العدوان الثقافي على مقامات المعصومين
عليهم السلام
مقامات الإمام المهديّ عليه السلام
_____
الشيخ حسين
كَوْراني _____
«إنّ الحاجة ماسّة جدّاً في عصر طغيان
تلاقح «الغزو الثقافي»، مع «التزييف الوهابيّ»، إلى تأصيل معرفة مقامات الإمام المهديّ عليه
السلام، وفق منهج الاستنباط الذي اعتمده حصون الإسلام عبر القرون، والذي هو أعظم
منهج علميّ في مقاربة الحقائق.
وعليه، يتوزّع
البحث على المحاور التالية:
الأوّل: العدوان الثقافيّ على مقامات المعصومين عليهم
السلام، وعلى مقامات الإمام المهديّ عليه السلام بالخصوص.
الثاني: كيف تحدّث السيّد الخمينيّ قدّس سرّه عن مقامات
المعصومين جميعاً، ومنهم الإمام المهديّ عليه السلام.
الثالث: كيف تحدّث السيد الخمينيّ عن مقامات الإمام
المهديّ عليه السلام بالخصوص».
كان
ذلك بعض المدخل لدراسة قدّمها سماحة العلّامة الشيخ حسين كوراني إلى «مهرجان السفير الثقافي الثامن» الذي انعقد في مدينة الكوفة بتاريخ 5 شوّال 1439 (20 حزيران 2018)، وحملت عنوان: (مقامات الإمام المهديّ عليه
السلام في
فكر نائبه السيد الخمينيّ قدّس سرّه).
نتناول
في هذه المقالة ما جاء في المحور الأوّل من الدراسة مختصراً.
«شعائر»
تتوقّف سلامة معرفة مقامات الإمام المهديّ
عليه السلام، على معرفة الأضرار الخطيرة التي ألحقها العدوان الثقافي الماديّ
قديماً وحديثاً على مقامات المعصومين عليهم السلام.
وسأكتفي هنا ببيان الخطوط العامّة
لأضرار هذا العدوان الثقافي على معرفة المعصومين عليهم السلام، مع التركيز على
الأضرار التي لحقت – بالخصوص - بمعرفة الإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه
الشريف.
* الخطوط
العامّة لأضرار هذا العدوان الثقافي على معرفة المعصومين عليهم السلام:
1- إنكار الغيب، وإنكار الرسالة – بالتالي - لعدم الاعتقاد بالمرسِل. وهو ما واجه به الأنبياءَ منكرو نبوّاتهم.
2- إضعاف قدسيّة الرسول صلّى الله عليه
وآله، والتعامل معه باعتباره بشراً كسائر الناس يخطىء ويصيب، وبالتالي فليست نصوصه – خصوصاً - في مقامات أهل البيت عليهم السلام عموماً،
وإمامة الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام، إلّا وجهة نظر شخصية. وهو النهج الذي عُرف بالنهج الأمويّ، وإن كان
قد بدأ مع تأسيس «أساس الظلم والجور»، وهو «نهج قريش في الانقلاب على الأعقاب»، كما يدلّ على ذلك قول أمير المؤمنين عليه
السلام: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَعْدِيكَ عَلَى
قُرَيْشٍ ومَنْ أَعَانَهُمْ، فَإِنَّهُمْ قَطَعُوا رَحِمِي وصَغَّرُوا عَظِيمَ
مَنْزِلَتِيَ، وأَجْمَعُوا عَلَى مُنَازَعَتِي أَمْراً هُوَ لِي..».
والذي أدّى إلى اعتماد هذا النهج هو
التغطية على الحرص على الملك والحكم باسم الإسلام، فلا يتحقّق ذلك إلّا بإنكار
المقامات الغيبية للنبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله، كمدخل إلى إنكار مقامات أهل
بيته عليهم السلام.
3- استمرّ هذا النهج القرشيّ- الأمويّ، مع الإمبراطوريّة العباسية، لنفس
الحاجة السياسية في حبّ التسلّط والحكم باسم الإسلام.
