الملف

الملف

منذ أسبوع

كما عرَّفَه المُقرَّبون

كما عرَّفَه المُقرَّبون
...يُعظِّم أهلَ الدِّين، ويُقرِّب المَساكين
ــــ محمّد علي خليفة ــــ


أقربُ النّاس إلى أمير المؤمنين عليه السلام حواريُّوه من صحابة النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله، والتابعين لهم بإحسان؛ كميثم التمّار وأقرانِه، ولو تتبّعنا كلماتِهم في وصف أمير المؤمنين عليه السلام واعتمدناها محوراً للبحث العلمي في التعريف بأبعاد شخصيّته النبويّة الإلهيّة، لَأَمْكن اختصارُ الطريق، وتحقيقُ نتائج لا يُمكن الوصول إليها من طريقٍ آخر.
ما يلي واحدة من هذه الوثائق التاريخيّة العقائديّة النادرة، تقدّمها «شعائر»  نموذجاً يحفِّز على تتبُّع أمثاله.

قال السيّد محسن الأمين في (أعيان الشيعة):
روى جماعةٌ منهم «أبو نعيم الأصفهاني» في (حلية الأولياء) و«ابن عبد البَرّ المالكي» في (الاستيعاب) و«ابن الصبّاغ المالكي» في (الفصول المهمّة) و«محمد بن طلحة الشافعي» في (مطالب السّؤول) وغيرهم بأسانيدهم أنّه:
دخل ضرار بن ضمرة الكناني ".." على معاوية فقال له صِفْ لي عليّاً.
قال: اعفِني.
قال: لَتَصِفَنَّه.
قال: أمّا إذا كان لا بدّ من وصفِه فإنّه:
كان واللهِ بعيدَ المَدى، شديدَ القُوَى. يقول فصْلاً، ويَحكُم عدْلاً. يتفجَّر العِلْمُ من جوانبِه، وتنطِق الحكمة من نواحيه.
يستوحشُ من الدّنيا وزَهْرتِها، ويأنسُ باللّيلِ ووَحْشتِه.
وكان غزيرَ الدَّمعة، طويلَ الفِكرة، يُقلِّب كفَّه ويخاطبُ نفسَه، يُعجِبُه من اللّباسِ ما خَشُن ".." ومن الطّعام ما جَشُب.
وكان فينا كأحدِنا، يُدنينا إذا أتيناه، ويُجيبُنا إذا سألناه، ويأتينا إذا دعوناه، ويُنبئُنا إذا استَنْبَأْناه.
ونحن -واللهِ- مع تقريبِه إيّانا، وقُربِه منّا، لا نكاد نُكلِّمه هيبةً له. فإنْ تبسّمَ فعن مِثْل اللّؤلؤِ المنظوم.
يُعظِّمُ أهلَ الدِّين ويقرِّبُ المساكين. لا يطمعُ القويُّ في باطلِه، ولا يَيأسُ الضَّعيفُ من عَدْلِه.
وأَشهدُ لقد رأيتُه في بعض مواقفِه -وقد أرخى اللَّيلُ سُدولَه وغارَتْ نجومُه- قابضاً على لِحيتِه، يتمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السّليم، ويبكي بكاءَ الحزين، فكأنِّي أسمعُه الآنَ وهو يقول:
يا ربّنا، يا ربّنا -يتضرّع إليه- ثمّ يقول: يا دنيا، غُرِّي غَيْري، أَلِي تعرَّضْتِ؟ أم إليَّ تَشَوّفْتِ؟
هيهاتَ هيهاتْ، قد بَتَتُّكِ (طلّقتُكِ) ثلاثاً لا رجعةَ فيها، فعُمرُكِ قصير، وخَطَرُكِ كبير، وعَيْشُك حقير.
آهٍ آهِ من قلَّة الزّاد، وبُعدِ السّفر، ووَحشةِ الطّريق.
[.. فقال معاوية]: فكيف حُزنُك عليه يا ضِرار؟
قال: حُزْنُ من ذُبِحَ وَلَدُها بحِجْرها، فهي لا ترقأُ عبرتُها، ولا يَسْكُنُ حزنُها.      (المصدر، ج 1: ص 328، دار التعارف)


اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

  دوريات

دوريات

منذ 6 أيام

إعداد شعائر

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

منذ 6 أيام

إعداد شعائر

نفحات