أوّل الأشهر الحُرُم،
وثاني أشهُر الحجّ
أعمال ومراقبات ذي القعدة
_____ إعداد:
«شعائر» _____
حول حرمة شهر ذي القعدة، قال الشيخ الملكي
التبريزي في (المراقبات): «هذا أوّل أشهر
الحُرُم التي حُرّم فيها القتال مع الكفّار، والعاقل يتنبّه من ذلك إلى حُكم محاربة
الله جلَّ جلاله ومخالفته. فاجتهدي يا نفس في
حفظ قلبك وبدنك في هذه الأشهر -زيادة على ما يجب في
سائر الشهور- من مخالفة الله جلّ جلاله في شيءٍ من أحكامه، بل في الرّضا
بقضائه في ما يقتضيه لكِ من البلايا والمصائب، فإنّه شهرٌ حرام
تزيد حرمتُه على سائر الشهور بما منَع اللهُ تعالى فيه من محاربة الكفّار، فليكُن
حفظك لحُرمته من قبيل ترك المخالفة وبسط الرضا معه جلّ جلاله، فإنّه ربٌّ شكورٌ يشكر
رضاك برضاه عنك، فإن علمتِ [يا نفس] شرفَ رضاه،
رضيتِ في تحصيله أن تُقطّع أعضاؤك إرباً إرباً ولا يفوتكِ هذا الشرف».
عمل التوبة في
يوم الأحد من الشهر
«عن أنَس بن مالك، قال: خرج رسول الله، صلّى الله عليه وآله، يوم الأحد في شهر ذي القِعدة فقال: يا أيُّها النّاسُ، مَنْ كانَ
مِنْكُمْ يُريدُ التَّوْبَةَ؟
قلنا: كلّنا نريد التّوبة يا رسول
الله.
فقال صلّى الله
عليه وآله: اغْتَسِلوا وَتَوَضَّأوا وَصَلُّوا أَرْبَعَ رَكَعاتٍ [كلّ ركعتين
بتشهُّد وتسليم] وَاقْرَأُوا في كُلِّ رَكْعَةٍ (فاتِحَةَ الكِتابِ) مَرَّةً، وَ(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ثَلاثَ مَرّاتٍ، وَ(المُعَوَّذَتَيْنِ) مَرَّةً، ثُمَّ اسْتَغْفِروا
سَبْعينَ مَرَّةً، ثُمَّ اخْتُموا بِـ (لا حَوْلَ
وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ)، ثُمَّ قولوا: (يا عَزِيزُ يا
غَفَّارُ، اغْفِرْ لِي ذُنوبِي وَذُنُوبَ جَمِيعِ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ،
فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ).
ثمّ قال صلّى الله عليه وآله: ما مِنْ عَبْدٍ مِنْ أُمَّتي
فَعَلَها إِلّا نُودِيَ مِنَ السَّماءِ:
يا عَبْدَ اللهِ اسْتَأْنِفِ
العَمَلَ، فَإِنَّكَ مَقْبولُ التَّوْبَةِ مَغْفورُ الذَّنْبِ.
وَيُنادي مَلَكٌ
مِنْ تَحْتِ العَرْشِ: أَيُّها العَبْدُ، بورِكَ عَلَيْكَ وَعَلى أَهْلِكَ وَذُرِّيَّتِكَ.
وَيُنادي مُنادٍ
آخَرُ: أَيُّها العَبْدُ، تَرْضى خُصَماؤُكَ يَوْمَ القِيامَةِ.
وَيُنادي مَلَكٌ
آخَرُ: أَيُّها العَبْدُ، تَموتُ عَلى الإيمانِ، وَلا يُسْلَبُ مِنْكَ الدِّينُ،
وَيُفْسَحُ في قَبْرِكَ وَيُنَوَّرُ فيهِ.
وَيُنادي مُنادٍ
آخَرُ: أَيُّها العَبْدُ، يَرْضى أَبَواكَ وَإنْ كانا ساخِطَيْنِ، وَغُفِرَ
لِأَبَوَيْكَ ذلك (ولكَ) وَلِذُرِّيَّتِكَ، وَأَنْتَ في سَعَةٍ مِنَ الرِّزْقِ في الدُّنْيا
وَالآخِرَةِ.