4- تواصل إمساك هذا النهج بمفاصل الثقافة
الإسلامية التي يروّج لها البلاط، إلى عصر ابن تيمية (661 - 728 هجرية)، الذي نفث الشيطان عبره أمواجاً من الأضاليل
المادّية الإلحاديّة باسم الدفاع عن التوحيد! ورغم أنّ كبار العلماء المسلمين من الشيعة
والسنة يعتقدون بأن ابن تيمية كان يعتقد بالتجسيم، فقد تعاظم مع «ابن تيميّة» العدوان الثقافي على مقامات النبيّ الأكرم
وآله صلوات الله عليهم أجمعين.
5- تمكّن هذا النهج على يد محمّد بن عبد
الوهّاب (1115 - 1206هجرية)، من
التحوّل
تدريجياً إلى ما وصل إليه قبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران، من اعتباره - زوراً وبهتاناً - في غالب البلاد، التعبير الشرعي الوحيد عن
الثقافة الإسلامية، بما يشمل العقيدة والشريعة والمفاهيم.
6- تزامن تقديم الوهابية للأمّة بزعم أنّها
الثقافة الأصيلة، مع بدايات الغزو الثقافي الغربي للعالم الإسلامي، وتكفي مذكرات
الضابط الإنجليزي «جون فيلبي» - أو الحاج عبد الله كما سمّاه عبد العزيز بن
سعود - لإثبات الدور الإنجليزي في نشر الفكر
الوهابيّ وتثبيت سلطة آل سعود على أساسه.
7- نتج عن تلاقح الغزو الثقافي الغربي،
والفكر الوهابي منذ عام 1744
ميلادية إلى
عامنا هذا 2018، أي طيلة حوالي ثلاثة قرون إلّا ربع
القرن، تعاظم مخاطر الأضرار الثقافية، التي مرّت الإشارة إليها، ويأتي بيانها
بإيجاز.
*
أبرز المخاطر الثقافية الناشئة من هذا
العدوان الثقافي على مقامات المعصومين عليهم السلام:
إلى ما قبل تأسيس الوهابية، أدّى انتشار النهج المادّي
في فهم مقام المعصوم، إلى خطرين مركزيّين:
الأوّل: تغييب الحديث الشريف عن عوالم قبل الخلق،
والنشأة الأولى، وإخراجها من التداول، لعدم الاعتقاد بها أو لضعف هذا الاعتقاد إلى
حدّ يتعذّر معه الإيمان بمضامينها، ولو كانت صحيحة السند.
الثاني: دراسة سيرة النبيّ الأعظم صلّى الله عليه
وآله، والمعصومين الثلاثة عشر من أهل بيته عليهم السلام، كما تُدرّس سيرة أيّ شخص
من غير المعصومين عليهم السلام،
أي يبدأ الحديث
عن مناخ الولادة والمنبت، ثمّ الولادة فالنشأة، ثمّ سائر مراحل حياته، وقد وفّر
ذلك تسهيل الكذب على النبيّ وسائر المعصومين عليهم الصلاة والسلام، وتسهيل تشويه
صورتهم في أذهان الأجيال.
ومن أوضح أدلّة التباين بين المنهج
السليم في معرفة النبيّ صلّى الله عليه وآله، وبين المنهج السائد في معرفته ومعرفة
أهل بيته صلّى الله عليهم أجمعين، تباين هذا المنهج السائد مع منهج القرآن الكريم
في التعريف بسيّد النبيين والشاهد على الأنبياء عليهم جميعاً الصلاة والسلام.
كما أدّى انتشار هذا النهج المادّي في
أرجاء العالم الإسلاميّ، عبر الوهابيّة ومشغّليها الإنجليز، ثمّ الأميركيين
والصهيونية عموماً، وتغلغله في المناهج الدراسية، إلى تعميق هذه المخاطر الثقافية
المتقدّمة، وقد أضيفَ إليها بسبب طول المدة وتمازج الخطرين الوهابيّ والغربيّ،
وحصول ذلك في مرحلة حرجة من مراحل ضعف الأمة وانكسار شوكتها، مخاطر عديدة، أهمها:
1- انتشار الوهابية في بلاد المسلمين إلى
حدّ عدم التفريق بيسر - في أوساط النخب الثقافية - بين السنّي والوهابيّ.
