يُعافى قارئها من الفزع الأكبر
موجز في التعريف بسورة »الكافرون«
ـــــــــــــــــ إعداد: سليمان بيضون ـــــــــــــــــ
* السورة التاسعة بعد المائة في ترتيب سوَر المُصحف الشريف، آياتها ستّ، وهي مكّية، نزلت بعد «الماعون».
* ورد في النبويّ الشريف أنّ مَن قرأها كأنّما قرأ رُبُع القرآن.
* سُمّيت بـ«الكافرون» لورود هذا الاسم في الآية الأولى منها بعد البسملة، وهي قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾.
|
ورد في سبب نزول سورة (الكافرون) أنّ نفَراً من وجوه قريش قالوا للنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: «هلمّ يا محمّد فاتّبع ديننا نتّبعْ دينك، ونشركك في أمرنا كلّه، تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة، فإن كان الذي جئتَ به خيراً ممّا بأيدينا كنّا قد شركناك فيه وأخذنا بحظّنا منه. وإن كان الذي بأيدينا خيراً ممّا في يديك كنتَ قد شركتنا في أمرنا وأخذت بحظّك منه».
فأجابهم صلّى الله عليه وآله وسلّم: «معاذ الله أن أُشرِكَ به غيره»، وأنزل الله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ إلى آخر السورة.
فضل السورة
* عن النبيّ صلّى الله عليه وآله: «مَن قرأ ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ كأنّما قرأ ربُعَ القرآن، وتباعدتْ عنه مرَدةُ الشياطين، وبرِئ من الشِّرك، ويُعافى من الفزَع الأكبر».
* وعن الإمام الصادق عليه السلام: «مَن قرأ ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾، و﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ في فريضةٍ من الفرائض غفَر اللهُ له ولوالديه وما ولدَ، وإنْ كان شقيّاً مُحيَ من ديوان الأشقياء...».
* عن أبي الحسن الإمام الرضا عليه السلام: «قال عليّ بن أبي طالب عليه السلام: صلّى بنا رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، صلاةَ السفر، فقرأ في الأولى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾، وفي الأخرى ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾، ثمّ قال: قرأتُ لكم ثُلُثَ القرآن وربُعه».
من آداب تلاوتها
* عن الإمام الصادق عليه السلام: «كان أبي يقول: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ ربُعُ القرآن، وكان إذا فرغ منها قال: أعبدُ اللهَ وحدَه، أعبدُ اللهَ وحدَه».
* وعنه عليه السلام: «إذا قلتَ: ﴿لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ﴾ فقلْ: ولكنّي أعبدُ اللهَ مخلصاً له ديني، وإذا فرغتَ منها، فقلْ: دينيَ الإسلام. ثلاث مرات».
استحباب تلاوتها في الصلوات
* عن معاذ بن مسلم، عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال له: «لا تدعْ أن تقرأ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ و﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ في سبع مواطن: في الركعتين قبل الفجر، وركعتَي الزوال، والركعتين بعد المغرب، وركعتَين من أوّل صلاة الليل، وركعتَي الإحرام، والفجر إذا أصبحت بها، وركعتَي الطواف». [المقصود من الإصباح بصلاة الفجر، أداؤها عند انتشار الضوء]
* وفي رواية أخرى عنه عليه السلام، أنّه يبدأ في الصلوات المتقدّمة بـ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾، وفي الركعة الثانية بـ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ إلّا في الركعتين قبل الفجر، فإنّه يبدأ بـ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ ثمّ يقرأ في الركعة الثانية بـ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾.
..وعند النوم
* عن فروة بن نوفل الأشجعي عن أبيه أنّه أتى النبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقال: جئتُ يا رسول الله لتعلّمني شيئاً أقوله عند منامي، فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: «إذا أخذتَ مضجعَك فاقرأْ ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ ثمّ نَمْ على خاتمتها، فإنّها براءةٌ من الشّرك».
* وعنه صلّى الله عليه وآله، من ضمن حديث: «..فعلّموها صبيانَكم عندَ النّوم، ومَن قرأها عندَ طلوعِ الشّمسِ عشر مرّات، ودعا بما أرادَ من الدنيا والآخرة، استجابَ اللهُ له ما لم يكنْ في مَعصية».
..وللخلاص من السهو في الصلاة
عن عمرو بن يزيد، قال: شكوتُ إلى أبي عبد الله الصادق عليه السلام السّهوَ في المغرب، فقال: «صلّها بـ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ و﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾»، ففعلتُ فذهب عنّي.
قال المفسّرون
يقول المرجع الديني الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في (تفسير الأمثل)، شارحاً معاني آيات سورة «الكافرون»:
* ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ الآية:1.