وَيُنادي
جَبْرَئيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ: أَنا الّذي آتيكَ مَعَ مَلَكِ المَوْتِ عَلَيْهِ السَّلامُ، أن يَرْفَقَ
بِكَ وَلا يَخْدِشَكَ أَثَرُ المَوْتِ، إِنَّما تُخْرجُ الرُّوحُ مِنْ جَسَدَكِ
سَلّاً.
قلنا: يا رسول الله، لو أنَّ عبداً
يقول في غير الشّهر؟ فقال عليه السلام: مِثْلَ ما وَصَفْتُ، وَإِنَّما عَلَّمَني جَبْرَئيلُ، عَلَيْهِ السَّلامُ،
هَذِهِ الكَلِماتِ أَيّامَ أُسْرِيَ بي».
اليوم الحادي عشر: ولادة الإمام الرّضا عليه السلام
* في اليوم الحادي
عشر من ذي القعدة سنة 148 للهجرة كانت ولادة الإمام أبي الحسن، عليّ بن موسى الرّضا عليه السّلام، في
المدينة المُنوّرة.
* الصلاة على الإمام
عليّ بن موسى عليه السلام المروية عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام:
«اللّهُمَّ صَلِّ عَلى عَلِيِّ بْنِ مُوسى الَّذِي ارْتَضَيْتَهُ
وَرَضَّيْتَ بِهِ مَنْ شِئْتَ مِنْ خَلْقِكَ، اللّهُمَّ وَكَما جَعَلْتَهُ حُجَّةً
عَلى خَلْقِكَ وَقائِما بِأَمْرِكَ وَناصِراً لِدِينِكَ وَشاهِداً عَلى عِبادِكَ،
وَكَما نَصَحَ لَهُمْ فِي السِّرِّ وَالعَلانِيَةِ وَدَعا إِلى سَبِيلِكَ
بِالحِكمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ، فَصَلِّ عَلَيْهِ أَفْضَلَ ماصَلَّيْتَ
عَلى أَحَدٍ مِنْ أَوْلِيائِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ إِنَّكَ جَوادٌ كَرِيمٌ».
(الشيخ الطوسي، مصباح المتهجّد: ص 404)
ليلة النصف: ليلةٌ مبارَكة
هي من الليالي التي اختصّت باستجابة الدعاء،
حيث يلفت السيد ابن طاوس قدّس سرّه في (الإقبال) إلى سبب ذلك،
فيقول: «العمل في هذه اللّيلة من جهة قلّة العامل به
لعدم اشتهاره، له خصوصيّةٌ ليست في غيره من أعمال اللّيالي المشهورة، وهذه من المهمّات
عند المراقبين، لأنّ الذكر عند غفلة العامّة عن مهامّ المراقبات أسرعُ للإجابة،
وأقربُ للقبول، وأزيدُ في الأجر، وأعظمُ عند الله تعالى..».
وروى قدّس سرّه: «عن النّبي صلّى
الله عليه وآله أنّ (في ذي القعدة
ليلة مباركة، وهي ليلة خمس عشرة، ينظرُ اللهُ إلى عبادِه المؤمنين فيها بالرّحمة،
أجرُ العامل فيها بطاعةِ الله أجرُ مائة سائحٍ لم يَعْصِ اللهَ طرفةَ عَيْن)، فإذا كان
نصفُ اللّيل فَخُذ في العمل بطاعة الله والصّلاة وطلبِ الحوائج، فقد رُوي أنّه لا
يبقى أحدٌ سألَ الله فيها حاجةً إلّا أعطاه..».
اليوم الثّالث
والعشرون: شهادة الإمام الرّضا
عليه السلام
* في مثل هذا اليوم من سنة 203 للهجرة استُشهد الإمام
الرّضا عليه السلام، ومن المسنون فيه
زيارته عليه
السلام من قُرب ومن
بُعد.
* قال الإمام عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام مخاطباً
المأمون: «والله، لقد
حدّثني أبي عن آبائِه عن أمير المؤمنين عن رَسولِ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم،
أنّي أخرُجُ مِن الدُّنيا قَبلَكَ مَقتولاً بِالسُّمِّ مظلوماً، تَبكي عليَّ
ملائكةُ السّماءِ وملائكةُ الأرضِ، وأُدفَنُ في أرضِ غُربةٍ...