2- ظهور «الوهابيّة المقنّعة» في بعض الأوساط الشيعيّة في أكثر من بلد، ومن
علامات هؤلاء الوهابيّين المقنّعين -
وإن كانوا لا
يدرون - الموقف من التوسّل، وطلب الشفاعة من
المعصوم، والفهم المختلّ لبشريّة الرسول صلّى الله عليه وآله، الذي يدعو إلى تجريد
سيرة النبيّ صلّى الله عليه وآله، من الغيبيّات وغموضها، ويهمل أنّ ﴿يُوحى إِلَيَّ﴾
قيدٌ في معنى ﴿بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾، ولا يكتمل المعنى قبل اكتمال البيان.
3- ظهور «أدعياء الحداثة، والعلمانية»، المنبهرين بالغرب وثقافة الآلة، والذين يقول
فيهم نائب الإمام السيد الخميني في إجازته لأحد تلامذته: «وإيّاك ثمّ إيّاك أيّها الأخ الروحاني والصديق
العقلانيّ وهذه الأشباح المنكوسة المدّعين للتمدّن والتجدّد، وهم الحُمُر
المُستَنْفَرة والسّباع المفترسة والشياطين في صورة الإنسان، وهم أضلّ من الحيوان،
وأرذل من الشيطان، وبينهم
- ولَعَمْر
الحقيقة - والتمدّن بَون بعيد، إن استشرقوا
استغرب التمدّن، وإن استغربوا استشرق، فِرّ منهم فرارك من الأسد، فإنّهم أضرّ على
الإنسان من الآكلة للأبدان».
*
ضراوة العدوان الثقافي على مقامات الإمام المهديّ
عليه السلام بالخصوص:
وتتضافر عوامل عديدة في ضراوة العدوان
الثقافي على معرفة الأمّة بالإمام المهديّ عليه السلام، فإذا به يفوق العدوان على
معرفة سائر المعصومين عليهم السلام، ويرجع السبب في ذلك إلى ثلاث خصائص:
1- طول عمره عليه السلام.
2- أنّه إمام الزمان الذي يُتوقّع ظهوره، فهو يشكّل خطراً على الحكّام الفراعنة.
3- استفزّ الوهابيّين إجماعُ علماء
المسلمين على ظهوره - لوفرة النصوص النبويّة حوله، والتلاقي
الكبير على علامات ظهوره
- فانبرى الوهابيّون
للتشكيك في أصل وجوده عليه السلام، ولئن كانوا قد عجزوا عن تمرير مغالطة عدم وجوده
عليه السلام، فإنّهم استطاعوا أن ينشروا مغالطة أنّ كلّ السنّة يعتقدون بأنّه
سيولد، وليس هذا صحيحاً، فقد أمكن إحصاء ما يزيد على مائة من العلماء السُنّة الذين يصرّحون
بولادته عليه السلام.
*
مظاهر العدوان الثقافي على مقامات المهديّ
عليه السلام:
بالتأمّل في أنواع الجهل بالإمام المهديّ
عليه السلام، نجد أنّها كما يلي:
1- إنكار وجوده عليه السلام، ورفض فكرة
المهدويّة من الأصل، وهو منحى الماديّين من الوهابيّين والغربيّين والمتأثّرين بهم.
2- إنكار ولادته عليه السلام، والقول بأنه
سيولد، كما مرّت الإشارة إلى ذلك.
3- التقصير في معرفته عليه السلام، مع الاعتقاد
بأنّه إمام الزمان.
وحيث إنّ البحث في المقامات - رغم عمومه - موجّهٌ بالدرجة الأولى إلى النوع الثالث من
المقصّرين في معرفته عليه السلام، فسأقتصر في الحديث عنه بالخصوص.
