مخاطر الغرق في حب الذات
عن الإمام أبي محمّد، الحسن السِّبط، صلوات الله عليه، أنه قال: «..لا ينبغي لمَن عرف عظَمة الله أن يتعاظَم..».
وعن أبي جعفر الباقر، عليه السلام: «الكِبْرُ رداءُ الله، والمتكبِّر ينازعُ اللهَ رداءَه».
***
كان يوسف بن عمر الثقفيّ حاكماً على العراق في عهد (الملِك الأمويّ) هشام بن عبد الملك. وكان يوسف هذا شديد الظلم والجَور، فهو الذي قتل الشهيد زيدَ بن عليّ بن الحسين عليهما السلام.
كان هذا الحاكم الجائر قصيرَ القامة، كثير التكبّر والغضب، وعُرف عنه أنّه يقتل كلّ مَن ينعتُه بـ«قصير القامة» أو «نحيف الجسد».
وممّا يُروى، أنّ خيّاطي ملابسه كانوا يُحضرون كميات كبيرة من القماش (لخياطة أثوابه)، وعندما يسألهم عن كفاية حجم القماش، يضطرون للتّظاهر بأنّه بالكاد يكفي، أو أنّه ناقص... وكان الثقفيّ، في بعض الأحيان، يبعث بالقماش إلى الخيّاط، فإذا أرجعَ مع الملابس القماش الزائد، وقال إنّه زيادة عن المطلوب، قطع رأسه! فكان الخيّاطون دائماً يُجيبون بأنّ القماش قليل، وأنّهم سيَجهدون لخياطته بشكل صحيح، وذلك الأحمق كان يفرح بذلك.
***
الغرَق في حبّ الذات يولِّدُ عُقداً في نفس الإنسان. يجب أن نحذر دائماً من الابتلاء بهذا المرض والوقوع في شرَك هذا الحجاب، الذي لا يأمن شرّه أحد، حتى ذوو الصلاح والتقوى...
إنّ عظَمة الخالق أوسع من دائرة تفكيرنا. أين نحن من عظَمة الله، بل أين نحن من عظَمة الأنبياء والأولياء، بل أكثر من ذلك، ما هي قيمتنا مقابل عظَمة الصالحين؟
هؤلاء العظماء هم الذين تنازلوا عن النفْس في سبيل الله، وذابوا في الأنوار والمحبّة الإلهية، فما هي قيمتنا أمام هؤلاء؟!
أئمّتنا يستغفرون ربّهم ويتوبون إليه ويتألّمون من «الذنوب»، فأين نحن؟! وذنوب الأئمّة ليست من قبيل الغِيبة والكذب وغيرها (حاشا لله)... فهم معصومون... فما هي قيمتنا أمام هؤلاء؟
إنّنا، وفي أي مستوى كنّا، يجب أن لا نرى أنفسنا أكثر من تراب تحت أقدامهم.