق العراقيّ) المطَعّم
بالكالوك. والمنارتان مزدانتان بالآيات القرآنيّة، وتحتويان على قوسَيْن أحداهما مخطوط
عليها أقوال الأئمّة المعصومين، عليهم السّلام، والأخرى مخطوط عليه قصائد بحقّ الصّحابيّ
الجليل ميثَم التّمّار رضوان الله عليه.
وشملت هذه المرحلة أيضاً صناعة كافّة الأبواب والنوافذ التّابعة
للمرقد الشّريف وبتصاميم معماريّة خاصّة، وتثبيت المرايا من مادة (العين كار) للسّقوف
الثّانويّة. كما شملت أيضاً بناء غرف للمولّدات والمحوّلات ومخازن لحاجيات المزار.
وبدأت المباشرة بالمرحلة الثّانية بتاريخ 17/ 11/ 2012 م،
وتضمّنت تغليف المرقد الشّريف، حيث تمّ اعتماد نظام القبب، وقد جرى تغليف الضّريح من
الخارج بطابوق الجفقيم والكاشي الكربلائيّ وبأجود أنواع المرمر (الأونكس) الباكستانيّ
المنشأ، أمّا الواجهة فجرى تطعيمها بـ(الجفقيم) الذي استخدم في جزء من المنارة، وفق
تصاميم معماريّة معدّة لهذا الغرض، وبما يتلائم مع العمارة الإسلاميّة للمراقد المقدّسة.
كما جرى تزيين المقام من الدّاخل بالآيات القرآنيّة. وقد اكتملت هذه المرحلة في
خلال سنتين تقريباً
أمّا المرحلة الثّالثة،
فتشمل توسعة الصّحن الشّريف وبعد الموافقة الرّسميّة من ديوان الوقف الشّيعيّ، حصل
الإذن بالحصول على المساحات المحيطة بالصّحن الشّريف ليتسنّى التّوسعة بما يتلاءم مع
التّطوّر العمرانيّ الذي يشهده المزار خدمةً للزّائرين بما يوفّر لهم الرّاحة.
اكتشاف آثار
مهمّة أثناء تجديد المقام
كشف الشّيخ خليفة الجوهر، الأمين الخاصّ لمزار الصّحابيّ
مِيثَم التّمّار عن العثور على قبّتين مدفونتَين تحت الأرض في مدينة الكوفة يرجع
تاريخهما إلى أكثر من أربعماية عام. وأوضح أنّ القبّتين موجودتان تحت الأرض: قبّة
فوق قبّة، ورأس القبّة يبعد عن الأرض ثلاثة أمتار تقريباً، وهذا يعني أنّها مبنيّة
على مستوى أرض قصر الإمارة تقريباً، ما يدلّ على وجود مرقد كامل تحت الأرض. وأكّد أنّهم
لم يحفروا أكثر ممّا حُفر منذ خمسين عاماً، ولم يتمّ تغيير أيّ شيء، وأُرجع التّراب
إلى ما كان عليه سابقاً قبل الحفر حفاظاً على قدسيّة المكان.
زيارة مِيثَم التّمّار رضوان الله عليه
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيمِ
السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها العَبْدُ الصّالِحُ، يا مِيثَمَ بْنَ يَحْيَى
التّمّار، المُطيعُ للهِ وَلِرَسولِهِ وَلِأَميرِ المُؤْمِنينَ وَلِفاطِمَةَ
وَالحَسَنِ وَالحُسَيْنِ، صَلَواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِمْ. أَشْهَدُ أَنَّكَ
قَدْ أَقَمْتَ الصَّلاةَ، وَآتَيْتَ الزَّكاةَ، وَأَمَرْتَ بِالمَعْروفِ،
وَنَهَيْتَ عَنِ المُنْكَرِ، وَجاهَدْتَ في اللهِ حَقَّ جِهادِهِ، وَعَمِلْتَ
بِكِتابِهِ، مُقْتَدِياً بِالصَّالِحينَ، وَمُتَّبِعاً للنَّبِيّينَ. وَأَشْهَدُ
أَنَّكَ قُتِلْتَ مَظْلوماً شَهيداً، فَلَعَنَ اللهُ مَنْ ظَلَمَكَ، وَمَنْ
افْتَرى عَلَيْكَ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ نَصَبَ لَكَ العَداوَةَ وَالبَغْضاءَ إِلى
يَوْمِ القِيامَةِ، وَحَشا اللهُ قُبورَهُمْ ناراً وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً
أَليماً. جِئْتُكَ أَيُّها العَبْدُ الصَّالِحُ زائِراً قَبْرَكَ، مُقِرّاً
بِحَقِّكَ، مُعْتَرِفاً بِفَضْلِكَ، أَسْأَلُ اللهَ بِالشَّأْنِ الّذي لَكَ
عِنْدَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ يَقْضِيَ
حَوائِجَنا في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، وَيَجْمَعَنا وَإِيّاكُمْ في زَمْرَةِ
الفائِزينَ مَعَ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطّاهِرينَ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها
الشَّهيدُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.