والمراد بالتقصير في حقّ الإمام المهديّ
عليه السلام -كغيره من أهل البيت عليهم السلام - هو إنزاله عن المرتبة التي رتّبه الله تعالى
فيها.
ويقابل التقصير الغلوّ الذي هو أحد
أمرين، أو هما معاً: 1- التأليه. 2- تفضيله، أو أحدٍ من المعصومين الثلاثة عشر، على
النبي صلّى الله عليه وآله.
*
أنواع التقصير في معرفته عليه السلام:
ما أردتُه هنا من هذه الإشارة، توضيح
أنّ التقصير في معرفة مقامات الإمام المهديّ عليه السلام يقع في أنواع نقص المعرفة به التي تتعامل معه
عليه السلام في أحسن حالاتها وفق الخطوط العامّة التالية:
1- أنّ أعلى مقاماته عليه السلام أنّه آخر
أوصياء رسول الله صلّى الله عليه وآله.
2- أنّه الغائب، بمعنى أنّه لا يقوم بأيّ مهمة، ولا يمكن التشرّف بلقائه، وسيأتي اليوم الذي يظهر
فيه فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً.
3- أو أنّه الغائب الذي يمكن التشرّف
بلقائه، وهو يتابع أمور الموالين، ويتدخل لقضاء حوائجهم، وبطرق مختلفة إلى حدّ أنّه
إذا ضلّ شخص في الصحراء أو في أيّ مكان، ونادى «يا فارس الحجاز، أدركني، أدركني..» فإنّ الإمام عليه السلام يتدخّل لإنقاذه.
ويسجَّل على أنواع التقصير هذه، ملاحظتان:
الأولى: أنّها تجمع بين الصحيح والسقيم.
الثانية: أنّها تعجز عن إدراك أبعاد الصحيح من مقاماته
عليه السلام، فتعطي لهذا المقام أو ذاك
التفسير الذي لا
يتناسب مع عظمة مقاماته عليه السلام.
توضيح ذلك:
* حول الخطّ العامّ الأول:
صحيحٌ أنّ الإمام المهديّ عليه السلام،
هو آخر أوصياء النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله، إلّا أنّه صاحب هذا المقام
لخصائص ومقاماتٍ في شخصيّته الإلهيّة، استحقّ بها أن يكون آخر الأوصياء، فلا يصحّ
اختصار مقاماته جميعاً في هذا المقام اليقينيّ والعظيم.
يضاف إلى ذلك أنّ مقام «آخر الأوصياء» لا
ينفصل عن مقام «ختم الولاية»، فهو عليه السلام «خاتم الأولياء». وهو مقامٌ عظيمٌ يتّصل الحديث عنه بما أجمع
عليه علماء الإسلام من نزول النبيّ عيسى، على نبينا وآله وعليه السلام، وهو نبيٌّ
من أنبياء أُولي العزم ليكون تحت راية الإمام المهديّ، ويأتمّ به ويصلّي خلفه عليه
السلام.
* وحول الخطّ العام الثاني من خطوط
التقصير في معرفته عليه السلام:
صحيحٌ أنه عليه السلام، غائبٌ عن
الأنظار، ولكن هذا الغياب كما روي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، كغياب «الشمس وإنْ جلّلها عن الأنظار السحاب».
أورد المجلسيّ في البحار، عن جابر
الأنصاري أنّه سأل النبيَّ صلّى الله عليه وآله: هل ينتفع الشيعة بالقائم عليه السلام في
غيبته؟
فقال صلّى الله عليه وآله: «إي والذي بعثني بالنبوّة إنّهم
لينتفعون به، ويستضيئون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإنْ جلّلها
السحاب». والروايات بهذا المضمون كثيرة.
من الواضح أنّ من دلالات تشبيه الانتفاع
به عليه السلام في الغيبة بالإنتفاع بالشمس أنّ الغيبة لا تعني تعطيل الدور والمهمة.
