أفضلُ
العبادة الصّبر، وانتظار «هذا الأمر»
المحدّث الشيخ عباس القمّي رحمه
الله
رُوي
عن الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام قوله: «ما أحسنَ الصبرَ وانتظارَ الفَرَج...
فعليكم بالصّبر! فإنّه إنّما يَجيءُ الفرجُ على اليأس، فقد كانَ الذين مِن قبلكم
أصبرَ منكم».
في
ما يلي، مجموعة من الروايات الواردة في أمّهات كتب الحديث في فضيلة انتظار الفرج،
منتخبة من كتاب (الأنوار البهيّة) للمحدّث القمي رضوان الله عليه.
* روى الشيخ الصّدوق في (كمال الدين) بإسناده
عن الإمام الباقر، عن آبائه عليهم السّلام، قال: «قالَ رسولُ الله صلّى الله
عليه وآله وسلّم: أفضلُ العبادة انتظارُ الفَرَج».
* وفي (كمال الدين) أيضاً عن عمّار
الساباطي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: العبادة مع الإِمام منكم المستتر في
السرِّ في دولة الباطل أفضل، أم العبادة في ظهور الحقّ ودولته مع الإِمام الظاهر
منكم؟ فقال:
«يا عمّار! الصدقةُ في السرّ واللهِ أفضلُ
من الصدقة في العلانية، وكذلك عبادتُكم في السرّ مع إمامكم المستَتِر في دولة
الباطل أفضل، لِخوفكم من عدوّكم في دولة الباطل».
* وروى البرقي في (المحاسن) عن أبي عبد الله
عليه السلام، قال: «من ماتَ منكم وهو منتظِرٌ لهذا الأمر كمَن هو مع القائم
عليه السلام في فسطاطِه... ثمّ قال: لا بل كمَن قارع [أي ضرب وطعن] معه بسيفه، ثمّ قال:
لا والله إلّا كمَن استُشهد مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم».
* وروى الشيخ الطوسي في (الأمالي) عن جابر،
قال: دخلنا على أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه السلام ونحن جماعة بعدما قضينا نُسكنا
فودّعناه وقلنا له: أَوْصِنا يا ابن رسول الله، فقال:
«لِيُعنْ قويُّكم ضعيفَكم، وليَعطف غنيّكم
على فقيركم، وليَنصحِ الرجلُ أخاه كنُصحه لنفسِه، واكتموا أسرارَنا ولا تحملوا
الناس على أعناقنا [أي
لا تقولوا فينا وعنّا ما فيه فسحة لأعدائنا في النّكاية بنا]، وانظروا أمرَنا وما جاءكم عنّا. فإنْ وجدتموه والقرآن موافقاً فخُذوا
به، وان لم تجدوه موافقاً فردّوه، وإنْ اشتبه الأمر عليكم فقِفوا عنده ورُدّوه إلينا،
حتّى نشرحَ لكم من ذلك ما شُرح لنا، فإذا كنتم كما أوصيناكم، لم تَعْدوا إلى غيره،
فماتَ منكم ميّتٌ قبلَ أن يخرج قائمُنا كان شهيداً، ومَن أدرك قائمَنا فقُتل معه
كان له أجر شهيدَين، ومن قَتل بين يديه عدوّاً لنا كان له أجرُ عشرين شهيداً».
* وفي (كمال الدين) للشيخ الصدوق عن أبي
عبد الله الصادق عليه السّلام، قال:
«يأتي على الناس زمانٌ يغيبُ عنهم إمامهم.
فيَا طُوبى للثابتين على أمرنا في ذلك الزمان، إنّ أدنى ما يكون لهم من الثواب، أن
يناديهم الباري عزّ وجلّ: عبادي آمنتُم بسِرّي وصدّقتم بغَيبتي فأبشِروا بحُسن
الثواب منّي، فأنتم عبادي وإمائي حقّاً، منكم أتقبّل، وعنكم أعفو، ولكم أغفر، وبكم
أسقي عبادي الغيثَ وأدفعُ عنهم البلاء، ولولاكم لأنزلتُ عليهم عذابي.