فبكى المأمون ثمّ قال له: يا ابنَ رسولِ الله،
ومَنِ الّذي يَقتُلُكَ أو يَقدرُ على الإساءةِ إليكَ وأنا حيٌّ؟
قال الرضا عليه السلام: أما إنّي لو أشاءُ أنْ
أَقولَ مَنِ الّذي يَقتلُنِي لَقلتُ».
(الشيخ الصدوق، علل
الشرائع: 1/238)
اليوم الخامس والعشرون: يوم دَحْو الأرض
ليلته مباركة
كيومه، فعن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه: «إِنَّ أَوَّلَ رَحْمَةٍ نَزَلَتْ مِنَ السَّماءِ إِلى الأَرْضِ في خَمْسٍ
وَعِشْرينَ مِنْ ذي القَعْدَةِ، فَمَنْ صامَ ذَلِكَ اليَوْمَ وَقامَ تِلْكَ
اللَّيْلَةَ فَلَهُ عِبادَةُ مائَةِ سَنَةٍ، صامَ نَهارَها وَقامَ لَيْلَها،
وَأَيُّما جَماعَةٍ اجْتَمَعَتْ ذَلِكَ اليَوْمَ في ذِكْرِ رَبِّهِمْ عَزَّ
وَجَلَّ لَمْ يَتَفَرَّقوا حَتّى يُعْطَوْا سُؤْلَهُمْ؛ وَيَنْزِلُ في ذَلِكَ
اليَوْمِ أَلْفُ أَلْفِ رَحْمَةٍ يَضَعُ مِنْها تِسْعَةً وَتِسْعينَ في حِلَقِ
الذّاكِرينَ وَالصّائِمينَ في ذَلِكَ اليَوْمِ، وَالقائِمينَ في تِلْكَ
اللَّيْلَةِ».
اليوم الأخير: شهادة الإمام
الجواد عليه السلام
في هذا اليوم من سنة مائتين وعشرين على
المشهور استُشهد أبو جعفر الثاني، الإمام محمّد بن عليّ التقيّ الجواد عليهما
السلام في بغداد، وقد سمّه المعتصم بالله العباسي، وكانت شهادته
بعد سنتين ونصف السنة من هلاك المأمون، وكان الإمام عليه السلام قد أخبر بذلك
مسبقاً حيث قال: «الفرج بعد المأمون بثلاثين شهراً».
وعن الإمام الرضا عليه السّلام في صفة شهادة
الإمام الجواد عليه السلام: «.. يُقتل غصباً فيبكي له وعليه أهلُ السّماء، ويَغضب الله تعالى على عدوِّه وظالِمِه..».
وقد استُشهد الإمام الجواد عليه السلام وله
من العمر خمس وعشرون سنة وبضعة أشهر، ويقع قبره الشريف في مقابر قريش، خلف قبر جدّه
باب الحوائج الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام في الكاظميّة ضاحية بغداد.
أعمال يوم دَحْو الأرض
v
الغُسل.
v الصّوم.
v رَكعتان عند الضُّحى [بعد طلوع
الشّمس، وقبل صلاة الظّهر] بـ (الحمد) مرّة، وسورة (الشّمس) خمس مرّات،
ويقول بعد التّسليم: (لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ
العَلِيِّ العَظِيمِ).
ثمّ يدعو وَيقول: (يا مُقِيلَ
العَثَراتِ أَقِلْنِي عَثْرَتِي، يا مُجِيبَ الدَّعَواتِ أَجِبْ دَعْوَتِي، يا
سامِعَ الأصْواتِ اِسْمَعْ صَوْتِي وَارْحَمْنِي وَتَجاوَزْ عَنْ سَيِّئاتِي وَما
عِنْدِي، يا ذا الجَلالِ وَالإكْرام).
v ويُستَحبّ أن يدعو في هذا اليوم
بهذا الدُّعاء: «اللَّهُمَّ
داحِيَ الكَعْبَةِ وَفالِقَ الحَبَّةِ...».
v
زيارة الإمام
الرّضا عليه السلام، وقد ورد أنّ زيارته في هذا اليوم من آكَد المستحبّات.
[مفاتيح الجنان: أعمال شهر ذي
القعدة]