كما أنّ من الأوضح أنّ مبدأ «لا تخلو الأرض من حجّة»، وهو إجماعيٌّ بين علماء المسلمين، يعني أنّ
وجود الحجّة هو - بإذن الله تعالى - قوام النظام الكونيّ، بمعنى أنّ الله تعالى جعل
استمرار هذا النظام متوقّفاً على وجوده الشريف، وهو معنى قوله عليه السلام: «وإنّي لَأمانُ أهل الأرض كما أنّ
النجوم أمان أهل السّماء».
ولا ينقضي العجب من فهم معنى الغَيبة،
بمعنى انعدام التأثير، وعلى أساس هذا الفهم يجري تغييب هذا المقام العظيم من
مقامات الإمام المهديّ عليه السلام، رغم الإجماع عليه – نظرياً - بين علماء المسلمين، إلى حدّ أن مثل «ابن حَجر» وفي «صواعقه» يعتبره من المسلّمات!!
* وحول الخط الثالث من الخطوط العامّة
للتقصير في معرفته، والجهل بمقاماته عليه السلام تمسّ الحاجة إلى توضيحين:
الأولى: حول التشرّف بلقائه عليه السلام.
والثانية: حول تدخّله عليه السلام لحلّ مشاكل الموالين،
بدءاً بمنع إجماع العلماء على باطل، والتدخّل في المنعطفات العامة الخطيرة،
ووصولاً إلى الحوائج الفرديّة من قبيل ضياع شخص في الصحراء، أو دون ذلك في الأهمّية.
* حول التشرف بلقائه عليه السلام:
يُثبت البحث الموضوعي إمكانيّة التشرّف
بلقائه عليه السلام، ووقوعه، وقد أوردتُ في كتاب «رؤية المهديّ المنتظر» أنّ الشيخ الطوسي، والسيّد المرتضى يقولان
بالإمكان، وأنّ في كلّ قرن من كبار علمائنا من قال بالوقوع، وذكرتُ نماذج من
كلماتهم، كما ذكرتُ وجه الجمع بين ذلك وبين توقيع «السّمّري».
إلّا أنّ الذي ينبغي توضيحه هو أنّ
أكثر قصص اللقاء لا دليل فيها على أنّ الذي حصل اللقاء به
هو الإمام المهديّ عليه السلام، وقد نتج عن الجزم بلا دليل بأنّ التشرف بلقاء الإمام عليه السلام قد حصل، تراكُم تصوّراتٍ عن الإمام لا
يصحّ نسبتها
إليه عليه السلام، بالإضافة إلى أنّ هذه القصص الكثيرة غير المؤكّد حصول التشرّف
فيها، قد فتحت الأبواب على نطاق واسع أمام رؤىً ومناماتٍ يجزم الحالمون بأنّهم تشرّفوا
بلقاء الإمام في الرؤيا، مع أنّه لا
دليل على ذلك
بإطلاقه.
ومن الجدير بالذكر ثبوت وجود قصص التشرّف
باللقاء، حيث يتوفّر فيها الدليل على أن التشرّف قد حصل فعلاً بلقائه عليه السلام، وهذا
ما توصلتُ إليه نتيجة تتبّع ما توفّر من أسناد قصص اللقاء ومتونها، سواء ما أورده المحدث النوري في (جنّة المأوى) أو غيرها.
* وحول تدخّله عليه السلام لحلّ مشاكل
الموالين، ينبغي التنبّه لأمرين:
الأوّل: إنّ مقتضى كونه عليه السلام «آخر الأوصياء» و«إمام الزمان» و«صاحب الأمر»، أنّ الله تعالى أقدره على الإحاطة بشؤون
العباد، والإشراف على الملائكة «المدبّرات أمراً»، وإدارة الأمور وفق التقدير الإلهيّ.
الثاني: أنّ الجزم في كلّ مورد قُضيتْ فيه حاجة محتاج
بطريق غير اعتياديَ مهما كانت غرابته، هو شخص الإمام المهديّ عليه السلام ليس
جزماً علميّاً، بل هو شبيه بما تقدّم حول «قصص اللقاء»، ويحصل منه بالتراكم من السلبيات ما لا يخفى.