الخطاب في الآية إلى قومٍ مخصوصين من الكافرين. وإنّما ذهب المفسّرون إلى ذلك لأنّ الآيات التالية تنفي أن يعبد الكافرون ما يعبدُه المسلمون وهو الله سبحانه؛ في الماضي، والحال، والمستقبل. والمجموعة المخاطبة بهذه الآيات بقيتْ بالفعل على كفرها وشركها حتّى آخر عمرها. بينما دخل كثير من المشركين بعد فتح مكّة في دين الله أفواجاً.
* ﴿وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾ الآية:3.
لِما تأصّل فيكم من لجاج وعناد، وتقليد أعمى لآبائكم، ولِما تجدونه في الدعوة من تهديد لمصالحكم، وللأموال التي تُدَرّ عليكم من عبدة الأصنام. ولمزيد من التأكيد وبثّ اليأس في قلوب الكافرين، ولبيان حقيقة الفصل الحاسم بين منهج الإسلام ومنهج الشرك.
﴿وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾ الآيات:4-6.
لا معنى لإصراركم على المصالحة والمهادنة معي حول مسألة عبادة الأوثان، فإنّه أمر محال.
من أحكام تلاوتها
عن عمرو بن أبي نصر، قال: قلتُ لأبي عبد الله الصادق عليه السلام: الرجلُ يقوم في الصلاة فيريد أن يقرأ سورة ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ و﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾، فقال عليه السلام: «يرجع من كلّ سورة إلّا من ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ و﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾».
وقد أفتى الفقهاء بمضمون الرواية المتقدّمة. جاء في (العروة الوثقى) للسيّد اليزدي، في أحكام القراءة في الصلاة، المسألة السادسة عشرة: «يجوز العدول من سورة إلى أخرى اختياراً ما لم يبلغ النصف، إلّا من (الجُحد) و(التوحيد)، فلا يجوز العدول منهما إلى غيرهما». وسورة (الجُحد) هي سورة (الكافرون).
هذا حملته الإبل من الحجاز
عن ابن أبي عمير، قال: سأل أبو شاكر الديصانيّ، وهو من الدهريّة الملاحدة، أبا جعفر الأحول، من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام، عن قول الله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾ فهل يتكلّم الحكيم بمثل هذا القول، ويكرّره مرّةً بعد مرة؟
فلم يكن عند أبي جعفر الأحول في ذلك جواب، فدخل المدينة، فسأل أبا عبد الله الصادق عن ذلك، فقال عليه السلام: كان سببُ نزولها وتكرارها أنّ قريشاً قالت لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: تعبُد آلهتَنا سنة ونعبدُ إلهَك سنة، وتعبُد إلهنا سنة ونعبد إلهَك سنة، فأجابهم اللهُ بمثل ما قالوا، فقال فيما قالوا: تعبد آلهتَنا سنة: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ﴾، وفيما قالوا: ونعبد إلهك سنة: ﴿وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾، وفيما قالوا: تعبدُ إلهنا سنة: ﴿وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ﴾، وفيما قالوا: ونعبد إلهك سنة، ﴿وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾. فرجع أبو جعفر الأحول إلى أبي شاكر فأخبره بذلك، فقال أبو شاكر: هذا حملتْه الإبلُ من الحجاز!
(تفسير القمي: 2/446)
المنن السابغة
مواهب سورة (التّوحيد) في رجب
*من قرأ في يوم الجمعة من رجب سورة (التوحيد) مائة مرة كان له نوراً يوم القيامة يسعى به إلى الجنّة.
* عن الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله: «مَن قرأ في عمرِه عشرة آلاف مرّة (قل هو الله أحد) بنيّةٍ صادقة في شهر رجب، جاء يوم القيامة خارجاً من ذنوبه كيوم ولدته أمّه، فيستقبله سبعون ملكاً يبشِّرونه بالجنّة».
* وفي حديث آخر عن النبيّ صلّى الله عليه وآله: «من قرأ (قل هو الله أحد) ألف مرة، جاء يوم القيامة بعمل ألف نبيّ وألف ملك، ولم يكن أحد أقرب إلى الله إلا مَن زاد عليه، وإنّها لتضاعف في شهر رجب».
وفي حديث آخر عنه صلّى الله عليه وآله: «من قرأ (قل هو الله أحد) مائة مرة، بورك له وعلى ولده وأهله وجيرانه، ومن قرأها في رجب بنى الله تعالى له اثني عشر قصراً في الجنة"..".
ثمّ يقول الله تعالى: اذهبوا بعبدي فأروه ما أعددتُ له، ".." فإذا رآها دهش وقال: هذا لمَن مِن الأنبياء؟ فيقال: هذا لك بقراءة (قل هو الله أحد)».
(إقبال الأعمال: 3/218)