قال جابر: فقلت: يا ابن رسول الله، فما أفضل
ما يستعمله المؤمن في ذلك الزمان؟
قال: حفظُ اللّسان ولزومُ البيت».
* وبإسناده عن ابراهيم الكرخيّ قال: دخلت
على أبي عبد الله الصادق عليه السّلام وإنّي لَجالسٌ عنده إذ دخل أبو الحسن موسى
بن جعفر عليه السّلام وهو غلام، فقمت إليه فقبّلته وجلست، فقال أبو عبد الله عليه
السّلام: «يا إبراهيم! أَمَا إنّه صاحبُك من بعدي... يُخرج الله من صُلبه تمامَ
اثني عشر مهديّاً، اختصّهم اللهُ بكرامته وأحلّهم دارَ قُدسه، المُقرّ بالثاني عشر
منهم كالشاهر سيفَه بين يدَي رسول اللّه صلّى الله عليه وآله وسلّم، يَذُبّ عنه».
قال: فدخل رجلٌ من موالي بني أميّة، فانقطع
الكلام، فعدتُ إلى أبي عبد الله عليه السّلام إحدى عشر مرة أريد أن يستتمّ الكلام
فما قدرتُ على ذلك، فلمّا كان قابلَ السنة الثانية دخلتُ عليه وهو جالس، فقال:
«يا إبراهيم! المفرّجُ لكَرب شيعتِه بعد ضَنْكٍ
[ضيق] شَديد،
وبلاءٍ طويل، وجَزَعٍ وخوف، فطُوبى لَمن أدركَ ذلك الزمان، حَسْبُكَ يَا إبراهيم»،
فما رجعتُ بشيءٍ أسرَّ من هذا
لقلبي ولا أقرَّ لعيني.
من مواعظ الإمام صاحب الزمان صلوات الله عليه
روى الشيخ الجليل
أحمد بن أبي طالب الطبرسيّ رحمه الله في
كتاب (الاحتجاج) عن الإمام المهديّ صلوات الله عليه، قال:
* «في كتابٍ كتبَه
[الإمام المهديّ عجّل
الله تعالى فرجه الشريف] إلى
الشيخ المفيد طاب ثراه، قال في جملة كلامه عليه السلام، له:
ونحنُ
نَعهدُ إليك أيّها الوليّ المجاهدُ فينا الظالمين، أيّدكَ اللهُ بنصره الذي أيّدَ
به السّلَفَ من أوليائنا الصالحين، إنّه من اتّقى ربَّه من إخوانك في الدّين، وخرج
(أخرجَ) بما عليه إلى مستحقّيه، كان آمناً من الفتنة المُضِلّة ومِحنة المظلمة، ومَن
بَخِلَ منهم بما أعاره الله من نعمته على مَن أمره بِصِلَتِه، فإنّه يكون خاسراً
بذلك لأُولاه وآخرته.
ولو
أنّ أشياعنا - وفّقهم الله لطاعته - على اجتماعٍ من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم،
لَما تأخّر عنهم اليُمن بلقائنا، ولَتَعجّلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حقّ
المعرفة وصِدقها منهم بنا، فما يحبسُنا عنهم إلّا ما يتّصل بنا ممّا نكرهه ولا نُؤثِره
منهم، واللهُ المستعانُ وهو حَسبُنا ونِعْمَ الوكيل، وصلاتُه على سيّدنا البشير
النذير محمّدٍ وآله الطيّبين الطاهرين وسلّم».
* وقال عليه
السلام في كتابٍ آخر له إليه في جملة كلامٍ له: «.. فَلْيَعملْ كلُّ امرئٍ منكم
بما يقربُ به من محبّتنا، وَلْيَجتنب ما يُدنيه من كراهتنا وسَخَطِنا، فإنّ أمرَنا
يأتي بغتةً فجأة، حين لا تنفعُه توبةٌ ولا يُنجيه من عقابنا نَدَمٌ على حُوبَة،
والله يُلهمكُم الرّشدَ، ويُلطف لكم في التوفيق برحمتِه».
(الفيض الكاشاني،
الوافي: 26/286)