أحسن الحديث

أحسن الحديث

11/05/2020

موجز في تفسير سورة »الناس«

 

جعلتُ صدورَهم أوطاناً ومساكنَ لك

موجز في تفسير سورة »الناس«

ــــــــــــــــ إعداد: سليمان بيضون ـــــــــــــــــ

 

* السورة الرابعة عشرة بعد المائة، الأخيرة في ترتيب سوَر المُصحف الشريف، آياتها ستّ، وهي مدنيّة على ما ورد في سبب نزولها، وقيل إنّها مكّية. جاء في الحديث النبويّ الشريف أنّ من قرأها وسورة الفلق: «فكأنّما قرأ جميع الكتب التي أنزلها الله على الأنبياء».

* سُمّيت بـ«الناس» لورود هذا التعبير في خمس من آياتها.

 

 

 

 

﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾

محتوى السورة

تأمر السورة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم باعتباره القدوة والأسوة أن يستعيذ بالله من شرّ الموسوسين. ومحتواها شبيه بمحتوى سورة الفلق، فكلاهما يدور حول الاستعاذة بالله من الشرور والآفات، مع فارق أنّ سورة الفلق تتعرض لأنواع الشرور، وهذه السورة تركّز على شرّ «الوسواس الخنّاس».

سبب النزول

روي أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم اشتكى شكوى شديدة، ووجع وجعاً شديداً، فأتاه جبرائيل وميكائيل عليهما السلام، فقعد جبرائيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه، فعوّذه جبرائيل بـ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾، وميكائيل بـ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾.

فضيلة السورة

* عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال: «أنزلتْ عليّ آيات لم ينزل مثلهنّ: المعَوِّذتان». [المُعوّذتان: بضمّ الميم، وفتح العين، وكسر الواو المشدّدة، سورتا الفلَق والناس، سمّيتا بذلك لأنّ جبرئيل عَوّذ بهما رسول الله صلّى الله عليه وآله حين وعك]

* وعنه صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال لأحد أصحابه ويدعى عقبة بن عامر: «ألا أعلّمك سورتين هما أفضل سور القرآن، أو من أفضل القرآن؟ قلت: بلى يا رسول الله. فعلّمني المعوّذتين. ثم قرأ بهما في صلاة الغداة، وقال لي: إقرأهما كلّما قمتَ ونِمتَ».

* عن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنّه قال: «من أوتر بالمعوّذتين، و(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) قيل له: يا عبدَ الله أبشر فقد قبل الله وِترك».

في مجمع البيان وفي حديث أُبيّ «ومن قرأ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) و(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) فكأنّما قرأ جميع الكتب التي أنزلها الله على الأنبياء».

الوسواس الخناس

قال الطبرسي في (مجمع البيان): «الوسواس: حديث النفس بما هو كالصوت الخفيّ، وأصله الصوت الخفيّ.. والخنوس: الاختفاء بعد الظهور».

وقال الطباطبائي في (الميزان): «الخنّاس صيغة مبالغة من الخنوس بمعنى الاختفاء بعد الظهور. قيل: سمّي الشيطان خنّاساً لأنّه يوسوس للإنسان، فإذا ذكر الله تعالى رجع وتأخّر، ثمّ إذا غفل عاد إلى وسوسته».

في المرويات

* النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: «إنّ الشيطان واضعٌ خَطمه على قلب ابن آدم، فإذا ذكر الله خنس، وإذا نسي التقم قلبه، فذلك الوسواس الخناس».

الإمام الصادق عليه السلام: «ما من مؤمن إلّا ولقلبه أذنان في جوفه، أذنٌ ينفث فيها الوسواس الخنّاس، وأُذن ينفث فيها الملَك، فيؤيّد الله المؤمن بالملَك، فذلك قوله: ﴿..وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ.. المجادلة:22».

* عنه عليه السلام: «ما من قلب إلّا وله أذنان، على أحدهما ملَك مُرشد، وعلى الأخرى شيطان مفتّر، هذا يأمره وهذا يزجره، وكذلك من الناس شيطان يحمل الناس على المعاصي كما يحمل الشيطان من الجنّ».

* وعنه عليه السلام: «إنّ الله تبارك وتعالى جعل لآدم ثلاث خصال في ذرّيته:

1- جعل لهم أنّ مَن همّ منهم بحسنة ولم يعملها كتب له حسنة، ومَن همّ بحسنة فعملها كتب له بها عشر حسنات.

2- ومن همّ بسيّئة ولم يعملها لا يكتب عليه، ومن عملها كتبت عليه سيئة واحدة.

3- وجعل لهم التوبة حتّى يبلغ الروح حنجرة الرجل.

فقال إبليس: يا ربّ جعلتَ لآدم ثلاث خصال فاجعل لي مثل ما جعلت له! فقال: قد جعلتُ لك لا يولد له مولود إلّا وُلد لك مثله، وجعلت لك أن تجري منهم مجرى الدم في العروق، وجعلت لك أن جعلتُ صدورهم أوطاناً ومساكن لك. فقال إبليس: يا ربّ حسبي».

* وقال عليه السلام: «لمّا نزلت هذه الآية ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ.. آل عمران:135، صعد إبليس جبلاً بمكّة يقال له ثوير، فصرخ بأعلى صوته بعفاريته، فاجتمعوا إليه فقالوا: يا سيّدنا لمَ دعوتنا؟ قال: نزلتْ هذه الآية فمَن لها؟ فقام عفريت من الشياطين فقال: أنا لها بكذا وكذا، قال: لستَ لها. فقام آخر فقال مثل ذلك، فقال لستَ لها. فقال الوسواس الخنّاس: أنا لها. قال: بماذا؟ قال: أعِدُهم وأُمَنّيهم حتّى يواقعوا الخطيئة، فإذا واقعوا الخطيئة أنسيتُهم الاستغفار، فقال: أنت لها. فوكّله بها إلى يوم القيامة».

 

 

القرآن مصون من التحريف

أوضح دليل على أن القرآن الذي هو بأيدينا اليوم هو القرآن الذي نزل على النبيّ الكريم ولم يطرأ عليه أي تحريف أو تغيير، أنّ الأوصاف التي ذكرها القرآن نفسه موجودة اليوم كما كانت في السابق.

يقول القرآن: إنّني نور وهداية، وأرشد الناس إلى الحقّ والحقيقة.

ويقول: إنّني أبيّن ما يحتاج إليه الإنسان ويتّفق مع فطرته السليمة.

ويقول: إنّني كلام الله تعالى، ولو لم تصدّقوا فليجتمع الإنس والجنّ للإتيان بمثله، أو ليأتوا بمثل محمّد الأمّي الذي لم يدرس طيلة حياته وليقل لهم مثل ما نطق به محمد، أو انظروا فيّ هل تجدون اختلافاً في أسلوبي أو معارفي أو أحكامي؟

إنّ هذه الأوصاف والمميّزات باقية في القرآن الكريم.

(القرآن في الإسلام، العلّامة الطباطبائي، ص139)

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  إصدارات

إصدارات

11/05/2020

إصدارات

نفحات