أدبُ
الحديث مع الله..
أعزائي، شهرُ
شعبان... (هو) عیدُ التقرّب
والتوجّه إلی الله، والتوسّل القلبي بساحة الربوبیة؛ (إنه) فرصة مُغتنَمة لتنویر قلب الانسان والتهیّؤ للدخول في
ضیافة شهر رمضان المبارك.
***
إنه شهر شعبان.. شهرُ هطول الرحمة الإلهية. إذا ما تأمّل
الإنسان فقراتِ "المناجاة
الشعبانية" وأدعية شهر
شعبان ...سوف يستشعر أنّ هذا الشهر يمثّل ظرفاً
زمانياً قيّماً جداً للنهل من رحمة الله. ..وإنّ من أبرز
خصائصه، الولادة السعيدة لقطب عالم الإمكان، بقية الله الأعظم أرواحنا فداه.
***
شهر شعبان وشهر رمضان من الفُرص الكبرى. إنّ الأدعية الواردة في هذه الأشهر
تفتح الطريق أمامنا. ... هذه
الأدعية تعلّمنا - بأبلغ بيان
وأسلوب - ماذا نطلب من
الله تعالى وكيف نتحدّث إليه.
إن هذه المناجاة الشعبانية الشريفة
والفقرات المودَعة فيها، من البداية إلى النهاية، تمثّلُ كلُّ واحدةٍ منها بحراً
من المعرفة؛ بالإضافة إلى أنها تعلّمنا كيفية التحدّث إلى الله تعالى والطلب منه: "إِلهي هَبْ لي قَلبًا يُدنيهِ
مِنك شَوقُهُ، وَلِسانًا يُرفَعُ إِلَيك صِدقُهُ، وَنَظَرًا يقَرِّبُهُ مِنك
حَقُّه".
لاحظوا هذه النقاط الأساسية الثلاث التي جُمعت في فقرة قصيرة من الدعاء... إن تلوّثنا بالماديّات والذنوب
وبحالات الحرص والطمع المتعدّدة، تُميتُ هذا الشوق في القلب؛ في المقابل فإنّ أُنسَنا
بالقرآن والدعاء والنوافل وتأدية الفرائض بشكل صحيح، يثير هذا الشوق ويُشعِله في
القلب، "يُدنيهِ مِنك شَوقُهُ"، عندها يقوم هذا الشوق بتقريب القلب إلى الله.
"وَلِسانًا يرفَعُ إِلَيك صِدقُهُ": اللّسان
الصادق والكلام بصدق ومصداقية يصعد إلى الله؛ ﴿..إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ
يَرْفَعُهُ..﴾. فالكلام السليم والصحيح والقول الصادق
والحديث الودّيّ الذي لا تشوبه شوائب المادّة والأنانية وعبادة الهوى، يصعد إلى
الله. (فاطر:10)
"وَنَظَرًا يُقَرِّبُهُ مِنك
حَقُّه": النظرة الحقّة والحقيقية والواقعية
للمسائل، لا النظرة الانحيازية والشهوانية والنفعية. فلننظر إلى القضايا من منظار الحقّ ومناصرة الحقّ وأتباعه. عندها سيقترب القلب من الله تبارك
وتعالى.
تأمّلوا كيف تعلّمنا هذه المناجاة
أسلوب الحديث مع الله والطلب منه.